الدكتور عبدالحفيظ
الأستاذ المساعد، جامعة خواجه معين الدين الجشتي
الأردوية و العربية و الفارسية، لكناؤ
إن رؤية الحضارة العربية الإسلامية للعلم والمعرفة التي أساسها عقيدة الإسلام تؤكد على أن هدف العلم والمعرفة الرئيسي، هو تحقيق سعادة الإنسان ونفع البشر أجمعين، ولابد من توظيفه توظيفا محمودا ليكون علما نافعا وليس ضارا يستحضر فيها الإنسان كرامته المتمثلة في تسخيره كل ما في الكون لمصلحته ومصلحة إخوانه البشر على حد التعبير القرآني الذي يقول (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ)،الجاثية:13 فلم يستثن شيء من هذا الكون الكبير لا في الأرض المهاد وحدها بل حتى السماوات وما فيها من أن تكون جميعا مسخرة لهذا الكائن العجيب الذي كرمه الله كل التكريم (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً).الإسراء:70
وعلى هذا الأساس، انطلقت رؤية الشيخ بديع الزمان النورسي القائمة على الحكمة القرآنية الكونية التي تنطلق من التأكيد على كرامة الإنسان ومن احترام كوكب الأرض، والحياة فيه، ومن ثم كان رحمه الله- واعيا تمام الوعي بأن أي بناء لمستقبل أفضل للإنسانية يتطلب نهوضا روحيا وأخلاقيا ونظاما عالميا عادلا يحتل فيه العلم دورا أساسيا وفاعلا إذا اقترن بأخلاقيات القرآن واستنار بهديه وأخذ بمقاصده. وهكذا دعا النورسي إلى إعادة إحياء النظرة القرآنية اتجاه العلوم والاستفادة من تجارب البشرية ومد الجسور فيما بينها لأن ذلك يتماشى تماما مع ما يريده الإسلام من الحركة في الحياة واستعمار الأرض وبناء الحضارة وتحقيق الخلافة.
يقول: “إن البشرية التي أخذت تصحو وتستيقظ بنتائج العلوم والفنون الحديثة أدركت كنه الإنسانية وماهيتها وتيقنت أنه لا يمكنها أن تعيش هملا بغير دين، بل حتى أشد الناس إلحادا وتنكرا للدين مضطر إلى أن يلجأ إلى الدين في آخر المطاف… لقد تيقظ الإنسان في عصرنا هذا، بفضل العلوم والفنون ونُذر الحروب والأحداث وشعر بقيمة جوهر الإنسانية واستعدادها الجامع، وإدراك أن الإنسان باستعداده الجماعي العجيب لم يخلق لقضاء هذه الحياة المتقلبة القصيرة بل خلق للأبد والخلود بدليل آماله الممتدة إلى الأبد”.1 ويقول في موضع آخر: “إن البشرية في أواخر أيامها على الأرض ستنساب إلى العلوم وتنصب إلى الفنون وتستمد كل قواها من العلوم والفنون فيتسلم العلم زمام الحكم والقوة”.2
إن طبيعة العصر وتطور العلوم والمعرفة فرضا على الشيخ سعيد النورسي أن يواكب ذلك التطور بإدراك السنن الكونية وحقائق الحياة المودعة بين ثنايا الآيات الكريمة، واكتشاف أسرارها حتى تتحقق المصلحة الكاملة للمجتمعات الإسلامية والإنسانية من وجود القرآن الكريم وتختفي الخصومة المفتعلة بين الدين والعلم.
وهكذا يتضح أن الرجل يعطي للعلم دورا فاعلا ومتقدما في عملية تجديد المجتمعات الإسلامية، وهو موقف المسلم الذي يجعل الحكمة ضالته، وأحق الناس بها، دعاه القرآن إلى التحرك لاكتشاف قوانين الحياة والاستفادة منها لإقامة الحضارة وبناء التقدم: “إن من أوائل الآيات القرآنية وخواتمها تحيل الإنسان إلى العقل قائلة: راجع عقلك وفكرك أيها الإنسان وشاورهما، حتى يتبين لك صدق هذه الحقيقة، فانظروا مثلا إلى قوله تعالى (فاعلموا… فاعلم… أفلا يعقلون… أفلم ينظروا… أفلا يتذكرون… أفلا يتدبرون… فاعتبروا يا أولي الأبصار…” وأمثالها من الآيات التي تخاطب العقل البشري. فهل تسأل: لم تتركون العلم وتختارون طريق الجهل؟ لم تعصبون عيونكم وتتعامون عن رؤية الحق؟ ما الذي حملكم على الجنون وأنتم عقلاء؟ أي شيء منعكم من التفكر والتدبر في أحداث الحياة، فلا تعتبرون ولا تهتدون إلى الطريق المستقيم؟ لماذا لا تتأملون ولا تحكمون عقولكم لئلا تضلوا؟ … وعلى هذا فإن المستقبل الذي لا حكم فيه إلا للعقل والعلم سوف يسوده حكم القرآن الذي تستند أحكامه إلى العقل والمنطق والبرهان”.3
إن الوصول إلى المعارف الكونية واكتشاف أسرارها وأبعادها عمل يتصل بعالم الشهادة، والإسلام حرر العقل الإنساني فيها شريطة ألا يتبع هواه فيخالف الوحي الإلهي القاطع، لأن مخالفته تعني أن هنالك خطأ في الإدراك ونقصا في المعالجة، فلابد من الوقوف عند الوحي الإلهي ومحاولة تصحيح الخطأ وتبديل أسلوب المعالجة واكتشاف الثغرة.4
ومن هذا المنطلق، ميز النورسي بين الفلسفة المؤمنة الخادمة والفلسفة الجاحدة التي ترفض مبادئ الدين الحق “فالفلسفة التي تخدم الحياة الاجتماعية وتعين الأخلاق والمثل الإنسانية وتمهد للرقي الصناعي فهي في وفاق ومصالحة مع القرآن بل هي خادمة لحكمة القرآن فلا تعارضها ولا يمكنها ذلك، وأما الفلسفة التي غدت وسيلة للتردي في الضلالة والإلحاد والسقوط في هاوية المستنقع الآسن للطبيعة فإنها تنتج السفاهة واللهو والغفلة والضلالة وتعارض الحقائق القرآنية”.5
بناء العلوم والتكنولوجيا على القواعد الأخلاقية والإنسانية :
إن من يطلع على رسائل النورسي يتضح له جليا مدى إدراكه للوضع القائم اليوم في كوكبنا، والذي يشير إلى وجود أشكال من الصراع، وينذر بتفجر أشكال أخرى، لذا حاول- رحمه الله- أن يقدم للإنسانية حلولا أخلاقية انطلاقا من قراءة جديدة للتاريخ الإنساني قائمة على رؤية كونية مختلفة عن القراءات السائدة في الحضارات الأخرى،
فحاول أن يوقف تلك العلوم على أرجلها ويقوم بقراءة فاحصة لمادتها المعرفية وتحريرها من الاتجاهات الإيديولوجية، ثم يعرضها على الوحي الإلهي (القرآن والسنة)
والحق أن موقف النورسي من الجوانب العلمية في الحضارة الغربية موقف منصف وموضوعي غير عدائي. لذلك دعا إلى تبني “التيكنولوجية” الحديثة مع المحافظة على القيم الذاتية، وهكذا نراه يقسم ثقافة الغرب إلى قسمين : قسم يجب الأخذ به وقسم يجب الابتعاد عنه يقول : “ولئلا يساء الفهم لابد أن ننبه أن أوربا اثنتان، أحدها هي أوربا النافعة للبشرية بما استفاضت من النصرانية الحقة، وأدت خدمات لحياة الإنسان الاجتماعية بما توصلت إليه من صناعات وعلوم تخدم العدل والإنصاف، فلا أخاطب – في هذه المحاورة-
هذا القسم من أوربا وإنما أخاطب أوربا الثانية تلك التي تعفنت بظلمات الفلسفة الطبيعية وفسدت بالمادية الجاسية وحسبت سيئات الحضارة حسنات لها، وتوهمت مساوئها فضائل، فساقت البشرية إلى الضلالة والتعاسة، ولقد خاطبت في تلك السياحة الروحية الشخصية المعنوية الأوربية بعد أن استثنيت محاسن الحضارة وفوائد العلوم النافعة.6
ويذهب الأستاذ إلى أن مجيء الحضارة من الغرب وأهله غير مسلمين لا يكون دليلا على حرمة الأخذ بها “مثلما أن جميع صفات المسلم وحرفته لا يلزم أن تكون مسلمة، وكذلك لا يلزم أن يكون جميع صفات الكافر وصنعته كافرة أيضا.
فعلى هذا الأساس لم لا يجوز اقتباس ما استحسن من الصنعة غير الإسلامية، إنك لاشك ستحب امرأتك إذا كانت من أهل الكتاب فصداقتنا إذن مع النصارى واليهود واقتباس ما استحسن من أمورهم التي تقدموا فيها من وسائل حضارية لا تدخل ضمن النهج القرآني (لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء).المائدة:51 7
لقد وضع الشيخ سعيد النورسي على عاتقه مسؤولية إنقاذ البشرية من الانحراف والسقوط الحضاري، وأن ذلك لن يتأتى إلا بربط العلوم بنظام أخلاقي منبثق من قيم عليا منسجمة مع جوهر الإنسان المسؤول الخليفة، وبذلك تتم عملية التفاعل مع ما أنجزته الحضارة الأوربية في مختلف القوانين والتيكنولوجيا شريطة انتشالها من الجانب المادي ووضعها على محور الأخلاق وغرس البعد الروحي فيها المتمثل بالاعتقاد بإن الخالق يشاء ويأمر، وأن التعامل بين الإنسان وربه والإنسان والإنسان يقوم على أنماط القيم السماوية التي جاءت بها الأديان وأسماء الله الحسنى، الواردة في القرآن.
فالعلوم محتاجة إلى نظرة تجديدية ومشروع رباني إيماني إنساني أراد النورسي استحضاره للاستفادة من تجارب العلوم وتوجيهها الوجهة الصحيحة خدمة للبشرية وضمان للإنسان ألا يتمزق سلوكه ويرتمي في أحضان الانحراف والضياع والحروب المدمرة للحرث والنسل يقول : “إن كل ما ناله الإنسان – من حيث جامعية ما أودع الله فيه من استعدادات- من الكمال العلمي والتقدم التقني ووصوله إلى خوارق الصناعات والاكتشافات، تعبر عن الآية الكريمة بتعليم الأسماء (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) البقرة:31
وهذا التعبير ينطوي على رمز رفيع ودقيق، وهو: أن لكل كمال، ولكل علم، ولكل تقدم ولكل فن – أيا كان- حقيقة سامية عالية، وتلك الحقيقة تستند إلى الأسماء الحسنى، وباستنادها إلى ذلك الإسم يجد ذلك الفن وذلك الكمال وتلك الصنعة كل منها كماله -ويصبح حقيقة فعلا- وإلا فهو ظل ناقص مبتور باهت مشوش، فالهندسة – مثلا- علم من العلوم وحقيقتها وغاية منتهاها هي الوصول إلى إسم “العدل والمقدر” من الأسماء الحسنى… والطب – مثلا- علم ومهارة ومهنة في الوقت نفسه، فمنتهاه وحقيقته يستند أيضا إلى إسم من الأسماء الحسنى وهو “الشافي” فيصل الطب إلى كماله ويصبح حقيقة فعلا بمشاهدات التجليات الرحيمة لاسم “الشافي” في الأدوية المبثوثة على سطح الأرض الذي يمثل صيدلية عظمى.
والعلوم التي تبحث في حقيقة الموجودات كالفيزياء والكيمياء والنبات والحيوان… هذه العلوم التي هي “حكمة الأشياء” يمكن أن تكون حكمة حقيقية بمشاهدة التجليات الكبرى لاسم الله “الحكيم” جل جلاله في الأشياء، وهي تجليات تدبير وتربية ورعاية. وبرؤية هذه التجليات في منافع الأشياء ومصالحها تصبح تلك الحكمة حكمة حقا… وإلا فإما أنها تنقلب إلى خرافات وتصبح عبثا لا طائل من ورائها أو تفتح سبيلا إلى الضلالة كما هو الحال في الفلسفة الطبيعية المادية… وهكذا يضرب القرآن الكريم بهذه الآية الكريمة يد التشويق على ظهر البشرية مشيرا إلى أسمى النقاط وأبعد الحدود وأقصى المراتب التي قصرت كثيرا عن الوصول إليها في تقدمها الحاضر وكأنه يقول لها : هيا تقدمي”.8
فواضح أن النورسي أراد أن يضع نتائج الأبحاث العلمية والتقنية داخل نظرة قرآنية شمولية للحياة والكون منطلقة من قواعد أخلاقية عليا تخدم الإنسان وتوفر له السعادة.
يقول رحمه الله: “إن الإنسان في هذا الكون أشبه ما يكون بالطفل الضعيف المحبوب يحمل في ضعفه قوة كبيرة وفي عجزه قدرة عظيمة لأنه بقوة ذلك الضعف وقدرة ذلك العجز سُخرت له هذه الموجودات وانقادت، فإذا ما أدرك الإنسان ضعفه ودعا ربه قولا وحالا وطورا وأدرك عجزه فاستنجد واستغاث ربه، وأدى الشكر والثناء على التسخير فسيوفق إلى مطلوبه، وستخضع له مقاصده وتتحقق مآربه… وكما أن الطفل المحبوب الرقيق يحصل بضعفه على شفقة الآخرين، وببكائه على مطالبه، فيخضع له الأقوياء والسلاطين فينال ما لا يمكنه أن ينال واحدا من الألف منه بقوته الضئيلة… فلو أنكر ذلك الطفل تلك الشفقة واتهم تلك الحماية وقال بحماقة وغرور “أنا الذي سخرت كل هؤلاء بقوتي وإرادتي! فلا شك أنه يستحق أن يقابل باللطمة والصفعة، وكذلك الإنسان إذا أنكر رحمة خالقه واتهم حكمته وقال مثل ما قال قارون جاحدا النعمة (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي) القصص:78
فلا شك أنه يعرض نفسه للعذاب، فهذه المنزلة والسلطنة التي يتمتع بها الإنسان إذن وهذه الترقيات البشرية والآفاق الحضارية ليست ناشئة من تفوقه وقوة جداله وهيمنة غلبته ولا هو بجالب لها بل منحت للإنسان لضعفه ومدت له يد المعاونة لعجزه…
فيا أيها الإنسان مادامت الحقيقة هكذا فدع عنك الغرور والأنانية وأعلن أمام عتبة الألوهية عجزك وضعفك، أعلنها بلسان الاستمداد وأفصح عن فقرك وحاجتك بلسان التضرع والدعاء وأظهر بأنك عبد للّٰه خالص قائلا “حسبنا الله ونعم الوكيل”.9
3- العمل من أجل أخلاق كوكبية مشتركة :
نستطيع في ضوء ما تقدم أن ندرك مدى حاجة الإنسانية إلى وجود معرفة علمية قائمة على تصور كوني للعالم صحيح يمكنها من ارتياد آفاق رحبة ودفع مخاطر وتوفير ضوابط، فإنسان عصرنا يواجه لأول مرة في تاريخ الإنسان خطر فناء الجنس البشري بأسلحة الدمار التي صنعها، فكيف السبيل إلى مواجهة هذا الخطر؟ ونعيش اليوم منجزات الثورة العلمية والتكنولوجية لكنه يبرز أمامنا شبح الأسلحة النووية، ويسمع إنسان عصرنا ويرى ما تعانيه البشرية من مجاعة ومرض وجهل، وما تقاسيه من استغلال وتسلط وعنصرية واحتلال وفوارق ضخمة بين الفقراء والأغنياء، فكيف السبيل إلى معالجة هذه المشاكل التي تفتك بالإنسان؟
واضح إذن أن هذه الظواهر وثيقة الصلة “بالأزمات الروحية والأخلاقية” التي يعاني منها الإنسان في عالمنا المعاصر الأمر الذي دفع كثيرا من العلماء والمفكرين إلى الحديث عن هذه الأزمة الحضارية الخانقة التي تهدد مستقبل الحياة البشرية10 وصولا إلى الهدف الأسمى وهو إسعاد الإنسان في ذاته وفي مجتمع وفي عالمه.
من هذا المنطلق، اتجه الشيخ سعيد النورسي إلى تعميق جذور كليات القيم، وإحياء النظرة الإنسانية العالمية الشاملة للأخلاق، فوضع مشروعا إيمانيا أخلاقيا كونيا قائما على أساس التلاقي والتعارف والتعاون تحقيقا للوعود ودفعا للمخاطر، لذا كان دائما يحذر من أن تسلط الأفكار والفلسفات المادية يؤدي إلى القضاء على النظرية الدينية والقيم الروحية والأخلاقية باعتبارها قيما مشتركة يستظل بها مستقبل الإنسانية جمعاء.
لقد صاغ بديع الزمان النورسي نظريته الأخلاقية المستنبطة من القرآن وعرضها بمنهج مقارن عجيب مبينا آفاقها الكونية العالية وسبقها التربوي بالنظر إلى ما آلت إليه النظريات الأخلاقية الفلسفية في الغرب.11 فلاحظ أن تلك الفلسفات انطلقت من النظرة المادية الصرفة للكون وبنت مجتمعاتها على أساس العبودية لغير الله من المال والعنصر والطبقة والأشخاص فسببت بذلك شقاء كبيرا للمجتمع وحولته إلى آلات تعمل وتستهلك، وبناء على ذلك فإن من أسس المدنية الحاضرة مع ما فيها من محاسن أن لا تحقق السعادة للجزء الأعظم من البشرية المستظلة بظلها بل قادتها إلى الاضطراب وعدم الراحة على الرغم من تحقيق السعادة الصورية للقسم الأقل منها.12
في المقابل، طرح النورسي المنظور الشمولي للأخلاق القرآنية من أجل إعادة بناء الحضارة الإنسانية الخيرة كما أكد على أهمية البعد الروحي في الشخصية الإنسانية الميالة إلى التكامل والتعاضد بدل التضاد والتناقض، إن الإنسان الذي يفقد الإيمان يصاب بالحرمان، ويعاني من الغربة مع نفسه ومع الآخرين وتلتبس أمامه القيم وتميل نفسه مع الهوى فيتنكب عن الصراط المستقيم لذا يقترح الأستاذ النورسي وصفة علاجية قرآنية للحضارة للمحافظة عليها كي لا تتحول إلى أداة شقاء وبؤرة مرض انطلاقا مما أودعه الله تعالى في النفس من فضائل وتقوى ودعاه لتزكيتها. يتضح ذلك من خلال عقدة لمقارنة بين نظام مادي ينطلق من معايير الغرب وقيمه على اختلافها وتناقضاتها، ونظام ينطلق من معايير الوحي الإلهي وقيمه الهادية للإنسان المنسجمة مع النظام الكوني العام، يقول : “فالمدنية الحاضرة تؤمن بفلسفتها أن ركيزة الحياة الاجتماعية البشرية هي “القوة” وهي تستهدف المنفعة في كل شيء، وتتخذ الصراع دستورا للحياة وتلتزم بالعنصرية والقومية السلبية رابطة للجماعات، وغايتها هي لهو عابث لإشباع رغبات الأهواء وميول النفس التي من شأنها تزيد جموح النفس وإثارة الهوى، ومن المعلوم أن شأن “القوة” هو “التجاوز” وشأن المنفعة هو التزاحم… وشأن الصراع هو التصادم وشأن العنصرية هو التجاوز، فهذه الدساتير والأسس التي تستند إليها هذه المدنية الحاضرة هي التي جعلتها عاجزة؟ مع محاسنها- عن أن تمنح سوى عشرين بالمئة من البشر سعادة ظاهرية بينما ألقت البقية إلى شقاء وتعاسة وقلق، أما حكمة القرآن فهي تقبل “الحق” نقطة استناد في الحياة الاجتماعية بدلا من القوة وتجعل رضى الله ونيل الفضائل هو الغاية والهدف بدلا من المنفعة وتتخذ دستور التعاون أساسا في الحياة بدلا من دستور الصراع وتلتزم رابطة الدين والعنف والوطن لربط فئات الجماعات بدلا من العنصرية والقومية السلبية… وتجعل من غاياتها الحد من تجاوز النفس الأمارة”.13
ومع ما رأينا من اطلاع النورسي على تطورات الحضارة الأوربية ومنافعها، إلا أنه لم يقتنع بصور التجديد من منطلق حضاري غربي في إيجابياته وسلبياته لأن في ذلك تجاهل كامل لدور الأديان في إصلاح الخلل ومعالجة أزمة الحضارة الغربية، واعتبر أن أي تقليد للنموذج الغربي في التنمية بالنسبة للمجتمعات الإسلامية سينتج عنه “لا تنمية حقيقية” لأن المدنية الحاضرة تتنكر للمبادئ الإنسانية والأخلاقية والتشريعية التي جاء بها الإسلام والذي أراد بها إقامة صرح الاتحاد بين القلوب ومد ظلال الأمن بين الشعوب.
وسط هذه المعاناة من أزمة القيم وأمام تحديات الحضارة الغازية أطلق النورسي صيحاته لإعادة بناء الحضارة على أساس الرؤية القرآنية المؤمنة والحكمة الإلهية الحقة ومشكاة النبوة يقول: “إن القرآن قد بدل الحياة الاجتماعية تبديلا هائلا نور الآفاق وملأها بالسعادة والحقائق، وأحدث انقلابا عظيما سواء في نفوس البشر وفي قلوبهم أو في أرواحهم وفي عقولهم أو في حياتهم الشخصية والاجتماعية والسياسية”.14
وأساس ذلك كله ما أحدثه القرآن الكريم من تغيير في المجتمعات على مستوى العقيدة، التي ساوت بين أبناء البشر وأنهت استغلال الإنسان للإنسان، وأدخلت السلام والوئام إلى القلوب ودعت إلى تحقيق حرية الإنسان الحقيقية والتمسك بالحق واتباع قانون العدل المطلق ومحاربة الظلم في كل مكان، وبهذا الميزان الإلهي يضع النورسي يده على مكمن الخلل في الحضارة الغربية، التي عمقت من أسباب الشر والنزاعات والتطاحنات وأفسدت تقدم العلوم والمعارف: “إن المدنية الحاضرة الغربية، لسلوكها طريقا مناقضا لأسس دساتير السماء، وقيامها بمناهضتها، فقد طفح كيل سيئاتها على حسناتها، وثقلت كف أضرارها على فوائدها، فلقد اضطرب أمن الناس واطمئنانهم، وأقلقوا وأسنت سعادتهم الحقيقية فاختل ما هو مطلوب من المدنية ومقصود منها. حيث قد حلت بسببها نوازع الإسراف والسفاهة محل بوادر الاقتصاد والقناعة… لقد ألبست -هذه المدنية- البشرية المضطربة لباس الفقر المدقع وكستها أثواب الكسل والتقاعس الرهيب.15
لقد فعلت الأزمة الروحية في الغرب فعلها وما ذلك إلا لأنها حادت عن موازين القرآن : “يا أروبا الثانية التي تنشر الكفر وتبت الجحود ترى هل يمكن أن يسعد إنسان بمجرد تملكه ثروة طائلة، وترفله في زينة ظاهرة خادعة، وهو المصاب في روحه وفي وجدانه وفي عقله وفي قلبه بمصائب هائلة”.16
إن البشرية التي أخذت تصحو وتستيقظ بنتائج العلوم والفنون الحديثة أدركت كنه الإنسانية وماهيتها وتيقنت أنه لا يمكنها أن تعيش هملا بغير دين، بل حتى أشد الناس إلحادا وتنكرا للدين مضطر إلى أن يلجأ إلى الدين في آخر المطاف.17
4- نحو منظور أخلاقي عالمي لبعض القضايا المعاصرة :
إن ما يعانيه الإنسان بسبب الأزمات الروحية يؤكد أن دور الدين كبير وأن الحاجة إليه أشد منها في أي وقت مضى، فلا سبيل لمواجهة خطر الفناء الذي يهدد البشرية، ومواجهة ما تعانيه المجتمعات من أدواء، إلا بإحياء الإيمان والهدى فهو السبيل لربط الجسور وتزكية النفس الإنسانية بالتسابق إلى فعل الخير والعمل الصالح، وترسيخ قيم إنسانية للعلاقات الدولية.
لقد طرأت تحولات جديدة في عالمنا المعاصر في أمور الاقتصاد والثقافة والفنون والإعلام، وبفعل هذه التحولات برزت قضايا عالمية كبرى أصبحت تفرض نفسها علينا بإلحاح لإيجاد حلول لها وبناء تصور جديد وأخلاقيات دولية للتعامل معها بما يخدم مصالح الإنسانية ومن هذه القضايا ما يتصل بالطبيعة حفاظا على البيئة، وبالحياة حفاظا عليها من استخدامات خاطئة للهندسة الوراثية، وبالتنمية لردم الهوة بين الأغنياء والفقراء، وبالمال لتحكم التعامل الاقتصادي.
إن القيادات الروحية والفكرية في مختلف الأقطار مدعوة اليوم إلى أن تتلاقى وتتعارف وتتعاون لما يعود بالسعادة على الإنسان ويدفع عنه الأخطار. ومن هذا المنطلق، لاحظ الشيخ سعيد النورسي أن الإنسانية تتخبط في مفاهيم عنصرية وقومية ونفعية تزيد في معاناتها، وتنذر بتفجر أشكال جديدة من الصراع لذا حاول -رحمه الله- أن يقدم حلولا أخلاقية تنطلق من احترام الرؤية المؤمنة الموحدة التي يتكامل فيها البعد الإنساني مع البعد الأخلاقي.
– فالسلام هو أساس الحياة الصادقة التي تنسجم مع قوانين النفس البشرية والقوانين الكونية، وهو يتحقق مع النفس بالإيمان ومع الآخرين بالمحبة ومع العالمين بالخير، وصولا إلى السلام العالمي، وينطلق هذا المبدأ من السلام الذي هو أحد أسماء الله الحسنى يقول رحمه الله : “إن الغاية القصوى للإنسانية والوظيفة الأساسية للبشرية هي التخلق بالأخلاق الإلهية، أي التحلي بالسجايا السامية والخصال الحميدة -التي يأمر بها الله سبحانه- وأن يعلم الإنسان عجزه فيلجئ إلى قدرته تعالى، ويرى ضعفه فيحتمي بقوته تعالى، ويشاهد فقره فيلوذ برحمته تعالى، وينظر إلى حاجته فيستمد من غناه تعالى، ويعرف قصوره فيستغفر ربه تعالى، ويلمس نقصه فيسبح ويقدس كماله تعالى”.18
يتضح إذن أن النورسي أراد أن يضع مسألة “السلام” داخل إطار إسلامي تنطلق من ضرورة تغيير ما بالنفوس، والتخلي عن الواقع الجهم إلى التحلي بالصفات الإنسانية، وتقويم الطبائع وتصفية الضمائر وإخلاص النيات كما قال محمد رسول الله إلى الناس تمهيدا لدخول الدول في السلم كافة وإقامة علاقاتها على “قاعدة الخلق”، فذلك هو الطريق إلى حل المشكلات الدولية والإنسانية وهو الذي يستأصل الشر وبواعثه ويحرك نوازع الخير ويدعو إلى الإخاء البشري.
فالشر ليس من طبع الإنسان، لأنه يتألم له، وليس في الشر إلا فسادا في العلاقات بين الناس “فالخير هو الأصل في العالم أما الشر فهو تبعي، فالخير كلي والشر جزئي… وقد ثبت بشهادة العلوم جميعها… أن الحسن والخير والحق والكمال هو المقصود بالذات والغالب المطلق في خلق العالم… إن البشرية لن تستطيع أن تهضم بسهولة وسلامة الشر والقبح والباطل، ولن تسمح لها الحكمة الإلهية، لأن من يتعدى على حقوق الكائنات العامة لا يعفى عنه، ولا يسمح بعدم إنزال العقاب عليه”.19
– والأمن في الإسلام قائم على تكريم الإنسان واحترام آدميته بحيث يشعر الإنسان في ظله بالأمن النفسي والاجتماعي، وإقرار لحريته في إطار الضوابط الشرعية من أجل خدمة المجتمع وإنقاذه من عوامل الخوف والقلق، وهذا سيساهم لا محالة في الأمن العالمي.
لقد تنبه النورسي بدقة بالغة إلى كل تطلعات الدول الكبرى للسيطرة على العالم وما ارتكبته من جرائم وحشية بحق البشرية من منطلق المصالح العنصرية والأحقاد التاريخية، فحاول أن يكشف عن شرائعها الظالمة ويزنها بميزان القرآن يقول : “نعم! لقد أظهر الزمان أن دولة تسمى داعية الحرية، قد كبلت بثلاثمائة من موظفيها المستبدين، ثلاثمائة مليونا من الهنود منذ ثلاثمائة سنة، وسيطرت عليهم بأقسى صورة من صور الظلم آخذة آلاف الأبرياء بجريرة مجرم واحد. وأعطت لقانونها الجائر هذا الإسم العدالة والانضباط، فخدعت العالم ودفعته إلى نار الظلم، هذه الدولة غدت مقتدى ذلك الاستبداد القادم في المستقبل”20
– أما فيما يخص موضوع حقوق الإنسان فيرى أن الحضارة الغربية على الرغم مما حققته من مكاسب للبشرية لم تخل من انتهاكات، لأنها خرجت عن مبادئ الوحي الإلهي الذي كرم الإنسان، وضمن حقوق الفرد والجماعة، وأرسى مبدأ التكافل الاجتماعي، وأكد على مبدإ المساواة : “إن المدنية الغربية الحاضرة لا تلقي السمع كليا إلى الأديان السماوية، لذا أوقعت البشرية في فقر مدقع، وضاعفت من حاجاتها ومتطلباتها، وهي تتمادى في تهييج نار الإسراف والحرص والطمع عندها بعد أن قوضت أساس الاقتصاد والقناعة وفتحت أمامها سبل الظلم وارتكاب المحرمات… فإزاء هذه المصيبة الرهيبة النازلة بساحة البشرية يداوي القرآن الكريم تلك الجروح البليغة”.21
وفي موضع آخر، يشير إلى الجوانب السلبية في الحضارة الغربية التي لا تتفق والتعاليم الدينية والأخلاقية الفاضلة والدليل على ذلك أنها أوصلت البشرية إلى أوخم العواقب، وهو ما نراه اليوم في عالمنا من أعمال كبرى تهدد نظام البيئة ونظام الحياة برمته. يقول رحمه الله: “لم ترفض الشريعة هذه المدنية؟ لأنها تأسست على خمسة أسس سلبية. فنقطة استنادها هي : القوة، وهذه شأنها الاعتداء، وهدفها وقصدها : المنفعة، وهذه شأنها التزاحم، ودستورها في الحياة الجدال والصراع، وهذا شأنه التنازع، والرابطة التي تربط المجموعات البشرية هي العنصرية والقومية السلبية التي تنمو على حساب الآخرين، وهذه شأنها التصادم، وخدمتها للبشرية خدمة فاتنة جذابة هي تشجيع هوى المنفعة وإثارة النفس الأمارة وتطمين رغباتها وتسهيل مطالبها، وهذا الهوى شأنه : إسقاط الإنسان من درجة الملائكية إلى درك الحيوانية الكلبية وبهذا تكون سببا لمسخ الإنسان معنويا… ولأجل هذا فقد دفعت هذه المدنية الحاضرة ثمانين بالمئة من البشرية إلى أحضان الشقاء وأخرجت عشرة بالمئة منها إلى سعادة مموهة زائفة… لأجل كل هذا لا يرضى القرآن الكريم بمدنية لا تضمن سعادة الجميع أو لا تعم الغالبية العظمى”.22
وهكذا يصل بنا الأستاذ سعيد النورسي إلى استشعار رؤية أخلاقية قرآنية قائمة على دعوة الإنسان إلى استباق الخيرات والبعد عن نوازع الشر والعبثية “حتى لا يزلق ولا يطرد ولا يلقى على ظهره هذه الدواليب المتحركة في الطبقات، وما هي إلا العبادة التي هي امتثال الأوامر واجتناب النواهي … إن الإنسان مع صغر حجمه وضعفه وعجزه وكونه حيوانا من الحيوانات ينطوي على روح غال، ويحتوي على استعداد كامل، ويتبطن ميولا لا حصر لها ويشتمل على آمال لا نهاية لها… مع أن فطرته عجيبة كأنه فهرسته للأنواع والعوالم.23
وهكذا، ينتهي -رحمه الله- إلى أن البشرية -في ظل تخبطها وقلقها وحيرتها- “ستبحث عن القرآن الكريم… والذي يحتفظ بمكانته المقدسة في قلوب ملايين الحفاظ في كل دقيقة… والذي يرشد البشرية بألسنتهم ويبشرها بأسلوبه المعجز بالحياة الباقية والسعادة الدائمة مضمدا بها جراحاتها الغائرة، وأن رسائل النور قد أظهرت خدماتها باستنادها إلى هذه الخزينة القرآنية”.24
الهوامش:
- بديع الزمان سعيد النورسي، الكلمات 292.
- سعيد النورسي، صقيل الإسلام، الخطبة الشامية، 495.
- محسن عبد الحميد، أزمة المثقفين اتجاه الإسلام في العصر الحديث، ص 122، ط البيضاء، 1985.
- محسن عبد الحميد، سعيد النورسي، ضمن كتابه من أئمة التجديد الإسلامي، ص 155، ط البيضاء، 1986.
- سعيد النورسي، اللمعات، ص 176-177، اللمعة السابعة عشرة.
- بديع الزمان النورسي، صقيل الإسلام، المناظرات، ص 400.
- سعيد النورسي، الكلمات، ص 290-291.
- الكلمات، ص 369-370، الكلمة الثالثة والعشرون
- انظر على سبيل المثال كتابات شبنغلر في كتابه “سقوط الحضارة الغربية” وتوينبي في كتابه “دراسات في التاريخ” وألكسيس كاريل “الإنسان ذلك المجهول” وكريسي مورسيون في كتابه “العلم يدعو إلى الإيمان” وغارودي في كتابه “البديل” وديورانت “مباهج الفلسفة” وكولن ولسون في كتابه “اللامنتمي” و”سقوط الحضارة” “—، حيث يتضح لك سلبيات تلك الحضارة وخطورتها لاسيما تلك التي تتصل بالحروب المدمرة وإنكار أصول الدين وتحطيم الأخلاق.
- فريد الأنصاري، الكونية الأخلاقية بين علوم القرآن وعلوم الإنسان، دراسة في نظرية الأخلاق عند الأستاذ بديع الزمان النورسي، ضمن أعمال المؤتمر العالمي السادس لبديع الزمان النورسي، ص 203.
- النورسي، لمحسن عبد الحميد ضمن كتابه من أئمة التجديد الإسلامي، ص 156-157، ط البيضاء، 1986.
- الكلمات، ص 472-473، الكلمة الخامسة والعشرون.
- الكلمات، ص 518، الذيل الأول من الكلمة الخامسة والعشرين.
- سعيد النورسي، الملاحق، ملحق أميرداغ 2، ص 377-378.
- سعيد النورسي، اللمعات، اللمعة السابعة عشرة، ص 177.
- النورسي، صقيل الإسلام، محاكمات عقلية، ص 123.
- صقيل الإسلام، ص 122.
- صقيل الإسلام، ص 494.
- سعيد النورسي، الكلمات، ص 642، الكلمة الثلاثون.
- صقيل الإسلام، ص 53-54، محاكمات عقلية.
- الملاحق، ملحق أميرداغ 2، ص 380.
- صقيل الإسلام، السائحات، ص 357-358.
- إشارات الإعجاز، ص 148- 149.
- الكلمات، ص 172-173
قائمـة الـمصـادر والـمـراجـع:
1- بديع الزمان سعيد النورسي، الكلمات، ترجمة إحسان قاسم الصالحي، دار سوزلر للنشر، ط 3، القاهرة، 1421هـ-2000م.
2- بديع الزمان سعيد النورسي، المكتوبات، ترجمة إحسان قاسم الصالحي، دار سوزلر للنشر، القاهرة، ط 2، 1413هـ-1992م.
3- بديع الزمان سعيد النورسي، اللمعات، ترجمة إحسان قاسم الصالحي، دار سوزلر للنشر، القاهرة، ط 2، 1413هـ-1993م.
4- بديع الزمان النورسي، الشعاعات، ترجمة إحسان قاسم الصالحي، دار سوزلر للنشر، القاهرة، ط 2، 1414هـ-1993م.
5- بديع الزمان النورسي، إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز، تحقيق إحسان قاسم الصالحي، دار سوزلر للنشر، القاهرة، ط 2، 1414هـ-1994م.
6- بديع الزمان النورسي، المثنوي العربي النوري، ترجمة إحسان قاسم الصالحي، دار سوزلر للنشر، القاهرة، ط 1، 1415هـ-1995م.
7- بديع الزمان النورسي، الملاحق في فقه دعوة النور، ترجمة إحسان قاسم الصالحي، دار سوزلر للنشر، القاهرة، ط 3، 1999.
8- بديع الزمان النورسي، صقيل الإسلام، ترجمة إحسان قاسم الصالحي، دار سوزلر للنشر، القاهرة، ط 3، 1999.
9- بديع الزمان النورسي، سيرة ذاتية، إعداد وترجمة إحسان قاسم الصالحي، دار سوزلر للنشر، القاهرة، ط 3، 2000.
مـراجـع إضافيـة:
1- أبو بكر القادري، المفكر الإسلامي والداعية المجدد بديع الزمان سعيد النورسي، مجلة أكاديمية المملكة المغربية، أحاديث الخميس العدد 23، السنة 2006، الرباط.
2- بحوث المؤتمر العالمي السابع لبديع الزمان النورسي، إسطنبول 2004.
3- بحوث المؤتمر العالمي السادس لبديع الزمان النورسي، إسطنبول، 2002.
4- بديع الزمان النورسي، فكره ودعوته، وقائع الحلقة الدراسية المنعقدة في قاعة المركز الثقافي الإسلامي بعمان، بتاريخ 7 صفر 1418/ 12 حزيران 1997، نشر المعهد العالمي للفكر الإسلامي، مكتب الأردن ومركز بحوث رسائل النور، تركيا، عمان، 1997.
5 الشفيع الماحي أحمد، الأمثال في رسائل النور، ط 1، نشر سوز للطباعة والنشر إسطنبول، 1427هـ-2006م.
6- عبد العزيز برغوث، مقومات التجديد الحضاري عند بديع الزمان النورسي، ط 1999، نشر Univision press-Malaysia-Kuala-Lumpur.
7- محسن عبد الحميد النورسي الرائد الإسلامي الكبير، مجلة دعوة الحق، وزارة الأوقاف المغربية، العدد 244، جمادى الأولى 1405-يناير 1985.
8- محسن عبد الحميد، تجديد الفكر الإسلامي، دار الصحوة للنشر، مصر، بدون تاريخ.
9- محسن عبد الحميد، من أئمة التجديد الإسلامي، ط. النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1986.
10- الجمالية في الفكر الإسلامي المعاصر، النورسي نموذجا، أعمال الندوة الدولية المنعقدة بجامعة ابن زهر، كلية الأداب والعلوم الإنسانية، أكادير، المغرب، أبريل 2005، دارسوز للطباعة والنشر، إسطنبول، ط-1، 1428-2006.