مشتاق عالم *

كانت المرأة القطرية مثل أخواتهن في الخليج والوطن العربي مهضومة الحقوق ومسلوبة الإرادة ومغلوبة على أمرها، لا تستطيع أن تقرر مصيرها وتنفذ أمورا بسيطة من حياتها أو تغير الوضع القائم المهترئ الذي لا تسمح لها بالحركة إلا في محيطها الضيق. وهي ” كنظيرتها العربية مرت بمراحل من التمييز المجتمعي المبني تارة على قيود ثقافية، متمثلة في موروثات العادات والتقاليد، وتارة على قيود تشريعية وقانونية تمثلت في حق التعليم والعمل والتجارة وغيرها.”[1]

لكن منذ خمسينيات القرن الماضي، ولا سيما بعد النهضة الحديثة الشاملة لجميع أوجه الحياة والتي شهدتها المنطقة في أعقاب الطفرة الاقتصادية، تغير الوضع القائم منذ القرون والتفتت قطر مثل أخواتها في الخليج، حكومة وشعباً، إلى بناء المؤسسات الحديثة من شأنها أن تلعب دوراً بارزاً وحيوياً في النهوض الاجتماعي والثقافي للبلد. فتأسست المدارس والمعاهد التعليمية وأنشئت النوادي والمنتديات الأدبية، وأقيمت المطابع والمكتبات، وصدرت الجرائد والمجلات، كما ظهرت مؤسسات مهتمة بشؤون المرأة وقضاياها. ساعدت كل هذه العوامل على تطوير وتسريع النهضة بشكل عام والنهضة الثقافية بشكل خاص. ولم تعد المرأة القطرية في عزلة عما كان يحدث في المشهد الاجتماعي والثقافي من تطور سريع، بل شاركت فيها وأصبحت جزءاً من تلك العملية الحيوية التي غيّرت مجرى التاريخ لدولة قطر واكتسبت لها سمعة طيبة لا على مستوى المنطقة فحسب بل على مستوى الوطن العربي والعالم. تحلت الفتيات القطريات بالتعليم الحديث وشغلن العديد من المناصب الحيوية في الدولة مسجّلات لأنفسهن إنجازات كبيرة في مجالات التربية والتعليم والصحة والصحافة والقضاء والإعلام والأدب والسياسة وغيرها من مجالات العلم والثقافة. كما ظهرت من بينهن بعض الشخصيات النسائية التي أثبتت جدارتها وفاعليتها على مستوى العالم وبدأت تنافس الرجال في التميز في بعض المجالات التي اختارتها ميادين لعملها. فحصل تغير جذري في نظرة المجتمع تجاه المرأة القطرية وتوجهت الحكومة إلى تعزيز دورها في المجتمع وتنميتها اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً، وذلك بتوفير الحوافز والفرص المساوية لها في التعليم والتوظيف. ومن ضمن المبادرات الحكومية في هذا المجال تم إنشاء المجلس الأعلى لشؤون المرأة عام 1998 للاهتمام بشؤونها وقضاياها.

ففي ظل المتغيرات الاجتماعية والثقافية التي فرضتها البيئة الاقتصادية الجديدة سنحت للمرأة القطرية أن تتحلى بالتعليم وتستعيد بعض حقوقها المسلوبة وتكون جزءاً من عملية المثاقفة الشاملة وأن تكون لها دور في رقي البلد وازدهارها. فأصبحت المرأة القطرية تتولى مناصب مرموقة في الدوائر الحكومية والأهلية ولها حضور قوي ثابت في التجارة والإدارة والسياسة وغيرها من المجالات التي كانت حكراً على الرجال من ذي قبل. وتوجه عدد غير قليل من المثقفات القطريات إلى الكتابة في مختلف الفنون وأثبتن تفوقهن فيها وبعض هذه الفنون سجلن ريادتهن. وكانت القصة إحدى تلك الفنون المغرية التي مالت إليها الكاتبات قراءة وممارسة واستخدمنها وسيلة للتعبير عن همومهن وهموم بنات أخواتهن وكأداة لتغيير المجتمع من خلال هذا الفن الشيق الجذاب.

 

ظهور القصة القطرية والمحاولات النسائية الأولى

ظهرت القصة القصيرة في دولة قطر متأخرة نسبياً لأن المقوّمات التي تعتمد عليها نشوء هذا الفن المستحدث كانت تفتقد في المجتمع القطري قبل ستينيات القرن الماضي ومن أبرزها التعليم وظهور طبقة مثقفة ومتعلمة تهتم بهذا الفن قراءة ودراسة ومتابعة وممارسة. كما أن الصحافة في قطر لم تكن متواجدة حتى الستينيات من القرن المنصرم ودورها معلوم في احتضان الفنون الأدبية الحديثة وتطويرها في أي مكان من العالم. وبالتالي لم تكن البيئة القطرية تصلح لأن تظهر فيها القصة الجديدة بعناصرها الفنية الحديثة.

أما المحاولات الأولى لكتابة القصة القصيرة في قطر فهي تمثلت فيما كتبه الأستاذ يوسف النعمة، رئيس تحرير مجلة العروبة، من القصص القصيرة في أواخر الستينات وتعتبر قصة ‘بنت الخليج’ أول محاولة في مجال القصة القصيرة[2]. كان الأستاذ النعمة يستوحي من القصص التي قرأها لكتاب القصة الكبار في الوطن العربي، مثل نجيب محفوظ، وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي، كي يستقى أجواء قصصه وأحداثها وبيئتها عن تلك القصص وليس عن واقع الحياة المعيشي محلياً حيث تدور معظم أحداثها في الخارج. تفتقد قصصه الكثير من المقومات القصصية مثل البناء الفني المتمثل في الاختزال والتركيز والتكثيف ومبدأ الوحدة – وحدة الحدث ووحدة الزمن ووحدة المكان ووحدة الأثر وما إلى ذلك. صدرت له ثلاث مجموعات قصصية ‘بنت الخليج’ عام 1969، ‘الولد الهايت’ عام 1970، ‘لقاء في بيروت’ 1971، فللأستاذ يوسف النعمة السبق والريادة في هذا المجال حتى ولو لم تستوف قصصه كل مقومات القصة الحديثة.[3]

أما من حيث الفن، فاعتبر عدد لا بأس به من النقاد أن قصة ‘الحنين’ لإبراهيم صقر المريخي التي نشرت في العدد الخامس والخمسين من مجلةالعروبة هي أول قصة قطرية مستوفية لأهم شروط القصة الحديثة ومقوماتها الأساسية من حيث البناء الفني، والحبكة، والتكثيف والتركيز، ووحدة الحدث ووحدة الأثر الكلي وما إلى ذلك[4]. تتناول هذه القصة فترة من الفترات التاريخية في قطر حيث يتحول مجتمع بدوي إلى آخر حضري فتصور صراعاً بين جيل الأب الذي يريد أن لا يبرح من بيته القديم ويتشبث بالمكان الذي كان مرتع صباه ويحمل ذكريات الماضي وجيل الإبن الذي يقرر الانتقال إلى فيللا جديدة في المدينة. لا يعجب الوالد باقتراح الأبناء إلا أنه يستسلم رغماً عن أنفه وحنينه دائماً إلى سكنه الأول الذي لا يستطيع أن ينفلت عن ذكراه.[5]

تعتبر بداية السبعينيات نقطة تحول في ظهور عدد من العوامل الفعالة التي دفعت الحركة الثقافية والأدبية القطرية نحو النمو السريع والتطور الهائل. في هذا العقد، من بين الأشياء الأخرى المساندة على تطور الحراك الثقافي في البلد، ظهرت طلائع أولى من المثقفين القطريين وأخذت الصحف والمجلات تنتشر في البلاد والتي تعتبر من أهم الروافد لتطور القصة القصيرة[6]. شجعت هذه الصحف والمجلات، لا سيما مجلة ‘العروبة’، الأقلام المحلية على ممارسة هذا الفن ونشر إبداعاتهم على صفحات هذه المجلة. فظهرت في هذه الفترة كوكبة من الكتاب الشباب في هذا المجال من أمثال يوسف النعمة، وإبراهيم صقر المريخي، أحمد عبد الملك، خليفة الكبيسي وأم أكثم، ومي سالم، وبشرى ناصر، وبهية يوسف المالكي، وحصة العوضي وعبد العزيز السادة وغيرهم.  ثم بازدياد عدد الجرائد والمجلات في الدولة ازداد عدد المبدعين القصصين.

عمل هؤلاء الكتاب على تأسيس هذا الفن بصرف النظر عما كانت تحمل قصصهم من الأساليب التقريرية المباشرة والنزعة الإصلاحية وما يؤاخذ عليها أنها نقل حرفي للواقع مما يفقدها ميزة الفن القصصي الحديث. وتتميز قصص هذه الفترة بالواقعية المباشرة والبوح المباشر والاهتمام بالجانب التعليمي والإصلاحي على حساب الجانب الفني. يقول الدكتور عبد الرحيم الكافود، مؤصل الفنون الأدبية في دولة قطر، إنه “اتجه معظم الكتاب في تلك الفترة – بداية السبعينيات – إلى الصورة القصصية والأسلوب (الفوتوغرافي) لنقل الفكرة أو المشكلة كما هي عليه في أرض الواقع.”[7]

فبداية القصة في قطر كانت بسيطة كالبدايات في أي مكان آخر ، مهلهلة النسج ومخلخلة البنية، وفاقدة لمقوّمات الفن إلا أن تلك المحاولات الأولى مهدت الطريق لظهور تجارب لاحقة في فن القصة محكمة النسج وقوية البنية  ومتماسكة الجذور.

في منتصف السبعينيات ظهر “اتجاه جديد لدى مجموعة من الكاتبات في القصة القصيرة، أعتقد أن هؤلاء الكاتبات شكلن البداية لنمو وظهور فن القصة، فهذه المجموعة المتمثلة في كلثم جبر وأم أكثم ونورة آل سعد وحصة الجابر ومايسة الخليفي، هذه المجموعة شكلت اتجاهاً واضحاً – إلى حد ما – من حيث الكم والكيف.”[8] تتميز هؤلاء الكاتبات بغزارة الإنتاج القصصي والنهوض بالقصة القطرية إلى مستوى أعلى مما سبق من حيث الفن وإعمال التكنيك الفني لمعالجة القضايا الاجتماعية بأسلوب يتجنب من الأسلوب التقريري والبوح المباشر ويلجأ إلى الإيحاء والإيماء بدلاً من الصراحة والإعلان. فنظراً لإسهاماتهن في مجال القصة في قطر استحب الكثيرون ممن دارسوا القصة القطرية أي يسموها بأن القصة في قطر ‘صنيع أنثوي’.[9]

ولم يزل المشهد القصصي القطري يخطو خطوات سريعة منتظمة إلى الأمام من حيث الكم والكيف والنضج الفني حتى امتازت بوفرة الإنتاجات القصصية وكثرة الاتجاهات والموضوعات وتنوع الأساليب والدراسات حولها. وما إن حلت الثمانينيات حتى ظهرت أصوات أخرى معبرة عن الهم الاجتماعي، استفادت من التجارب السابقة وانتقلت بالقصة إلى مرحلة أخرى من الاكتمال والنضج الفني.

 والملاحظ أيضاً أن القصة في قطر كغيرها من الدول في الخليج جذبت نسبة أكبر من الإناث حيث إن للمرأة القطرية حضوراً قوياً في الساحة الأدبية القطرية ونصيباً أكبر في تطوير القصة القطرية والنهوض بها إلى الاكتمال والنضج وتزخر بمجموعاتهن المكتبات العربية الحديثة. لا تتفوق هؤلاء المبدعات من حيث العدد فحسب بل يتفوقن  من حيث النوع كذلك. يشير إلى ذلك الدكتور كافود أن “مجموعة كلثم جبر ‘وجع امرأة عربية’ ومجموعة نورة آل سعد ‘بائع الجرائد’ تشكلان نقلة نوعية في مسيرة القصة القصيرة في قطر.”[10] واللتان سوف يأتي الحديث عنهما فيما بعد.

ربّما كان السبب في تجاذب الكثير من الفتيات إلى القصة القصيرة في تلك الفترة لأنهن وجدنها متنفّساً وحيداً لهمومهن وآلامهن التي كن يعانين منها في ظل المجتمع المحافظ الذي كان يتسم به المجتمع القطري آنذاك، أو حرصهن على التعبير عن التغير المتسارع في حياتها ومحيطها، أو رغبتها في إثبات الذات في الحياة الاجتماعية المعاصرة. وعلى كل، تميزت القاصات القطريات بمظاهرة الجرأة غير العادية في معالجة الموضوعات التي تخص المرأة وعالمها الأنثوي، فاستخدمن القصة كأداة لستجيل معارضتهن للتقاليد البالية والقيم الجائرة التي تنظر إلى المرأة بالنظرة الدونية وإبداء رغبتهن الشديدة ومشاعرهن المكبوتة في تحطيم القيود الاجتماعية المكبلة لحريتها. ومن نماذج القصة التي تبرز هذه الملامح بقوة قصة ‘الحزن والضباب’ للقاصة لولوة المسند التي تحكي قصة فتاة يرفض أهلها أن تواصل دراستها ويعطيها أخوها جهاز أشرطة الفيديو كي تقضي أوقات فراغها وما لبثت أن تهيجت غرائزها الأنثوية بمشاهدة الأفلام المخلة للآداب فسقطت في الرذائل ولم تكن لتسقط فيها لو سمح لها أهلها بمواصلة الدراسة.

وقصة ‘هكذا سقط الصنم’ لنورة آل سعد تعرض هموم المرأة في المجتمع وروح التمرد لديها والتذمر من سطوة الرجل وفرضه لآرائه على المرأة وعدم الاحترام والتقدير لرأيها والنظر إليها بالنظرة الدونية. وكذلك في قصة ‘وعندما يموت الوهم’ لأم أكثم (فاطمة التركي)، تعاني بطلة القصة من سطوة الرجل في شكل عمها بعد وفاة أبيها الذي يريد فرض رأيه عليها في اختيار شريك حياة لها، إلا أنها ترفض ذلك وتتمرد على القيم العائلية الجائرة بقولها ‘لا’ في وجه العم.

وعلى الرغم من أن معظم الإبداعات القصصية النسائية في قطر طوال فترة السبعينيات تتناول هموم المرأة وقضاياها الاجتماعية وتتذمر بالقيم العائلية والاجتماعية السائدة التي تكبل حريتها ولا تعاملها سوياً مع الرجل، هناك قصص نجحت في الخروج عن هذا الإطار وتحطيم هذا الحصار الأنثوي وتناولت القضايا الأنسانية مثل الهجرة والنزوح والمعاناة ومكابدة المشاق ومجالدة البيئة الأجنبية من أجل لقمة العيش. وقصة ‘بائع الجرائد’ لنورة آل سعد تتناول إحدى هذه القضايا الإنسانية بحسها المرهف وتحاول استشراف هموم عامل آسيوي يبيع الجرائد في الشوارع على أرض قطر من أجل لقمة العيش، ويعيش حياة بائسة بعيداً عن الأهل يراوده حلم مستقبل باهر خال عن الهموم. أما قصة وجع امرأة عربية فهي قصة عاطفية لسيدة خليجية عربية تسافر للعلاج خارج البلاد وثم تتوالى معه مواقف وأحداث وذكريات وأخيراً تعود هذه السيدة إلى البلاد وبعلها وأولادها في انتظارها ومن هنا يبدأ وجع تلك الامرأة العربية.

 

مميزات القصة القطرية في ثمانينيات القرن العشرين

برزت في العقد الثمانيني عدة أصوات نسائية في مجال القصة من أمثال: فاطمة التركي (كتبت باسمين مستعارين ‘أم أكثم’ و ‘سارة’)، ولولوة المسند، وحصة الجابر، ومايسة الخليفي، وكلثم جبر ونورة آل سعد وغيرهن. إلا أن معظمهن لم يتابعن مسيرتهن القصصية وتوقفن عن الإبداع. وتمتاز من بينهن كلثم جبر ونورة آل سعد بمواصلتهما المسيرة القصصية وامتلاكهما الكثير من الأدوات الفنية والخصائص التي تميزهما عن الأخريات. يرجع إليهما الفضل الكبير في تخليص القصة القطرية من الملامح الرومانسية الكلاسيكية تدريجياً، والميل إلى الإيحاء والترميز بدلاً من التصريح والإعلان. كما أن النص القصصي عندهما يحاول التغلغل إلى داخل نفوس الأشخاص ويستنطقها بأسلوب قصصي عصري فأصبح للقصة شأن غير ما كان سابقاً.

وتعتبر مجموعة ‘أنت وغابة الصمت والتردد’ لكلثم جبر أول مجموعة قصصية على الرغم من أنها لم تكن أول كاتبة قصصية إذ كانت قصتها الأولى ‘شرخ في المرآة’ مسبوقة بقصص عديدة لكاتبات أخريات. إلا أن هذه القصة تعتبر مفارقة عن القصص السابقة من حيث امتلاكها على الأدوات الفنية وتقنياتها، وهذا ما تؤكده مجموعتها البكر ‘أنت وغابة الصمت والتردد’ الصادرة سنة 1978، والتي يمكن اعتبارها أول مجموعة قصصية في قطر بالمعنى الفني للجنس القصصي.[11]

تحتوي هذه المجموعة على ستة عشرة قصة قصيرة وهي: حائرة، قصة حب، شرخ في المرآة، بقية الحكاية، نهاية رحلة، سوف أقول وداعاً، امرأة حاقدة، الدوامة، زهرة الزنبق، عندما تموت الكلمات، الوهم، الزيارة، ليل وأسى، أريدك معي، الباحثة عن السعادة وأنت وغابة الصمت والتردد. وتعالج معظم هذه القصص مشكلات المرأة وقضاياها في المجتمع القطري في الفترة التي أنتجت فيها وتمتاز بكونها أقرب إلى الفن القصصي. إن القصص التي تتضمنها هذه المجموعة هي من بواكير إنتاجاتها القصصة التي نشرت في السبعينيات والثمانينيات في مجلة الدوحة وهي لم تستكمل دراستها الثانوية بعد. تعالج هذه القصص بعض القضايا الاجتماعية وتصوّر بحق بعض جوانب الحياة الاجتماعية في تلك الفترة وهي في معظمها تصور علاقة الرجل بالمرأة، كما أنها تصوير دقيق لما كانت تعاني منه الفتاة القطرية بسبب التقاليد والأعراف والموروثات، وما كانت تطمح إليه من التغيير في بعض المفاهيم والأفكار الجائرة في حق المرأة.

وعلى الرغم من أن الكاتبة تلتقط موضوعات قصصها من واقع المجتمع والحياة المعيشة في قطر وعلى الرغم من امتلاكها بعض أهم الأدوات الفنية القصصية لم تستطع في مجموعتها الأولى أن تتخلص تماماً من سمات الرومانسية والذاتية والتقريرية والوعظية.

صدرت في عام 1993 مجموعة أخرى للكاتبة باسم ‘وجع امرأة عربية’ وهي تعتبر أكثر  نضجاً من قصصها في المجموعة الأولى ‘أنت وغابة الصمت والتردد’. صدرت هذه المجموعة عام 1993 و قدم لها الكاتب المعروف والناقد الكبير رجاء النقاش فشبهها بالشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان والأديبة الفرنسية فرانسواز ساغان، صاحبة رواية ‘صباح الخير أيها الحزن’ مما يدل على مكانة الكاتبة في نظرة الناقد.

نجحت الكاتبة في هذه المجموعة من التغلب على الذاتية الرومانسية والبوح المباشر وهي تتميز باستبطان الذات وتجنح إلى التحليل الداخلي للشخصية. علاوة على ذلك، إنها استخدمت في هذه القصص بعض التقنيات الحديثة في فن القصة كتيار الوعي والتحليل النفسي وما إلى ذلك.[12]

 

أبرز الأسماء النسائية في مجال القصة القطرية

لا يسع المجال في هذا المقام أن نسهب في ذكر تفاصيل كل كاتبة قصصية ومجموعاتهن القصصية فنكتفي بسرد الأسماء البارزة في هذا المجال التي لها انطباعات عميقة في المشهد القصصي القطري ومجموعاتهن القصصية:

كلثم جبر – أنت وغابة الصمت والتردد (عام 1978)،    وجع امرأة عربية (عام 1993) ، ايقاعات للزمن الاتي  (عام 1999)  

هدى النعيمي – المكحلة (عام 1997)، انثى (عام 1998)،  أباطيل(عام 2001)، حالة تشبهنا (عام 2011)

نورة محمد فرج الطوطم (عام 2001)،    المراجم (2014)

دلال خليفة انا الياسمينة البيضاء (عام 2002)، عوالم صغيرة  (عام 2007) ، الخيل وفضاءات البنفسج (2008-2009)

بشرى ناصر – ما جرى وكان لأهل أم الغلمان (1986)، المجنونة (عام 1984)، عناكب الروح (عام 2013 ) ، جبر فتى من زمن الصبر (قصة للأطفال عام 2013)

صيتة العذبة – النوافذ السبع (عام 2003)

فاطمة الكواري – بداية اخرى(عام 2000)

أمينة العمادي  – نساء لا يعرفن البكاء (عام 2000 )، اشياء خاصة جدا (عام 2003)، أنين الورد (عام 2005)، لأني لك (عام 2005)

حصة العوضي – وجوه خلف اشرعة الزمن (عام 2001 )

 شمة شاهين – نحن نزرع الحب

موزة المالكي – عاشقة النار قصص من واقع الحياة

نورة آل سعد – بائع الجرائد (عام 1989)، بارانويا (عام 2014)، ولها دراسة متميزة بعنوان ‘أصوات الصمت’ احتفلت بأبرز ما قدمته المبدعات القطريات من الأعمال السردية نقداً وتحليلاً وتقييماً.

لولوة خلف البنعلي – عباءة أمي (عام 2009)، حلم الثلج (قصص أطفال عام 2013)

ماجدة جوهر الجاسم – الفتاة الغامضة (عام 2009) ، رسالة وداع (عام 2011)

عائشة إبراهيم القاضي – شروق وغروب، نسيم الفجر، منارة وسطة الظلام

فاطمة خلفان الكواري – بداية أخرى (عام 2000)

مها الهنداوي – البداية (مجموعة قصصية)

  • باحث في قسم اللغة العربية وآدابها، الجامعة الملية الإسلامية، نيو دلهي (الهند)

[1]  المفتاح، د. هند، مسيرة المرأة القطرية، صحيفة العرب، دولة قطر،  9 مارس 2015،

[2]  أنظر: كافود، عبد الرحيم، الأدب القطري الحديث، قطر: دار قطري بن الفجاءة، ط/2 عام 1982،  ص 127

[3]  راجع: كافود، محمد عبد الرحيم، القصة القصيرة في قطر – النشأة والتطور، قطر: دار قطري بن الفجاءة، ط 1 عام 1996، ص 9-10

[4]  للتوسع أنظر نفس المصدر السابق، ص 128، و مقالة الكاتب نضال الصالح، القصة القصيرة في قطر، مجلة عالم  الفكر، الكويت، العدد رقم 1، 1 يوليو 1999، ص 208

[5]  انظر: مدونة الكاتبة القطرية نورة آل سعد على الإنترنت حيث حددت تاريخ نشر هذه القصة أنه 18 فبراير 1971 (http://nouraalsaad.blogspot.in/2010/11/blog-post.html)

[6]  ذكرت عائشة السليطي في كتابها ‘بذور الصحراء – نشأة المقالة في قطر وتطورها’، أنه صدرت في قطر في العقد السبعيني من الجرائد والدوريات ما يبلغ عددها 16 عشر، أنظر الصفحة 24-29

[7]  كافود، عبد الرحيم، القصة القصيرة في قطر- النشأة والتطور، ص 10

[8]  كافود، محمد عبد الرحيم، القصة القصيرة في قطر، ص 13

[9] أنظر: الياسري، باسم عبود، تجليات القص – مع تطبيقات في القصة القطرية، قطر: المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، ص 67-68

[10]  كافود، محمد عبد الرحيم، القصة القصيرة في قطر، ص 13

[11]  نضال الصالح، القصة القصيرة في قطر، ص 214

[12]  كافود محمد عبد الرحيم، القصة القصيرة في قطر – النشأة والتطور، ص 13

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *