Main Menu

الأمل

الدكتورة سميه رياض الفلاحى

آراضى باغ ، اعظم كره

 

” إنّ الأمل يقدّم المرء و يهدى إلى النجاح”

سألت سعاد صديقته عن التطوّر والتقدم و قالت : ماذا بك يا أمل؟

أجابت : الأمل.

فتحيّرت سعاد بها و صاحت : ماذا جرت بك؟

هل لمسك الشيطان أو أنت أصابك الجنون؟

فتبسّمت و قالت : لا تستعجلى ، اصبرى ولا تقنطى من رحمة الله.

غضبت سعاد على سلوكها المتغير و رجعت إلى بيتها متأملة فى حالتها الخبطية ولكنها لم تعثر على أى شيئ.

و كانت ” أمل ” صاحبة الأمل ، صاحبة الوجه ، واسعة اليد ، عميقة النظرين و صافية القلب مسلمة و مؤمنة ، ولها أثر بالغ بإسمها ” أمل” فكانت متفائلة دائمة السير فى جميع الأمور.

و كانت تعيش عيشة رغيدة منذ طفولتها كما أنها كانت وحيدة لأبويها ذوى مال وفير، لم تر الهمّ والغمّ قط.

دخلت مدرسة ابتدائية فنجحت بتفوق و نالت شهرة عالية و ربطت خيوط الصداقة على أوسع النطاق و أصبحت ذات منزلة عالية بينهن بعلو تفكيرها و فرط ذكاءها.

بعد سنوات ….

تقدّم و تطوّر أمل حتى وضعت قدميها فى الدراسة العليا ، وكان الشيطان يتسرّب إليها ، يخلق الحسّاد و النمّام لها ، لكن أمل قد خلفته بإيمانها الخالص و يقينها الصادق ، حتى رجع الشيطان مطرودًا و مهزومًا ، ولكنه أصرّ على إرادته الفاسدة و حاول أن يغتالها من كل ناحية ، و تقاومه أمل بتمسكها بحبل الله و التزامها بالشعائر الدينية.

و توالت الأيام و جاء يوم دخولها جامعة القاهرة و تسرّب إليها الشيطان من باب الخلف و وسوس إليها أنها مؤمنة ذات العفة و العزة ، فلم يستطع إليها أحد أن يكب عليها…… و مضت السنوات فى الجامعة حتى اشتهرت و كل شاب فى الجامعة يريد أن ينظر إليها و ينسج خيوط الصداقة معها ولكن بلا جدوى.

رأى شاب إليها باشمئزاز و تبسّم و كانت أمل تسير بدون مبالاة بحولها و كان يمشى خلفها بخطوة بطيئة لأنه يتمنى أن يلقيها بما سمع شهرتها .

و على ذلك الحال ، مازالت و تجئ كل يوم إلى قسمها الإنكليزى و يعجب بها ذلك الشاب اللاذع حتى تسرب إليها الشيطان بصورة ذلك الشاب و أراها أعمال القبح كجمال الجنة فغفلت أمل عن ذكر الله و نسيت شعائر الإسلام و أغمرت فى الحب مع الولد اللاذع الذى كان يجوب ضواحى القاهرة وأجوبتها.

و بمرور الأيام أحست بالضيق فى بيتها و فى مجتمع الصداقة فى قسمها و توترت.

و قد تعوّدت أن تسهر الليالى فى المغازلة و المحادثة مع حبيبها حتى بعدت من أهلها و صديقاتها كأنهم لم يكونوا لها و شغلت عن عبادة الله و ذكره.

ولكنها تضطرب مع كل رغائدها حتى شعرت بمعصية الله فأنابت إليه و تابت.

ولكن الشيطان قد قام فى طريقها و قال : لا تحزنى ، كلهم أعدائك ، فسيرى فى سيرك ، و كانت تفكر فى عواقبها…..

هل أنت متوترة يا أمل ؟ سأل حبيبها حينما تحدّث معها فأخبرته بضيق صدرها ، فتعشقها و أغرّها بالفتن و دعاها إلى بيته.

فغرّت أمل و فتنت و جاءت إليه فجرّها إليه و قبّلها و كوّر جلبابها و أسمرها بالكلمات المعسولة و قال : أنت روحى و نفسى ولا أستطيع أن اعيش بدونك.

صحيح؟ أنا لا أصدق…… أجابت بهمس….

نعم يا روحى ! هل لا تعتقدى؟

أنا كل لك و أنا اؤكد لك أن أتزوج معك فى قريب عاجل.

ففرحت و لصقت به و نسيت الشعائر الدينية ولكنها فجأة ندمت على عملها و فاضت الدمع من عينيها.

لا تبكى يا نفسى ! أنت لى و أنا لك…..

تسلىّ حبييها بهذه الكلمات الدافئة و أيقنها بحبّه العميقة….

فسكنت بعد دقائق و اطمأنت ثم ودّعته و وعدته بلقاء عاجل و رجعت إلى بيتها.

هل فعلت حقًا يا أمل ؟ أنت خاطئة و خدعت نفسك كما شغلت فى الملاهى والملاذ و غفلت عن الأحكامات الإلهية.

و كانت ترجع و تفكّر فى أعمالها الخسرة الفادحة فى طريقها وتلام نفسها حتى عادت إلى مسكنها فسترت من أهلها نادمة على فعلها و لزمت بالوحدة و أنابت إلى الله مأمولة العفو عند الله.

ما أصابك يا أمل؟ هل أنت مريضة أو متوترة؟ سألتها صديقاتها فأجابت بنفى ولم تظهر عليهن أى شيئ.

ثم بدأت تعيش حياتها فى ظل الله إنابة و استغفارًا حتى تيقنت أن الله سيغفرها لأنه هو الغفور الرحيم.

عادت حياتها حياة عادية هنيئة و نسيت حياتها الماضية و حبيبها الماضى و وجّهت إلى مشاغلها اليومية و كانت تحلم كل يوم بحياة سعيدة زوجية منذ شهور و تحفل بذاكرة مصاهرها و كانت تريد أن تتزوج مع الرجل الشريف ذى الشهادة العليا و ترى أمانيها فى المنام كأضغاث الأحلام و تعبّرها بنفسها ولكنها لقيت بسقط البرق مرات عديدة و خابت فى طريقها حينما سعى أهلها لقرابة سعيًا واسعًا مع الرجل العالى ولكن بلا جدوى فلم يستطع أهلها أن يفعل كل شيئ و تركها وحيدة دون تفكير بأمانيها ، فبكيت و لزمت بالفراش ولكنها مضطرة و مضطهدة ، لم تستطع أى شيئ.

فسلّمت نفسها إلى الله و دعته و كانت تأمل أن الله لا يخزيها ولا يتركها و تقول و تكرّر فى نفسها :” إن معى ربى سيهدين”.

و تعيش حياة حزينة باكية فى الليالى و لكنها كانت تتوكل على أن الله سيسعدها و يعيد حياتها إليها بسعادة و فرحة و تستغفر فى التهجد و تظن أن هذا ابتلاء من ربّها من معصيتها و يريد الله أن يمتحن إيمانها و يقينها و أن يغفرها.

و كانت تسكن فى بيتها مع أهلها و فى خارجها مع صديقاتها ولكنها وحدة لأن ذهنها لا يشارك معهن و تدعو الله كل يوم و حين مأمولة بأنه لا يتركها على هذا النحو و سيعطيها سؤالها لأنها كانت أمل و كانت ترجو من رحمة الله دون اليأس.

ابشرى يا أمل! هذا النصر من الله و استعجبت فى الحلم و اعجبت بها.

فأعاد الرؤيا حياتها حياة سعيدة حينما بشرت بصلة الرحم فى الرؤيا.

هل أنت تصدق أو تمزح معى يا أمل ؟ سألت نفسها….

أنا صحيحة و حقًا و غرقت فى أحلام الأمانى …… و قالت : إن الله حق و قوله حق ” أدعونى استجب لكم”……