أختر الإسلام واني

باحث الدكتوراه في جامعة كشمير

ملخص:

تعد المرأة بؤرة أساسية في كثير من الروايات العربية، فكانت الأم والأخت والإبنة والزوجة والحبيبة، فقد تسابق الروائيون في تصويرها بأجمل الأوصاف وأحسنها لأنها نصف المجتمع وأداة فاعلة في المجتمع وإن كانت مكبوتة ومقهورة، فالقرآن كرمها في سورة كاملة وهي سورة النساء، لكنها في الغالب هي المرأة المظلومة الخاضعة للسيطرة الذكورية، وعادة هي تابعة ومتلقية ومقموعة، وهذا القمع يتعاقب بين العادات والتقاليد، غير أن المرأة تحاول الخروج من هذه الصورة التي شكلها لها المجتمع وأبقاها فيها لتثبت للرجل أنها إمرأة أنسانة وليست أداة للتلذذ فقط بل هي شريكة للرجل في الحياة ولا اطمئنان للرجل بدونها لأن المرأة كوكب يستنير به الرجل وفي غيرها يبيت في ظلام.

كلمات مفتاحية: العنف المنزلي، التحرش الجنسي، زواج القاصرات، الإستبداد العائلي، الفقر والجهل.

 ففي ميدان الأدب كان موضوع المرأة من أهم الموضوعات وقضية قديمة جديدة شغلت جميع المجتمعات كغيرها من المشاكل الإجتماعية، كالتخلف والظلم والإحتقار، وتختلف الآراء في قضية المرأة، فبعض منهم يقولون إنها شريكة للرجل ومشاركة له في الحياة من باب المساواة، وبعض منهم يرفضون هذا الطرح ويقولون إن حياة المرأة منحصرة في إنجاب الأولاد والإلتزام في البيت، بمثل هذه القضية تمثل الكاتبة نوال السعداوي في روايتها “موت الرجل الوحيد علي الأرض ولدت نوال السعداوي في قرية “كفر الطحلة” علي ضفة النيل في 27 أكتوبر عام 1931م. وهي طبيبة أمراض صدرية وطبيبة أمراض نفسية، كاتبة وروائية مصرية مدافعة عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص. كتبت العديد من الكتب عن المرأة في الإسلام، أسست جمعية تضامن المرأة العربية عام 1982، كما ساعدت في تأسيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان. وهي الرائدة النسوية المصرية، عالمة الاجتماعية الطبيبة، وهي معروفة في جميع أنحاء العالم باعتبارها راوية المدافع عن حقوق الإناث وأعمالها التي تتحدث عن وضع المرأة لها تأثير عميق علي جيل الشباب من النساء والرجال، وهذه الرواية رواية واقعية اجتماعية تدور أحداثها في قرية كفر الطين حيث يعيش الفلاحون الفقراء من أجل قوت عيشهم حياة مليئة بالظلم والإحتقار والقهر الاجتماعي ولم يستطع أحد منهم أن يكون ضد هذه المؤامرة الماكرة والسلطة الاستبدادية، كل هذا من أجل استمرار عمل نفس النظام الاجتماعي الظالم ضد النساء والفقراء.

تطرح الرواية موضوعين أساسيين هما: العنف الذي يظهر في التحرش الجنسي، زواج القاصرات والعنف المنزلي. وأهم شخصية في الرواية هي “زكية” التي تقاوم من أجل تحرير المرأة وشخصية مركزية في سكب الأفكار النسوية للكاتبة، والأفكار التحررية الموجودة في فكرة زكية تنقلها المؤلفة بلغة واضحة مباشرة، بل إنها نقد قاس للنظام الثقافي الأبوي. قصة “زكية” كلها تصور فساد إمرأة في عالم يسيطر عليها الرجال، وفي النهاية عند ما وصل سقوطها ذروته، تمكنت الشخصية من النهضة والمقاومة. وتلقي الضوء علي مشكلة تقسيم العمل وعدم المساواة في العلاقة بين الزوج والزوجة من خلال قصته الخاصة مع عبد المنعم زوجها لأنه يضربها عند ما أراد، فكما ترى أنها مرة تنام في حجرتها، فجأة هي تحرك رأسها فترى إبنها جلال نائما تحاول أن تضمه إليها لكن يدها لاتصل إليه، تحس من الناحية الأخرى يدا تقبض عليها وترى زوجها عبد المنعم نائما لكنه ينهض بسرعة ويضربها على رأسها وبطنها وصدرها، تصرخ صرخة لكن صوتها لايخرج، وتراه يقترب منها ويشق جلبابها بأصابعه وتضغط أصابعه على ثديها ويزحف على بطنها ويهز الأرض هزا، على هزات الأرض لم يستيقظ إبنها جلال نائما إلى جوارها، لكنها فتحت عينيها ولم تر وجه عبد المنعم زوجها وإنما وجه كفراوى أخيها، تحيرت واسودت وجنتها وابتعدت عنه وصرخت صرخة لم يسمعها أحد، وأخفي كفراوي وجهه تحت الحصيرة وسمعت صوته وهو يصيح بأعلى صوته، أكبر مشكلة من هذا هو أنها مدت يدها وأمسكت رأسه ورفعت وجهه من فوق الحصيرة فرأت أنه وجه جلال إبنها، مسحت دموعه بكفها وغسلت له فمه وأنفه بماء الزير، لكن أنفه ظل يسيل.[1] تمثل الكاتبة صورة المجتمع المصري أن الممكن في المجتمع أن الأخ يقع على أخته وتكون بينهما علاقة جنسية، وفوق ذالك أن نفس العلاقة الجنسية يمكن أن يكون بين الإبن وأمه، رغم أن المرأة هي أخت لكن أخاها يمكن أن يقع عليها، والمرأة من ناحية أنها أم لكن إبنها يمكن أن يقع عليها، هذه زكية تلد عشرة أولاد وست بنات، ماتوا جميعا إلا جلال، في كل مرة تلد زكية بنتا يضربها، وفي كل مرة يموت لها ولد يضربها، تتلفت زكية حولها وترى عيونا تحدق في وجهها فتقول كأنما تكلم نفسها، جلال الوحيد الذى كبر وعاش، لكنه ذهب هو الآخر ولم يعد، كفراوى ذهب، نفيسة ذهبت، والدار أصبحت خالية، وزينب لاتزال صغيرة وأنا أصبحت عجوزا، ولا أحد سيرعى الحقل والجاموسة،[2] تمثل الكاتبة أن مجموعة من الرجال والنساء قد يقع عليهم الظلم من قبل الحكومة أو من قبل العمدة، لأن كفراوي أخوها قد سحبه العمدة إلى السجن، الآن هو يعيش في السجن، ونفيسة أحست الظلم من قبل العمدة هربت ولم يطلع عليها أحد. المشكلة الشديدة هنا أن زينب رغم أنها أصغر لكن العمدة قد وقع نظره عليها وهو الآن يريد أن يستخدمها ويأتي بها إلي البيت لخدمته حتى أنه أظهر أمام شيخ زهران والحاج اسماعيل، والعمدة رئيس القرية وله أهمية كبيرة في الحكومة وهو رجل لايخاف الله ولايخاف أحدا وهو الذي إذا غضب تضاعفت ديونهم وهو يميل إلى العلاقات الجنسية وعند ما يقع نظره على أي فتاة يميلها إلي نفسه، ذات مرة رأى فتاة شابة فوق الجسر مال إليها فتفتش عنها أخبر بأنها من بيت فلان، أرسل إليها وإلى بيتها لتأتي هنا في بيته تخدمه وتعمل وتتم ما يحتاج إليه العمدة، الآن كانت تعيش في بيت العمدة تعمل وتخدم وتبيت في بيت زكية، لكن المشكلة التي قد وقعت للعمدة أنها صارت متزوجة بعد فترة قصيرة وما كانت تأتي إليه بعد الزواج لكن الشيخ زهران يظن أن الوقت سيأتي وهو يرسل إليه أن يحضر في بيته مع زينب، الناس في ظنون وهموم ورئيس القرية يعيش آمنا مطمئنا في إدارته مع أعضاء الحكومة والناس يأتون إليه ويقضون حاجاتهم، ذات يوم كان يجلس الشيخ زهران أنه أرسل إليه وطلب منه أن يحضر في بيته مع زينب في وقت سريع،هذا الشيخ كان في انتظار شديد لهذه اللحظة، والآن هو صار متحيرا وقلق قلقا شديدا لأنه لم يمنع هذا الزواج رغم أنه قد قدر على الرفض، وقد حلت المصيبة عليه، كيف يدخل بيت جلال ويقول له أن يترك زوجته تذهب إلى بيت العمدة لخدمته هذا مستحيل، لأن الأمر قد تغير تغيرا واسعا، اليوم الناس لايستسلم العمدة والحكومة الحاضرة لأن الناس قد تغيروا، الفلاح الذي لم يكن يستطيع أن يرفع عينيه في عيني الحكومة أو رئيس القرية أصبح يرفع عينيه وكاد أن يصيح بأعلى صوته ضد الحكومة، الناس قد ضجوا من ديون الحكومة، اليوم يرفض الفلاح أن يدفع شيئا مما عليه للحكومة، قائلا: نحن نعمل ليل نهار طول العام ولانخرج إلا بديون للحكومة، مثل هذا الكلام ما كنت أسمعه من قبل من أي رجل منهم،[3] الناس في نزاع شديد مع الحكومة لأن الحكومة تصرف الأموال في مصارفهم بدون أي حساب ومحاسبة، والفلاحون يعملون طول الليل والنهار في حقولهم،  في هذه اللحظة يشير الحاج إسماعيل لشيخ زهران قائلا: زكية وجلال تراكمت عليهما ديون الحكومة وأنت الذي تطالبهما بالسداد، لو لمحت لجلال بأنك قد تتساهل معه بعض الشيئ ربما لان قليلا،[4] ولكن الشيخ زهران حاول محاولة عظيمة في الأيام الماضي حيث تحدث مع جلال أن يترك زوجته في بيت العمدة للخدمة كي يسهل عليه أمر المعاش ويمكن أن يخفف العمدة ديون الحكومة عليه، جلال رجل فقير ليس لديه كثير من أسباب كسب المعاش والأموال، لكنه رفض أشد الرفض وقال إن زينب هي التي ترفض لكن أغلب الظن أنه هو الذي يؤثر عليها لأنها كانت تذهب إلي العمدة قبل الزواج، علي أية حال إن وجود جلال إلي جانبها يشجعها على الرفض، وليس أمامه الآن إلا أن يستخدم سلطته وأن يتخلص من جلال كما تخلص من كفراوي، لكن كيف السبيل إليها؟ كيف يرمي به في السجن؟ لم يسمع الحاج إسماعيل هذا السؤال لكنه فهمه حين نظر في عيني زهران أنه قد فكر في مؤامرة ماكرة في رميه “جلال” في السجن كي يأتي بزوجته إلي رئيس القرية يستريح منها ويتلذذ بها، والحيلة الشيطانية هي أن زكية كعادتها كانت جالسة في المدخل الترابي حينما سمعت الضجة وترى رجالا يدخلون من الباب، أول صوت الذي قد رن في أذنيها هي أن شيخ الخفر يقول أدخلوا وفتشوا البيت، قبل أن يسأل أو يفهم شيئا كان الرجال قد انتشروا في البيت الطيني الصغير، يفتشون وراء الأبواب وفي حجرات واسعة وفوق الفرن، وفوق السطح، تحيرت زكية لم تعرف عما يبحثون، قد تغير وجهها عند ما سمعت أحدا من الباحثين يقول: وجدناها يا شيخ الخفر كان يخفيها تحت الفرن،[5] هذا البحث والتفتيش ليس له أية حقيقة ولكن الحدث قد وقع ما وقع، قد سحبوا جلال إلى السجن وأخبروا أمه الشفيقة زكية أن إبنها لص كبير، أدخلوا إبنها في السجن ولم يستطع على الدفاع عنها وعن إبنها لأن الحكومة لايستطيع أحد من الناس أن يكون ضدها أو يتكلم ضدها. إن العمدة تحت حكمه المستبد الطامع في نسائها وقاتل رجالها يرتكب جرائمه بمعاونة شيخ الخفر وإمام الجامع وحلاق الصحة، الثلاثة الذي لايستطيع أن يحكم كفر الطين بدونهم فهم أدواته وأجهزته ومساعدوه، وهم أمناء على السر،[6] ومن الممكن أن نترجمهم، بوزير الداخلية الباطش، الذي يرتكب جرائمه نيابة عن العمدة ويحقق له رغباته المريضة التي يدفع ثمنها أهل الكفر الغلابة…. وشيوخ السلفية الذين يقولون عن فلان وعلان، ولاينصحوا سوى بطاعة أولى الأمر من الحكام المستبدين الذين هم منهم وإليهم، من أطالوا اللحى وقصروا العقول، ومن قطعوا يد اللص الصغير، حتى لايشارك اللص الأعظم غنيمته التي هي نحن الشعوب المقهورة المحرومة…. ويعادل حلاق الصحة شخصية المثقف الذي يقول ما يريد الحاكم سماعه وسط شعبه الأمي الذي يتأثر بالكلام المنمق عن حكمته وزيادته وعبقريته،وطبعا عدله وعصر الصحابة الذين أختطف من بينهم، هذا هو ظلم المجتمع على المرأة المصرية من أن المرأة لاتقدر على الدفاع عن نفسها أوتقول شيئا ضد الحكومة هي صامتة حزينة باكية تتحمل جميع ما تقع عليها وعلى أسرتها.

وتمثل الكاتبة عن زواج القاصرات وتقص عن الفتاة الصغيرة التي تزوج بالشيخ العجوز الذي قد بلغ عمره إلى عمر جدها ولم يستحي واحد منهم برؤية هذا المنظر ولم ينقد أحد منهم، هذا هو عادات المصريين في زواج القاصرات الصغيرات حيث تقول: ذات مرة تمشي فتاة على الجسر حاملة الجرة فرآها إمام الجامع الشيخ حمزاوي الذي قد بلغ من الكبر عتيا، لكنه قد دخل حبها في قلبه لأن الإنسان لايملك قلبه ولايختار، القلب بين إصبعي الرحمن، أصبح وأمسى معها لايزال يفكر فيها، الفكر الذي مازال يقلقها، زواجه من ثلاث نساء ولم تتمكن أية واحدة منهن على إنجاب الأولاد، يريد أن يتزوج ولودا ودودا ولكن ماذا سيفعل؟ هذه الفتاة في عمر أحفاده لكن تذكارها كانت تلدغه، ذات يوم لقي الحاج إسماعيل وتحدث جميع ما وقع له، تحير الحاج إسماعيل وقال كيف يمكن أن تكون هي زوجة لك وقد بلغت إلى أرذل العمر أو أنك في عمر جدها فكيف تقدر عليها وهي شابة وأيضا أنك قد شكوت لي من حالتك الجنسية مرارا، فأظن أنها لايمكن، لاتستطيع عليها ولامناسبة بينكما فارق كبير جدا بين العجوز والشابة القوية، الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا.

رد الشيخ حمزاوي: والله أنا في قلق شديد في تذكارها لاأزال أذكرها صباح مساء ولم أنسها قط منذ رأيتها فوق الجسر حاملة الجرة، وليس لدي أي مشكلة أنا أقدر عليها وعلى أبيها، الرجل لايعيبه إلاجيبه،[7] والحالة الجنسية التي تذكرها يمكن أن ينفخ ربي في صورتي ويمنحني قوة من عنده وهو كبير يحي العظام وهي رميم، أيها الصديق الحاج إسماعيل جئت إليك لأنك طبيب وحكيم هذا البلد المشهور، أطلب منك الدواء بشرط أن تزوجني لفتحية إبنة مسعود، أما لو استطعت على هذا فسوف ينقلب بنعمة من الله ورضوان لم يمسسهم سوء، ويبدل سيئاتك حسنات، ويجازيك جزاء حسنا لأنك قد خدمت الرجل الذي لايزال يخدم الدين، فهنا رق له الحاج إسماعيل ووعده بأنه لا بد أن يزوجه لفتحية إبنة مسعود قائلا: لاتفكر في هذا الموضوع توكل علي الله لأنك رجل التقوى والصلاح.

في يوم من الأيام هو يذهب إلى بيت فتحية ويلتقي أسرتها ويتكلم مع والدها عن زواج فتحية مع رجل الذي يؤم الناس فى المسجد وله احترام كبير للعلوم الذي يمتلكه ويذكر إكرام زوجاته السابقات فى المجتمع المصري بأنهن لايظهرن من جسمهن إلا الوجه والكفان، مدح في بيت فتحية وبالغ في المدح وهذا المدح كان يحتاج إليه كأشد ما كان يحتاج الإنسان إلى لحم الخنزير في الإضطرار، رفض أبوها لأنها لم تقبل فقال الحاج إسماعيل بغضب ماذا تفعل الآن: فقال: ارفض لأنها لم تقبل هذا الزواج فقال: كيف تقول هذا الكلام، هل هذا الكلام ينبغي للرجل أن يقول: قم واضربها، ألا تعرف أن البنات والنسوان لايأتين إلا بالضرب،[8] صعد مسعود فوق الفرن وضربها وشدها من شعرها وسلم يدها ليد الشيخ التقي الصالح. فتحية من الفتيات التي قد أجبرت على الزواج من رجل عجوز على أساس أن الرجل رجل طيب ورجل الصلاح والتقوى عند ما رفضت فتحية طلب والدها، ضربها والدها، فعند الضرب ذكرت فتحية نفيسة التي قد واجهت العنف من قبل العمدة، العنف الذي تعرض لنفيسة هو العنف البدني، عند ما رفضت نفيسة طلب والدها للعمل في بيت العمدة، ضربها ضربا شديدا ولم يهتم بأي شيئ تقول، بالإضافة إلى العنف الجسدي وتشعر نفيسة بالكراهة الداخلية للعمل في منزل عمدة لإكراه والدها، كانت تعمل كل العمل في منزل العمدة كخادمة وتتحمل شهوة عمدة، وأخيرا حملت الطفل البيولوجي من عمدة، عند ما اطلع عليه العمدة هجر نفيسة من منزله وأمرها للذهاب إلى نهاية المدينة بحيث لاأحد يعرف أنها حملت إبن عمدة رئيس القرية، نفيسة مجبرة إلى الضحية للعنف النفسي الذي ارتكبه عمدة، يشعر نفسه حاكم القرية وأنه يمكن أن يفعل كل ما يريد، هذه نفيسة غابت ولم يطلع عليها أحد بعد غيابها، وفتحية تذكر مصائبها ونوائبها لم تتحمل ولم تستطع الدفاع عن نفسها وأخيرا هي غابت، فتحية تفكر في حياة نفيسة التي لم تقدر على الدفاع عن ظلم المجتمع عليها، وأخيرا هي تعد نفسها للزواج من رجل عجوز لكنها على عكس الزوجات السابقات اللواتي يلتزمن به دائما، لم تكن واحدة منهن تجرأ على أن تفتح عينيها في عينيه، أوتقول له كلمة، أوتقارنه بأي رجل في كفر الطين، فما بال هذه الفتاه الشابة الجريئة التي تقارنه بالديك بل تقول إن الديك أفضل منه؟ لكن الشيخ التقي لم يعد يهمه أن يكون ديكا أو غير ديك، فقد استطاع أن يتزوجها رغم أنفها، وأن يعيش معها كل هذه السنوات.

تمثل الكاتبة المجتمع المصري أن البنت لم تكن مختارة في حياتها، كانت تابعة لأسرتها ولم تستطع أن ترفض الزواج مع الرجل العجوز الذي كاد أن يموت رغم أنه تزوج من قبل ثلاث زوجات ولم تنجب أية واحدة منهن ولدا.

خاتمة البحث: تكشف نوال بجرأة عن المفسدين الحقيقيين في المجتمع، الفاسدين الذين يعملون في الخفاء بنظام وانسجام ويخدعون الناس بالأخلاق الزائفة والتدين الظاهري الكاذب ويستغلون سلطتهم لممارسة الظلم واغتصاب حقوق الناس، إنها رواية إنسانية اجتماعية همها الدفاع عن المرأة والفلاحين، وغرضها التحرر من الخوف والقهر الاجتماعي والإستبداد بإسم الذل. ويبدو لي أن هناك فارق كبير بين كتبها الفكرية وروايتها في الرواية، اللغة لم تكن ركيكة، لكنني أعتقد أن الحوار سيكون أفضل لو كان بالعامية فقط، -في رأيي- لم تخدم الكاتبة قضيتها التي تناقشها بشكل كبير، فالأمر هنا كان سياسيا -وأحيانا دينيا –أكثر مما كان لأجل النسوية، وكانت القضية الأساسية أيضا هي الفقر والجهل وليست تحرير المرأة، في هذه الرواية لم يكن الرجال أنفسهم أحرارا كي تحرر المرأة، الجميع عبيد العمدة والسلطة.

  الهوامش

[1] نوال السعداوي، موت الرجل الوحيد علي الأرض ص. 105

[2] نوال السعداوي، موت الرجل الوحيد علي الأرض.ص.106

[3] نوال السعداوي، موت الرجل الوحيد علي الأرض.ص.193

[4] نفس المصدر……ص.194

[5] نفس المصدر…..ص.196

[6] نفس المصدر…..ص.148

[7] نفس المصدر…..ص 45

[8] نفس المصدر…..ص. 50

المصادر والمراجع:

1.د.نوال السعداوي. رواية.موت الرجل الوحيد على الأرض، ن. دار الآداب-بيروت، ط.1989م

2.د.أختر عالم. شخصية المرأة في الرواة العربية خلال النصف الأول من القرن العشرين،ن.روز ورد بوكس،نيودلهي، الهند

3.يشفي أتيك نور سنغيه. موت الرجل الوحيد على الأرض(دراسة نسوية) مدينة، جاكرتا، ط.2017م

4.صالح مفقودة: المرأة في الرواية الجزائرية، دار الشروق للطباعة والنشر والتوزيع،بسكرة، الجزائر، ط.2009م

5.عبد المحسن طه بدر.تطور الرواية العربية الحديثة، ن. دار المعارف بمصر، ط.1963م

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *