عبد المتين، باحث الدكتوراة،
بقسم اللغة العربية وآدابها، الجامعة العالية،
كولكاتا، الهند، البريد الإلكتروني: imatinabdul@gmail.com
مخلص البحث: إن الأدب الأطفال له أهمية كبيرة في تنشئة الجيل، وليس أدب الأطفال بأدب الكبار نفسه بل يختلف عنه من حيث الموضوع، والكتابة لأدب الأطفال ليست سهلة ولا يكفي أن يكون الكاتب مشهوراً في مجال الكتابة حتى يكون كاتب أدب الأطفال ناجحاً لأن الكتابة للأطفال تحتاج إلى موهبة ومؤهلة وتعمق في اللغة ودراسات، وخصائص مميزة للوقوف على حاجات الطفل النفسية والإدراكية والصحية والاجتماعية. وكان الشيخ أبو الحسن على الندوي من أبرز الكتّاب الذين ساهموا مساهمة فعالة في مجال الأدب الأطفال حيث أصدر عدداً من الكتب الخاصة للأطفال، ولوّنها باعقائد الإسلام الصافية، وغرس في عقولهم وأذهانهم الخالصة المثالية الإسلامية السمحة.
وقد يهدف هذا البحث إلى إلقاء الضوءعلى أسلوب أبي الحسن على الندوي في كتابة أدب الأطفال النثري ومساهمته في هذا المجال.
الكلمات المفتاحية: أبو الحسن على الندوي، أدب الأطفال، الأدب العربي الهندي، قصصن النبيين، الأسلوب.
المدخل: إن الله تعالى قد أعطى هذه الأمة الرجال الأفذاذ الذين أناروا لها الطريق المستقيم في وقت احتاجت فيه لبيان كلمة الحق وتعريف الناس بدينهم في زمن الجهل وعصر الاستعمار، وخدموا الإسلام بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة في كل قطر من أقطار العالم. وأخصّ منهم سماحة الشيخ العلامة أبو الحسن علي الندوي رحمه الله – أحد الأعلام في عصرنا – وقد كان أبو الحسن الندوي داعيةً ربانياً ومفكراً عملاقاً وكاتباً قديراً ومربياً عظيماً، وكان له شغف بالعلوم والثقافات والدراسات المنوعة وقد برع في مجالات الدعوة والتاريخ والفقه.
أما أساليب الشيخ الندوي العلمية والأدبية، والخصائص البارزة لأفكاره وآرائه، فنكتفي هنا بنقل بعض الانطباعات التي أبداها كبار العلماء والقادة والمربين والمفكرين في العالمين الإسلامي والعربي ، ثم نقدم تعريفاً موجزاً عن أهم مؤلفات الشيخ الندوي وميزاتها وخصائصها والجوانب الهامة التي تضمنتها هذه الكتب ، وملأت الفراغ الواقع في مجال الدعوة والفكر الإسلامي.
يقول الدكتور مصطفي السباعي عن ميزة مؤلفات الأستاذ الشيخ الندوي : “كتبه ومؤلفاته تتميز بالدقة العلمية وبالغرض العميق في تفهم أسرار الشريعة وبالتحليل الدقيق لمشاكل العالم الإسلامي ووسائل معالجتها”[1]. ويقول الأستاذ أنور الجندي في مقاله المنشور في مجلة “رابطة العالم الإسلامي” عن أسلوب الشيخ الندوي رحمه الله : “أسلوب الشيخ الندوي في غاية الجمال، وله قدرة عالية في البيان، وعمق الفهم للإسلام ويركز الشيخ الندوي دعوته على العرب، ودورهم الممثل في اليقظة الإسلامية وآماله وتطلعاته إلى النهضة الجديدة التي تحمل لواء المفهوم الصحيح للإسلام دينياً ودولياً ، ونظام مجتمع ومنهج حياة ”[2].
يستغرب الناس ويندهشون حينما يرون تنوع مؤلفات الشيخ الندوي، تتميز كلها بالإبداع، والدقة العلمية والأسلوب القوي. فيتساءلون عن منابع القوة والتأثير والحيوية والسحر الحلال إلى هذه الخصائص البارزة والمنابع الدافقة، يشير الأستاذ محمد المجذوب في كتابه علماء ومفكرون عرفتهم: “ومتتبع لما يكتب الندوي، يشعر بأن لعبارته الأدبية سحراً لا يتوافر في العادة إلا في العلية من أصحاب المواهب الذين تعمقوا سر الكلمة وتفاعلوا به، وكان لقلوبهم أكبر الأثر فيما يصوغونه، وتلك هي الخاصة الرئيسية التي يمتاز بها أبداً أولو الأذواق الروحية من المتخرجين في مدرسة القرآن الكريم، وبهذه الخاصة يتناول الشيخ الأحاديث التاريخية، فإذا هي مائجة بالعبر، وقلما تقرأ به له بحثاً أو قصةً أو حديثاً لا تلمس أثناءه هذه الصورة الناطقة الحكيمة”[3].
نبذة عن السّيد أبو الحسن علي النّدوي:
هو الشّيخ العلامة الدّعية المربي المفكر أبو الحسن علي بن عبد الحي الحسني النَّدْوي الهندي الجنسية ، العالمي العطاء، شيخ الأمة، ولسانها النّاطق بالحقّ. ويحسب كثير من الناس – والعرب خاصّة – أنّ “النّدوي” لقب أسرة يجمع بين أفرادها النسب، ويسألون من اقرابة العلامة السّيد سليمان النّدوي (أحد كبار المؤلفين في السّيرة على الإطلاق)، والأستاذ مسعود النّدوي (الأديب العربي الكير، ورائد الصحافة العربية الإسلامية في شبه القارة الهندية)، والعلامة أبوالحسن علي النّدوي. هو أديب عظيم ومفكر اسلامي و كاتب قديم وداعية إسلامي في الهند[4] ففي الحقيقة لا يجمع بينهم النّسب، وإنّما يجمع بينهم العلم والأدب، والمعهد (أي دار العلوم التّابعة لندوة العلماء) الذي ينتسبون عليه، كانتساب المتخرج في الأزهر بـــ”الأزهري”، يقول أديب العربية الكبير الشّيخ علي الطّنطاوي – رحمه الله تعال :- ” وأنا لا أعرف أهل معهد أو مدرسة لهم تعلق بعهدهم أو مدرستهم ستعلق النّدويين بندوتهم، ينتسبون إذا انتسبوا إليها لا إلى آبائهم، ويجتمعون عليها أكثر ممّا يجتمع أفراد الأسرة على أنسابهم، فكل من دخلها حمل لقب “النّدوي” فعرف به، لا بلقب أهله”[5].
ولد العلامة أبوالحسن علي الحسني النّدوي في شهرمحرم الحرام سنة 1333هـ الموافق 23 تشرين الثّاني سنة 1914م[6] بقرية تكيّة كلان من مديرية رائي بريلي[7] ونشأ في أسرة متديّنة متعلّمة، نبغ منها عدد من العلماء والدّعاة، كان من أبرزهم أبوه الشّيخ عبد الحي الّذي يعدّ بحق خلّكان الهند، وهو صاحب “نزهة الخواطر وبهجة السّامع والنّاظر”[8] العالم المصلح والداعية المخلص، أستاذ التّفسير والأدب في دار العلوم، فوجد العلامة في هذه الموسوعة الضّخمة الثّمينة خير زاد لروحه، لقد قرأ أفذاذ المصلحين قراءة جعلته يتهيأ لدور كبير يضيف به ترجمة حافلة إلى هذه التّراجم.
ولم تكن “نزهة الخواطر”: هي سلواه المختار وحدها، في عهد اليفاعة، بل دفعته – فيما بعد – إلى مثيلاتها في التّراث الإسلامي، وفي كتب التّراجم والطّبقات، وهذا البحر الزّاخر من المعارف التّاريخية يحي النّفوس المتعطشة ويدفعها إلى الاحتذاء الحسن، لا سيما غذا كان القارىء مثله – أي مثل العلامة – ذا النّفس المتوثبة الطامعحة للعلاء، ونحن نرى أمثلة شتى في كتب العلامة فطفها من حدائق هذه الكتب، وكم قرأها أناس من قبله ومن بعده، ولكنّهم لم يحسنوا استغلالها على النّحو الّذي اهتدى إليه الشّاب الصّغير[9].
وكانت أمّه خير النساء شريفة النّسب، شاعرة عابدة حافظة للقرآن ومؤلّفة للكتب،والمربّية النّادرة، فنسب جدته من جهة والده ينتهي إلى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ونسب أمّه ينتهي إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فهو نجيب النّسب من جهتين[10] وتولّى أخوه عبد العلي تربيته بعد وفاة والده عندما بلوغ التاسعة من العمر.حفظ القرآن في البيت وجوّده، تعاونه أمه. والتي قامت بتربيته فأحسنتها، وكانت تتميز من بين سيدات أسرتها بقيام الليل، وكثرة الدعاء، ومناجاة الله، ويشتمل بعض أدعيتها على توجيهات رشيدة، وابتهالات وأدعية كريمة لابنها الحبيب (العلامة النّدوي)، تقول في إحدى أدعيتها متضرعة إلى الله: “إلهي! يعيش ابني علي في الدنيا في حفظك وأمانتك ورعايتك، ويستنير به سراج العالم ومصباح الكون، ويخضب المجيب، اجعل (عليا) فرحاً فخوراً ذا حظوة ونسيب”[11].
ولد العلامة ونشأ في بيت العلم والورع والتّقوى والدّين، وفي أسرة نجيبة أصلية فهو ممتاز بعدة خصائص. ونشأ كذلك على حب من يوفقه الله ويقويه على الجمع بين الرّياستين: العلمية والعملية، والحسنيين: الدنيا والآخرة، والنقيضين: (في عرف الناس) من إمارة أو وزارة في جانب، والاشتغال بالتأليف والتدريس، أو التربية والإرشاد، والإصلاح وإزالة الفساد في جانب آخر[12] وقد ذكرها الشيخ النّدوي نفسه في كتابه “في مسيرة الحياة”: ” فهذه الأسرة قد حافظت على نسبها وأصلها إلى حدّ المبالغة والمغالاة، وأنّها – منذ قدومها إلى الهند- لم تزل متمسكة بعقيدة التوحيد الخالص، بعيدة عن الشّرك وأعماله، متجنّبة البدع والخرافات، واحتفظت في مختلف أدوارها وعهودها بخصيصة الرّجولة والحمية الدّينية وعاطفة الجهاد. وأفراد هذه الأسرة كانت تتسم بالسامح بالوداعة دون غباوة وبلادة، وظلت على اتصال متين وقوي بالطريقتين العلمية والرّوحية، وأنّ أفرادها لم تكن ذات ثروات طائلة، بل تميزت بالتقشف وشقف العيش”[13].
إنّ هذا أمر طبعي لا يمكن إنكاره أنّ العلامة الندوي استفاد من جهابذة دهره و أعلام عصره وأقبل عليهم إقبال الظامئ على المورد العذب، ونهل من علمهم وفقههم، ما أفهم عقله حكمة و علما، وأترع نفسه صلاحا وهديا، ويدلّ عليه مكانته العلمية العالية. قد درس العلامة النّدوي من الأساتذة الكبار والشّيوخ العظام والعلماء الجيّدون في ندوة العلماء وغيرها. نذكر هنا بعض هؤلاء الأساتذة الّذين أثروا فيه تأثيراً عميقاً بقي مدى حياته، منهم: العلامة الشّيخ خليل بن محمّد اليماني، وعلامة الدكتور محمّد تقي الدّين بن عبد القادر الهلالي المغربي، العلامة المحدّث الفيه حيدر حسن بن احمدالأفغاني الطونكي، والعلامة الشّيخ أحمد علي اللاهوري، والشّيخ حسين أحمد المدني، وأحمد قادة خركة التّحرير والمقاومة للإستعمار الإنجليزي ورئيس جميعة علماء الهند”[14].
كما تعلّلم اللّغة العربية من الشّيخ خليل بن محمّد الأنصاري في سنة 1924م، ودرس بعض كتب النّحو والصّرف عند السّيد عزيز الرّحمن. ولهذا أتقن علوم العربية إتقاناً جيّداً حتّى أصبح يتكلم العربية بطلاقة. وكان النّدوي طالباً مجتهداً وممتازاً في الجامعة، وحصل شهادة ” فاضل أدب” بتفوق، ونال الميدالية الذّهبية،كما نال شهادة الفاضل في الحديث في السّنة التّالية[15].
التحق الشّيخ النّدوي بدار العلوم لندوة العلماء في سنة 1929م، ودرس بها علوم الحديث، والتّفسير والمنطق. وفي هذه السّنة قرأ بعض كتب الفقه، ودرس تفسير السّور الأخيرة من القرآن الكريم من خواجة عبد الحي الفاروقي وأخذ بعض الدّروس في الفلسفة عن العلامة السّيد سليمان النّدوي[16].
قد تأثر العلامة الندوي بعدد كبير من العلماء والأئمّة السّابقين والمعاصرين منهم: شيخ الإسلام أبوعبدالله أحمد بن محمّد بن حنبل والإمام تقي الدّين أبوالعباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، والإمام أحمد بن عبدالأحد العمري السّرهندي، الأستاذ محمد مبارك، وشاعر الإسلام الدّكتور محمّد إقبال، والإمام ولي الله الدّهلوي، والسيد أحمد بن محمّد عرفان الشّهيد، والدّاعية الكبير محمّد إلياس الكاندهلوي، والشّيخ عبدالقادر الرّائبوري، والإمام الشّهيد حسن البنا، الشيخ الدّكتور مصطفى السّباعي، العلامة الشيخ علي الطنطاوي[17].
عمل مدرّساً بدار العلوم في لكنهؤ مدّة عشر سنوات ، واشتغل بالصّحافة، و الشّيخ النّدوي مأمور في حياته بالعمل العلمي و المناصب العلمية والإدارية، ونذكر هنا بعضاً منها:رئيس جامعة دار العلوم، وأمين لندوة العلماء بالهند ورئيس جامعة دار العلوم، ورئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية والمؤسس لها، ورئيس هيئة الأحوال الشّخصية الإسلامية لعموم الهند، رئيس هيئة التعليم الدّيني للولاية الشّمالية بالهند، ورئيس مجمع دار المصنفين بأعظم كره بالهند، ورئيس مركز أكسفورد للدّراسات الإسلامية بلندن، ورئيس المجمع العلمي الإسلامي بالهند والمؤسس له، ورئيس حركة رسالة الإنسانية والمؤسس لها، عضو المجلس الاستشاري للجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة منذ تأسيسها، عضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكّة المكرّمة، عضو المجلس الأعلى للمساجد بمكّة المكرّمة، عضوالمجلس الأعلى العالمي للدّعوة والإغاثة بالقاهرة، عضوالمجلس التنفيذي بالجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند بالهند، عضو المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية العالمية بباكستان، عضو مجلس الأمناءللجامعة الإسلامية العالمية شيتاغونغ بنغلاديش، عضو مجامع اللغة العربية بدمشق والقاهرة وعمان، عضومجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، عضو المجلس التنفيذي لرابطة الجامعات بالرباط المغرب، عضو المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية بالأردن، وعضواستشاري للجامعة الإسلامية بماليزيا، ورئيس تحرير لعدد من المجلّات العلمية مثل مجلّة الأدب الإسلامي، ومجلّة النّدوة، ومجلّة المعارف، ومجلّة تعميرجات وغيرها[18].
وهو أحد مؤسّسي رابطة الأدب الإسلامي العالمية ورئيسها الأوّل، عضو المجلس التّأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكّة المكرّمة، أمين عام ندوة العلماء في الهند، عضو مراسل للمجمع العلمي العربي بدمشق واللغة العربيّة بالقاهرة، عضو المجلس التنفيذي لدار المصنّفين في أعظم كرّة، مؤسس المجمع الإسلامي بالهند.
والعلامة النّدوي أخذ الجوائز العالمية والتّكريم والشّهادات كثيرة من العلم والمعرفة واللغة العربية، منها ما يلي: جائزة الملك فيصل العالمية سنة 1980م في خدمة الإسلام، وشهادة الدّكتوراه الفخرية في الآداب في سنة 1981م من جامعة كشمير ، وجائزة الشّخصية الإسلامية من حكومة دبي لسنة 1998م، وجائزة السّلطان حسن البلقية-سلطان برونائي- للدّراسات الإسلامية سنة 1998م، و حصل جائزة الإمام ولي الله الدّهلوي من معهد الدّراسات الموضوعية بالهند سنة 1999م، أقيمت له حفلة تكريم بجدّة سنة 1985م، أقيمت له حفلة تكريم سنة 1996م في إستنبول[19].
توفي الشّيخ النّدوي في يوم الجمعة 23 رمضان سنة 1420ه الموافق 31 ديسمبر سنة 1999م في مكان إقامته في الهند(يرحمه الله)[20].
التعريف بالأسلوب:
لغةً
قال صاحب المعجم الوسيط : الأسلوب في اللغة هو الطريق ويقال سلكت أسلوب فلان في كذا: طريقه ومذهبه. وطريقة الكاتب في كتابته والفن يقال: أخذنا في أساليب من القول: فنون متنوّعة، والصف من النخل ونحوه، وجمعه: أساليب[21].
وذكر الدكتور جميل صليبا في كتابه المعجم الفلسفي عن الأسلوب، الأسلوب في اللغة: الطريق أو الفن، أو الوجه أو المذهب ، تقول : سلك أسلوبه أي طريقته، وأخذ في أساليب من القول، أي في أفانين منه، وكلامه على أساليب حسنه[22]. وهكذا ذكر صاحب المعجم المفصل في اللغة والأدب عن الأسلوب لغوياً هو الطريق والوجه والمذهب.
اصطلاحاً:
قال صاحب قاموس المصطلحات اللغوية والأدبية عن إصطلاح الأسلوب: طريقة الكاتب في التعبير عن مواقفه والإبانة عن شخصيته الأدبية الخاصة في إختيار المفردات، وصياغة العبارات وما إليها[23].
قال صاحب المعجم المفصل في اللغة والأدب عن الأسلوب الإصطلاحي هو النقدي، المنوال الذي ينسج عليه الكاتب أو الفنان، عناصر إبداعه المتعددة، إنه بمعنى آخر القالب الذي يفرغ فيه النتاج الأدبي والفني من حيث المضمون والشكل معاً[24].
أنواع الأسلوب:
هناك توجد كثيرا من أنواع للأسلوب في الأدب العربي، وسأذكر بعضاً منها كما يلي:
الأسلوب العلمي: (Scientific Style) وهو أهدى الأساليب وأكثرها احتياجاً إلى المنطق السليم والفكر المستقيم، وأبعدها عن الخيال الشعري، لأنه يخاطب العقل ويناجي الفكر ويشرح الحقائق العلمية التي لا تخلو من غموض وخفاء، وأظهر ميزات هذا الأسلوب الوضوح[25].
الأسلوب الأدبي: (Literary Style) هو الأسلوب الجميل ذو الخيال الواسع والتصوير الدقيق والإيقاع الموسيقي، الذي يشعرك باللذة في القراءة[26].
الأسلوب الخطابي: (Oratorical Style) هو الأسلوب الذي يستخدم عادةً في الخطابة، متميزاً بوضوح المعاني، وقوة الألفاظ والحجج وكثرة المترادفات والتكرار[27].
الأسلوب التهكمي: (Antiphrasis) هو الأسلوب الذي غايته التهكم، كأن تقول عبارة قاصداً عكس معناها، نحو قوله تعالى: “فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ”[28].
الأسلوب العامي: (Colloquialism) هو الأسلوب المؤلف من ألفاظ وتراكيب عامية لا تتمشي مع قواعد اللغة الفصحى.
الأسلوب المتكلف: (Mannerism) هو الأسلوب الصنعي الذي يضحي بالمعني في سبيل حشو العبارات بالمحسنات البديعية والبيانية والمعنوية وبالألفاظ المتكلفة. وقد انتشر هذا الأسلوب في عصر الانحطاط (1798 – 1758م) بعد سقوط بغداد في يدي هولاك المغولي (1258م).
الأسلوب المميز: ( Idiolect ) هو الأسلوب الخاص لكاتب أو أديب أو فنان يميزه من غيره. فيقال مثلاً الأسلوب المميز لابن المقفع في الأدب والأسلوب المميز لباخ في الموسيقي.
أسلوب المولدين: هو أسلوب العصر العباسي (750 – 1258م) الذي كان يوم ذاك على الابتعاد من الألفاظ العامية المبتذلة، ومن ألفاظ البد والحوشية في آن واحد، معتمداً على الألفاظ العذبة المختارة . وابن المقفع ( 75م) وابن المعتز (908م) خير من يمثلان هذا الأسلوب[29].
أسلوب الشيخ الندوي في كتابة أدب الأطفال: إن الشيخ الندوي قد ألّف للعناية بالطفولة والكتابة للأطفال والناشئين بوصفهم رجال الغد وصناع تاريخ الأمم والملل، وهو في عنوان شبابه وكتب مجموعة من قصص النبيين للأطفال بلغتهم في أسلوب سلس فريد، وطريقة شائقة مضمناً إياها ما يجب من المعاني والقيم ومن الدروس والعبر ومن العقائد والمثل حتى قال أحد كبار علماء الهند الشيخ عبد الماجد الدريابادي: “إنها علم التوحيد الجديد للأطفال” وأثنى عليها أديب كبير كالشهيد سيد قطب الذي مارس هذا العمل أيضاً في تقديمه لقصص النبيين بالألفاظ التالية. “لقد قرأت الكثير من كتب الأطفال – بما في ذلك قصص الأنبياء عليهم الصلوات والسلام – وشاركت في تأليف مجموعة: “القصص الدينية للأطفال” في مصر، مأخوذاً كذلك من القرآن الكريم، ولكني أشهد في غير مجاملة أن عمل السيد أبي الحسن علي في هذه القصة التي بين يدي، جاء أكمل من هذا كله، وذلك بما احتوى من توجيهات رقيقة وإيضاحات كاشفة لمرامي القصة وحوادثها ومواقفها، ومن تعليقات داخلة في ثنايا القصة ولكنها توحي بحقائق إيمانية ذات خطر حين تستقر في قلوب الصغار أو الكبار”. وذلك في صورة “قصص النبيين للأطفال” (خمسة أجزاء).
ألف سلسلة كتب مدرسية لدارسي اللغة العربية، كتاب “القراءة الراشدة” (ثلاثة أجزاء)، وذلك كله بمهارة فائقة صبَّ فيها مواهبه الفنية واستخدم فيها براعته الأدبية ، واطلاعه العميق، ومعرفته العلمية الواسعة كخير نفسية الأطفال كما أعد أساتذة ومعلمين قاموا بتأليف كتب دراسية أخري في هذا المجال وجعلوا كتب الصرف والنحو وتعليم الإنشاء وسيلة للتربية والتوعية الدينية والاستعداد العلمي والعملي في وقت واحد[30].
نموذج من هذا النوع: كتب الشيخ في كتاب قصص النبيين تحت موضوع ولد آزر: “وكان آزر له ولد رشيد جداً. وكان إسم الولد إبراهيم. وكان إبراهيم يرى الناس يسجدون للأصنام . . .”، هكذا يستعمل الأستاذ الندوي في هذا الكتاب بأسلوب عامي يعني من ألفاظ وتراكيب عامية.
بدأ العلامة النّدوي كتابة في وقت مبكر من عمره، ونشر أوّل كتابه باللغة الأردية باسم “سيرة السّيد أحمد الشّهيد” في سنة 1939م. كما ألف كتبا منهجية أخرى باللغة العربية لطلبة المدارس العربية بالهند[31]. ثمّ التفت العلامة الندوي إلى العناية بالطّفولة والكتابة للأطفال والنّاشئين، بوصفهم رجال الغد وصناع تاريخ الأمم والملل، وهو في عنفوان شبابه، وكتب مجموعة من قصص النّبيين للأطفال بلغتهم، في أسلوب سلس فريد، وطريقة شائقة مضمناً إياها ما يجب من المعاني والقيم، ومن الدّروس والعبر، ومن العقائد والمثل، حتى قال أحد كبار علماء الهند: إنها (علم توحيد) جديد للأطفال، وأثنى عليها أديب كبير كسيد قطب – مارس هذا العمل – أيضاً في تقديمه لـــ (قصص النبيين) بهذه الألفاظ. “لقد قرأت الكثير من كتب الأطفال – بما في ذلك قصص الأنبياء عليهم الصلوات والسلام – وشاركت في تاليف مجموعة: “القصص الديني للأطفال” في مصر، مأخوذاً كذلك من القرآن الكريم، ولكني أشهد في غير مجاملة: أن عمل السيد أبو الحسن في هذه القصص التي بين يدي جاء أكمل من هذا كلّه، وذلك بما احتوى من توجيهات رقيقة وإيضاحات كاشفة لمرامي القصة وحوادثها ومواقفها، ومن تعليقات داخلة في ثنايا القصة، ولكنها توحي بحقائق إيمانية ذات خطر، حين تستقر في قلوب الصغار أو الكبار. جزى الله السيد أبا الحسن خيراً، وزاده توفيقاً، وهدى به الأجيال الناشئة التي تحيط بها العواصف والأعاصير، وتنتشر في طريقها الأشواك، وتدلهم من حولها الظلمات، وتحتاج إلى الهدى والنور والرعاية، والإخلاص في حياطتها ورعايتها، ومن الله التوفيق[32].
نتحدّث في هذا القسم عن أهداف العلامة النّدوي فيما كتبه للطّفل المسلم وفكره الأدبي، والّذي يحتوي على ستة مباحث، وهي: اللغة، والدعوة، والتربية الإسلامية، والجانب الفكري والنفسي، والثقافة الإسلامية، والتي تبرز عدة نواح في الفكر واللغة والتربية، وتهمّ أدب الطفل من خلال دراسة الباحث المتأنية لكتب العلامة الندوي فيها، نتناول هنا كلّا من هذه الأهداف بشيء من التفصيل في ضوء مؤلفاته وكتبه، فمنها أوّلاً:
التّربيّة الإسلاميّة: قدّم العلامة الندوي في مستهل كتابه “قصص النبيين” نصيحة لابن أخيه “محمد الحسني”[33] من القصص العربية من جهة أخرى نصيحة بدراسة قصص الأنبياء وتعلّم اللغة العربية، قدّم العلامة هذه النّصحية التّربوية اّلتي تحمل في ثناياها كلّ الأسف والخجل من القصص العربية التي لا تتكلّم إلا عن الحيوانات والأساطير والخرافات، فيقول: “ابن أخي العزيز! أراك حريصاً على القصص والحكايات، ولكني أتأسف لأني لا أرى في يدك إلا حكايات السنانير والكلاب والأسد والذئاب والقردة والذباب، ولكني أخجل أنك لا تجد ما يوافق سنك من القصص العربية، إلا قصص الحيوانات، والأساطير والخرافات، فرأيت أن أكتب لك ولأمثالك أبناء المسلمين قصص الأنبياء والمرسلين – عليهم صلاة الله وسلامه – بأسلوب يناسب سنك وذوقك، ففعلت”[34].
نذكر هنا الأهداف التربوية التي يؤكد عليها العلامة النّدوي في كتبه الّتي ألّفها للنّاشئين، فمنها: التّدرج في الأسلوب التّربوي للنّاشئة حسب ما تقتضيه درجتهم العقلية، غرس مكارم الأخلاق الإسلامية في كيان الطّفل، ودعوته إلى التّمسك بها، الحثُ على حبّ العلم وتعلمه ودعوة الطفل إلى طلبه، تحرير عقل الطّفل وقلبه من الأساطير والخرافات، وضغوط شهوات الحياة الدّنيا وهذا التّحرير لعقل الطّفل هو تحرير من الجاهلية وكل تبعاتها، وهذا الهدف يظهر من خلال الشّواهد التّالية الّتي أكد عليها العلامة في قصصه يبدو منها ما يلي:
المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، تطهري الحر من الأوثان والأصنام، زهد القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي في الدّنيا وشهواتها. تنمية الرّوح الجهاديّة والنّفس المطمئنّة للطّفل المسلم: ففي كل قصص العلامة الندوي عن الأنبياء وحكاياته عن التاريخ الإسلامي، دعوة إلى الجهاد وحب الاستشهاد وترغيب الطفل في الشهادة في سبيل الله[35] وقد أكد هذا المعنى السامي العلامة الندوي تأكيداً واضحاً ومميزاً في معظم قصصه وحكاياته، والأدلة على ذلك كثيرة، نذكر منها التالية: تنافس الغلمان في الجهاد والشّهادة في غزوة بدر، مسابقة بين أتراب في غزوة أحد، فداء علي بن أبي طالب للرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما نام في فراشه ليلة هجرته، فكان علي أول فدائي في الإسلام: “وأخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلّم بهذه المؤامرة، فأمر علي بن أبي طاللب أن ينام في فراشه مستجياً ببردته”[36].
الثّقافة الإسلامية: قام العلامة النّدوي بترسيخ بعض خصائص الثّقافة الإسلامية في عقول النّاشئين، وذلك كالتّالي: الوعي الإسلامي، النّظرة الشّمولية والتّفسير الإسلامي للتّاريخ، ربانية المصدر والغاية، الإنسانية، الثّبات.
أسلوبه في أدب التراجم:
يعتبر أدب التراجم من أهم العناصر المكوّنة لتدوين التراث الإنساني بصفة عامة، والتراث المعربي بصفة خاصة، وقد تطور هذا النوع من الكتابة عبر مختلف الحقب الأدبية، وحسب اختلاف الأقطار الإسلامية منذ عصر التدوين إلى وقتها الحاضر، ولا نكاد نجد تعريفاً محدداً أو قالباً جاهزاً ينطوي تحته هذا الفن ولا يتجاوزه إلى غيره، والمعروف أن الأدب أجناس متنوعة، وأشكال مختلفة قديمة وحديثة. كما أن الكتابة فيه أجناس وأشكال أيضاً ولكل جنس منها وكل نوع مفهوم عام، ومفهوم خاص، وتمتد بين هذه المفاهيم جسور مؤتلفة، وتجمعها قضايا حيوية، وعناصر مشتركة، ومقاصد وأهداف متقاربة. ويختلف منهاج المترجمين في تقديم تراجمهم بحسب الأشخاص والأماكن والعصور، على أن هناك سمات عامة وعناصر مشتركة يعتمدون عليها ويستغلونها.
ومن أبرز الكتاب في وقتنا الحاضر نزوعاً إلى فن التراجم وشغفاً بالاشتغال به، الكاتب الموسوعي، والداعية الإسلامي الكبير، الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي، فقد عرف بميله لهذا الفن وحبه له، لأنه نشأ في بيئة كانت هوايتها التاريخ والتراجم والسير . . . . وولد في أسرة كان فيها مؤرخون ومؤلفون وكان أكثر اشتغالهم بالتأليف في تراجم الرجال . . . (شخصيات وكتب) فقد كانت أسرته تتناقل كتب التاريخ الخاصة بالأسرة الهندية ، وكان والد المؤلف يرجع إليها عند تأليفه لكتاب “نزهة الخواطر . .” فتأثر أبو الحسن بهذه الكتب وتولد عنده تذوق كبير وشغف عظيم بتاريخ الهند الإسلامي. (في مسيرة الحياة).
على أن الجهود العلمية لهذا العلم الكبير لا تتناول هذا الجانب فحسب، بل إنه يعتبر موسوعةً علميةً أثرت المكتبة الإسلامية بما أنتجه في شتى مجالات العلم والمعرفة، فقد كتب عن الأدب الإسلامي والعلوم الإسلامية واهتم بالعمل الدعوي وفقه الدعوة، وقضايا المسلمين في شبه القارة الهندية وفي العالم العربي والإسلامي، وتناول بالبحث قضايا الفكر الإسلامي، وكتب في السيرة الذاتية، وكان جل اهتمامه متجهاً نحو خلق حركة إصلاحية تجديدية إسلامية تتناول النفوس بالتهذيب وتبث العزيمة في الهمم لكي تعيد للإسلام قوته ونصاعته وللمسلمين دورهم التاريخي وقيادتهم للعالم. وهذا الهدف أيضاً كان من وراء ما كتبه عن أدب التراجم حول مجموعة من الشخصيات العلمية والأدبية والدينية والسياسية في القديم والحديث.
ماهية أدب الأطفال: أدب الطفل هو نوع من الفن الأدبي يشمل أساليب مختلفة من النثر والشعر المؤلفة بشكل خاص للأطفال والأولاد دون عمر المراهقة. بدأ تطوّر هذا النّوع الأدبي في القرن السابع عشر في أوروبا، وأخذ يزدهر في منتصف القرن العشرين مع تحسين أنظمة التّعليم في جميع أنحاء العالم، ممّا زاد من طلب المؤلفات المخصّصة للأطفال بلغات مختلفة، ومع ظهور أدباء يكرسون معظم وقتهم لكتابة مؤلفات للأطفال.
أدب الطفل وتربيته تعني رعاية نموه في جوانبه الجسمية والعقلية والاجتماعية والدّينية وتوجيهها نحو الاصلاح والوصول بها إلى الكمال, فإنّ هذه التّربية تحتاج إلى تعليم وتدريب وإدراك المربي للغرض من تربيته للطّفل, ولعلّ من أهمّ هذه الأغراض الحصول على العلم والحصول على الرّزق والنّهوض بالأخلاق من أجل إيجاد المواطن الصّالح والمؤمن التّقي وليس ذلك بعسير فالطّفل خلق ولديه كلّ المؤهلات التي تمكنه من النّمو وعمل المربي تكمن أهميّته في أنه يهيؤ الفرد ليكون إنسانا تقيا فهو يطبع في ذهن الطّفل بفنّ ومهارة ماينفعه أو يضره.
يتمتع مصطلح (أدب الأطفال) -خارج الدوائر الأكاديمية- بمعنى شائع وبسيط إلى حد كبير؛ فمن الصّحف ووسائل الإعلام الأخرى إلى المدارس والوثائق الحكومية، من المفهوم أنّ المصطلح يشير إلى المواد التي تُكتب لكي يقرأها الأطفال والشّباب، وينشرها ناشر و كتب الأطفال، وتُعرض وتُخزن في الأقسام الخاصة بكتب الأطفال واليافعين بالمكتبات العامة ومتاجر بيع الكتب.
طبع أول كتاب للصّغار في سنة 1484ه على يد وليام كاكستون وكان ذلك الكتاب “خرافات إيسوب”. ثم تلته كتيبات أخرى في الأغاني أو في وصف الألعاب التي تجري في الحفلات أو في “الألواح” التي تضمّ الأبجدية والأرقام والصّلوات. ولكن ذلك كلّه لم يكن في نطاق أدب الأطفال، لا من حيث الغرض ولا من حيث البنية.
أما بدء العصر الذّهبي لأدب الأطفال فكان في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر حين دخل الميدان كبار المؤلفين في فرنسة وإنكلترة وألمانية وإيطالية والولايات المتحدة الأمريكية.وما إن حلّ القرن العشرون حتى كان في وسع الصغار أن يطوفوا العالم، ويجوبوا البحار، ويحلّقوا في الفضاء، بفضل وسائل الإعلام الحديثة وما تخصهم.
أدب الأطفال أحد الأنواع الأدبية المتجددة في الآداب الإنسانية، فالطفولة هي الغرس المأمول لبناء مستقبل الأمة. والأطفال هم ثروة الحاضرة وعدة المستقبل في أي مجتمع يخطط لبناء الإنسان الذي يعمر به الأرض. ويدعم بفاعليته وجوده الإنساني ويؤكد تواصله الحضاري.
وأدب الأطفال هو جزء من الأدب بشكل عام وينطبق عليه ما ينطبق على الأدب من تعريفات إلا أنه يتخصص بمخاطبة فئة معينة من المجتمع وهي فئة الأطفال وقد يختلف أدب الأطفال عن أدب الكبار لاختلاف العقول والإدراكات واختلاف الخبرات نوعا وكما.
وأدب الأطفال قديم قدم قدرة الإنسان على التّعبير، وحديث حداثة القصّة أو الأغنية التي تسمع اليوم في برامج الأطفال بالإذاعة المسموعة والمرئية، أو تخرج من أفواه المعلمين في قاعات الدّراسة، أو يحكيها الرّواة في النّوادي، ينسجون أدبا يستمتع به الأطفال ويصلهم بالحياة.
وبذلك فإنّ أدب الأطفال لا يمكن أن يكون له تعريف مستقل، بل يندرج في إطار الأدب العام، وهو مرتبط بالكتاب والقارئ، فالأدب يمكن أن يعرف بأنّه يدلّ على الكلام الجيّد الّذي يحدث في النّفس متعة فنية سواء أكان شعراً أم نثراً. أدب الأطفال مهمّ جدّا في تربيّة الأطفال، لأنّه يؤثر بطريقة مباشرة وغير مباشرة في عقل الطّفل ووجدانه، ولا سيما أنّ عقل الطّفل في هذه المرحلة لينة يمكن تشكيلها بالصّورة الّتي نريد، ولأنّ نفسية الطّفل أيضا كالصّفحة البيضاء يمكن أن نخط عليها ما نشاء. ولا ينكر أحدا أنّ أدب الأطفال يرتبط ارتباطا وثيقا بالأسرة، فالجدّة والجدّ، والأمّ والأب كانوا ينشدون لأطفالهم، لأنّ هذه الأناشيد ترتبط ارتباطا وثيقا بمهام التّربية. فهي وسيلة وغاية في وقت واحد.
ومن الأدباء الّذين يكتبون أدباً للطّفل المسلم، يستطيعون أن يفعلوا الكثير على ضوء الإسلام، مع ضرورة تمسكهم بالقيم الجمالية لكل لون من ألوان أدب الأطفال، وعليهم أيضاً ألا يهدروا ما توصل إليه علماء النّفس والنّقاد المخلصون، لأنّ هؤلاء الباحثين حاولوا جاهدين أن يكتشفوا عالم الطّفل الدّاخلي، والتّجارب الحياة، والدّراسات الميدانية، أملاً في معرفة العوامل المختلفة، والمؤثرات العديدة، الّتي تفعل فعلها في عقل الّطفل ونفسه ووجدانه وسلوكه، وهي محاولات ـ وإن لم تصل حدّ الكمال. جديرة بالنّظر والتّطبيق إذا لم تتعارض مع حقائق الإسلام ونصوصه. إنّ للأطفال خبراتهم وتجاربهم وأحلامهم الخاصة، وأديب الأطفال الحقّ هو الّذي يستخدم أداة اللّغة بطريقة خاصّة تجعل الطّفل يستشعر المتعة والجمال، والنّظام والتّوازن، فتحدث الاستجابات الوجدانية والنّفسية المطلوبة، بل أثرى وأوسع ممّا هو مطلوب، ويكتسب الطّفل عندئذٍ خبرة جديدة تثري فكره، وتحقق له السّعادة، بل والدّهشة أو العجب أحياناً، ومن لا يتوفر لديه معرفة كافية بعالم الطّفولة الخاص، فسوف يكون من العسير عليه الوفاء بمهمّته الصّعبة، لأنّ الطّفل صريح ويقبل أو يرفض بصراحة. ويعبر عن انطباعه بحرية، فيقبل على الكتاب بنهم وشغف، أو يلقي به بعيداً في ملل وإهمال. ومن الصّعب على الطّفل أن يستمر في أداء فعل لا يحبه. أو كما يقولون الطّفل ناقد صادق.
استنتاج البحث: وفي الاختتام يمكننا أن نقول إن الشيخ الندوي قد استخدم الأسلوب الققصي في كتابته للأطفال، ولم يطرق فن القصّة للكبار بل للصغار، وقد فاز في هذا المجال كما اعترف به كبار علماء العرب مثل الشيخ القرضاوي. وكتب الشيخ كثير من الكتب العربية مثل: “قصص النبيين” و”القراءة الراشدة” و”قصص من التاريخ الإسلامي”، تعليم اللغة العربية وتربية الجيل تربية خلقية ودينية اجتماعية صالحة، فإنه نجح في عرض فكرته وتكميل خطّته من حيث عرض الفكرة الخاصة وغرسها في أذهان الأطفال مع جمال التعبير وحسن الأداء وانسجام الصورة اللفظية بالمعاني المقدمة إلى القارئ.
قائمة المصادر والمراجع:
- الندوي، أبو الحسن على الحسني، القراءة الراشدة، مكتبة دار العلوم ندوة العلماء، لكهناؤ، الهند.
- الندوي، أبو الحسن على الحسني، قصص النبيين، مكتبة دار العلوم ندوة العلماء، لكهناؤ، الهند.
- الندوي، أبو الحسن على الحسني، الطريق إلى المدينة، مكتبة دار العلوم ندوة العلماء، لكهناؤ، الهند.
- الندوي، أبو الحسن على الحسني، قصص من التاريخ الإسلامي، مكتبة دار العلوم ندوة العلماء، لكهناؤ، الهند.
- الندوي، أبو الحسن على الحسني، في مسيرة الحياة، مكتبة دار العلوم ندوة العلماء، لكهناؤ، الهند.
- نجيب أحمد، فن الكتابة للأطفال، دار الكاتب العربي، القاهرة، 1967م.
- الخطيب، أحمد، الطفل المثالي في الإسلام، المكتب الإسلامي، ط1، 1400ه.
- الوافي، علي عبد الواحد، نشأة اللغة عند الطفل والإنسان، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 1984م.
- البصري عبد الله بن محمد، معجم أهم مصنفات التراجم المطبوعة، ص 103.
- محمد رجم البومي، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين، ص 23.
- الدكتور محمد اجتباء الدنوي، أبو الحسن على الندوي الداعية الحكيم، ص 92.
- ابن منظور، لسان العرب، المطبعة الأميرية بولاق، ج1، القاهرة.
[1] مصطفى السباعي، مقدمة لكتاب “رجال الفكر والدعوة في الإسلام”.
[2] مجلة رابطة الأدب الإسلامي، ص 21.
[3] علماء ومفكرون كما عرفتهم، ص 128.
[4] أبو الحسن على الندوي، في مسيرة الحياة، ص 29.
[5] الطنطوي، ذكريات، ص 58.
[6] الندوي، في مسيرة الحياة، ص 33.
[7] التي تبعد عن عاصمة ولاية أترتبرديش، حوالي ثمانين كلومترا،
[8] البصري عبد الله بن محمد، معجم أهم مصنفات التراجم المطبوعة، ص 103.
[9] محمد رجم البومي، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين، ص 23.
[10] الحسيني، السيد قدرة الله، العلامة السيد عبد الحي الحسني، ص 74.
[11] الدكتور محمد اجتباء الدنوي، أبو الحسن على الندوي الداعية الحكيم، ص 92.
[12] المرجع نفسه، ص 06
[13] الندوي، في مسيرة الحياة، ص 40.
[14] القرضاوي، الشيخ أبو الحسن كما عرفته، ص 41.
[15] الندوي، في مسيرة الحياة، ص 63.
[16] المرجع السابق، ص 65.
[17] أبو الحسن على الندوي، روائع إقبال، ص 10.
[18] القرضاوي، الشيخ أبو الحسن على الندوي كما عرفته، ص 30-41.
[19] المرجع السابق، ص 45.
[20] الندوي، قصص من التاريخ الإسلامي، ص 118.
[21] المعجم الوسيط، ج1، ص 443.
[22] المعجم السلفي، ص 81.
[23] ابن منظور، لسان العرب، المطبعة الأميرية بولاق، ج1، القاهرة.
[24] قاموس المصطلحات، ص 41.
[25] قاموس المصطلحات اللغوية والأدبية، ص42.
[26] المرجع السابق، ص 43.
[27] المرجع السابق، ص 04.
[28] سورة التوبة، الآية، 34.
[29] البلاغة الواضحة، للمدارس الثانوية، ص 104.
[30] يحدثونك عن أبي الحسن الندوي، ص 289.
[31] الندوي، في مسيرة الحياة، ص125.
[32] الندوي، قصص النبيين، المقدمة.
[33] هو الكاتب الإسلامي المرموق، الصحفي البارع، الأستاذ محمد الحسني.
[34] الندوي، قصص النبيين، ص 6.
[35] الندوي، قصص من التاريخ الإسلامي، ص 79.
[36] الندوي، سيرة خاتم النبيين، 110.