د. إعجاز أحمد
محاضر ضيف: قسم اللغة العربية و آدابها
جامعة خواجة معين الدين الجشتي ألاردية – العربية و الفارسية لكناؤ
أهمية أدب الأطفال:
يمكن لأدب الأطفال أن يعدهم للحياة في عالم الغد بمتغيراته و تكنولوجياته المتقدمة. و أدب الأطفال العام والخاص بألوانه المختلفة ، يقدم هنا لخدمة الحياة في مناخ المستقبل : المادة المعرفية و المعلومات و المهارات و القيم، ما يعين الأطفال على التكيف مع المستقبل، و التجلى بالمرونة ، و التفكير العلمي ، و القدرا ت الابتكارية و الإبداعية اللازمة لمواجهة المتغيرات الجديدة (1)
و الأدب يوسع خيال الأطفال و مداركهم من خلال متابعتهم للشخصيات القصصية أومن خلال قراءاتهم الشعرية أو من خلال رؤيتهم للممثلين و الصور المعبرة. كما أن الأدب يهذب وجدان الأطفال لما يثير فيهم من العواطف الإنسانية النبيلة ، و من خلال مواقف شخصيات القصة أو المسرحية التي يقرأها الطفل أو يسمعها أو يراها ممثلة فيندمج مع شخصياتها و يتفاعل معها.
و بالإضافة إلى ذلك فالأدب يعود الأطفال على حسن الإصغاء، و تركيز الانتباه لما تفرض عليه القصة المسموعة من متابعة لأحداثها تغريه بمعرفة النتيجة التي ستصل إليها الأحداث، و يعوده الجرأة في القول، و يهذب أذواقهم الأدبية، كما أنه يمتعهم ويجدد نشاطهم و يتيح فرصا لاكتشاف الموهوبين منهم. و يعزز غرس الروح العلمية و حب الاكتشاف و كذلك الروح الوطنية، كما أنه يوجه الأطفال إلى نوع معين من التعليم الذي تحتاجه الأمة في تخطيطها كالتعليم الزراعي ، و الصناعي، بإظهار مزايا هذا النوع من خلال سلوك محبب لأصحاب مثل هذه المهن.
هذه الأهمية البارزة لأدب الأطفال جعلت منه موضوعا شغل العديد من الكتاب و الأدباء في العالم. و قد أخذ على عاتقه مسايرة الركب الحضاري والتطور الأدبي بأشكاله و ألوانه المختلفة، فقد أمن كتاب بأدب الأطفال و ضرورة التركيز عليه و إظهاره بشكله و مميزاته حتى يقف إلى جانب أدب الكبار و حتى يسهم في خدمة الجيل الصاعد الذين هم أطفال اليوم و رجال الغد المرتقب فهم بناة المستقبل المأمول و منهم أدباء ذاك المستقبل و كتابه.
و يثري الأدب لغة الأطفال من خلال ما يزودهم به من ألفاظ و كلمات جديدة، كما أنه ينمي قدراتهم التعبيرية و يعودهم الطلاقة في الحديث و الكلام لما يزودهم به من الخبرات المتنوعة.
و هو يساعد على تحسين أداء الأطفال و يزودهم بقدر كبير من المعلومات التاريخية و الجغرافية و الدينية و الحقائق العلمية ولا سيما القصة (2)
و يقدم أدب الأطفال قصص العلماء و المخترعين و أهل الإبداع ليتخذ الأطفال من حياتهم و سيرهم و تصرفاتهم نماذجا و أمثلة كما يقدم أدب الأطفال أنماطا للتفكير المستهدف و نماذج للتصرف السليم في مختلف المواقف و من خلال تصرفات الأبطال الذين يعجب بهم الطفل و يقدرهم فيقلد تصرفاتهم و يتبنى أساليبهم من غير تردد، على أن يكون هذا مما يخدم أساليب التفكير العلمي، و التفكير الإبتكارى و الإبداعي.
يمكن لأدب الأطفال أن يدعم بقوة تربية الأطفال التربية الروحية الصحيحة، التي تدعم بدورها بناء شخصية الفرد السوي الذي يتسم بالصفات التي تدعم الفكر و الإبتكار و الإبداع فهو الإنسان القارى ، المفكر المتأمل ، العامل الجاد ، الصابر المثابر، المدقق الذي يتقن عمله،الذي يطلب العلم طوال الحياة، و الذي بعيد النظر في أفكاره و أعماله بهدف تقييمها و تطويرها، و الذي يهتم بشؤون مجتمعه و شكلاته، والذي تتسم تصرفاته بالموضوعية بعيدا عن الأهواء الشخصية.
و كتب الأطفال التي تقدم لهم أنشطة عملية و فكرية ، تقوم بدور مهم في القيام بعمليات التصنيف، و اكتشاف المختلف و المتشابه ، و التدرب على دقة الملاحظة ، و ابتكار الحلول و الخروج من المتاهة، و إكمال الصور و الرسوم و حل الأحاجي و الألغاز و ما إلى ذلك.
و أدب الأطفال في قصصه و برامجه التلفزيونية و الإذاعية وغيرها، يتيح مواقف تستدعي من الأطفال: دقة الملاحظة و التأمل ، والربط و التعليل، و الاستنتاج ، و حس إدراك الأمور، و تشجيع الرغبة في تفسير المسائل و حل المشاكل ، و للقصص البوليسية دور في تنمية مهارات التفكير السابقة. (3)
فوائد أدب الأطفال:
لقد ظل لهذا الأدب على مر العصور دور مهم في تعميق القيم الإنسانية ، و دفع الأطفال للتطلع إلى الأمام، و الأخذ بزمام الفكر و الوعي و المعرفة.
فهو يعني بالنسبة لهم القاموس اللغوي الذي يغني حصيلتهم بالألفاظ و الكلمات، فيطور قدراتهم التعبيرية ، و يمرنهم على طلاقة اللسان و حسن الملاحظة، و ينمي لديهم مهارات القراءة و الكتابة، و يزودهم بالثقافات المتعددة، كما يوسع من أخيلتهم و مداركهم ، و يعودهم على أدب الإصغاء و تركيز الإنتباه و المبادرة فى البحث و الحديث و المعرفة، فهو أداة تعليمية و معرفية و تربوية ، حيث يرتقي بالطفل إلى أفاق بعيدة ، لأنه يخاطب وجدانه و عقله و ينطلق بخياله إلى أفاق المستقبل، و يزوده بمعلومات و مهارات و خبرات متنوعة، و يتيح له تحقيق مواهبه و تنمية قدراته الخاصة.
فيحمله إلى مستويات أفضل، لأنه ينمي الإحساس بجمال الكلمة و قوة تأثيرها لدى الصغار، و يمكنهم من فهم التطور البشري من خلال تقديم أجناس أدبية مختلفة ، يعبر فيها الطفل عن نفسه و حضارته.
خصائص أدب الأطفال:
الالتزام الخلقي والشرعي بآداب الدين و قيمه و مثله و تصوراته و نظرته الشمولية للكون و الحياة و الإنسان.
الاقتصاد الذي يتمثل في تقديم الأفكار بصيغ لا ترهق الطفل ولا تكلفه جهود كبيرة و ذلك عن طريق استخدام كلمات و تعابير واضحة لا تحتمل أكثر من معنى واحد و أن تكون التعابير واضحة مع عدم وجود الإطناب و أن لا ترهق الطفل بكثرة المصطلحات و كثرة الإطناب.
أن تكون رموز أدب الطفل مباشرة تحتاج إلى مس خفيف في القدرة الذهنية لتتعرى هذه الرموز و تتضح أبعادها وضوحا جليا.
تعبيره عن الخبرات الانفعالية لدى الأطفال و مراعيا لخصائص نموهم بحيث ينمي قدرات الطفل على التفكير و التحليل من خلال تقدمه خبرات جديدة. (4)
وجود المقومات الفنية الجاذبة للطفل كوجود الحوار البسيط و الحدث البسيط و الحبكة السهلة في القصة.
أن يشمل أدب الأطفال على خصائص فكرية تتعلق بشئ من الخيال و أن يبتعد عن التجريد و يلجأ للحس.
- أن يتصف بالوضوح و بساطة العرض و سهولة اللغة.
- أن تكون الجمل قصيرة و المفردات واضحة.
- الاختصار و التركيز و الوصول إلى المعنى بأقل عدد ممكن من المفردات
- لا بأس بالتكرار غير الممل و التأكيد غير المتكلف
استخدام أسلوب المفاجأة و عنصر التشويق و الإثارة و التنوع في التعبير بين المبني للمجهول و المحاورة و الأسئلة ثم العودة إلى الصيغ البسيطة فإنها تساعد في نجاح وصول المادة إلى الطفل و تدعوه أيضا لمواصلة القراءة.
ولعل من أبرز خصائص أسلوب أدب الأطفال الوضوح و التلقائية و القوة و الجمال فحيثما وجد يلقي القبول لأن الغموض و التكلف و الألفاظ الصعبة كلها من دواعي العزوف عن القراءة حتى لو كانت في قوالب فنية جميلة.
الحواشي:
- العناني ، حنان عبد الحميد ، أدب الأطفال ص 45 دارالفكر للطباعة و النشر و التوزيع الأردن ط 4 1999م
عبد الفتاح أبو معال ، أدب الأطفال دراسة و تطبيق ص 21-22 دارالشرق للنشر و التوزيع عمان الأردن
- أحمد على، تدريس فنون اللغة العربية ، النظرية و التطبيق ص 259 دار المسيرة للنشر و التوزيع و الطباعة عمان ط 1 2009م
- أبومعال ، عبدالفتاح ، أدب الأطفال ط 2 ص 17 دارالشرق للنشر و التوزيع 2000 عمان
- سعد أبو رضا، النص الأدبي للأطفال أهدافه و مصادره و سماته ص 69 دارالبشير للنشر و التوزيع عمان الأردن 1993م