الدكتوره سميه رياض الفلاحى
آراضی باغ، اعظم كره
هاديه تسمع إلى كلام الله بشغف و تطبخ الطعام بسرعة لكى تنتهى عملها و تساهم فى درس القرآن مع صديقاتها….
هانيه تنام إلى الشروق دون أداء الصلاة و عروب تشغل فى سمع الغناء….
هل أنتما مستعدتان يا أخواتى لدرس القرآن؟ ناداتهما هاديه من مطبخ و سألتهما …
انعطفت بعد ما لم تجد الإجابة و بادرت إليهما و تحيرت ….
ما أرى ؟ سألت بنفسها…..
هانيه هى تنام حتى الآن و عروب هى تسمع إلى الغناء دون مبالاة بما حولها..
لا أرغب فى سماع الدرس فى عطلة يوم…. أريد الاستراحة و اللعب” لودو” اليوم… أجابت أختها…
هل تستهزءين أو أنت متينة فى حكمك؟
أنا مضبوط …
و ما بال بهذه؟ استفسرت هانية…
كل شيء على ما يرام….
هل لا تريدين أن تضعف ميزان حسناتك؟ هل أنت تتبعى خطوات الشيطان؟ حرضت هانية أختاها على مشاركة الدرس الدينى حتى تتهيأ.
أكملت هانية عملها المطبخ بسرعة و أعدت و ارتدت الجلباب فاعترضتا أختاها على حجابها لكن هانيه كانت طالبة المدرسة الدينية من مديرية تانا من مہاراشترا و كانت تهتم بالشعائر الإسلامية و الوعظ دوما….
قد تعبت من وعظك الممل…. أجابت إحداهما…
نعم ! أنا ايضا، أضافت أخراهما… و هاديه كانت تسمع إليهما بسكوت و توتر…. و تدعو الله فى نفسها لهدايتهما حتى وصلن إلى الحصة القرآنية.. تسرع هادية بشغف بينما أختاها تقدمان ببطء دون شوق… تدبرت هادية فى آيات سورة النور و أدركت تأويلها و رجعن كلهن إلى بيتهن حتى دق جرس الباب فرأت هادية فإذا وجدت بنت خالتها ناديه أمامها دون ارتداء الحجاب و كانت فى بدلة و بنطلون مغربی ضيق فتحيرت هاديه برؤيتها و بدأت تعظها دون استقبالها فغضبت ناديه و انعطفت وراءها للعود فأخذت هاديه رسغها و أتت بها داخل القاعة و أجلست على الأرائك المريحة و جاءت بكأس شربة الليمون و عرضت عليها…
هلا نذهب لشراء المكياج والأدوات الحديثة لحفل تزوج الأخ. فاسرعى يا هادية… نحن تأخرنا…. قالت ناديه…
و هاديه كانت تضجر بما تخاف من ترك الصلاة و الدرس أثناء دور السوق و لكنها ارتدت الجلباب و خرجتا إلى السوق حتى وصلتا إلى محل أدوات المكياج و أدارت نظرها حول المحل ولكنها لم تختر و رجعت إلى محل ثانى حتى دورت إلى سبع محلات و اشترت ثم تحولت إلى محل الملابس و قضت خمس ساعات بالللامبالاة و هادية تضجر بما فقدت صلاة العصر و المغرب ثم رجعتا إلى البيت و أم هادية قد أكملت أعمال المطبخ و كانت تنظر إلى بنتيها بما أن نادية كانت ضيفة لذلك البيت.
تأخرتما يا بناتى ! قالت أم هادية بحيرة….
نعم يا خالة ، لم يكن شيئا جديدا فى السوق و كنت راغبة فى طلب الحديث… أجابت نادية…
هلا بسرعة !
العشاء حاضر… قالت أم هادية…..
سارعت كل بنات إلى مائدة الطعام بشوق و رغبة حتى جاء أبو هاديه و أخواها فسلمت نادية عليهم ففرحوا برؤيتها حتى مدت هادية مائدتهم إلى جانب القاعة و فرغوا من الطعام و دخلوا إلى غرف النوم على طول.
هل الخال و الإخوان سخطوا منى؟ سألت نادية…
لا، أبدا! أجابت هادية و كانتا تمشيان بعد العشاء.
لماذا لم يكلموني بسعادة؟ سألت مرة ثانية. ..
لأن الإسلام لا يأذن الكلام مع الأقارب غير ذى المحرم…. وضحت هادية…
ما هذه الجاهلية؟ نحن عصبة …. اعترضت نادية
لا ، ليس نحن بعصبة …. عليك أن تقرأى تفسير سورتا النور والأحزاب…. هاتين السورتين أهم لمنهج الحياة… قالت هاديه…
أنت تعظ دائما و أنا أسأم من الكلام الممل… أجابت ناديه..
جاءتا إلى الفراش بعد المشى. و غرقتا فى النوم حتى استيقظت هاديه وقت الفجر و أدت الصلاة و ناديه كانت تشخر و تنام إلى الساعة الثامنة ثم استيقظت و غسلت و أعدت ارتداء الملابس الجيدة و وضع العطر و سلمت على أهل خالتها و خرجت إلى بيتها….
و توالت الشهور حتى جاء يوم زواج أخيها و ناديه تدخل قاعة الحفلات مسترسلة الشعر على خديها و حاملة الخمار على ذراعها و ملبوسة الفستان و متغيرة الوجه بالمكياج و مائلة فى مشيها تبدو كأنها فراشة ينظر الناس إليها من كل جانب فى القاعة بينما تدخل هادية بارتداء الجلباب دون مكياج و أخ ناديه الصغير يحدقها من بعيد و فدا قلبه على طرازها العام و بدأ يبتسم….
ماذا حدث يا أخى؟ سألت نادية….
لا، ليس ، و انزعج أخوها….
ماذا يكتم يا ابنى؟ سألت أمه….
لا…لا اك..تت….ممممم شيئا، تلعثم أحمد…
و بدأ يفكر فى مستقبله مع هاديه كأنه يحلم….
انتهت حفلة الوليمة و رجعوا كلهم إلى البيوت و أحمد كان ساكتا مبهوتا غريقا فى تفكير هادية على فراشه حتى استيقظ فى الفجر و كان خلاف العادة لأهله و كلهم متحيرون على تغيره.
و مضت الأيام حتى سألت أم ناديه و قالت أنها تريد أن تزوجهما فى حياتها فأنكرت نادية من الزواج و قالت : أنا حرة و أريد عيش الحرية دون مسيطرة تحت الزوج فضجرت أمها و الحت على زواجها ولكنها أصرت على الإنكار.
فتوجهت أمها إلى أخيها و سألت : ماذا ترى يا أحمد فى الزواج ، أريد أن أرى البنت لك فى أسبوع لاحق و دلت خادمة على بنت التى تنمى إلى أسرة ذات ثروة و قد حصلت البنت على دبلوم الهندسة من جامعة بومباي. أسمعت أمه حكمها…
لكن يا أمى….. انزعج أحمد….
ماذا لكن؟ لا أريد أن أسمع شيئا منك….
مارأيك فى بنت أختك هاديه يا أمى؟ استحي ثم جرأ على الكلام…
هل ترغب فى زواج مع هادية؟ سألت أمه…
نعم! أجاب و خفى خلفها ….
هذا احسن ! أنا سعيدة جدا ! أنت سهلت مشاكلي…. ابتسمت أمها و أضافت قائلة…. أنا أريد أن اتكلم مع اختى على الهاتف الآن…
هرولت إلى القاعة و أخذت جوالها و اتصلت على اختها….
ألو…. ألو….
سلام عليك يا أختى أنا فرحة جدا…. تنادي و كانت متحمسة للغاية…
ماذا حدث يا أختى الحبيبة؟ هل حصل أحمد على وظيفة حكومية؟ أو ناديه قد قررت فى شركة الاتصالات أو التقنيات؟ طرحت سؤالات عديدة….
لا ، أبدا…. كادت تطير بالفرحة….
فماذا؟
انتخب أحمد هاديه كزوجة و أنا أريد للخطوبة غدا…. وضحت و دعت لهما بالبركة على الجوال….
و لكن كيف يکون الاعداد الكامل ممكنا؟ و ناديه؟
لا حاجة بالاعداد ولا بالضيافة…. أسمعت حكمها….
و ناديه ترفض من الزواج الآن….
حسنا ! يا أختى …
و أنا أريد أن أعرف عن رضا هاديه عن هذه المصاهرة فعليك أن تنظرى لساعتين…. أجابت أختها…
لا بأس به…. أنا فى انتظار جوابك الموفق.. …
وضعت الجوال و توجهت إلى أب هاديه و أخبرته عن هذه السعادة فظهر رأيه الموفق……
ثم دخلت غرفة هاديه و أخواتها و أخبرتهن فاستغربت هاديه و استحيت و طلبت أمها جوابها على هذا الرأى فقالت هاديه ! هل هو يرغب في؟ انهم أناس حديثون….
لا تضجرى يا بنتى …. هو أحبك …. أجابت أمها….
و كان ينقلب أحمد على جانبيه فى انتظار خوفا من الرفض….
رن الجوال و رفع أحمد من جانب آخر…..
ألو، …. ألو…. و كانت خالته تصيح بالفرحة والسعادة قائلة: حلت المشكلة…. اتفق الرأي يا أختى …
قفز أحمد بسعادة و سلم الجوال لأمه…..
أنا سعيدة جدا أيضا…. تبادلت الآراء من جانبين و قرر يوم الغد لقرار التاريخ على الطراز العام دون تكلف….
جاء أهل أحمد بفرحة ورحبوا من أهل هادية بالغد و قرر تاریخ الزواج فى أسبوع لاحق…..
جاء يوم السعيد لهم…..
و تمت حفلة الزواج العادي دون دوطة و رحلت هاديه إلى بيت زوجها …..
كانت تنتظر هاديه فى الغرفة متوحشة من الحياة الزوجية ودخل أحمد و أظهر فرحه على هذا النجاح البارز….
بدأ يعيشان حياة هنيئة و هاديه حاولت أن تحرض ناديه على الزواج ولكنها أصرت على الإنكار…..
و كانت ناديه تخرج من البيت مسفرة متبرجة كل يوم للوظيفة فى الشركة و كانت هائمة فى خداع الشاب الذى كان زميلها فى الشركة….. أغرها بكلمات معسولة و وعدها بالزواج و كان يلعب معها كل يوم و يداعبها….
و أم ناديه قد مرضت و دخلت المستشفى و أصرت على زواجها ولكنها رفضت .
لم تشف أمها و رحلت إلى جوار ربها متنفسة لزواج بنتها الوحيدة…
و البيت كان مملوءا بالأعزاء والأحباء و كلهم كانوا يتحسرون لناديه و بعضهم يتغامزون….
جهش أحمد بالبكاء و تسلته هاديه و أسرتها كانت حزينة حتى اكتشف الغم ببطء و بدأت الحياة عادية.
رن الجوال و رفعت هاديه …..
من؟ من يتكلم بجوال نادية؟
ناديه أصابت بالغشى….. أجاب من جانب آخر…..
ما….ذذ….ذذذذ….ااااا؟
هى فى المستشفى جوبيتر…
و انقطع الاتصال
صرخت هاديه بالبكاء……. و أخبرت زوجها و ذهبا إلى المستشفى حينما ذهبوا بها أهل الشركة….
هرولا إلى الأطباء للتعارف على حالتها الصحية و سرعا كذئاب فى المستشفى و جوال ناديه فى يد هاديه….
ماذا حدثت بها يا دكتور ؟ هل ستشفى بإذن الله؟
أصابت نوبات الهلع و الفزع بها و ستبرئ بإذن الله…. أجاب الدكتور عبد الهادى و مشى ببطء و اضطراب…..
كانت هادية تسير بقلق فى صالة المستشفى فإذا رفعت بصرها على الرسالة فى جوال ناديه و کانت رؤيتها مشوشة فهى تقرأ :” أنت حرة يا نادية فى الزواج، و تختر زوجك من يرغب أسرتك…
ولكن أنا أرغب فى الزواج معك و أنا حاملة منك…. كتبت ناديه….
أنا لا أرغب فيك شيئا و أنا قد وصلت إلى بريطانيا و أنا أريد الزواج لمخطوبتى سمراء…. لا تتصلى معى بعد الحين…. أجابها فهد…..
ماذا تقول يا حبيبى ؟ هل نسيت وعدك ؟ هل نسيت زهرك ؟ هل لا تلقبنى بزهرة الورد؟ لم شغلتنى عن الدنيا و ما فيها؟ تسأل ناديه و لكن كانت هناك سكوت……
تقرأ هاديه الرسالة بينهما ببصر مشوش و تكررها …..
حتى تنفست ….. وقالت ، بل أزهار الورقة…… و غرقت فى التفكير بالحزن والغمة ……