عبد الحكيم*

المدخل إلى الموضوع:

مما لا شك فيه أن فن الشعر ازدهر وترعرع في ولاية كيرالا الهندية قبل خسمة قرون، وإنها أنجبت في تربها الخصبة ذات التراث العلمي والأدبي والثقافي العريق منذ قديم الزمان عددا هائلا لا بأس به من العلماء الكبار والشعراء العظام والكتاب الممتازين المرموقين ذاع صيتهم في البلاد العربية والعجمية، ومما يجدر بالذكر أن الشعراء الإسلاميين المشهورين في شرق الهند بشكل عام وفي شمال الهند بشكل خاص ينظمون أشعارهم وأبياتهم في اللغة الأردوية والفارسية وفي بعض الأحيان في اللغة الهندية ولكن أن معظم العلماء الإسلاميين الهنديين من جنوب الهند يختارون اللغة العربية الفصحى وسيلة لتعبير أفكارهم وعواطفهم ومشاعرهم وطموحاتهم أمام الناس وهذا يدل على شغف أهل كيرالا باللغة العربية كثيرا جداً، وولاية كيرالا الهندية مدين لهؤلاء الأبطال الكيرالاويين الهنديين بالشكر لخدماتهم الخالدة ومآثرهم الرائعة واعترف بفضلهم الجميع حتى العرب ومنهم الأستاذ والشاعر الممتاز عبد الله محمد السلمي. ففي هذه الورقة المتواضعة سعى الباحث تعريف القراء بحياة الشاعر المبدع القدير عبد الله محمد السلمي العلمية والأدبية ومن جهة أخرى تقديم ألوان من الإبداعات الشعرية العربية الفصيحة في موضوعات مختلفة وإظهار مهارات الشاعر وخبراته الفائقة في التصوير والتعبير وما إلى ذلك.

نظرة استقصائية على حياة الشاعر المبدع الأستاذ عبد الله محمد السلمي.

ولد هذا الشاعر الكيرالاوي الأستاذ عبد الله محمد السلمي في 26 مايو 1952م بقرية كوتيل قرب منكدا في مقاطعة ملابرم كيرالا (الهند)[1]. وهو لا يزال حيا يرزق يقيم مع أسرته في منطقة مالابورم كيرالا بجنوب الهند ( بارك الله في حياته). ونشأ وترعرع هذا الشاعر الكبير نشأة دينية صالحة تقية، ولقد تقلب في أعطاف العلم منذ نعومة أظفاره إذ كان أبوه عالما تقيا وخطيبا بارعا في شتى المساجد في ولاية كيرالا، وكان ورجلا دينيا معروفا بالصلاح والتقوى والفروق عن المنكرات والأعمال التي لا علاقة لها بالإسلام عن بعيد، فاتضح من ذلك كله أنه نشأ في أسرة دينية علمية لها صيت وفضل كبير في الأوساط العلمية والأدبية والثقافية في ولاية كيرالا الهندية، كما ذكر مشيرا إلى ذلك بقوله ” كانت الأسرة أسرة دينية، وكان أبي مثقفا دينيا وعالما تقيا وخطيبا بارعا في شتى المساجد في ولاية كيرالا، وكان ورجلا دينيا معروفا بالصلاح والتقوى والفروق عن المنكرات والأعمال التي لا علاقة لها بالإسلام عن بعيد، وكذلك كان يلقي خطبة قيمة في شتى المساجد في ولايتي كيرالا. وكان أبي أيضا مدرسا بارزا في شتى المدارس الدينية في ولايتي، كان اسمه محمد المولوي، وكان اسم والدتي الكريمة المرحومة فاطمة، ولي أخوان شقيقان، وأخوات ثلاثة، ولي ثلاثة أبناء وثلاث بنات كلهم حاملون (الحمد لله) على شهادة الماجستير وفوقها في مختلف المواد من عربية وإنجليزية واقتصادية”[2].

بدأ الأستاذ عبد الله السلمي مبادئ القراءة والمطالعة في الكتاب في قريته الموسومة بـ ” كوتيل” وحفض بعض سور القرآن الكريم دون أي خطأ فاحش، وبعد ما أتم دراسته الابتدائية قد التحق بالجامعة الندوية كيرالا حيث درس فيها نحو ثلاث سنوات، ثم درس في الكتاتيب المختلفة بكيرالا، ثم التحق بكلية سلم السلام العربية أريكود حيث حصل على شهادة ” أفضل العلماء” (البكالوريوس) في الدراسات الإسلامية والعربية وآدابها تحت جامعة كاليكوت، وحصل على شهادة “الماجستير” في اللغة العربية وآدابها من جامعة عليجراه الإسلامية (الهند)، يقول ” درست دروس المساجد حسب العادة على نظام تقليدي، وتلقيت مباديء القراءة والدراسة، وحفظت بعض السور من القرآن الكريم، ثم تلقيت الدراسة الابتدائية والثانوية من المدارس الحكومية في قريتي، ثم التحقت بالجامع الندوية في إيدوانا، ثم في كلية سلم السلام العربية منها حصلت على شهادة أفضل العلماء ( بكالوريوس) وحصلت على شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها من جامعة عليكراه الإسلامية”[3].

وكان أبوه رجلا سخيا متقيا علم ابنه البار حياة الدرس وقد قام بعمل كبير في بناء شخصيته الفذة في العلوم الإسلامية والأدب، وهناك عدد من الشعراء المرموقين الذين أثروا على شخصيته مثل محمد الفلكي وأبو ليلى وغيرهما كما يقول الشاعر ” في الحقيقة، علي فضل كبير وإحسان عظيم لأبي رحمه الله تعالى فأنه علمني حروف الهجاء وحثني على قراءة اللغة العربية، وكذلك هناك بعض الشعراء في ولايتي كيرالا أمثال محمد الفلكي وأبو ليلى وغيرهم الذين أثروا أثرا عظيما في بناء شخصيتي، كما أن أشعارهم وانتاجاتهم الأدبية الشعرية القيمة أثرت في قلوبنا أثرا قويا للغاية منذ الصغر”[4].

عمل هذا الشاعر الألمعي الأستاذ عبد الله محمد السلمي بكونه محاضرا ممتازا في كلية الأنصار العربية فلافنور التابعة لجامعة كاليكوت (كيرالا)، وعمل كأستاذ بارز في نفس الكلية، وكذلك عمل كعميد الكلية مدة سنتين، ثم عمل كونه عميدا للجامعة الندوية في إيدوانا نحو سنتين ووكيلا للجامعة أيضا، ثم تقاعد من هذا المنصب في عام 2007م، واشتغل هذا الشاعر كعميد في كلية بستان العلوم العربية ثم في الكلية السلفية، وكذلك تولى عميد كلية الكاتب الشرعية ترور نغادي مدة ثلاث سنوات، وعمل بكونه أستاذا زائرا في جامعة الهند الإسلامية، وكذلك عمل عضوا في هيئة التدريس في جامعة كاليكوت حوالي ستة سنوات، وكان الأمين العام لاتحاد أساتذة الكليات العربية في كيرالا، وكان مشتغلا في منصب سكريتير في جميعة دار البر الخيرية في دبي الإمارات العربية المتحدة في عام 1988م، وقد قام هذا الشاعر العملاق بزيارة عدد كثير من البلاد العربية الخارجية منها على سبيل المثال: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان، واليمن، ودولة قطر، وسريلنكا وغيرها من البلاد الأخرى، وحاليا أن هذا الشاعر في لا يزال حيا ولا يزال يقرض من قلمه المترسل قصيدة رائعة (وأنا أدعو الله سبحانه وتعالى أن يمد حياته ويبقاه فينا) وهو يشتغل الآن كأستاذ زائر في جامعة الهند الإسلامية مالابورم بكيرالا (الهند).

هذه حقيقة جلية لا تجحد ولا تنكر بأن الشاعر السلمي هو شاعر بارع معروف ومشهور في أنحاء ولاية كيرالا الهندية، ولكن من سوء الحظ نحن الهنود من شمال الهند لا نطلع على شخصيته الفذة وقصائده الرائعة البديعة التي لا يزال ينظمها بأسلوب جميل سهل ممتع للغاية. والشاعر له خبرات موسعة في العلوم والفنون، وله مهارات فائقة في قرض الأبيات العربية الفصيحة، وقد عالج هذا الشاعر في شاعريته جميع نواحي الحياة البشرية من سياسة وأخلاق وتعليم وفلسفة وأدب وتاريخ وعلوم أخرى، وأنه قرض الأبيات العربية الرائعة بأسلوب رائع جذاب خلاب وشيق مما يرغب القاريء أن يقرأها ويطالعها في آن واحد. وعندما يبدأ بمطالعتها لم يكد يتركها حتى يكملها في جلسة واحدة. كتب الشاعر الأشعار العربية في دواوين مختلفة منها: صدى من القفص، وقطرة من اليم، (مطبوعات)، ونبضات وخواطر (تحت الطبع لم تنشر بعد وفي طريق النشر)، عويل وآهات (مخطوطات) وغيرها من الأعمال الأخرى.

الإبداعات الشعرية العربية الفصيحة لشاعر الكيرالاوي عبد الله محمد السلمي

يعد الأستاذ عبد الله محمد السلمي من الشعراء الكبار في ولاية كيرالا (الهند)، له مهارات تامة وخبرات موسعة في نظم وقرض الأشعار العربية الفصيحة المليئة بالعاطفة الصادقة والخيال البديع والفكرة النيرة، وقرض قصائد ومنظومات كثيرة تتعلق بموضوعات مختلفة من الحب والمودة والغرام والوصف والمدح والرثاء وحب الوالدين وتصوير آلام الناس عند النكبات والأزمات مثل السونامي والزلزال الذي حدث قبل عدة سنوات في بلاد سريلنكا بصورة عامة وفي ولاية كيرالا بصورة خاصة. ومع الحقيقة أن هذا التنوع في موضوع الشعر العربي يدل على قدرة الشاعر على نظم القصائد والمنظومات العربية الكبيرة أو الصغيرة في أسلوب عربي خال من التعقيد اللفظي. أجاد الشاعر في تصوير أحوال نفسه عند فقد الأحباء والأصدقاء والأساتذة والقادة والزعماء المخلصين الذين بذلوا قصارى جهودهم في رقية الأمة المسلمة في داخل الهند وخارجها على العموم وفي ولاية كيرالا الهندية على الخصوص مثل: الشيخ عبد العزيز المنقادي، والسيد محمد علي شهاب، وموسى المولوي، وحسن محي الدين المدني، والشاعرة الأديبة الممتازة في اللغة الإنجليزية السيدة كملا ثريا الكيرالاوية وغيرهم الكثيرون.

الرثاء في شعره العربي:

الرثاء هو ذكر الميت وذكر محاسنه النبيلة وخصاله الحميدة العطرة، وأما شاعرنا المبدع عبد الله محمد السلمي فإنه أجاد وأحسن في قرض الأبيات العربية المليئة بالفكرة النيرة والتوجيهات الرشيدة والخيال البديع في الرثاء، ومن خلال هذه الأبيات الرثائية العربية نطلع على علاقته الودية والأخوية القوية المتنية مع العلماء الجهابذة والأدباء العمالقة والأدباء البارعين وأصحاب العلم والفن الذين قاموا بجهودهم المكثفة في نشر وإشاعة الدراسات العربية من النظم والنثر. ومن العلماء المعروفين والأدباء الإسلاميين المعاصرين الذين قام برثاءهم عند وقت موتهم نخص بالذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: الشيخ الأستاذ عبد العزيز المنقادي، والأستاذ السيد محمد شهاب، والأستاذ موسى المولوي، وحسن سماك وغيرهم الكثير. كما أعرب عن عواطفه الإنسانية الخالصة نحو وفاة المؤرخ الكبير والعالم الجليل الشيخ عبد العزيز المنقادي الذي يعتبر من أهم الزعماء السياسيين المصلحين في ولاية كيرالا الهندية في العصر الحاضر، وهو الذي قام بدور بارز ملموس في الحركة العلمية والأدبية والتعليمية والثقافية والاجتماعية في إصلاح المجتمع البشري في هذه الولاية الخضراء،  يصف الشاعر حزنه وألمه العميق في صورة قوية عميقة عند غادر الدنيا الفانية حيث يقول :

عزيز كان ذا عز وجهد                                                                                                وكان جميل ود لا يضير

ترعرع في جميع فنون علم                                                                                      وحيد في مهارته خبير

عميد معاهد وعميل سمح                                                                                    وحول نداه مجموع غفير

أمدك يا عظيم بسيل قلم                                                                                   رحيم الخلق مذ أنت الصغير

وفاض لسانك الأنحاء كلا                                                                                       ولا يجري معا إلا يسير[5].

وكتب في قصيدة رثائية أخرى وهو يذكر عن محاسنه الحسنة وأخلاقه النبيلة وخصاله الحميدة النبيلة والطيبة والشجاعة والشهامة والكرم والحكمة والتدبر وغيرها من الصفات الحسنة البارزة الأخرى يقول:

يا عبد العزيز والشهامة والكرم

ياعبد يا خير الكرام قد بدا كل الألم

لما عزمت على الفراق هاج في جوفي الهم

فحزنت في نفسي كما ثُرتُ في يوم الحمم[6].

وبعد ذلك ذكر أيضا هذا الشاعر العملاق عن محاسنه الظاهرية والباطنية ومناقبه الطيبة وخصاله الحميدة ومجهوداته الشاقة التي بذلها في سبيل بناء شخصيات الأجيال القادمة الممتازة، إذ يقول:

علمت شبابنا تربي كلهم ترقى القمم

ورثت خلفك للقبيلة جم حلمك والحكم

وشهدت معمعة تغازي ظلمة الجيل الدهم

يا أرض يا أرضى الحبيبة لا يكون لنا العدم

هذا عزيز عز في بلدنا هذا الاسم

قد شذ في جِدٍّ وجهد ساد به الأمم

جدّ في طلب العلا في يوم جهل قد جثم

انضمّ في فئة الجهاد لم تزلّ به القدم[7].

إذا قمنا بالنظر والتحليل من هذه الأبيات المذكورة يبدو لنا أن نقول بأن الشيخ كان رجلا سياسيا و زعيما إسلاميا يخوض معركة الحياة البشرية ويحل مشاكل المسلمين في ولاية كيرالا الهندية على نطاق واسع، وكان لا يخاف من لومة لائم، وكان مصلحا اجتماعيا ومربيا دينيا وداعية إسلامية في وقت واحد، فكانت حياته ذات جوانب متعددة لذلك قد شعر بتأثير وفاته رجال جميع الطبقات والفئات في ولاية كيرالا- الهند يقول:

شيوعي يثور بكل واد                                                                                                  يحار أمام مجك لا يشير

ودهري يجور بكل قوم                                                                                              تجيرهم بسيفك لا يغير

تركت جميع من كانوا أشدا                                                                                 على الخلصا تفاديهم تجير

أتيت جميع قوم دون فرق                                                                                                        بكل محبة دوما تنير

وقدت بكل حول منك قوما                                                                                    وليج المسلمين لهن صفير[8].

وكذلك يعبر عن أحزانه الشديدة ومصائبه العميقة المتنوع تجاه أمه الحنون في صورة قوية وهو يرثي على وفاتها يقول:

أمي، يا أماه!

أم تلعب بالابن،

كانت تحلم أحلاما

ترجو تدعو رب الناس

تخضع ربا تنظر بُعدا

ترنو ما يبدو يبرأ

عادت تحمل فازت ترضع

ولدا كبدا شق الكبد

فلذة كبد تذهب ألما

وضعت ولدا يَرض يُرضي

ترضي حقا طول نهار

سهرت ليلا أرقت حقبا

قفزت عتبة

كل مشقة أم

أمي، يا أمي![9].

وقد عبر عن أحزانه الشديدة وآلامه العميقة حول الشيخ السيد محمد علي شهاب العالم الكبير ذي المناقب والفضل والشمال العظيمة في مجال العلم والأدب والثقافة والاجتماع، ورئيس رابطة المسلمين في ولاية كيرالا، يذكر وهو يصف عن حسنه وأخلاقه الحسنة التي يتصف بها يقول:

شهاب الدين والدنيا جميعا                                                                                   فيكرمه الكبار بل العظام

شهاب جاء من تلقاء طهر                                                                                        فبجله الأناس بل الكرام

شهاب أنت حادي للغزاة                                                                                         كبير كبار سادات إمام

رئيس القوم قائدهم طوالا                                                               طوال سنين خادمهم همام.[10]

عندما قمنا بنظرة خاطفة على قصائده الرثائية على موتهما فنجد أن الأستاذ عبد الله محمد السلمي قد أدى واجباته وفرائضه نحو الإنسانية البيضاء بكتابة القصائد الرثائية الرائعة المليئة بالأحزان الشديدة والآلام العميقة عند وفاة هذين الشيخين أحدهما: الشيخ موسى المولوي سي بي الذي كان مدرسا ممتازا في كلية الأنصار الواقعة بولاية كيرالا الهندية وثانيهما: الشيخ الأستاذ محي الدين المدني الذي كان عميدا للكلية الشرعية بالجامعة السلفية الواقعة في مالابورم بولاية كيرالا الهندية، كما نظم الشاعر في حب واحترام وتقدير عظيم أخلص لقومه وتمنى له خيرا ورحمة طول الحياة كما يقول عنه:

ألا يا صحب ضيعتم عهودا                                                               وما كنا بصحبتكم روينا

وقد زال الشباب قد اكتهلنا                                                                وقد بلي الثبات وما استقمنا

وما زالت عزائمنا رثيثا                                                                           قد انهد الجبال وما صبرنا

ولو كنا نساء- من خيال-                                                                     لكنا بالخود اللاطمينا

لأنا قد شعرنا اليوم بينا                                                                      وما نحن بذاك قد التقينا

أيا شيخ المودة كنت فينا                                                                   مقيما أنت أكرم ناصحينا.[11]

الوصف في شعره العربي:

أجاد الشاعر وأحسن في شعر الوصف على حد سواء، كما كتب ونظم عدة أبيات شعرية في ديوانه حول هذا الجنس الأدبي متحدثا عن وصف العلماء الإسلاميين المرموقين والكتاب المعاصرين له، حيث يصفهم وصفا شاملا واعيا تتجلى فيه خصوبة خياله، كما نلاحظ هذه القصيدة المطولة التي نظمها في توصيف صديقه الحميم الأستاذ الدكتور حسين مدوور عند تهنئته. كتب هذه القصيدة الرائعة في ذلك الحين عندما تولى الدكتور بمسؤولية عمادة كلية روضة العلوم بفاروق الواقعة في كاليكوت بولاية كيرالا الهندية يقول واصفا عنه:

حسن عمادة روضة لعلومنا                                                             لا لا يُصغَّر لفظه معنى ولا

فمن الذي سمّاك باسم صُغّرا                                                          لا لا يراد بذلك معنى قُلّلا

فكأنه سمّاك باسم أصغرا                                                                لكنّه يُبني بمعنى أفضلا

في ذكريات الدين والتاريخ لا                                                         نرمي الحسين ولا صُهيبا بالقِلى

وبكل مرتبة يفوز تعدلا                                                                         لا لاتجبر بالكراسي واعتلى

أفمن تقدم بالعمادة لا يرى                                                               إلا افتخار منصة لن تعطلا.[12]

ومن موضوعات هذا النوع من الشعر وصفه الوردة التي احمرت مثل الخد كما يصف وهو يذكر محاسنها وجمالها يقول:

يا وردة

يا وردة حمراء

مثل قلبي

حين الجراحة

مثلما شقّت

أيدي الدّكاترة

تحنّ بي وبه

على طاولة المسارح

 فيحمرّ بعدما

 سالت دمائي!

يا وردة إحمرّت

مثل خدّك

بعدما طلع الصّباح

بكل زهر باهر.[13]

ويضيف قائلا في وصف “هرم”:

ويأتي هرم،

وسيأتي الهرم،،

وتعودين إلى الهرم،،،

وتعودين أنت إلى الهرم!

فلا تكوني كالهرم،

يرجو كلّ

ويجول كلّ

ويهتال بما يرى

يرى هرمي جيزة

تربة مصر

تربية صدر

فيهما الهرمان

ألف سنة.[14]

الغزل في شعره العربي:

الغزل هو نوع من أنواع الشعر الذي يعتبر من أهم الفنون الأدبية المتميزة، ويقصد به التغني بالجمال وإبراز محاسن الحبيبة الطيبة وجمالها الجسدية وحسنها البدنية، فمن خلال هذا الصنف من الشعر يستطيع الشاعر أن يعبر عن ما يداخله من إعجاب بجمال محبوبته سواء جمال عيونها أو جمال شعرها أو غير ذلك، والشاعر المبدع عبد الله السملي فله خبرات واسعة ومهارات تامة في  وصف محاسن المرأة وجمالها الجسدية والبدنية والباقي من أعضائها، وكذلك له ذوق طبعي في التعبير عن الحب وأحاسيس المحببين وانفعالاتهم وطموحاتهم وما تعكسه تلك الانفعالات في النفس من ألوان الشعر، كما نرى بأنه كتب العديد من القصائد العربية الفصيحة في موضوع الغزل مثل: ” ذكراها الخالدة أهلا وسهلا ” و”أن الجمال جمالها” و”لا تعذليني”. وما إلى ذلك، وأما بالنسبة إلى قصيدة عربية موسومة بـ “ذكراها الخالدة أهلا وسهلا” تعتبر من أجود أجمل قصائده العربية الشعرية التي ألقيت في أمسية شعرية بمناسبة تكريم الشعراء الكرام بكلية سلم السلام التي تقع بأريكوت في ولاية كيرالا، حيث ذكر وهو يذكر في ذهنه ويركز على ذكريات بداية حبه قبل أربعين سنة كما أشار إلى ذلك بقوله:

حداني حبها حتى دنوت                                                                      وفوق الحب متبولا مشيت

أتاني صوتها فسمعت حلوا                                                                فلما أقبلت نحوي ارتعدت

فداخلني هواها حيث كنت                                                                 خليا فانتشيت وما استقمت

فرشت لها القلوب سرير حب                                                            وفي عيني بها بدرا رأيت

فقالت: هل تطالبني تريد…؟                                                               فقلت: أنا لغيرك ما هويتُ

فقالت: هل تراني مثل ليلى                                                                  مليحة قيس مجنون غريت

فأذهلني السؤال وكنت أذري                                                             فأسبلت العيون كما ظننتُ[15].

 ويقول واصفا عن جمالها وحسنها:

شربت الحلو من أحلى شفاه                                                             يريقك لا أملّ وما ارتويت

وعشرين السنين لها ضميري                                                              بعشق أو صبابتها قريت

عجيب في الدنا سبع وهذي                                                                عجيبة سبع سماوات وعيتُ

وهذي سلمة طُرحت بوجهي                                                               على هذا التراب فما حظيتُ

فمن يأتي بمثلك في ثراها                                                                     على مر السنين فلا ما حييتُ[16].

ويذكر في هذه القصيدة المطولة عن ذكريات زبيدة التي كانت مشهورة ومعروفة من أجل حسنها الجسدية والبدنية متمنيا وراجيا أن يبقى جمال زبيدة على وجه الأرض دائما، ولم يزل ولا يزال اسمها في قلبه حيا، ولا يزول قط كما يذكر بقصيدته الغزلية الرائعة قائلا:

جاءت تبتخر في جميل خطاها                                                                           وسنا العيون رسالة لصباها

شمس زبيدة في سماء نسائنا                                                                                 ونأت بجانبها تحوم حماها

هاتي يديك أيتا زبيدة مسِّحي                                                                                  جنبي أنت ومسحة أهواها

ردي إلينا عهد سلمة والتي                                                                                      كانت تحب وفاقتي أنآها

إني أتيت يا زبيدة خلوة                                                                                          حتى أحقق في الدنيا بمناها[17].

ومن المعروف للجميع أن هذه المقولة مشهورة ومعروفة عند عامة الناس بأن ” الجمال قوة والابتسامة سيفها” ومما يجدر بالذكر أن زبيدة لم تنل جمالها وحسنها كابرا عن كابر بل أنها اكتسبت هذا الجمال والحسن بهمتها وشجاعتها وجراءتها وبتهذيب خلقها النبيلة وخصالها الحميدة الحسنة التي حصلت عليها من أجل الدين الحق الخالد إلى يوم القيامة يذكر بقوله:

حيّوا معي هذي الفتاة هدية                                                                                  وعيون حسّاد تدور رحاها

ليس الجمال وراثة عن غابر                                                                                 إن الجمال جمالها بصفاها

هي غاية الشعراء يا أهل الهوى                                                                            هيا إليها نستزيد الله

لوكان وصفك يا إلهي قربة                                                                                      وأنا اصطفيت جمالها قرباها.[18]

وكذلك له قصيدة بديعة أخرى تعتبر من أهم قصائده الغزلية حول صديقته التي كانت تسكن في بلاد تقع على مساحة أميال بعيدة من ولاية كيرالا، وهذه هي القصيدة التي تدل على تصوير ألم الفراق والبعد والهجران يقول مخاطبا بها:

أضحى التّغيّب بعد وصل حُبّبا                                                                           منذ الّليالي كنت منه الأجزعا

أو كان وصل حبائب مُتشائما                                                                                يا كل شؤمي كل سوء أفزعا

لا ما أريد القطع من حبي ولا                                                                                                   صرم الحبيبة للحبيب أقنعا

مالي إليها من مواصلة بها                                                                                         والنّفس فوق ظمائها لن تشبعا

وإلى متى هذا التقطع إنني                                                                                        لا لا أبوء بدون وصل راجعا

ولكم بك ناديت باسمك صارخا                                                                        لا لا يجيب فصار صوتي أضيعا

إن التسهر والسهاد كلاهما                                                                                    لا يبرحان العين ما دمت هاجعا.[19]

الحب العذري في شعره العربي:

من المعلوم أن الحب العذري هو لون من ألوان الشعر الذي يعبر فيه الشاعر المشاعر والخواطر والأحاسيس الباطنية حول محبوبته بعيدا عن وصف محاسنها وجمالها وصفاتها الجسدية والبدنية وغيرها من الأعضاء، وقد سمي هذا النوع من الشعر بالعذري، والتاريخ يرجع إلى قبيلة عربية حملت اسم “عذرة” التي كانت موجودة في عصر الجاهلية قبل مجيء الإسلام في العرب وعاشت في أطراف الجزيرة العربية ومنها قد انتقل إلى بقية القبائل العربية كقبيلة عامر وغيرها من القبائل البدوية، وقد اعتبر الحب العذري من إحدى الفنون العربية الشعرية التي اشتهر بها عدد هائل لا بأس به من الشعراء العملاق في العصر الجاهلي، ثم ما لبث إلا أن تطور وتقدم عبر العصور حتى يومنا هذا، وقد اشتهر في شعر هذا الحب “كثير بن عبد الرحن” الذي اشتهر بحبه لعزة، و”جميل بن معمر” الذي اشتهر بحبه لبثينة، و”قيس بن الملوح” الذي اشتهر بحبه للبني، وأصبح مثالا تاريخيا عجيبا وغريبا للحب العذري في الأدب العربي القديم، ويؤمن عبد الله محمد السلمي على هذا النوع من أنواع الشعر ويختار لنفسه أن ينظم قصائده العربية فيه، لأن هذا النوع من الحب العفيف الطاهر بعيد وخال عن فحش التصوير ومن نموذجه:

وقدمت حبي لا يراه مصاحبي                                                                                 وأما حسودي لا يغيب عن الحب

ولو لا أخاف الله يعلم غيبا                                                                                     فهذا حسودي فهو علام الغيوب

وحبي بكل الفاتنات بلحظها                                                                                    تمدّ إلينا باللحاظ على لبّي

ويشهد عنا كل أملاك ربنا                                                                                       وأعبد ربّ العالمين بلا ريب

بحب أعف الناس حب لعذرة                                                                               فذاك لحب ليس فيه كذوبي.[20]

العواطف الإنسانية في شعره العربي:

هذه حقيقة جليلة أن العاطفة الإنسانية الطبيعية هي الانجذاب الذي يشعر به الإنسان تجاه شخص آخر بدون منفعة أو لذة كعاطفة الأم تجاه أولادها الصغار والكبار، هذا النوع من العاطفة نسميه العاطفة الإنسانية الطبيعية في لسان عام، وكذلك شعر الأستاذ عبد الله محمد السلمي المشاكل والمصائب والأزمات المتنوعة التي نزلت على العديد من الناس في عدة بلاد، وهو حادثة  ” السونامي” التي وقعت في بلادنا الهند وسريلنكا وكثيرا من البلاد الأخرى في عام 2004م. عندما حدثت هذه الواقعة المؤلمة في تلك البلاد فتأثر الشاعر عبد الله السلمي من هذه الحادثة للغاية ولم يكد يبكي قلبه بكاءا حارا، حتى أجبر على نفسه أن يعرب عن آرائه السديدة وأفكاره الصائبة وطموحاته تجاه الإنسانية جمعاء في العديد من منظوماته البديعة وقصائده الرائعة، كما نشاهد بأعيننا في هذه الأبيات التالية التي أنشدها الشاعر إثر الدمار الشامل والخربان يقول:

قم ناد ربك وابك قومنا ماتوا                                                                                 مرت على القوم أحداث وأشجان

هذي الجزائر جزر لا مثيل لها                                                                            رثُّ المناطق باق والبحر غضبان

البر والبحر والأمواج ثائرة                                                                                        على البلاد على الأقوام أكفان

ما فيه إن قبلت يوما نواظرنا                                                                                   إلا دموع تسيل الخد فيضان

كنا وكنا حبورا كلنا فرح                                                                                       في السلم في عيشنا وغيرنا كانوا

 الترب ثار على قوم فهد                                                                                         رسل جوانبه فانهار بلدان.[21]

ثم بين الشاعر في هذه القصيدة الأسباب الجذرية التي سببت تجاه هذه الأمواج القاتلة التي نشأت من تحرك مساحة كبيرة من المياه، ثم قام بتحليلية واعية شاملة لعدة أبياته الرائعة الجميلة. وتوصل إلى نتيجة بأن هذا الطوفان والهائج قد جاء بسبب الكفر والطغيان الذي لا يزال يقوم به الإنسان على وجه الأرض ولم يصلحوا أنفسهم كما يذكر ذلك بكلامه البديع قائل:

البحر أج أجيجا ثم شت هنا                                                                                 جمع الجموع الذي في شطه كانوا

الدهر منذ قرون ما استطاع لنا                                                                         يحكي المثيل من الأنباء عبدان

البحر مج من الأعماق مجّته                                                                                  مدّ البحار “سنامي” وهو فتان

بالأمس قُمنا على شطّ وكان لنا                                                                         مجني اللذاذ وكل فيه عُريان

لكنه غضَب الرحمن يرسله                                                                                   إذ الأنام نسوا ما وصاه فرقان

عجّ الكبار وضَجّ الضجيج على                                                                          على الزمان تماماً بادَ سيلان

كلا فليس بنو الإنسان قاطبة                                                                               عن رد مثل بلايا وهو تعبان.[22]

ويصور الشاعر صورة الأمواج الطاغية من السونامي التي وقعت في تلك الحقبة من الزمان كما يقول:

كيف الأمان لنا يا جُلّ أمتنا                                                                                    لكل وحي إذا ما كان هجران

السيل جارف ما يبني العلوم من ال                                                                   مبني وكل عمارات لها شان

تغير الساحل الزاهي بها فرح                                                                                  إلى القبور من القتلى فملآن

كانوا مقيمين في الفيحا لهم كبر                                                                        واليوم عيني لها لم يفد ولهان

يا ويح قلبي لهم مهما يشق لهم                                                                             أجناس جنسهم ما جاء من بانوا

خرت بيوتهم هدت ديارهم                                                                                   على العروش على الأولاد صبيان

الأرض زلزلها والبحر فجّره                                                                                       رَبى لخالقها ماشاء إتيان[23].

زبدة المقال:

في نهاية المطاف يحلو لي القول أن الشاعر المبدع الأستاذ عبد الله محمد السلمي الكيرالاوي يعد من أهم الشعراء المرموقين المعروفين في الهند بشكل عام وفي ولاية كيرالا الهندية بشكل خاص الذين ثبتوا نقوشهم الثابتة ومهاراتهم الفائقة وخبراتهم الموسعة في مجال الشعر العربي الحديث، والشاعر له مكانة عالية بين الشعراء المعاصرين الموجودين في ولاية كيرالا، وله ذوق خاص في الشعر العربي، وكان موضوعه المحبب لديه هو الرثاء، والحب، والود والغرام، والمدح، والوصف، والاستقبال، والتهنئة، وحب الوالدين وبرهما، والحب العذري، والعواطف الإنسانية الطبيعية، وغيرها من الموضوعات الأخرى، وأنه أجاد وأحسن في تصوير أحوال عن نفسه عند فقد الأحباء والأعزاء والأقارب والأصدقاء والأساتذة والقادة والزعماء والقادة مثل: الشيخ عبد العزيز المنقادي، والسيد محمد علي شهاب، وموسى المولوي، وحسن محي الدين المدني، والشاعرة الأديبة الشهيرة كملا ثريا، وغيرهم الكثير. والشاعر المبدع له أيضا قدرة متكافئة في وصف محاسن النساء وجمالها وحسنها وخصالها المعطرة النبيلة وإجراء الحوار بينه وبين الحبيبة ولا سيما زبيدة، وأن معظم قصائده الغزلية باسم زبيدة تحكي قصة البعد والهجران والقلق والحزن والفراق. والشاعر له مهارة تامة وقدرة فائقة في قرض الشعر العربي وأنا بنفسي معترف بها، وأنا أتمنى له مزيدا من الإبداعات الشعرية العربية في المستقبل.

* الباحث في الدكتوراه، مركز الدراسات العربية والإفريقية، بجامعة جواهر لال نهرو، نيو دلهي.
  الهوامش

[1] السلمي، عبد الله، الغلاف الأخير لديوان شعر، قطرة من اليم،(كيرالا: دار الأديب (الهند) سنة الطباعة 2015م).

[2] نقلا عن الحوار الذي قام الباحث بإجرائه معه خلال زيارة كيرالا بتاريخ 27/ 07/2018م. وأن الحوار قد تم نشره في مجلة أقلام الهند الصادرة من دلهي الجديدة، السنة الرابعة، العدد الأول، أكتوبر- ديسمبر 2018م.

[3] المرجع نفسه.

[4] المرجع نفسه.

[5] السلمي، عبد الله، ديوان شعر، نبضات وخواطر، (هو الآن تحت الطبع في دار الياسمين للنشر والتوزيع في الشارقة بالإمارات العربية المتحدة).ص: 83

[6] المرجع نفسه، ص: 81

[7] المرجع نفسه، ص: 81- 82

[8] المرجع نفسه، ص: 83- 84

[9] المرجع نفسه، ص: 99

[10] المرجع نفسه، ص: 116

[11]السلمي، عبد الله، : ديوان شعر: قطرة من اليم، الناشر: دار الأديب كيرالا (الهند) سنة الطباعة 2015م. ص: 68

[12] المرجع نفسه، ص: 81

[13] المرجع نفسه، ص: 20

[14] المرجع نفسه، ص: 28

[15] السلمي، عبد الله، ديوان شعر، نبضات وخواطر، (هو الآن تحت الطبع في دار الياسمين للنشر والتوزيع في الشارقة بالإمارات العربية المتحدة)، ص: 76

[16] السلمي، عبد الله، : ديوان شعر: قطرة من اليم، الناشر: دار الأديب كيرالا (الهند) سنة الطباعة 2015م. ص: 26- 27.

[17] المرجع نفسه، ص: 146

[18] المرجع نفسه، ص: 147

[19] المرجع نفسه، ص: 49

[20] السلمي، عبد الله، : ديوان شعر: قطرة من اليم، الناشر: دار الأديب كيرالا (الهند) سنة الطباعة 2015م. ص: 95.

[21] المرجع نفسه، ص: 108

[22] المرجع نفسه، ص: 109

[23] المرجع نفسه، ص: 110

المصادر والمراجع:

  1. ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين، : لسان العرب، تحقيق عبد الله الكبير وآخرين ط دار المعارف 1979م.
  2. السلمي، عبد الله، : ديوان شعر: نبضات وخواطر، هو الآن تحت الطبع في دار الياسمين للنشر والتوزيع في الشارقة بالإمارات العربية المتحدة.
  1. السلمي، عبد الله، : ديوان شعر: قطرة من اليم، الناشر: دار الأديب كيرالا (الهند) سنة الطباعة 2015م.
  2. المعلومات الشخصية التي أرسلها لنا الشاعر عبد الله محمد السلمي عبر البريد الإلكتروني.
  3. الحوار الذي قام الباحث بإجرائه معه خلال زيارة كيرالا بتاريخ 27/ 07/2018م. ولا يزال الحوار القيم مخطوطا ومحفوظا لدى الباحث.
  4. مجلة “أقلام الهند” مجلة فصلية محكمة تصدر من دلهي الجديدة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *