بسم الله الرحمن الرحيم
تتشرف أسرة مجلة نقيب الهند الإلكترونية بعد عون الله وتوفيقه بتقديم هذا العدد الخاص عن جهود مركز الدراسات العربية والإفريقية بجامعة جواهر لال نهرو، بدلهي الجديدة، ودورها الريادي في تطوير الدراسات العربية في شبه القارة الهندية وإثراء التراث العربي الخالد بتقديم تعريف موجز عن خدمات أبناءها ومنسوبيها في مختلف المجالات وإبراز جهودهم في هذا المضمارالواسع، وبهذا سيتحقق حلماً طالما كان يراودها منذ مدة ليست بقصيرة، كما تتمنى تقديم أعداد خاصة عن جهود الأقسام العربية الأخرى والصروح العلمية الدينية في المستقبل القريب العاجل. بإذن الله وتوفيقه الخاص.
لقد تم تأسيس هذا المركز العريق في عام 1971م في قلب العاصمة نيو دلهي، ومنذ ذلك اليوم لايزال المركز يواصل مسيرته في ترسيخ جذور اللغة العربية وآدابها، وتوسيعها بين أبناء هذا البلاد المترامية الأطراف نطقاً وكتابةً، وربطها وظيفياً، تستيطع بذلك مواكبة متطلبات العصر الراهن جنب اللغات العالمية الأخرى، ومواجهة الأخطار المحدقة به والدسائس التي تتعرض لها من حين لآخر محلياً وعالمياً، وسد ما يحتاج إليه حكومةً وشعباً ، بعد أن كانت محصورة في المدارس والمعاهد الدينية طوال القرون الماضية.كل ذلك في ظل إمكانيتها المحدودة، ويرجع إلى إخلاص القائمين عليها وتفانيهم في نشر لغة القرآن الكريم كلام الله عزوجل.
كما يرجع الفضل للمركز في التعريف بعدد كبير من علماء الهند والتنويه بجهودهم في خدمة الدراسات العربية والإسلامية، إضافة إلى الأدباء والكتاب العرب حيث ناقش أكثر من أطروحة دكتوراه و ماقبل الدكتوراه. وبالتالي نشط عدد من الطلاب بترجمة إنتاجاتهم الأدبية .
كما يهتم هذا الصرح الفريد بإقامة الندوات والمؤتمرات وورشات العمل على شتى الموضوعات الأدبية والعلمية، ودراسة المناهج الدراسية الحديثة المتبعة خارج البلاد، وكيفية تطبيقها على الساحة الهندية، والبحث عن سبل تطوير قدرات الطالب وتنمية مداركه وتوسيع أفقه، حتى يكون الطالب على إلمام تام بما يجري على مسرح الأحداث على مختلف المستويات العلمية والثقافية والسياسية والأدبية، والتغيرات التي تطرأ على الآداب العالمية الكبرى، والمناقشات اللغوية التي تحدث بين الشعراء والأدباء، والصراعات الفكرية بين اللغات والآداب والثقافات.
نتيجة تظافر جهود القائمين على المركز امتاز أبناء هذا المركز بتنوع خدماتهم المهنية داخل الهند وخارجها وجدارتهم من بين الآخرين، وتعدد إنتاجاتهم العلمية والأدبية والتاريخية والثقافية، ترعرع في ظلالها الوارفة جيل جامعي مثقف يتقن ترجمة الروايات والقصص من مختلف آداب شبه القارة الهندية إلى اللغة العربية، كما يلم بتقديم الأدب العربي بمختلف أجناسه إلى آداب هذه البلاد وبالتالي أثرى محتويات تراث اللغة العربية واللغات الهندية معاً، وفتح نوافذ عديدة للباحثين عن الآداب الوافدة والمنقبين عن الثقافات الأجنبية، وأتاحت للشباب فرص الخوض في أجناس أدبية أخرى، كان العلماء الهنود بمعزل عنها تماماً، لعدم احتكاكهم وقلة الوسائل المتاحة لهم من جهة أخرى، تركت هذه النهضة الحديثة بصمات واضحة على آداب اللغات الهندية العديدة كالأردية والهندية والبنجالية والكشميرية والتاميلية وغيرها.
فواز عبدالعزيز المبارك فوري