د. فواز عبدالعزيز  المبارك فوري

ولد الشيخ عبدالسلام المبارك فوري عام۱۲۸۹ھ في أسرة معروفة في مبارك فور بمديرية اعظم كره العريقة، فوالده  الشيخ خان محمد بن أمان الله بن حسام الدين من صلحاء القرية، ومن تجارها المعروفين بالحزم والاحتياط، وتمييز الحلال من الحرام والبعد عن مواطن الشبهات، وجده الشيخ أمان الله من المترددين على مجالس العلماء والمهتمين بالعقيدة الصحيحة والمشددين على البدع والخرافات، وجده الأعلى الشيخ حسام الدين أحد فرسان حركة الإمامين الهُمامين السيد احمد بن عرفان الحسني والعلامة إسماعيل بن عبدالغني الدهلوي صاحب تقوية الإيمان، وتشرف بالشهادة قبلهما في إحدى معارك عام 1244هـ[1]، وجده لأمه الشيخ الطبيب أمان الله المبارك فوري أحد أعيان البلدة ومن تلاميذ الشيخ المشتهر في الآفاق المحدث أبو إسحاق اللهراوي صاحب كتاب تنوير العينين في إثبات رفع اليدين.[2]

أساتذته وشيوخه: نشأ الشيخ في بيئةصالحة تحت رعاية والده، اهتم به والده مبكراً، فأخذالدروس الإبتدائية عن الشيخ عبدالرحيم المبارك فوري(1339هـ)، وابنه الشيخ الإمام عبدالرحمن المبارك فوري صاحب تحفة الأحوذي (1352هـ) في بلدته، والشيخ حسام الدين المؤي (۱۳۱۰هـ)، ثم شد رحاله إلى مدينة غازي فور، ودرس على الشيخ الحافظ عبدالله الغازي فوري (۱۳۳۷هـ)، ثم ذهب إلى مدينة دهلي حيث أخذ عن الشيخ عبدالحق الكابلي الولايتي (1321هـ)، والشيخ الإمام المحدث السيد نذير حسين الدهلوي (1320هـ) وأسند عنه، وهذا نص السند المكتوب بخطه:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلوة والسلام على محمد سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما  بعد، فيقول العبد الضعيف طالب الحُسنيين محمد نذير حسين/عافاه الله تعالى في الدارين: أن المولوي محمد سلامة الله ولد خان محمد المبارك بوري الأعظم كهدي قد قرأ علي الصحاح الست ومشكوة المصابيح وموطأ الإمام مالك وسنن الدارقطني وشرح نخبة الفكر وتفسير الجلالين ونبذاً نبذاً من الـهداية والبيضاوي وسمع ترجمة القرآن المجيد، فله أن يشغل بإقراء هذه الكتب المذكورة وتدريسها، لأنه أهلها وأحق بها بالشروط المعتبرة عند أهل الحديث.

وإني حصلت القرأة والسماعة والإجازة عن الشيخ المكرم الأورع البارع في الآفاق محمد اسحاق المحدث الدهلوي رحمه الله تعالى، وهو حصل القرأة والسماعة والإجازة عن الشيخ الأجل مسند الوقت الشاه عبد العزيز الدهلوي رحمه الله تعالى، وهو حصل القرأة والسماعة والإجازة عن الشيخ القَرْمُ المعظم بقية السلف وحجة الخلف الشاه ولي الله الدهلوي رحمه الله تعالى.

وأوصيه بتقوى الله تعالى وإشاعة السنة بلا خوف لومة لائم، اللهم أيده بالاستقامة إلى الدين القويم، وباقي السند محرر عنده.

حرر سنة  1311 الهجرية المقدسة

الختم[3]

وكذلك أجازه الشيخ المحدث حسين بن محسن الخزرجي اليماني(۱۳۲۷هـ) سنة۱۳۰۹هـ عند مجيئه إلى مدينة دهلي وأخذ بلوغ المرام والحديث المسلسل بالأولية عن القاضي الشيخ محمد بن عبد العزيز الجعفري المتشلي شهري(۱۳۲۰هـ) سنة۱۳۱۳هـ، وأخذ علم الطب والحكمة على الحكيم (الطبيب) عبد الولي بن عبد العلي اللكنوي (۱۳۳۳هـ) في جهوائي توله بمدينة لكناؤ.

مسيرته العلمية: بدأ حياته مدرساً في المدرسة الأحمدية بآره مع شيوخه كالشيخ  العلامة عبدالله الغازي فوري والشيخ عبد الرحمن المبارك فوري، ثم انتقل إلى صادق فور ببتنه وقضى فيها خمسةعشرعاما، وتعتبر هذه الفترة من أخصب فترات حياته وأغزرها نفعاً وأكثرها فائدةً ونشاطاً، حيث ألف فيها أكثر  كتبه: تاريخ المنوال وسيرة الإمام البخاري وأولياء الله والتصوف والمطر المصيب للتفريق بين الغذاء الطيب والروح الخبيثة، كما حظي بتوجيهات كبار العلماء أمثال العلامة شمس الحق العظيم آبادي صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود والشيخ عين الحق الفلواروي .

كما كتب مئات المقالات التي نشرت في جريدة أهل الحديث النصف الشهرية التي كانت تصدر من أمرتسر، ومجلة ضياء السنة الصادرة من كلكته، ومجلة النجم الصادرة من لكناؤ، إضافة إلى تدريسه لأمهات الكتب كصحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرها، وتوجيه الطلاب وإرشادهم، والقيام بأمور الدعوة والإرشاد، ونفع الخلائق عن طريق الطبابة، والنظر في أمور مكتبة خدا بخش العامة وترتيب الكتب فيها وغير ذلك.

ثم غادرها بإيماء من شيخه عبدالرحمن المبارك فوري إلى بلدة مؤنات بنجن، حيث درس في المدرسة العالية لمدة سنتين، انتقل إثرها إلى مدرسة سراج العلوم بقرية بونديهار بمديرية بلرام فور، بقي فيها خمسة أعوام يدرس ويفيد، ثم تولى مشيخة الحديث بدار الحديث الرحمانية بدلهي، ومكث فيها حوالي سنة ونصف، تعرض خلالها لحادثٍ مريرٍ أثناء عبوره شارع شاندني جوك خارجاً من دريبه كلان سوق الكتب آنذاك، إذ دهمته عربة خيلٍ جامحٍ، ليس فيها ركابٌ وقع تحتها، أدت إلى جراحاتٍ خطيرةٍ بالغةٍ في رأسه أعيت المعالجين، توفي بعد خمسة أيام منها في 18/7/1342هـ – 24/2/1924م، ودفن في مقبرة شيدي فوره التاريخية بدلهي، بجوار شيخه الإمام المحدث نذير حسين الدهلوي.

تلامذته والمستفيدين منه: تخرج على يديه عدد كبير من الطلاب، من أبرزهم: الشيخ الطبيب عبدالستار المولى نغري من مظفرفور، والشيخ حسين البنغالي، والشيخ عبدالوهاب العظيم آبادي، والشيخ مجيب الله العظيم آبادي، والشيخ عبد الصمد الحسين آبادي صاحب الردود البليغة على منكري السنة في شبه القارة الهندية، وابناه :الشيخ عبد العزيز المبارك فوري والشيخ عبيدالله المحدث المبارك فوري صاحب مرعاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح، والشيخ الحكيم (الطبيب) عبدالرزاق الصادق فوري، والشيخ عبد العلي المؤي، والطبيب السيد محمد فريد أمين عام المدرسة الأحمدية السلفية بدربنغه سابقاً، والشيخ ممتاز علي البستوي والشيخ إقبال علي بقرية ريوان بمديرية بستي، والشيخ عبد الغفور البهاري، والشيخ الطبيب محمد يسين بقرية بونديهار، والشيخ الطبيب أحمد حسان السنجر فوري الأعظمي، والشيخ رحم الله، والشيخ تفضل حسين، والشيخ شجاع الدين الباسو ديب فوري من راجشاهي ببنغله ديش، والشيخ محمد عبد العزيز الرحماني، والعلامة نذير أحمد الرحماني، والشيخ الطبيب محمد بشير المبارك فوري، والشيخ عبد الجبار المحدث الكنديلوي وغيرهم عددٌ كثيرٌ، ممن استفادوا منه وأخذوا عنه، ونشروا علومه ومعارفه، وواصلوا مسيرته.

كان الشيخ عبد السلام ولواع بالكتب قراءةً وشراءً، جمع رصيداً ضخماً منها في حياته، لاتزال الكتب والمطبوعات العربية عامرةً، يستفيد منها الباحثون وأهل العلم من أسرته.

ثناء العلماء عليه: يعتبر الشيخ عبد السلام المبارك فوري من المدرسين والكتاب البارزين الناجحين لدى جماعة أهل الحديث بالهند، يقول عنه شيخ الإسلام ثناء الله الأمرتسري: كان الشيخ عالماً ومدرساً للعلوم بالمعنى الصحيح، كانت عيناي تقع عليه أولاً عندما كنت أبحث عن المدرسين،[4] وأثنى عليه زميله الشيخ العلامة محمد إبراهيم السيالكوتي في رسالة له، طلب فيها منه قبول مسؤلية التدريس بمدرسته دارالحديث بسيالكوت،[5] وكذلك زميله الآخر الشيخ المحدث أبو القاسم سيف البنارسي في رسائل عديدة،[6] والعلامة المحدث أحمد الله البرتاب كري الدهلوي.

يقول عنه تلميذه البار الشيخ عبد الصمد الحسين آبادي: كان الشيخ رحمه الله تعالى بارعاً في جميع العلوم العربية، عقليها ونقليها، وله اليد الطولى في علوم الحديث والتفسير والفقه والأصول، وكان ماهراً في صناعة الأدب والمعقول، ومتبحراً في فنون الحكمة والطب والفرائض والكلام، وله قدرةٌ تامةٌ على نظم الشعر الجيد.[7]

يقول الشيخ صلاح الدين السلفي مثنيا على خدمات الشيخ: كان الـشـيـخ الـمـبـارك فـوري يـتـمـيـز بـكـفـاءاتــه لـلاسـتـمـرار بـوظـيـفـة  الـتـصنـيـف والـتـألـيـف مـمـن سـواه  مـن الـعـلـماء، كـان مـدرساً نـاجـحـاً فـي جـانـبٍ، ومـصـنـفـاً مـحـقـقـاً وأديـبـاً بـارعـاً ومـؤرخـاً نـقـاداً فـي آخـر، واحـتـل الـريـاسـة والـصـدارة مـن بـيـن عـلـمـاء مـبـارك فـور لاشـتـغـالـه بـكتـابـة الـتـاريـخ والـتــراجـم بـأسـلـوب أدبـي نـزيـه شـيـق.[8]

يقول الشيخ محمد إسحاق البهتي: كان الشيخ عبد السلام المبارك فوري عالما كثير المطالعة ذو اطلاع واسع، وكان يقوم بالتصنيف والتأليف مع مباشرته مسئولية التدريس.[9]

آثاره ومؤلفاته: كانت لديه موهبة كافية واستعداد تام للتأليف والتصنيف إلى جانب التعليم والتربية، وكتاباته تتميز بالأصالة والعمق وتجمع روح البحث والتحقيق ورصانة الأسلوب ووضوح العبارة ودقة التحليل يشهد له بذلك كل من طالع آثاره ومؤلفاته.

 1 سيرة الإمام البخاري مطبوع.

2 تاريخ المنوال مطبوع.

3 أولياء الله والتصوف طبع في حلقات عديدة في جريدة أهل الحديث الأسبوعية، وسينشر بإذن الله تعالى بتحقيق كاتب هذه الأسطر.

4 المطرالمصيب للتفريق بين الغذاء الطيب والروح الخبيثة، وهو رد على بعض المجيزين للسماع والغناء، لا يزال مخطوطا، ألفه بأمر من شيخ الإسلام ثناء الله الأمرتسري.

5 الأجوبة للأسئلة العشرة، وهو رد على بعض المعاصرين علي حسين الأشرفي شيخ الزاوية الأشرفية بمديرية امبيدكر نغر بولاية اترابراديش، ولايزال مخطوطا، وكل مؤلفاته باللغة الأردية.

نبذة عن كتابه سيرة الإمام البخاري:  ألف الشيخ عبد السلام المبارك فوري كتابه القيم: سيرة الإمام البخاري في اللغة الأردية أصلاً، سداً للفراغ الهائل الذي كان يشكو منه أدب اللغة الأردية آنذاك، إذ لم يكن يوجد أي كتاب يبحث عن حياة هذا الإمام العظيم صاحب أصح الكتب بعد كتاب الله عزوجل، وجهوده الجبارة في حفظ السنة  الشريفة والذب عنها، ويبين دقة نظره وسعة اطلاعه في علوم الحديث وبراعته في تمييز الصحيح من السقيم والوقوف على عللها، ويقوم بتبيين مزايا وخصائص جامعه الصحيح، وبيان فوائده ونكته، ويعالج الاعتراضات الواردة عليه في أسلوبٍ علميٍ نزيهٍ يتسم بالموضوعية والدقة والأمانة.

وحسب تعبير المؤلف أنها كانت ديناً على الناطقين باللغة الأردية الين بلغ عددهم في عصره 65 مليون ناطق، مع اعتناء أهل العلم بتدوين سيرته وبيان جهوده في اللغات الأخرى المختلفة، التي [10]تجاوزت في عهد مؤلفه وحسب تحقيقه آنذاك مائة كتاب في اللغات العربية والفارسية والتركية والإنجليزية والفرنسية.

تجلت براعة المؤلف وظهرت مواهبه في تأليف هذا الكتاب، وأثبتت نبوغه وتفوقه من بين أقرانه، لغزارة مادته العلمية ودقة محتوياته مع براعته في الإختصار وعدم الإطناب، وتدل على علو كعب المؤلف في علوم الحديث ودرايته بأسماء الرجال والأسانيد، ودقة نظره في الجامع الصحيح للإمام البخاري وحبه العظيم للحديث وأهله.

نظراًلأهمية الكتاب وغزارة مادته العلمية وحرصاً على تعميم فائدة الكتاب ونفعه، وتعريف العالم العربي بالإنتاجات والجهود العلمية البارزة لعلماء الهند، قام الدكتور عبدالعليم عبد العظيم البستوي الموظف برابطة العالم الإسلامي وأحد أبناء الجامعة السلفية القدامى، بترجمة الكتاب ونقله إلى اللغة العربية، تولت نشرها أولاً الجامعة السلفية ببنارس بتقديم الدكتور مقتدى حسن الأزهري ومراجعة الشيخ عزيز الرحمن السلفي الأستاذ بالجامعة، ثم تولت نشرها ثانيا الدار السلفية بممباي الهند بعناية الشيخ مختار أحمد الندوي، مدير الجامعة المحمدية سابقا وأمير جمعية أهل الحديث المركزية سابقا، وكذلك طبعته مجلس التحقيق العلمي بدار الفتح بالشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة بتقديم الداعية الشيخ عبدالله السبت.

وأخيراً قام المترجم بمراجعة الكتاب وتحقيق نصوصه وتدقيقه مرة أخرى، وأضاف إليها تعليقاتٍ ممتعةٍ زادت في معنوية الكتاب وورفعت أهميته وزادت من قدره، قامت بطبعها مكتبة دار عالم الفوائد بمكة المكرمة/ زادها الله شرفاً وعزاً، طباعةً فاخرةً في مجلدين.

وكذلك قام الأستاذ رفيق أحمد خان بترجمة الكتاب إلى اللغة الإنجليزية، تولت طبعها أيضاً الجامعة السلفية ببنارس، وكذلك ترجم إلى اللغة الأوزبكية.

يحتوي هذا الكتاب أصلا ًعلى تسعة أبواب ومقدمة المؤلف وخاتمة، ومقدمة نجله الشيخ العلامة عبيد الله الرحماني للطبعةالثانية، ثم مقدمة المحقق والمترجم الدكتور عبد العليم عبد العظيم البستوي وترجمة المؤلف بقلم الشيخ صلاح الدين مقبول السلفي مع زيادات من المحقق/حفظهم الله تعالى، ثم مقدمة الطبعة الثانية للشيخ المحدث عبيد الله الرحماني المبارك فوري صاحب مرعاة المفاتيح في شرح مشكوة المصابيح.

ويبدأ الجزء الأول (حسب طبعة دار عالم الفوائد الأخيرة بمكة) من صلب الكتاب بمقدمة المؤلف، ذكر فيها منهجه في تأليف الكتاب ودواعي التأليف وأسبابه كما أشار إلى عناءه أثناء التأليف لقلة المصادر والمراجع، وأنه لم يكن قط أهلاً لتدوين سيرة رجلٍ عظيمٍ يعتبر كتابه من أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى، كما قام بالإشارة إلى أن الأسلوب الذي اتبعه سهلٌ وواضحٌ وبرئٌ من التصنعات الإنشائية والتكلفات الأدبية، طبقاًً لحياة الإمام البخاري وسيرته العطرة، وأشاد بجهود العلامة شمس الحق العظيم آبادي في توفير المصادر والمراجع، وتشجيعه الدائم وتذليل الصعاب له، وكلك اعترف بالاستفادة من مكتبة خدا بخش العامة. [11]

يحتوي الجزء الأول على أربعة أبواب، والثاني على خمسة أبواب وخاتمة، يليه فهارس الكتاب العلمية، اشتمل الباب الأول على حياة هذا الإمام العظيم، وجهوده في طلب العلم ورحلاته العلمية وشيوخه وتلاميذه، وحرصه الشديد على التمسك بالسنن ونشرها، وقوة حفظه وعارضته وذكائه المفرط، وغزارة علمه، وعظيم مكانته في قلوب المسلمين، وأقوال شيوخه فيه ومعاصريه.

وذكرفي الباب الثاني مصنفات الإمام البخاري ومؤلفاته وما هو مطبوع أومخطوطٌ أومفقودٌ لا يعلم مصيره.

وأبان في الباب الثالث منزلة كتابه: الجامع الصحيح، وأسباب قبوله المطلق لدى الأمة، ودواعي تفضيله على دوواين السنن الأخرى وتفوقه عليها، ومزاياه وخصائصه التي جعلت العلماء يتدارسونه في كل عصرٍ ومصرٍ.

خص الباب الرابع باستقصاء الشروح والتعليقات والمستخرجات على صحيحه الجامع، أعد لها قائمةً خاصة جمع فيها ما تيسرله من أسماءها، بالرجوع إلى أمهات المصادر وبطون الكتب وفهارس المكتبات العامة والمطابع وأصحاب الإختصاص وذوي الخبرة ومن لهم أدنى علم بذلك، واعترف بصعوبة الاستقصاء نظراً لكثرة الكتب المؤلفة حول الجامع الصحيح للبخاري.

يبدأ الجزء الثاني بالباب الخامس وهو يتضمن دحض الشبهات الواهية على صحيح البخاري والرد على الاعتراضات التي أثيرت للنيل من أصح الكتب بعد كتاب الله عزوجل.

وعنوان الباب السادس: نظرة أخرى على صحيح البخاري، ذكر فيه تناول الأئمة والعلماء أحاديث صحيحه بالدراسة والنقد والتمحيص واعترافهم في نهاية المطاف بأصحيته بعد كتاب الله عزوجل، وذكر كذلك بعض الاعتراضات الواهية التي أثارها بعض الناس في عصر المؤلف.

ويبحث الباب السابع عن العقائد وعلم الكلام ونشأته، تحدث فيها عن الجهود التي بذلها العلماء في الرد على أصحاب البدع والأهواء، وركز على جهود الإمام البخاري على ردهم ودحض مفترياتهم ثم تعرض للفتنة من قبل الإمام يحيى الذهلي، وسلامة منهجه في الرد على خصومه ومناؤيه وثباته. وخص الباب الثامن بالحديث وعلومه، ذكر فيه أهمية علم الرواية للأمم والأجيال وعناية المسلمين المبكرة بهذا العلم وتركيزهم عليه، والاهتمام بالأسانيد والبحث عن أحوال الرواة والتنقيب عن مروياتهم وتكرير النظر فيها، ومزايا الامام البخاري في خدمة الحديث وعلومه وجهوده في هذا الباب.

ويشتمل الباب التاسع والأخير على فقه البخاري وثناء العلماء عليه في هذا الباب، وذكر فيه أصول الاستنباط وتخريج المسائل المختلفة، ووضح منهج الامام البخاري في استنباط المسائل من خلال تراجم أبواب صحيحه وقوة عارضته فيه وتفوقه على غيره في هذا المضمار.

ثم جاء بخاتمة الكتاب ذكر فيه تلامذة الامام البخاري الكبار الذين بلغوا درجة الإمامة في العلوم الإسلامية من الحديث والتفسير والفقه واللغة وغيرها، وتناول جهودهم في خدمة الحديث الشريف والذب عنها، كما ذكر الشروحات والتعليقات على السنن الأربعة التي وصلت إلى علمه.

وفي نهايةالمطاف ذكرالمؤلف إسناده إلى امام المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري، والجزء الثاني من الكتاب يعتبر المظهرالأتم لجهود المؤلف وعنائه، حسب تصريح نجله الشيخ عبيد الله الرحماني، وطبعات الجامعة السلفية والدار السلفية بمومباي تحتوي على مقدمة الدكتور مقتدى حسن الأزهري، قام بحذفها المترجم في الطبعة الأخيرة خوفا من الإطالة والتكرار.

والأسف الشديد أن الكتاب لايزال ناقصاً حسب الخطة التي اعتمد عليها أثناء تأليفه، حيث أشار المؤلف في عدة مواضع من كتابه[12] أنه سيتناول بعض الأبحاث والتحقيقات خاصة الشبهات التي أثارها أصحاب الفرق والطوائف الضالة في الجزء الثالث، ولكن الأجل لم يمهله فقضى نحبه ولم يتمكن من تحقيق أمنيته ورغبته.

ثناء العلماء على كتاب سيرة الإمام البخاري: عندما طبع الكتاب كتب صديقه العلامة السيد سليمان الندوي (۱۳۷۳) معلقاً على كتابه سيرة الإمام البخاري مبدياً رأيه: كانت الحاجة ماسة نظرا لأهمية الإمام البخاري في العالم الإسلامي إلى كتاب قيم يبحث عن حياته وآثاره واجتهاداته، وقد سررنا جداً أن الشيخ عبد السلام المبارك فوري قد أدى الواجب على أحسن طريقة ممكنة، والمؤلف في هذا الكتاب يمثل الأدب الأردي الديني خير تمثيل في سلاسة البيان وطريقة الاستدلال واستيعاب الوقائع وتفصيل المطالب وتحقيق المسائل، وكتابه هذا يوافق ما نمشي عليه في مجال. التأليف. [13] وحسب تصريح الشيخ أبو علي الأثري أحد الموظفين بدار المصنفين بأعظم كره، أن الشيخ السيد سليمان الندوي (الكاتب الشهير) كان ينوي تدوين سيرة الإمام البخاري ضمن سلسلة تراجم المحدثين، ولكنه فسخ عزمه بعد مطالعة هذا الكتاب وسر جدا برؤيته[14]. كان العلامة السيد سليمان الندوي يلتقي به عند مروره بمدينة بتنه، ويعده من كبار تلامذة المحدث السيد نذيرحسين الدهلوي، ويجله جدا. [15]

ويقول عنه نجله الشيخ عبيد الله الرحماني المبارك فوري في تقديمه للطبعة الثانية بالأردية: لقد تلقاه أهل العلم بيدي القبول وقدروه حق قدره، فقد نفدت الطبعة الأولى بعد مدة قصيرة من صدورها، وكان هذا القبول الذي يغبط عليه نتيجة لما يكنه المؤلف رحمه الله في قلبه من إخلاص النية، ثم الحب الجم والشغف الكامل بأصح الكتب بعد كتاب الله ولمصنفه رحمه الله، وكان أثرا من آثار هذه الخدمة العلمية الرصينة التي قام بها المؤلف، وإنما الأعمال بالنيات، ولكل إمرئ مانوى.

ثم يقول بعد قليل: لا يخفى على أهل العلم مالكتاب هدي الساري مقدمة فتح الباري – الشرح المعروف لصحيح البخاري – من أهمية بالغة، حتى لو قيل: إنه لا يمكن معرفة حقائق صحيح البخاري بدون مطالعته ماكان فيه شيئٌ من المبالغة، ولكان حقاً صحيحاً، فكذلك لو قلنا: إن من اللازم على دارسي صحيح البخاري الاطلاع على كتاب سيرة البخاري لكان حقا ًوصواباً، فهذا هو الكتاب الوحيد في موضوعه في اللغة الأردية بهذا البسط والكمال.[16]

ويقول تلميذه الشيخ عبدالصمد الحسين آبادي عن كتابه المذكور: ومن أشهر كتبه وأكثرها نفعا كتابه سيرة البخاري جمع فيه سيرة إمام المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري وشمائله منبها على أوصافه وكمالاته من دقة النظر وسعة الاطلاع في الأحاديث وتمييز الصحيح والسقيم منها والوقوف على علل الحديث والاجتهاد مع بيان رتبة الصحيح وتفوقه وغير ذالك من المحاسن التي أودعها الكتاب لايحصيها البيان بل تظهرعند رؤيته ومطالعته، حصل لهذا الكتاب القبول التام في جميع الطوائف الإسلامية.[17]

وكذلك أثنى القاضي أطهر المبارك فوري على كتابه معترفاً: إن كتاب سيرة البخاري نموذجٌ بارزٌ لجهود الشيخ العلمية والتحقيقية والتاريخية.[18]……………………ومع ذلك فإن كتاب سيرة البخاري يعد أول كتاب في اللغة الأردية من حيث الشمول والمستوى العلمي، وبهذا الكتاب تأدى الدين (الذي كان على الناطقين باللغة الأردية حول سيرة الإمام البخاري.[19]

وكذلك كان الشيخ المفسر امين أحسن الإصلاحي يثني كثيراً على هذا الكتاب ويقول: لم يؤلف عن الإمام البخاري في اللغة الأردية مثل هذا الكتاب من حيث التحقيق والإستقصاء.[20]

ويقول الشيخ عثمان الخميس: “ومن أجمل الكتب التي قرأتها عن ترجمة الإمام البخاري، كتاب: الإمام البخاري سيرته وحياته للعلامة الشيخ عبد السلام المبارك فوري، وهو كتاب ممتازٌ جداً، وليس مجرد ترجمة، بل فيه ردود على المنتقصين من الإمام البخاري وصحيحه، وهو كتاب قويٌ جداً في مجاله”[21].

بينما نرى الدكتور وصي الله محمد عباس يثني على العلامة عبد السلام المبارك فوري أن “العلامة الشيخ عبد السلام رحمه الله الذي ألف كتاباً نادراً في سيرة البخاري بلغة اردو”.[22]

يقول الدكتورمقتدى حسن الأزهري متحدثاً عن صاحب سيرة الإمام البخاري: إنه قد وفق في ذلك كل التوفيق، وقدم إلى المكتبة الإسلامية أحسن دراسةٍ عن الإمام البخاري وجامعه الصحيح، ونجح في تفنيد المزاعم والأقاويل التي لفقها أعداء الإسلام عن المحدثين العظام، وجهودهم البناءة في خدمة السنة المطهرة.

يقول مترجم الكتاب الدكتور عبد العليم عبد العظيم البستوي: “قدم لنا سيرة الامام البخاري ومكانته وجهوده وفضله في أسلوب إيجابي جذاب مع العمق في البحث، والسلامة في الاستنباط والاستنتاج، والسلاسة في التعبير، ومراعاة التبسيط والتسهيل في عرض الموضوعات الحديثية والفقهية وغيرها، ليستفيد منها المتخصصون وغيرالمتخصصين على حد سواء. ولقد تجلى في هذا الكتاب جهد المؤلف، وسعة اطلاعه وسلامة تفكيره وحسن نيته، وحبه الصادق للنبي صلى الله عليه وسلم وسنته الشريفة، وحملتها ورواتها وفقهائها والعاملين بها، وهذا الذي جعل الكتاب يلقى قبولاً حسناً في أوساط المسلمين في الهند، وأثنى عليه العلماء والمحققون عند صدوره”.[23]

وصرح الباحث الأستاذ أحمد علي عبد الباقي : وأفضل وأوعب ماوقفت عليه في الترجمة لشيخ الإسلام محمد بن إسماعيل البخاري، بعدما كتبه حافظ الدنيا في عصره، وما بعده إلى يوم الناس هذا، الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المصري في مقدمته الحافلة هدي الساري، فكتاب سيرة الإمام البخاري: سيدالفقهاء وإمام المحدثين، للعلامة عبدالسلام المبارك فوري (1289/1342) رحمه الله، وقد طبع سنة 1422هـ بدار عالم الفوائد للنشر والتوزيع بمكة المكرمة حرسها الله بتحقيق الدكتور عبدالعليم البستوي في مجلدين.[24]

ويقول الباحث والمحقق الشيخ محمد عزير شمس عن هذا الكتاب: وهذا الكتاب أحسن ما ألف حول الإمام البخاري (256هـ) وصحيحه، وفيه ردود كثيرة على كتاب سيرة النعمان للعلامة شبلي النعماني (۱۳۳۲هـ). [25]

لقي هذا الكتاب قبولاً عاماً لدى الأوساط العلمية والدوائر الأكاديمية منذ ظهوره، فقد صدرت له طبعات عديدة في الهند وباكستان والدول العربية، ولايزال الطلب عليه مستمراً.

الهوامش:

[1] هكذا وجدته مكتوبا بخطه في إحدى مذكراته.

[2] سيرة الامام البخاري 1/47.

[3] هذا السند موجود عند عمي فضيلة الشيخ عبد الرحمن عبيد الله الرحماني المبارك فوري/حفظه الله.

[4] اخبار اہل حدیث امرتسر ۳۰ رجب-۱۳۴۲ھ مطابق ۷- مارچ ۱۹۲۴م

5] رسالة خطية للمذكور الى الشيخ عبد السلام المبارك فوري.

[6] رسالة خطية للمذكور الى المحدث لشيخ عبيد الله المبارك فوري

[7] مقال مخطوط غير منشور موجود عند كاتب هذه السطور.

[8] مجلة الجامعة السلفية جمادي الاول۱۳۷۹ھ ، وسيرة الامام البخاري ص: ۲۳.        [9]  بر صغیر میں اہل حدیث کی اولیات ص: ۷۳۔

[10] سيرة الامام البخاري 1/ 39 دار عالم الفوائد.

[11] سيرة الامام البخاري 1/40.

[12] سيرة الامام البخاري 2/485-598-604-666.

[13]معارف، دار المصنفین اعظم گڈھ،مئی۱۹۱۸ء۔

[14]    لیمان ندوی ص:   .67.

[15] چند رجال اہل حدیث ص : ۶ ۔[ ندوۃ المحدثین، باہتمام ضیاء اللہ کھوکر-اسلام آباد۔گوجرانوالہ طبع اول ۱۹۸۵]۔

[16]  سيرة الامام البخاري 1/29-31.

[17] مقال مخطزط غير منشور موجود عند كاتب هذه السطور.

[18]تذکرہ علما مبارک پور ص:۲۱۹-۲۲۰۔

[19] تذکرہ علما مبارک پور ص:۲۱۹-۲۲۰۔

[20]ذكر لي عمي الشيخ عبد الرحمن عبيد الله المبارك فوري/حفظه الله تعالى.

[21]موقع: المنهج.

[22]المقالةالحسنى في سُنية المصافحة باليد اليمنى ص: ۱۳۔أيضاً، تحقيق الكلام في وجوب القرأة خلف الإمام ص :۲۳۔

[23]سيرة الامام البخاري۱/۱۲۔

[24]http://majles.alukah.net/t64790/#ixzz2l73WZUEb.

[25]حياة المحدث شمس الحق وأعماله ص:۳۱۹۔

[26]  هذه الطبعة الأردية الأخيرة طبعت عام 1429هـ بمناسبة الذكرى المئوية لصدور الكتاب.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *