Main Menu

القافية في شعر محمّد تقي الدين الهلالي

ناصرالدين محمد أنور

الباحث في الجامعة الملية الإسلامية، نيو دلهي، الهند

 

Abstract: This research paper aims to find out the works and efforts of Taqi Uddin Al Hilali in Rhymes, it is very important element in a poetry as well as a part of music that produce ring, tune, melody. This is also measurement of identification and discrimination between poets.

Taqi Uddin Al Hilali is a well-known poet in Arabic language, he spent his life for promotion of Arabic literature in various countries like Moracco, Iraq, India, Saudi Arabia, Egypt. He talked about different topics and many events focusing on prosody and rhymes in his poetry.

In this research paper, we discussed some kinds and types of rhymes which have been stated in his poetry like definitions, its essential parts, its kinds according to the letters and movements, and its defects and faults.

We explained here all the things that is related with rhythm in his poetry, and mentioned all the suitable examples from his poetry book.

Key words: Al- Hilali, Poetry. Rhymes, Defects and Faults, Music.

ملخص البحث:

تهدف هذه الورقة العلمية إلى إبراز جهود الدكتور محمد تقي الدين الهلالي في القافية، والقافية من أهم عناصر الشعر العربي، وهي من الموسيقي الخارجية التي تُحدث ألحاناً وأجراساً يتمتع بها السامع، وتتحقّق بها الغنائية الشعرية ويتميز بها الشعراء بعضهم من بعض، وقد اهتمّ الشاعر بهذا العلم اهتماماً كبيراً، وأتى بنماذج مختلفة في شعره ونظمه. وسوف تلاحظونها في هذه الورقة – إن شاء الله -.

في هذه الورقة العلمية، سنتناول مختلف الأنواع والأقسام من القافية مثل تعريفها، ولوازمها، وأنواعها حسب الحروف والحركات، وعيوبها مع ذكر مثالٍ لكل منها من ديوان الهلالي.

الكلمات المفتاحية: الهلالي، الشعر، القافية، واللوازم والعيوب، الموسيقي.

المدخل:

القافية جزء مهمٌ من الإيقاع في الشعر، وهي من الموسيقي الخارجية، ولها أهمية كبيرة في الشعر؛ لأنّ الشعر لا يُعرَف إلا بموسيقاه، ولا ينفصل عن القافية والوزن، وهما يُحدثان الموسيقى والجرس والتناغم في الشعر، وقد اهتم الشعراء بها في شعرهم كما اهتم العروضييون ببحثها وأنواعها إلى جانب اهتمامهم بالبحور؛ لأن القافية شريكة الوزن بالشعر، ولا يسمّى شعراً حتى يكون له كلامٌ موزون مقفّى دالّ على معنى على سبيل القصد ([1]).

وقد قسمنا هذه الورقة العلمية إلى أربعة مطالب، وهي: تعريف القافية، ولوازم القافية، وأنواع القافية حسب الحروف والحركات، وعيوب القافية.

 أولاً: تعريف القافية:

القافية لها تعريفات عديدة، ومن أفضلها تعريف الإمام الخليل الفراهيدي الذي هو أوضح وأشمل، وهو:

“القافية من آخر حرف في البيت إلى أول ساكن يليه مع المتحرك الذي قبل الساكن” ([2]).

فالقافية – في ضوء هذا التعريف – تبدأ من المتحرك الذي قبل الساكنَين في آخر البيت إلى آخر حرف في البيت، وتكون مرة بعض كلمة، ومرة كلمة، ومرة كلمة وبعض الحروف من الكلمة الثانية، ومرة كلمتين. وسنذكر فيما بعد مثالاً لكل منها من شعر الهلالي.

وهناك تعريفات أخرى غير التعريف المذكور، ومنها تعريف الأخفش الذي عرّفها بأنّها آخر كلمة في البيت ([3]).

وعرّفها ابن رشيق بأنها حرف الروي الذي يكرّر في آخر كل بيت من أبيات القصيدة ([4]).

ويعرّفها البعض “الحرف الذي يجئ في آخر البيت” ([5]).

فالقافية وِفْق هذه التعريفات الثلاثة آخر كلمة أو آخر حرف أو حرف الروي، وهذه مختلفة فيما بينها؛ ولذلك لا تحُلّ محلّ التعريف الجامع مثل التعريف الأول الذي اتّفق عليه أكثر النقاد.

فالقافية – في ضوء التعريف الأول – تكون مرة بعض كلمة، ومرة كلمة، ومرة كلمة وبعض الحروف من الكلمة الثانية، ومرة كلمتين. وإليكم نماذج لهذه الأمثلة من شعر الهلالي.

مثال بعض كلمةٍ: قال الشاعر:

جُزِيتَ مـــــــن الإله بكلّ خير                ولقّيت السعــــــــــــــــــــــــــادةَ والفَلاحــــــــــــــــــــــــا ([6])

القافية في هذا الشعر من اللام إلى الآخر في كلمة (الفلاحا).

ومثال كلمةٍ: قال الشاعر:

يهيْجُني ذكـــــــرُها في كلّ آونة                فأسكب الدمعَ فوق الخدّ منهمرا ([7])

القافية في هذا الشعر كلمة (منهمرا).

ومثال كلمةٍ وبعض الحروف من الكلمة الثانية: قال الشاعر:

شوى الحسد الممقوت قلبَك في لظى             فأصبح يبدو اليوم مـــن فمِكَ اللَّهَبْ ([8])

القافية في هذا الشعر من (الكاف إلى الباء) في آخر البيت.

ومثال كلمتين: قال الشاعر:

فلا أنت ذو علـــــــــــــــــــــمٍ ولا أنت ذو حِجى            ولا أنت ذو تقوى ولا أنت ذو حسبْ ([9])

القافية في هذا الشعر كلمتان، وهما (ذو حسبْ) في آخر البيت.

فاتضح من هذه الأمثلة أن القافية توجد في كل بيت بشكل من أشكالها المختلفة، فتزيد التناغم والموسيقى في الشعر، وتزيد العبارة حسناً وجمالاً، ويستمتع السامع بالجرس والتردد في القصيدة، كما يقول إبراهيم أنيس في القافية:

“ليست القافية إلا عدة أصوات تتكرّر في أواخر الأشطر أو الأبيات من القصيدة، وتكررها هذا يكون جزءا هاماً من الموسيقى الشعرية، فهي بمثابة الفواصل الموسيقية يتوقع السامع ترددها ويستمتع بمثل هذا الترددِ الذي يطرق الأذن في فترات زمنية منتظمة، وبعد عدد معين من المقاطع ذاتِ نظامٍ خاصٍ يسّمى بالوزن” ([10]).

فالقافية مجموعة أصوات في آخر الشطر أو البيت وهي كالفاصلة الموسيقية يتوقع السامع تردّدها في فترات منتظمة، ومن هذه الأصوات التي تكوّن القافية هو حرف الروي، وبه يعرف القصيدة وتُنسبُ إليه، مثل البائية والتائية والسينية والعينية وغيرها.

                وإذا نظرنا في الديوان وجدنا أن القصائد بهذا الاعتبار على الترتيب الآتي:

                حرف الألف: قصيدة واحدة.

حرف الهمزة: ست قصائد.

حرف الباء: أربع عشرة قصيدة.

حرف التاء: اثنتا عشرة قصيدة.

حرف الثاء: قصيدة واحدة.

حرف الجيم: قصيدتان.

حرف الحاء: سبع قصائد.

حرف الدال: تسعة وعشرون قصيدة.

حرف الراء: تسعة وأربعون قصيدة.

حرف السين: ثلاث قصائد.

حرف العين: أربع قصائد.

حرف الفاء: أربع قصائد.

حرف القاف: قصيدة واحدة.

حرف الكاف: ثلاث قصائد.

حرف اللام: ستة وعشرون قصيدة.

حرف الميم: عشرون قصيدة.

حرف النون: ثمانية وعشرون قصيدة.

حرف الياء: سبع قصائد.

حرف الألف المقصورة: أربع قصائد.

يتضح من هذا الجدول أن الحروف أكثر استخداماً في الروي الراء، ثم الدال، ثم النون، ثم اللام، ثم الميم، ثم الحروف البواقي.

ثانياً: لوازم القافية:

أما لوازم القافية فهي ستة حروف، وست حركات.

فالحروف الستة، وهي: الروي، والوصل، والخروج، والردف، والتأسيس، والدخيل.

الروي: وهو الحرف الذي تبنى عليه القصيدة، ويلزم في كل بيت منها في موضع واحد. وجميع حروف المعجم تكون روياً إلا الواو، والياء، والألف اللواتي يكنّ للإطلاق، وهاء التأنيث، وهاء الإضمار إذا تحرّك ما قبلها، وألف الاثنين، وواو الجمع إذا انضم ما قبلها ([11]).

ومن أمثلة هذا النوع: قال الشاعر:

بسم الإلــــــــــــــــــــــــه الواحـــــــــــــــــــــــــــــد الرحمـــــــــــــــــــــن      الخـــــــــــــــــــــالق الرزاق ذي الإحسانِ

المــــــــــــــــــــــــــــــالك الباقي اللطيف لمـــــــــــــــــــــــــــا يشاء      ربِّ الخلائق مــــــــــــــــــــا له مــــــــــــــــن ثانِ ([12])

الوصل: هو الصوت النهائي الذي نشأ عنه حرف مد نتيجة إشباع حركة حرف الروي، أو ها تلي الروي المتحرك غالباً، والذي لم تقبله القافية روياً، يعني هو (هاء) أو (واو) أو (ياء) أو (ألف) يكون بعد الروي. ([13])

ومن أمثلة هذا النوع: مثال الألف: قال الشاعر:

بدار حديث المصطفى حقّت البشرى           فأشرقت الآفاق وامتلأت بشرا ([14])

مثال الواو: قال الشاعر:

قل للذين لنصر الدين قد قاموا                    بزعمهم وعلى عدوانهم دامــــــــــــوا ([15])

مثال الياء: قال الشاعر:

إني على العهد القديـــــــــــــ                                      ـــــــــــــــــــــــــــــــم وزاد فيك تلهّفي ([16])

مثال هاء الساكنة: قال الشاعر:

الحمد لله حـــــقّ حمدِهْ                                       وكلّ خير أتى من عندِهْ ([17])

مثال هاء المفتوحة: قال الشاعر:

لمن أشتكي ما هدّ قلبي من الهوى                    غداةَ بيوت الروم أبدتْ ظباءها ([18])

مثال هاء المضمومة: قال الشاعر:

                                ســـــــــــــــــــــــــلام عليكم لا يعــــــــــــدّ عديدهُ                 وليس ينـــــــــــــــــادي في البهــــــــــــــاء وليدهُ ([19])

مثال هاء المكسورة: قال الشاعر:

يا حبذا أكل أهل الهند خبزهـــــــــــــم                    رطب رقيق يسوغ عند مولجـــــــــــــــــهِ ([20])

الخروج: هو حرف المد الناشئ عن إشباع حركة هاء الوصل.

ومن أمثلة هذا النوع:

(الألف في ظباءها) و(الواو في وليدهو) و(الياء في مولجِهي) في الأشعار الثلاثة الأخيرة المذكورة في “الوصل”.

الردف: هو حرف مد ولين يكون قبل الروي، ولا شيء بينهما ([21]).

ومن أمثلة هذا النوع:

مثال الألف: قال الشاعر:

يحرّكني للشعــــــــــر مـــــــــــــن بعد تركه                    سنين همــــــــــــوم أكثرتْ زفـــــــــــــــــــــــــــــــراتي ([22])

مثال الياء: قال الشاعر:

ونامـــــــــــــــوس له لَسْــــــــــــــــــــــــــــع شـــــــــــــــــــــديد                               ويفتِك فـــــــــــــتك جـــــــــــــــــــــــــــــبّارٍ عــــــــــــــــــنيدِ ([23])

مثال الواو: قال الشاعر:

                                أدام الله فيكــــــــــــــــــــــــــــــم كل خــــــــــــــــــــــــــــــــــيرٍ                 وعمّــــــــــــــــــــــــر داركم حـــــــــــــــــــــوراً ونـــــــــــــــــــوراً ([24])

التأسيس والدخيل: التأسيس ألف ساكن بينه وبين الروي حرف، وذلك الحرف يُعرف بالدخيل ([25]).

ومن أمثلة هذا النوع: قال الشاعر:

دعــــــــــــــــوك وزير العدل بل أنت وازر                                ويبرأ منك العدل إذ أنت فاجـــــــر

                                نعم أنت ذو عدل عن الحق والهدى                 إلى الزور والبهتان إذ أنت خاسر ([26])

                الألف في اللفظين (فاجر وخاسر) تأسيس، والجيم والسين فيهما دخيل في هذين الشعرين المذكورين.

ومثال كلمتين إذا كان الروي بعض مُضْمَر، قال الشاعر:

                                لِتبحثْ إمام المسلمين بعــــــــــــــــــــــــــــــــزمةٍ                                سعــــــــــــــــوديةٍ تجلي الأمور كمـا هيا ([27])

           وأما حركات القافية فهي أيضاً ستة، وهي: المجرى، والنفاذ، والحذو، والإشباع، والرس، والتوجيه.

وإذا أمعنا النظر في الأمثلة المذكورة أعلاه مرة أخرى وجدنا هذه الحركات إلا واحدة، ولذلك اكتفينا بتلك الأمثلة في هذا القسم، ولم نبحث عن الأخرى. وفعلت هذا مجتنباً التطويل والإطناب.

           أما المجرى فهو حركة الروي المطلق، مثل: الراء في (بشرا)، والميم في (داموا) والفاء في (تلهّفي) في الأشعار الثلاثة المذكورة في “الوصل”.

والنفاد: هو حركة هاء الوصل، مثل: حركة الهاء في (ظباءهَا) و(وليدهُو) و(مولجِهي) في الأشعار الثلاثة الأخيرة المذكورة في “الوصل”.

والحذو: هو حركة ما قبل الردف مثل: الراء في (زفراتي) والنون في (عنيدِ) والنون في (نوراً) في الأشعار الثلاثة المذكورة في “الردف”.

والإشباع: هو حركة الدخيل في المطلق مثل: فتحة الشين في (بشَرا)، وضمة الدال في (وليدُهو) في الشعرين المذكورين في “الوصل”، وكسرة الجيم في (فَاجِرُ) في الشعر المذكور في الدخيل.

والرس: هو حركة ما قبل التأسيس، مثل: فتحة الفاء في (فَاجِرُ).

والتوجيه: هو حركة ما قبل الروي في المقيّد ([28]) مثل: الهمزة في (جِائرْ) في قول الشاعر:

ما سُكوتي وذي بلادي غــــــــدتْ نهْـــــــــــ                  ــــــــباً تقسّم بين عـــــــــــــــــــــاتٍ وجــــــــــــــــــــــائرْ ([29])

ثالثاً: أنواع القافية حسب الحروف والحركات:

بعد هذه التوضيحات والتشريحات نودّ أن نذكر أنواع القوافي حسب الحروف والحركات، أما أنواع القافية حسب الحروف فهي تسعة؛ لأن القافية تكون مُطْلقة أو مقيدة، والمطلقة تكون مجردة عن الردف والتأسيس، أو تكون مردفة أو مؤسسة، وفي هذه الصور الثلاثة تكون موصولة باللين أو موصولة بالهاء، فصارت ستة أنواع للقافية المطلقة، وللقافية المقيدة ثلاثة أنواع، وهي: مقيدة مجردة، ومقيدة مردفة، ومقيدة مؤسسة، فصارت تسعة أنواع للقافية.

أولاً: القافية المطلقة:

  • مطلقة مجردة موصولة باللين:

لا زلت في حـــــــــــــــفظ الإلـــــــــــــــــــــــــ                                              ــــــــــــــــهِ وأنت لي الخــــــلّ والــــــــــوفي ([30])

  • مطلقة مجردة موصولة بالهاء:

                                من يدعُهُ مخلصاً ينل مـــــــــا                               يبغيه مـــــــــــــــن بــــــــــــــــرّه ورفــــــــــــــــــــدِه ([31])

  • مطلقة مردفة موصولة باللين:

                                أرى كلّ يوم منكرات كثيرة                               يقطّع نفسي رأيها حســــــــــــراتِ ([32])

  • مطلقة مردوفة موصولة بالهاء:

إذا ما أراد الله إسعاد بلدةٍ                 أسال بها نِفطاً فزالت نحوسُها ([33])

  • مطلقة مؤسسة موصولة باللين:

                                وأنت للاستعمار خير مطيّة                             بخدمتهِ في كل حين تجاهِــــــــــــــرُ ([34])

  • مطلقة مؤسسة موصولة بالهاء:

يا عاتباً لانتقالي من فنا حـــــــرمٍ                        إلى بلاد نأتْ عـــــــــــــنه مغـــــــــــــــــــــــانيها ([35])

ثانياً: القافية المقيدة:

  • مقيدة مجردة:

كفى بك إلحاداً تباعك مَن كفرْ                         بتسمية الرحمَن بالأب يا غُدَرْ ([36])

  • مقيدة مردفة:

قد طال هَجْـــــــــــركم وصــــــــــــــــدُّكم                         ومــــــــــــــــــا رَثَيتُـــــــــــــــــــــــــــــمُ للمستهــــــــــــــــــــــــــــــــامْ ([37])

  • مقيدة مؤسسة:

كلِّفوني ما شئتمُ ما عدا الصمــ                        ــــــت فلستُ على السكوت بقادرْ ([38]) ([39])

أما القافية حسب حركاتها فهي على خمسة أنواع، وهي: المتكاوس، والمتراكب، والمتدارك، والمتواتر، والمترادف.

المتكاوس: هو أن يتوالى أربع متحركات بين ساكِنَي القافية.

أسفاً! لم نجد أي مثال من هذا النوع في الديوان.

المتراكب: هو أن يتوالى ثلاث متحركات بين ساكنيها، نحو (خَبَرَا وسَهَرَا) في قول الشاعر:

                                عُجْ بالديار وسلّمْ واقتفِ الأثــرا                      عسيتَ تُدرك مـــــــــــن أبنائهم خَــــبَرَا

                                يا راحلين بقلبي حيثما سلكـــــــــــــوا                     وتاركين لجســـــــمي الهـــــــــمّ والسَّهَرَا ([40])

المتدارك: هو أن يتوالى حرفان متحرّكان بين ساكنيها، نحو (وتِي) في قول الشاعر:

                                خليلَيّ عوجـــــــــــــــا بي إلى كل نــــــــــــدوةِ                   بهـــــــــا قــــــــــــــول الرسول يُروى بقّـــــوةِ

                                ولا تقربا بي مجلس الـــــــــــــــــــــرأيِ إنه                    ضلال يحــــــــــــــــطّ التابعيهِ بهــــــــــــــــــــــــوّةِ ([41])

المتواتر: هو أن يكون متحرك واحد بين ساكنيها نحو (الحاء) في قول الشاعر:

سنا “الحرية” الغـــــــــــــــــــــراء لاحـــــــــــــــــــــــــا                   فصيّر حِنْدس الظلْمــــــــــــــا صباحــا

                                وأحــــــــــــــــــــيا ميّت الآمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــال لمّـــــــــــــــــا                 أهـــــــــــــــــاب بنا إلى العليا وصاحـــــــــــــــــــا ([42])

المترادف: هو أن يجتمع الساكنان في القافية، وهو خاص بالقوافي المقيدة، ( [43]) نحو الألف والميم في قول الشاعر:

                                صـــــــــــــــــــلّى عليه مـــــــــــــــــــــــــــــــــن أرسلــــــــــــــــــــه                 هـــــــــــــــــدًى ورحمـــــــــــــــــةً يجــــــــلو الظلامْ

                                مـــــــــــا غــــــــــــرّدت ضحى حـــــــمامـــــــــــــــــــــــــةٌ                    وأشــــــــــــــرقتْ ذكا بعــــــــــــــــد غمـــــــــــــــــــــــــــــامْ ([44])

 

رابعاً: عيوب القوافي:

نبحث في آخر هذه الورقة عيوب القوافي، وهي على نوعين.

أولهما: يلاحِظ الرويَّ وحركته المجرى.

وثانيهما: يلاحِظ ما قبل الرويّ من الحروف والحركات.

فعيوب القافية بهذا الاعتبار سبعة، وهي: الإيطاء، والتضمين (وهما ملحقان بهذه العيوب) والإقواء، والإصراف (وهما يختصان بالمجرى) والإكفاء، والإجازة (وهما يقعان في الروي) والسناد (هو يقع قبل الروي).

الإيطاء: هو إعادة كلمة ذاتها بلفظها ومعناها، وإنما يجوز بمعنى مختلف، وتجوز إعادتها بمعناها بعد سبعة أبيات.

والتضمين: هو تعلّق ما فيه قافية بأخرى، وهو قبيح إن كان مما لا يتم الكلام به، ومقبول إن كان فيه بعض المعنى لكنه يُفسَّر بما بعده. ([45])

لم نقف على مثالٍ يتعلّق بهذين النوعين في ديوان الشاعر.

والإقواء: هو اختلاف المجرى (الروي) بالضم والكسر في قصيدة واحدة، نحو الكسرة في (ثأرِ) والضمة في (اقتدارُ) في قول الشاعر:

                                وأرمي الذي قـــــــــــــــــــــــــد تعــدّى عليه                     بسهـــــــــــــــــــمي وآخـــــــــــــــــــــــــذ منه بثـــــــــــــــــــــــــأرِ

                                ومـــــــــــــــا صـــــــــــــــــــدّني قلة الناصــــرين                    ولا كثرةٌ للعِــــــــــــــــــــــــــــــــــدا واقتــــــــــــــــــــــــــــــــدارُ ([46])

والإصراف: هو اختلاف المجرى (الروي) بفتح وضم أو بفتح وكسر، نحو الفتحة في (جارَ) والكسرة في (النهارِ) في قول الشاعر:

إلى الله أشكـــــــــــــــــو بغـــــــــــــــــــــــــــــــــرناطة                      شِتا زمهـــــــــــــــــــــــريرٍ تعــــــــــــــــدى وجـــــــــــــــارَ

يسامــــــــــرني في الليالي الطــــــــوال                         ويصحبُني دائمــــــــــــــــــــــاً في النهــــــــــــــــــــــــــارِ ([47])

والإكفاء: هو أن يؤتى في البيتين من القصيدة بروي متجانس في المخرج لا في اللفظ، نحو “شارح – وشارخ” أو “فارس – وقارص”.

والإجازة: هي الجمع بين رويّين مختلفين في المخرج، نحو “عبيدُ – وعريقُ” أو “شاربُ – وقاتل”. ([48])

                لم نقف على مثالٍ يتعلّق بهذين النوعين في ديوان الشاعر.

                والسناد: هو عيوب ما قبل الروي، وهي خمسة، سناد الردف، وسناد التأسيس، وسناد الإشباع، وسناد الحذو، وسناد التوجيه، (منها اثنتان متعلقان بالحروف وثلاثة بالحركات).

                سناد الردف: وذلك بأن يكون بيتٌ مردفاً وآخر بدون ردف.

                سناد التأسيس: وذلك بأن يكون بيتٌ مؤسساً وآخر بدون تأسيس.

سناد الإشباع: وذلك باختلاف حركة الدخيل من بيت إلى بيت.

سناد الحذو: وذلك باختلاف حركة ما قبل الردف.

سناد التوجيه: وهو اختلاف حركة ما قبل الروي في القافية المقيدة بالسكون ([49]).

لم نقف على مثالٍ يتعلّق بهذه الأنواع في ديوان الشاعر إلا نوعاً خامساً، وهو سناد التوجيه، ومن أمثلته قول الشاعر:

أمـــــا لكمُ في حـــــــــرب صهْيونَ عبرةٌ                     تعيدكمُ للرشد والحق عـــــــــن كثَبْ

                                فو الله لو كنتم جميعاً على الهدى                    على سنة المختار والسادة النُجُبْ

                                (أولئك آبـــــــائي فجئني بمثلهـــــــــــــــــــــم)                   ودعني من البهتان والزور والكذِبْ ([50])

وقع سناد التوجيه في هذه الأشعار من حيث تختلف حركة ما قبل الروي في القافية المقيدة، ففي الأول حركة الفتحة، وفي الثاني حركة الضمة، وفي الثالث حركة الكسرة.

فاتضح مما ذكرناه في هذه الورقة أن القافية لها أهمية كبيرة في الشعر، وهي جزء مهمٌ من الإيقاع الشعري، وهي تُحدث الموسيقى والجرس والتناغم في البيت، وتكون مرتبطة بالبنية الموسيقية في القصيدة كلها، ونجد بعد الإمعان في قوافي شعر الهلالي أنها اشتملت على مكونات صوتية متقاربة ومتآلفة ومشابهة فيما بينها مثل حروف اللين (الواو والياء)، وحروف المد (الألف، الواو، والياء) وغيرها. وأما القوافي المطلقة فهي كثيرة الاستعمال، والقوافي المقيدة قليلة الاستعمال، وكذلك استخدم المتدارك والمتواتر من أنواع القوافي كثيراً دون المتراكب والمترادف، وأما المتكاوس فلم نجد له مثالاً، وكذلك وجدنا أمثلة للعيوب التي تطرّق إلى الإقواء والإصراف وسناد التوجيه.

 

الهوامش

[1]. انظر: تأريخ الأدب العربي للزيات، دار نهضة مصر للطبع والنشر، القاهرة، ص: 28، ونقد الشعر لأبي الفرج قدامة ابن جعفر، تحقيق: عبد المنعم خفاجي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ص:64.

[2]. كتاب القوافي للإمام أبى الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش، تحقيق: أحمد راتب النفاخ، دار الأمانة، بيروت، الطبعة الأولى: 1394ه-1974، ص: 8.

[3]. القوافي للإمام الأخفش، ص: 3.

[4]. عبد الله الطيب، المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعته، مطبعة حكومة الكويت، ص: 2/194.

[5]. المصدر السابق.

[6]. منحة الكبير المتعالي في شعر وأخبار محمد تقي الدين الهلالي، جمع وتعليق: أبو عبيدة مشهور حسن آل سلمان، الدار الأثرية، الأردن، الطبعة الأولى: ١٤٣١هــ – ٢٠١٠م.، ص: 242.

[7]. المصدر السابق، ص: 364.

[8]. المصدر السابق، ص: 127

[9]. نفس المصدر والصفحة.

[10].  إبراهيم منصور، موسيقي الشعر، مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة الثانية: 1952، ص: 244.

[11]. القوافي، ص: 15-16.

[12]. منحة الكبير المتعالي، ص: 570.

[13]. كتاب العروض والقوافي لأبي إسماعيل بن أبي بكر المقري، تعليق: يحيى بن علي المباركي، دار النشر للجامعات، القاهرة، الطبعة الأولى: 1430ه – 2009م، ص: 69.

[14]. منحة الكبير المتعالي، ص: 380

[15]. المصدر السابق، ص: 542.

[16]. المصدر السابق، ص: 445.

[17]. المصدر السابق، ص: 269.

[18]. المصدر السابق، ص: 113.

[19]. المصدر السابق، ص: 323.

[20]. المصدر السابق، ص: 233.

[21] . كتاب العروض والقوافي، ص:70.

[22]. منحة الكبير المتعالي، ص: 219.

[23]. المصدر السابق، ص: 319.

[24]. المصدر السابق، ص: 399.

[25]. كتاب العروض والقوافي، ص:71.

[26]. منحة الكبير المتعالي، ص: 359.

[27]. المصدر السابق، ص: 649.

[28]. انظر هذه التعريفات في كتاب العروض والقوافي للمقري، ص: 73 – 76.

[29]. منحة الكبير المتعالي، ص: 408.

[30]. المصدر السابق، ص: 446

[31]. المصدر السابق، ص: 270.

[32]. المصدر السابق، ص: 219.

[33]. المصدر السابق، ص: 426.

[34]. المصدر السابق، ص: 359.

[35]. المصدر السابق، ص: 655.

[36]. المصدر السابق، ص: 415.

[37]. المصدر السابق، ص: 551.

[38]. المصدر السابق، ص: 407.

[39]. أبو عبيدة، أمين الكافي ترجمة متن الكافي في علمي العروض والقوافي لأبي العباس أحمد بن شعيب الشافعي، إدارة البحوث الإسلامية، الجامعة السلفية، بنارس ص: 8-14.

[40]. منحة الكبير المتعالي، ص: 363.

[41]. المصدر السابق، ص: 208.

[42]. المصدر السابق، ص: 241.

[43]. جميع هذه التعريفات مأخوذة من كتاب “ميزان الذهب في صناعة شعر العرب” لأحمد الهاشمي، مؤسسة هنداوي للتعليم والتربية، القاهرة، ص: 121 – 122.

[44]. منحة الكبير المتعالي، ص: 552.

[45]. ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، ص: 123.

[46]. منحة الكبير المتعالي، ص: 357.

[47]. المصدر السابق، ص: 356.

[48]. ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، ص: 123.

[49]. صفاء خلوصي، فن التقطيع الشعري والقافية، مكتبة المثنى، بغداد، الطبعة الخامسة، ص: 282.

[50]. منحة الكبير المتعالي، ص: 164-165.

المصادر والمراجع

  • إبراهيم منصور، موسيقي الشعر، مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة الثانية: 1952.
  • أبو الحسن، سعيد بن مسعدة الأخفش، كتاب القوافي، تحقيق: أحمد راتب النفاخ، دار الأمانة، بيروت، الطبعة الأولى: 1394ه-1974.
  • أبو عبيدة، أمين الكافي ترجمة متن الكافي في علمي العروض والقوافي لأبي العباس أحمد بن شعيب الشافعي، إدارة البحوث الإسلامية، الجامعة السلفية، بنارس.
  • أبو الفرج، قدامة ابن جعفر، نقد الشعر، تحقيق: عبد المنعم خفاجي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
  • الزيات، أحمد حسن، تأريخ الأدب العربي للزيات، دار نهضة مصر للطبع والنشر، القاهرة.
  • صفاء خلوصي، فن التقطيع الشعري والقافية، مكتبة المثنى، بغداد، الطبعة الخامسة.
  • عبد الله الطيب، المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعته، مطبعة حكومة الكويت.
  • المقري، كتاب العروض والقوافي لأبي إسماعيل بن أبي بكر، تعليق: يحيى بن علي المباركي، دار النشر للجامعات، القاهرة، الطبعة الأولى: 1430ه – 2009م.
  • الهاشمي، أحمد، ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، مؤسسة هنداوي للتعليم والتربية، القاهرة.
  • الهلالي، منحة الكبير المتعالي في شعر وأخبار محمد تقي الدين الهلالي، جمع وتعليق: أبو عبيدة مشهور حسن آل سلمان، الدار الأثرية، الأردن، الطبعة الأولى: ١٤٣١هــ – ٢٠١٠م.