الدكتورة سميه رياض
آراضى باغ ، اعظم كره
إن اللغة هى معرفة السبل للأمة إلى حضارتها و ثقافتها ، وهى أداة التعبير عن مشاعر المجتمع و أحاسيسه ، و تقوى الأمة إذا قويت اللغة و تضعف إذا ضعفت اللغة . واللغة العربية هى لغة القرآن ، والقرآن هدى و رحمة للمسلمين ، والمسلمون هم خير أمة أخرجت للناس . و جاء القرآن بنور الهداية و كتب على المسلمين فريضة الدعوة و جاءت الدعوة باللغة العربية كما قول عزّ و جلّ :” و إنه لتنزيل ربّ العالمين ، نزل به الروح الأمين ، على قلبك لتكون من المنذرين ، بلسان عربى مبين “.( الشعراء : 192-195)
و من ثم تبدو أهمية اللغة العربية و روائعها و كذلك مسئولية المسلمين حولها . و كما يجب على المسلمين نشر الدعوة إلى الله ، يجب اشاعة اللغة العربية أيضًا عليهم ، وذلك لأن المرء لا يمكن أن يستنتج شرائع الإسلام و أحكامه البالغة ولا أن يغوص فى استنباط المسائل الدقيقة دون فهم اللغة العربية ، ولو كانت أتيحت المترجمات الشرعية لسائر انحاء العالم ، ولكن كما كانت الشريعة الإسلامية كلها أتت بالعربية فلا يمكن المرء المسلم أن يدقق فيها فى حالة الفوضى و الاضطراب ، والتوتر والإرهاب. وهذا الزمن زمن الاضطراب ، اتهم المسلمون بالعمل الإرهابى. ولذا تنكشف لنا التزام المسلم باللغة العربية لكى يحذر من مكر أعداء الإسلام و خداعهم.
والدعوة فرضت على المسلمين ، لا مفرّ منها لأى شخص ولو فى شكل فردى أو اجتماعى ، ومصادرها فى اللغة العربية ، واللغة هى وسيلة المعرفة إلى حضارة الأمم المتفرقة فتبدو لنا أن اللغة العربية تهدى الأمم الأجنبية إلى مقاصد الشريعة الإسلامية و أغراضها الثابتة ، وهى : ترسيخ العقيدة بالتوحيد والإيمان بالله ، و إبعاد عن الشرك و عبادة الأوثان ، ونشر الأخلاق الكريمة والثقافة الناضجة ، وتطهير المجتمع العالمى من الأذى والقذر و ما إليها.
و الإسلام هو دين تربوى ، والتربية الصحيحة تؤدى الناس إلى خضرة النفس و رجاحة العقل فلا تنضج الروح إلا بروح الإسلام و لا تنضر النفس إلا بنضرة الإسلام ، والإسلام قد اكتمن فى حصن الكتاب والسنن النبوية ، وكلها باللغة العربية ، فاللغة العربية تأتى فى مقدمة اللغات كما هى الأم لسائر اللغات العالمية أو القومية أو المحلية ، وتوصّى المسلمين بأن يقوموا بترويجها و توزيعها فى جميع انحاء العالم ، و ذلك لأنها لغة الإسلام ، وكل مولود على الفطرة وهى فطرة الإسلام. و الفطرة قد برزت و ثبتت فى كل عصر ومصر وإن كان المشوّهون قد مكروا و حاولوا لتشويه الفطرة و أعلنوا لحرّية النفس ، ولكنهم قد خابوا مهطعين مقنعى رؤوسهم و مقمحين أعناقهم حينما لمعت الفطرة و رسخت أقدامها كما نرى الآن أن الإسلام قد صار شامخًا عزيزًا يطوف به العالم إما فى صورة أيجابية أو فى صورة سلبية ، والصورة السلبية تحرك الإسلام إلى القدام حيث تجوس الأمم إلى حقيقته ثم تزعف بروعته و بهجته.
و هكذا يبدو عميق الصلة بين العربية و الإسلام كما قال ابن تيمية :” معلوم أن تعلم العربية و تعليم العربية فرض على الكفاية “. و قال أيضاً : ” إن اللغة العربية من الدين و معرفتها فرض واجب . فإن فهم الكتاب والسنة فرض. ولا يفهم إلا باللغة العربية ومالا يتم الواجب إلا به، فهو واجب “. [1]
و قال أحمد شوقى فى أهمية اللغة العربية :
إن الذى ملأ اللغات محاسنًا
جعل الجمال و سره فى الضاد
و اعترف الكثير من المفكرين الغربيين بجمال اللغة العربية كما يقول المفكر الألمانى :” إن اللغة العربية ليست أغنى لغات العالم فحسب بل إن الذين نبغوا فى التأليف بها لا يكاد يأتى عليهم العدوان اختلافنا عنهم فى الزمان و السجايا والأخلاق أقام بيننا و نحن الغرباء عن العربية و بين ما ألفوه حجابًا لا يتبين ماوراءه إلا بصعوبة”.[2]
واللغة العربية التى كانت لغة الأم لأكثر من 250 مليون العرب ، ولكن قد أصبحت الآن لغة العالمية الثانية و ترى أنها من أقوى الروابط و الصلات بين المسلمين و المجتمعات العالمية لأن الأمة قد داومت على تعليم لغتها و نشرها للراغبين فيها و للناطقين بغيرها منذ القدم ، ولذلك فتحت المعاهد العربية فى كافة انحاء العالم ، و تنعقد المؤتمرات والندوات عبر العصور.
و فى دعم و تعزيز اللغة قررت الأمم المتحدة الاحتفال باللغة العربية فى 18 ديسمبر كونه اليوم الذى صدرت فيه الجمعية العامة قرارها رقم 3190 سنة 1973م [3]و ذلك لغرض وعى الأمة بتاريخ اللغة و تطورها من خلال إعداد برنامج ندوات و مؤتمرات و فعاليات خاصة منذ ذلك الوقت ، و نرى الآن أن تحفل بمناسبة يوم العالمية للغة العربية 18 ديسمبر كل سنة فى جميع انحاء العالم و ذلك للتواصل الحضارى بين المجتمعات العالمية العامة.
و لو أن اللغة العربية تحمل الجمال و الغنى و تخضر و تخصب على مرور الزمن وهكذا تطوّرت اللغة العربية وازدهرت و ولكنها تواجه التحديات المعاصرة و تشوه صورتها بأعداء الإسلام و لذلك مازالت و لا تزال تحتاج إلى اشاعتها على نطاق واسع ، ولا يمكن هذا إلا بشعور المسلمين لتأدية واجباتهم تجاه اللغة العربية.
و يمكن القول أن اللغة العربية أغنى اللغات العالمية و أجملها من حيث الأسلوب و أسبقها للتواصل الحضارى بين المجتمعات العالمية و هى أقدم اللغات الحية على وجه الأرض ، و أصبحت الآن لغة العلم و الأدب والسياسة والحضارة فضلاً عن كونها لغة الإسلام و العبادة.
المراجع و المصادر
https://www.wikipedia.org (1
http://www.vetogate.com 2017 (2
https://www.arabicforall.net/ar/post/6# (3
https://www.arabicforall.net/ar/post/6# أهمية اللغة العربية ، 6-7-2020 ، [1]
اللغة العربية … جمال ” الضاد ” و سره ، عصام كامل ، 18 ديسمبر ،
http://www.vetogate.com2017[2]
[3] https://www.wikipedia.org