الدکتور محمد سلمان رضا العلیمی

الشيخ محمد أحمد رضا خان بن محمد نقي علي البريلوي الحنفي الماتريدي القادري البركاتي([1])  -رحمه الله- ولد في مدينة ” بريلي ” إحدى مدن الولاية الشمالية الهندية في 10 من شوال المكرم سنة (1272هـ /14 حزيران 1856م ) في سلالة معروفة بالفضل والشرف والعلم والتقوى ، تعود أصولها إلى سلالة أفغانية التي كانت تقطن في مدينة كابول ، انتقل بعض أجداده إلى لاهور ثم إلى دلهي .. واستقرت في بريلي ونسب إليها ([2])  .

و توفي فى 25/ من صفر المظفر سنة 1340 هـ المصادف 28/ أكتوبر سنة 1921 م يوم الجمعة المبارك. وترك أعمالاً باهرة في العلوم والمعرفة: القرآن، الحديث، أصول الحديث، الفقه، أصول الفقه ، تفسير ، أصول التفسير، العقائد ، الكلام ، النحو ، الصرف، المعاني ، البيان ، البديع ، المنطق ، الفلسفه ، المنـاظرة ، التكـسير ، الحساب ، الهيـئة ، الهندسة، فقد يقال إنه ألف أكثر من ألف كتاب ما بين مؤلفات ضخمة ورسائل صغيرة ، ولقبه ب” السيوطي الثاني ” في شبه القارة الهندية.([3] )

تصانيفه :صنف الشیخ احمد رضا خان أهم الکتب والرسائل في مختلف العلوم والفنون، ومنها:

في التفسير:([4])

  • حاشية على البيضاوي
  • حاشية على الخازن
  • حاشية على السيوطي
  • حاشية على الرازي

تفاسير على سور معينة من القرآن:

  • سورة الفاتحة
  • سورة الضحى

تفاسير على آيات مخصوصة من السور

  • آية الارحام
  • بسم الله الرحمن الرحيم

في الحديث: ([5])

  • حاشية على صحيح البخاري
  • حاشية على صحيح المسلم
  • حاشية على الترمذي
  • حاشية على ابن ماجه
  • حاشية على شرح الجامع الصغير
  • حاشية على مسند الإمام الأعظم أبي حنيفة

في الأسانيد:([6])

  • حاشية على تقريب التهذيب
  • تهذيب التهذيب

في الجرح والتعديل:([7])

  • حاشية على كشف الأصول في نقد الرجال
  • حاشية على العلل المتناهية

في تخريج الأحاديث:([8])

  • كتاب: النجوم الثواقب في تخريج أحاديث الكواكب

في لغة الحيث:([9])

  • حاشية على مجمع بحار الأنوار

في التجويد:([10])

  • حاشية على المنح الفكرية

في التاريخ والأخبار:([11])

  • حاشية على مقدمة ابن خلدون

،كان العلامة احمد رضا خان شاعرا متميزا، إلى جانب كونه فقيها ومحدثا وقاضيا، وهو صاحب ” دواوِين في اللغة العربية (قصيدتان رائعتان ) والاردية(حدائق بخشش).

هاتين القصيدتين(قصيدتان رائعتان ) انقرضهما الشاعر في مدح فضل الرسول العثماني القادري الحنفي البدايوني .

والدكتور رشيد العبيدي صرف عناية إلى ناحية من نواحي حياة الشاعر الهندي وقام بتحقيق هاتين القصيدتين وشرحهما والتعليق عليهما.

وطبع هذا العمل من مطبعة الطيف، بغداد ١٤٢٢هـ/٢٠٠٢مـ.

وقال الدکتور رشید العبیدی” لقد حقق البريلوي الهندي أن الشعوب الإسلامية ذات عطاء متواصل وان المفكرين الإسلاميين يبقون في تواصل، وتواشج مع الماضي، يمنحون الحاضر  زاداً ثراً من العلوم والمعارف والفنون، من غير انقطاع، ولا تجزم، وهم قادرون على أن يجعلوا مستقبلهم زاهراً، بما امتلكوا من حب للعقيدة، والقيم والمبادئ الإسلامية التي كانت في أنفسهم محركاً قوياً للعمل والعطاء.”([12])

ثم جاء إلى شعر البريلوي ولغته وبين فيه أن شعر البريلويشعر تقليدي، ملتزم، أي : أنه عمودي البنية، يهتم بالصياغة الشعرية، التي درج عليها شعراء القرن الثالث عشر والرابع عشر الهجريين، واستخدم الشاعر  المحسنات اللفظية والبديعية والاستعارات والتشبيهات المستعذبة، فذلك نحو قوله:

تبكي دماً وتقول في أسجاعها                 الله يضحك سن من أبكاني([13])

بانت وما لانت فبانت لوعتي         يا خيبتي في الصبر والكتمان([14])

راحت أزمة راحتي من راحتي               وكذلك كل مودع الاخدان([15])

في شهدها سمّ ثمال فاشهدوا          أني شهيد الشهد يا إخواني([16])

تسقي فتشفي ثم تشقي بالعنا           وتفلّق الأكباد والاعيان([17])

 و الشاعر أطلق على نفسه، لقب (رضا) ، وأجراه بديلاً عن لقب الشاعر أو أي نسب آخر ، كما ترى عند شعراء العربية كالبحتري والمتنبي والمعري، فالبريلوي ، لم يطلق لقب البريلوي- مثلاً على شخصه شاعراً بل التزم لقب رضا ولقد اشتهر بهذا اللقب في نظمه بالفارسية والاردوية، ولكنه اعتمده في نظمه في العربية فقال:

يا مالك الناس النبي المصطفى               اشفع لعبدك دافعاً لبلاء

رقم (الرضا) تأريخه متفائلاً          عبد الغني بجنة علياء([18])

وقال أيضاً

قال (الرضا) ارخ رسالة سيدي               هذا هو الحق الصريح مبيناً([19])

وأبرز ما يتميز به شعر البريلوي من غيره هو وحدة الموضوع  وتنامي القصيدة تناميا عضويا ، انسيابياً يرتبط آخرها بأولاها، ويكاد القاري يجد عن أبيات القصيدة الواحدة، يأخذ بعضها بعناق بعض فقصيدة النونية مثلاً. بدأها بالغزل العفيف، وبالرمزية الجميلة، يتشوق إلى من هجرته وودعته وجعلت اجفانه تذرف الدموع حتى تركته شهيد الشهد مسحوراً بالعينين هائماً بالحب حتى اذا أراد الخروج من هذه الحال التي هو فيها تخلص بأسلوب التخلص الذي كان ديدن شعراء الحقبة المتأخرة مما كان لمن سبقهم من شعراء المسلمين:

                 مه يارضا  ياابن الكرام الأتقيا       يا غرس روح العلم والاتقان([20])

ومن هنا يدخل الشاعر في معاناته الخاصة، وما يلاقيه من حياة الهوى والغرام، ولكنه يصرح بأنه تشبيب شاعر وليس هو تشبيباً حقيقياً، لأنه إنساناً يعيش حياة العلم والعلماء والمكارم والأمجاد ، وهو إنما يفعل ذلك لأنه يميلإلى الإمام المجاهد الفاضل (فضل الرسول) الذي ملك المجد والسؤدد، وترقى في مراقي السيادة والفضل ويستمر في سوق الصفات الفاضلة لفضل الرسول- رحمه الله- من احاطة بعلوم القرآن والحديث والفقه واللغة والعقائد، فضلاً عن جهاده وشجاعته وصدق بلائه في المواقف واذا كان الشاعر يرى في ممدوحه أنه أهل لكل فضل وسؤدد ومجد فهو إذن يحث نفسه إلى أنه دائماً إلى جانب (فضل الرسول) ويلتزم حضرته، ويترك أهل الضلال والغشاوة

قم يا رضا لا تغش أهل غشاوة               نرهم وماهم فيه من خذلان([21])

وفي هذا الاثناء يوجه الشاعر إلى الله تعالى ويطلب منه أن يرحم أباه وأبا أبيه من حيث يقول:

وارحم أبي وأباه رحماً دائماً          واجعل قبورهما رياض جنات

آنسهما أللهم في جدثيهما                       بالحور والغلمان والرضوان([22])

ويستمر بالدعاء لهما، ثم ينتمي بالدعاء الى الله بأن ينصر المسلمين حماة دينه، ويصلي ويسلم على خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم.

أبدلهما دارً وجاراً خيراً                       من هؤلآء الدور والجيران

شرفتنا بالحق فانصرنا على          بدع العنود ونزعة المجّان

فلك الثناء ببدئه وثنائه                 ولك المديح بأول وبثان

وصلاة ربي دائماًعلى                         خير البرية سيد الأكوان

صلى المجيد على الرسول وفضله  ومحبه ومطيعه بحنان

صلى عليك الله يا ملك الورى                 ما غرد القمريّ في الافنان

صلى عليك الله يا فرد العلى          ما أطرب الورقاء والألحان

صلى عليك الله يا مولاي ما          رن الحمام على شجون البان([23])

وقال الدکتور العبيدي:

عندما يتتبع القاري هذه القصيدة ، ويتابع معاني أبياتها ، لايحس بوجود انفصام أو تجزم بين مقاطعها بل هي قطعة واحدة متلازمة مترابطة، يأخذ بعضها برقاب بعض من أول بيت فيها حتى تنتهي.

وهذه المزية هي نفسها التي تميزت بها القصيدة الثانية، مما يدل على أن وحدة الموضوع  في شعره هي مزية واضحة في شعر البريلوي ، وقلما نجد هذه الخصيصة في شعر الآخرين.”([24])

وكتب الشيخ محمد نظام الدين أستاذ الأدب والبلاغة بدارالعلومالعليمية جمدا شاهي بستي مقالة بعنوان” شرح قصيدتان رائعتان” ( دراسة نقدية). وقام بالنقد على التعليقات للعبيدي حول هذه القصائد كما هو يقول:

والحق أن الأستاذ يستحق كل ثناء و تقدير حيث درس هاتين القصيدتين اللتين قرضهما شاعر هنديّ ليست العربية لغته الأمّ، وأبان محاسن شعره، ولكن من المؤسف أنّ الأستاذ نسب إلى الشاعر بعض التسامحات النحوية واللغوية والعروضية التي أرى أن بعضها لا مساس لها من الواقع، وأن ذيل الشاعر برئ منها، وبعضها الآخر لا يستهجن ولا يعدّ عيباً لا سيما في شعر المولدين…)([25]) وأتى الناقد بكل تفاصيل في مقالته، وقام بالدفاع عن الشاعر الهندي.

الهوامش

[1]قصيدتان رائعتان : دراسة وشرح وتعليق ، الدكتور رشيد عبد الرحمن العبيدي ص 5

[2]نفس المصدر ص 8.

[3]نفس المصدر ص٤.

[4]نفس المصدر ص 13.

[5]نفس المصدر ص 14.

[6]قصيدتان رائعتان : دراسة وشرح وتعليق ، الدكتور رشيد عبد الرحمن العبيدي ص ١٤.

[7]نفس المصدر ص ١٤.

[8]نفس المصدر ص ١٤.

[9]نفس المصدر ص ١٤.

[10]نفس المصدر ص ١٤.

[11]قصيدتان رائعتان : دراسة وشرح وتعليق ، الدكتور رشيد عبد الرحمن العبيدي ص ١٥.

[12]نفس المصدر ص ١٧.

[13]نفس المصدر ص ٣٤.

[14]نفس المصدر ص ٣٤.

[15]نفس المصدر ص ٣٥.

[16]قصيدتان رائعتان : دراسة وشرح وتعليق ، الدكتور رشيد عبد الرحمن العبيدي ص 35.

[17]نفس المصدر ص ٣٦.

[18]نفس المصدر ص 20.

[19]نفس المصدر ص 21.

[20]قصيدتان رائعتان : دراسة وشرح وتعليق ، الدكتور رشيد عبد الرحمن العبيدي ص 22.

[21]نفس المصدر ص 22.

[22]نفس المصدر ص 72.

[23]نفس المصدر ص ٧٣-٧٤.

[24]نفس المصدر ص ٢٢-٢٣.

[25]مجلة الشباب الإسلامي طبعت بدار العلوم العليمية جمداشاهي بستي اترابراديش الهند ١٤٢٤ه/ ٢٠٠٣م. ص 33

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *