محمد زيد خان
باحث الدكتوراه في مركز الدراسات العربية والإفريقية
جامعة جواهرلال نهرو، نيودلهي
لقد أنجبت الهند كثيراً من العلماء والمفكرين الذين اضطلعوا بأدوار بارزة في مجال التعليم والتربية والتدريس والتصنيف والتأليف ونشر الدعوة والتعاليم الإسلامية السمحة في البلاد، بل تعتبر من إحدى مراكز الثقافة العربية والإسلامية؛ إذ تضم مئات المعاهد والمدارس والجامعات الحكومية التي تهتم بتدريس اللغة العربية وآدابها فضلاً عن العلوم الإسلامية. ولا مراء في أن جامعة جواهرلال نهرو هي إحدى أعرق الجامعات الهندية التي تهتم بتعليم اللغة العربية؛ حيث يوجد فيه مركز خاص للغة العربية باسم مركز الدراسات العربية والإفريقية، وقد أنجب هذا المركز شخصيات عديدة قدّمت وما تزال تقدم خدماتها في مختلف مجالات الحياة مثل الترجمة والتأليف والتدريس نحو الأستاذ مجيب الرحمن والأستاذ رضوان الرحمن والأستاذ عبيد الرحمن والأستاذ نسيم أختر والأستاذ قطب الدين والدكتور أورنغ زيب الأعظمي والدكتور عرفات ظفر والدكتور محمود مرزا.
يتولى الدكتور محمود مرزا، أحد خريجي جامعة جواهرلال نهرو منصب أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية والفارسية وآدابهما بجامعة الله آباد بولاية أوترابراديش. ويهتم الدكتور مرزا اهتماماً بالغاً بعلوم اللغة والأدب والعلوم الإسلامية، وقد ألف كتبا قيّمة حول اللغة والأدب والدراسات الإسلامية.
نشأته ومولده
ولد الدكتور محمود مرزا في ١٣ ديسمبر ۱۹۷۸م بمدينة الأحساء في المملكة العربية السعودية؛ حيث كان يعمل والده حافظ عبد الرب مرزا رحمه الله في مجال التربية والتعليم، وكان يتولى مهام تدريس قواعد اللغة العربية في عدد من المدارس الحكومية هناك. وكان والد الدكتور رجلاً متديناً فأحب تعليم أولاده العلوم الإسلامية والعربية، وحرص على أن يلحق كافة أبناءه بالمدارس الحكومية، حتى يستطيعوا دراسة العلوم العربية والإسلامية فيها وينعموا بمعرفة الثقافة العربية والإسلامية ويتمكنوا من التشبث بها.
رزق الله والده خمسة أبناء وثلاثة بنات، وكانت والدته رابعة بيقوم – رحمها الله، تتولى مهام تربية الأبناء في المنزل؛ حيث كانت تواظب على تدريسهم القرآن الكريم واللغة الأردية، فضلاً عن اهتمامها بتربية أبناءها تربية إسلامية والعمل على تحليهم بالأخلاق الحسنة والخصال الحميدة.
دراسته وتعليمه:
بدأ الدكتور محمود مرزا رحلته التعليمية من مدرسة الفيصل الابتدائية بمدينة الأحساء في المملكة العربية السعودية، وحينما انتقل والده إلى جدة التحق بمدرسة المأمون الابتدائي، وبعدها بمدرسة ابن كثير المتوسطة، ومن ثم بثانوية أم القرى وظل بها حتى تخرج منها.
وفي غضون دراسته في المملكة العربية السعودية، انتقل والده إلى جوار ربه عام ١٩٩٣م، الأمر الذي أدّى إلى عودة أبناءه إلى الهند، فعاد مع شقيقه الأكبر محمد مرزا، إلى الهند عام ١٩٩٦م. وبعد العودة إلى البلاد التحق بجامعة الفلاح الواقعة بمديرية أعظم غراه، لمدة عامين، حيث كان قد سبقه إليها شقيقه نبيل مرزا، وبعد التخرج من جامعة الفلاح توجه إلى دلهي والتحق بالجامعة الملية الإسلامية في السنة الأولى من شهادة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، وبعدها التحق بجامعة جواهرلال نهرو في السنة الثانية من شهادة البكالوريوس وظلّ بها حتى حصل على شهادة البكالوريوس والماجستير وقدّم رسالة ما قبل الدكتوراة (M.Phil) بعنوان “الحركات الإصلاحية في الهند وتأثيرها في الكفاح ضد الاستعمار البريطاني” في عام 2005 وحضر رسالة الدكتوراة (Ph.D) عام ۲۰۱۱م بعنوان: “نشأة الصحافة وتطورها في المملكة العربية السعودية منذ بداية العهد السعودي وحتى عام ۲۰۰۰م” تحت إشراف البروفيسور السيد إحسان الرحمن – رحمه الله من نفس الجامعة.
عمله المهني:
شغل الدكتور محمود مرزا عدداً من الوظائف أثناء دراسته. حيث استهل عمله الوظيفي، كمترجم حر لعدد من الوكالات والمؤسسات التي كانت تعمل في هذا المجال في العاصمة دلهي وخارجها، وقد قام أثناء ذلك بترجمة عدد من الوثائق الخاصة بوزارة الخارجية الهندية، ومن ثم عمل بسفارة المملكة العربية السعودية بنيودلهي عام ٢٠٠٤م بصفته مترجماً لمدة عام ونصف. وبعد ذلك التحق بمركز الدراسات العربية والإفريقية بجامعة جواهرلال نهرو كأستاذ ضيف لمدة عام ونصف، ومن ثم شغل وظيفة باحث اقتصادي في سفارة دولة قطر لدى جمهورية الهند لمدة أربعة أعوام متتالية وبعدها تولى منصب المحلل السياسي في السفارة ذاتها لمدة عام تقريباً، حتى التحق بجامعة الله آباد في ٢٣ يونيو عام ٢٠١٣م بصفته أستاذاً مساعداً في قسم العربية والفارسية وآدابهما، ولا يزال يعمل فيها. كما أنه وأثناء دراسته عمل بصفته “مستشار اللغة العربية” في وكالة خدمات الأنباء الهندية – الآسيوية (IANS)، التي تتخذ من العاصمة دلهي مقراً لها، لمدة لا تقل عن خمس سنوات.
ارتباطه بجامعة الله آباد:
منذ أن التحق الدكتور محمود مرزا بقسم اللغة العربية والفارسية وآدابهما بجامعة الله آباد بدأ يعمل ما بوسعه في تحسين مستوى التدريس وتحديث أساليبه. فقد بذل الدكتور جهوداً بالغة في تطوير تعليم اللغة العربية، حيث لا يزال مستمراً في تحديث أساليب التعليم وتسهيلها، وحث الطلاب على تحسين مستواهم بشكل دوري لتحقيق الفوائد المرجوة. بالإضافة إلى ذلك، شارك في إخراج مجلة باسم “مجلة الدراسات العربية والفارسية” من القسم، حيث نشر أولى أعدادها في يناير ۲۰۱٥م وقد استمر نشرها حتى 2018م ونأمل أن يتم استئنافها في وقت لاحق بإذن الله تعالى.
كما بادر الدكتور بتنظيم احتفالات سنوية في القسم بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر من كل عام، تُقدم خلالها مقالات باللغة العربية. كما قام بتنظيم برامج مسابقات للطلاب للخطابة والمناقشة والمساجلة الشعرية، مما يمنحهم فرصة التحدث باللغة العربية وتعزيز مهاراتهم اللغوية والثقافية. كما أنه يشارك زملاءه الأساتذة في عقد الندوات العلمية والمحاضرات من حين لآخر.
مؤلفاته:
كما ذكرناه آنفاً أن الدكتور محمود مرزا يهتم بالتأليف حول اللغة والأدب والدراسات الإسلامية فقد ألف الدكتور حتى الآن سبعة كتب وهي كما يلي:
العربية بين الفصحى والعامية: : (Let us Speak Colloquial Arabic):
يعتبر هذا الكتاب أولى مؤلفات الدكتور محمود مرزا؛ حيث ظهر إلى حيز الوجود في عام ٢٠٠٨م، جمع فيه المؤلف الجمل والتعبيرات المستخدمة في الحياة اليومية باللغة العامية والفصحى والإنجليزية. وكان الهدف من إعداد هذا الكتاب هو سد الفجوة المتواجدة في اللغة العربية التي يتم تدريسها في المدارس والجامعات في الهند واللغة العربية العامية التي يستخدمها أبناء العرب خلال محادثاتهم اليومية، ويوجد هناك فرق كبير بين اللغة العربية التي تدرس في المدارس والجامعات الهندية والعربية التي يتحدث بها أبناء العرب خلال محادثاتهم اليومية لأنهم عادة ما يلجؤون لاستخدام بعض الكلمات العامية، وحينما يحتك خريجو هذه المدارس والجامعات مع أبناء العرب سواء في الهند أو في العالم العربي، يصعب عليهم فهم كلامهم واستيعاب معانيها، وقد قام الدكتور بمعالجة هذه القضية وسد هذه الفجوة المتواجدة بين العربية المدرسة في الهند والعربية المنطوقة من قبل أبناء العرب عن طريق تأليف هذا الكتاب.
وقد قام الدكتور بتقديم أهم الكلمات والعبارات التي يستخدمها العرب في هذا الوقت في شكل محادثات بسيطة وقد تمسك باللهجة المستخدمة في المملكة العربية السعودية بشكل خاص وفي دول الخليج العربي الأخرى بشكل عام، وقام بتقسيم هذا المؤلف في ثلاثة أجزاء، فقدم في الأول منها محادثات سهلة وبسيطة تستخدم في مواقف مختلفة والتي تعتبر مهمة للطلاب والمسافرين إلى الدول العربية، وفي الجزء الثاني ذكر أسماء الأيام والفصول والألوان والفواكه وما إلى ذلك، وفي الجزء الثالث جمع عدداً من الكلمات العامية التي تستخدم أثناء التحدث، وفي نهاية هذا المؤلف قد قدّم بعض الأمثال المستخدمة في اللغة العربية العامية.
دور المسلمين في تحرير الهند: يعتبر هذا الكتاب ثاني كتاب ألفه الدكتور محمود مرزا، وفي الحقيقة هذا الكتاب بحث جامعي لنيل شهادة ما قبل الدكتوراه (M.Phil) الذي قدّمه الدكتور مرزا في مركز الدراسات العربية والافريقية بجامعة جواهر لال نهرو، نيودلهي.
إن الكتب التي تم تأليفها حول تاريخ استقلال الهند لم تعتن عناية كبيرة بإسهامات المسلمين الهنود في نضال تحرير البلاد، والكتاب والمؤرخون الذين كتبوا عن تاريخ الكفاح لاستقلال الهند وحريتها لم يعتنوا اعتناء لائقاً بالتضحيات والجهود المضنية التي بذلها المسلمون الهنود في سبيل تحرير البلاد من براثن الاستعمار البريطاني، فقد شاعت آراء خاطئة عن دور المسلمين، فالعديد من أبناء العرب وحتى المثقفين منهم وطلاب التاريخ لا يعرفون الكثير عن المسلمين في الهند ودورهم في الكفاح ضد الاستعمار البريطاني، فضلاً عن أن العديد منهم يرى بأن المسلمين هم الذين تسببوا في تقسيم البلاد فضلاً عن بعض الآراء الخاطئة والشائعات التي ليست لها أي صلة بالواقع.
فقد شعر الدكتور محمود مرزا بهذا النقص والفراغ في مجال الكفاح من أجل تحرير البلاد، و قام بتأليف كتاب “دور المسلمين في تحرير الهند” لسد هذه الفجوة والفراغ، وقد تحدث فيه عن دور المسلمين في تحرير بلاد الهند من براثن الاستعمار الغاشم، وذكر حكايات بطولتهم وكفاحهم ضد القوات البريطانية المستعمرة؛ حيث تناول الدكتور في هذا الكتاب جملة من المعاهد والمؤسسات والمنظمات والجمعيات والحركات التي ساهمت في هذا الكفاح والنضال مثل حركة سيد أحمد الشهيد ودار العلوم بديوبند وحركة الرسائل الحريرية (ريشمي رومال) وجمعية علماء الهند، وحركة عليكراه الإسلامية وما إلى ذلك من المؤسسات ومؤسسيها وخريجيها وأبنائها الأبطال الذين لعبوا دوراً بارزاً في كفاح البلاد لنيل استقلال الهند.
الشيخ شبلي النعماني حياته وأفكاره:
إن كل من يهتم بتاريخ الإسلام وأدب السيرة، فإنه من المستحيل ألا يعرف الشيخ شبلي النعماني، لأن الشيخ شبلي النعماني قد ألف كتبا قيمة في مجال كتابة سير كبار أبطال الإسلام. ابتدأها بسيرة الخليفة العباسي “المأمون” ومروراً بكتابة سيرة “النعمان” و”الفاروق” و”الغزالي” و”سيرة مولانا روم” اختتمها بسيرة خاتم النبيين سيدنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فكان ذلك حقاً مسك الختام. حيث يقول[1]
عجم کی مدح کی عباسیوں کی داستاں لکھی
مجھے چندے مقیم آستان غیر ہونا تھا
مگر اب لکھ رہا ہوں سیرت پیغمبر خاتم
خدا کا شکر ہے یوں خاتمہ بالخیر ہونا تھا
ترجمة: مدحت العجم وألفت تاريخ بني العباس، هكذا قدر لي أن أتطفل برهة من الزمن على مائدة غيري، وها أنا ذا كاتب سيرة خاتم النبيين، فالحمد لله الذي أتاح لي أن تكون خاتمتي على هذا العمل المبرور.
وقد بذل الشيخ جهودا جبارة واضطلع بدور بارز في الرد على شبهات أعداء الإسلام والمسلمين ودحض اتهاماتهم الزائفة. فقد كان خير مدافع للإسلام حيث ألف كتباً قيمة مثل الانتقاد على تاريخ التمدن الإسلامي والجزية، وقد كان للشيخ شبلي النعماني نظرية خاصة في إصلاح منهج التعليم للمسلمين حينما قام بتقييم تخلف المسلمين، إذ وجد أنهم قد انقسموا إلى طائفتين فيما يخص بالمنهج التعليمي لهم، طائفة تمسكت بالعلوم الشرقية التليدة، وعضت عليها بالنواجذ، وطائفة تخلت عن تلك العلوم وبدأت مسيرتها في العلوم الغربية الجديدة وتخوص في كافة غماره بدون أي تفكير في تداعياتها السلبية على أبناء البلاد لأنها تفصلهم عن دينهم. فقد اختار الشيخ بفضل الله ومن ثم بفضل عبقرياته وعقليته الاسلامية المتفتحة فلم يحرم المعارف الحديثة، ولم يؤمن بها إيماناً أعمى، بل استفاد منها بعين مفتوحة، فاضطلع بدور بارز في إصلاح المنهج التعليمي للمسلمين في الهند وفي سائر البلدان العالمية، نظرا لمعرفته الدقيقة بالعلوم الشرقية الصالحة وبالعلوم الغربية النافعة، فكان خير امتزاج لهذين النموذجين، فيقول:
” لقد قلت مراراً وتكراراً وأقول مرة ثانية، فنحن المسلمون لا يكفينا تعليم المدارس الغربية أو المدارس العربية فقط، فدواء الألم الذي أصابنا هو معجون مركب يشمل جزءاً منه العلوم الشرقية والجزء الآخر العلوم الغربية”[2]
منذ أن توفي الشيخ شبلي دبج يراع عدد من المؤلفين مقالات حول سيرته وأعماله وقد صدرت أعداد خاصة لأكثر من 12 مجلة أردية من الهند وخارجها كما نشرت كتب ورسائل عن حياته وخدماته ومن أبرزها “حياة شبلي” التي قام بتأليفها العلامة السيد سليمان الندوي و”سيرة شبلي” التي قام بتأليفها العلامة اقبال احمد خان سهيل، وقد الفت معظم هذه الكتب بالأردية وأما العربية فلم يكتب فيها الا القليل عن حياة واسهامات الشيخ شبلي، فقد نشرت في مجلة البعث الاسلامي ومجلة ثقافة الهند مقالات عديدة وقد صدر عددان خاصان من مجلة الهند حول سيرة العلامة شبلي النعماني وأعماله وآثاره وقد نشرت مجلة الدراسات العربية والفارسية عددا خاصاً عن حياة العلامة وخدماته الجليلة عام ٢٠١٥ وقد ألف الشيخ محمد أكرم الندوي كتابه الشهير “شبلي النعماني علامة الهند الأريب والمؤرخ الناقد الأديب”، وللشيخ مسعود الندوي كتيب صغير في هذا الموضوع بعنوان العلامة شبلي النعماني – مؤسس النهضة الفكرية في الحصنه، وقد صدر أخيراً كتاب الشيخ شبلي النعماني واسهاماته في ترويج اللغة العربية وثقافتها ” للدكتور عظمت الله الندوي. فنظراً إلى هذه الفجوة والفراغ رأى الدكتور محمود مرزا ضرورة تقديم مؤلف حول هذه الشخصية الفذة، وقام بتقسيم هذا الكتاب إلى خمسة فصول فضلاً عن كلمة المؤلف وتقديم الشيخ محمد طاهر المدني والمصادر والمراجع فقد تحدث الدكتور في الفصل الأول عن مولد الشيخ ونشأته ومرضه الذي توفي إثره، وفي الفصل الثاني تحدث عن سير ابطال الإسلام الذي دبجها قلم الشيخ شبلي النعماني، وقد تحدث عن حركة الشيخ شبلي لإصلاح التعليم وعن أفكاره السياسية في الفصل الثالث والرابع على التوالي وفي الفصل الخامس تحدث عن وجهة نظر الشيخ في قضية المرأة.
المصطلحات والتعابير الشائعة: قدّم الدكتور محمود مرزا هذا المؤلف في عام ٢٠١٩، وقد أعد هذا الكتاب بهدف تقديم نصائح واقتراحات مفيدة للمتعلمين والمتدربين في مجال الترجمة من الانجليزية إلى العربية وبالعكس، فهذا المؤلف هو بمثابة قاموس للتعابير والمصطلحات الشائعة في وسائل الإعلام والصحف الانجليزية بحيث سعى المؤلف إلى ترجمة هذه المصطلحات ومن ثم استخدامها في جمل انجليزية وعربية حتى يسهل على الطلاب والمترجمين فهمها والحصول على أساس ترجمة هذه المصطلحات والتعابير إلى العربية، والتغلب على الصعوبات التي يجدها في هذا العمل، لأن الطلاب والمترجمين يواجهون صعوبات ومشاكل في ترجمة المصطلحات والتعابير ويترجمونها ترجمة حرفية، مما يعمل على صعوبة فهمها للمتلقي ومن ثم عدم الإيفاء بالمطلوب.
عهد نبوی مين خواتین کا دعوتی کردار: هذا المؤلف في الحقيقة ترجمة كتاب “المرأة والدعوة في عصر النبوة” للأستاذ الدكتور سليمان بن حمد العودة، فالمرأة تضطلع بدور بارز في بناء المجتمع وتنميته ولا يمكن تجاهل دورها في تطور الحضارة والارتقاء بالإنسانية إلى أعلى مستوياتها، ولقد كان دور المرأة أساسياً في نشر الدعوة الإسلامية والدين أيضاً. ومند صدر الإسلام تحمل الرجال والنساء مسؤولية نشر الدعوة الإسلامية والدين الحنيف إلى البشرية جمعاء على حد سواء وعانوا في سبيله المصاعب والمشاق وقدّموا نماذج رائعة من الصبر والمثابرة والتضحيات، ولكن في العصر الحاضر حيث يمر العالم الإسلامي بوضعية حرجة، ويتم تقويض القيّم الإسلامية ويتأثر الجيل الحديد بالأفكار الغربية الحديثة ويبتعد عن حضارته وثقافته، نرى أن المرأة أصبحت هذه الايام محدودة ومقتصرة على أعمال إما منزلية أو أعمال مهنية لا تصلح لها بتاتا؛ حيث تقوم فيها بعرض مفاتنها وجمالها مما يجعلها عرضة للتحرش والاعتداءات الجنسية وبالتالي تكون غافلة عن دورها الحقيقي في المجتمع، والسبب يرجع إلى الدعايات المضللة أن الإسلام وتعاليمه السمحة هو عائق كبير في سبيل تمكين المرأة والقيام بدورها الفعال في المجتمع والحياة. وبما أن المؤلف يتطرق إلى حياة المرأة ودورها الفعال في نشر الدعوة والدين في عصر النبوة، وكيف كانت حاضرة ومشاركة ولم تنفصل عن أحداثه ولم تنقطع أو تهمل في صياغة الحياة، فالعصر الحديث أيضاً يتطلب دوراً مماثلاً من المرأة فقد رأى الدكتور محمود مرزا ضرورة ترجمة هذا المؤلف إلى اللغة الأردية حتى تعم فائدته وتضعها المرأة المسلمة في عين اعتبارها وتقوم بدورها الحقيقي في المجتمع.
صور من حياة أمهات المؤمنين (رضى الله عنهن): هذا المؤلف هو في الحقيقة تعريب بعض المقالات الأردية التي تم تقديمها في الندوة التي أقيمت في رحاب كلية شبلي الوطنية بمديرية أعظم غراه عام ٢٠١٥م، ويعتبر هذا المؤلف بمثابة أضواء ساطعة على حياة أمهات المؤمنين وسيرتهن العطرة ومؤازرتهن للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام واسهاماتهن في مختلف مجالات الدعوة والإرشاد.
إننا نعيش في هذا الوقت تحت وطأة العديد من الأزمات الشديدة، وانتشار الفوضى والفساد في جميع مجالات الحياة، والسفور السائد، والبعد كل البعد عن التعاليم الإسلامية، والدعايات المضللة في أن اتباع نهج السلف الصالحين هو السبب الرئيسي وراء تخلف الأمة الإسلامية وانحطاطها وخاصة في أن أتباع التعاليم الإسلامية والتحجب لكونه هو السبب في تخلف المرأة المسلمة وما يعتريها من ضياع واندثار وضلال.
فقد شعر كبار مسؤولي كلية شبلي الوطنية وخاصة الدكتور محمد طاهر بهذه التحديات في حياة المرأة المسلمة وقام بعقد سلسلة من الندوات حول حياة وسيرة أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابيات منذ عام ٢٠١٥م، حتى يغترف المجتمع المسلم من فيض سيرتهن العطرة ويشرب من سلسبيلها ويستضيء بنورها ويتفيأ ظلالها ويجد فيها ضالته ويتخذها أسوة له لأنهن قدّمن نماذج فريدة يحتذى بها في الثبات على الإسلام والعمل على نصرة الدين، على الرغم مما تعرضن له من مصائب ومصاعب في سبيله.
السرسيد احمد خان حياته وأعماله : هذا الكتاب هو أحدث مؤلفات الدكتور محمود مرزا والذي نشر في عام 2020م. إن السرسيد أحمد خان هو أحد العلماء الجهابذة الذين انجبتهم الهند والذين حرصوا دائما على نشر العلوم الإسلامية في أقطار البلاد وقاموا بدور بارز في رفع المستوى العلمي والثقافي والفكري للمسلمين وتركوا بصمات خالدة في مختلف المجالات العلمية والبنية والسياسية والاجتماعية – فكما نعرف أن السر سيد أحمد خان قام بوضع حجر الأساس للكلية المحمدية الانجليزية الشرقية التي أصبحت تعرف حاليا باسم جامعة علي غراه الإسلامية، وقد قام بدور بارز في نهضة المسلمين في الهند، وغرس بذور حب التعليم والتربية لدى أبناء البلاد ودعاهم إلى احداث ثورة في مجال الفكر والتوعية واستعادة النشاط والتحرر من الجمود الفكري واكتساب العلم والمعرفة وضرورة التسلح بالعلوم العصرية وبذل جهوداً متضافرة لمواجهة كافة التحديات والمخاطر. وقد أطلق عليه المهاتما غاندي لقب نبي التعليم والتربية نظرا لجهوده في مجال التعليم والتربية، وقد قام السرسيد أحمد خان بالإضافة إلى جهوده واسهاماته في مجال نشر العلم والعرفان والتعليم والتربية قد بتأليف مؤلفات قيمة يتضح من خلاله مدى شغفه بالعلم والعلوم وحبه للدين القويم.
ونظراً لأهمية أعمال هذه الشخصية الفذة قام الدكتور محمود مرزا بإعداد هذا المؤلف الذي حاول من خلاله إلقاء الضوء على مختلف جوانب حياته وجهوده العلمية والعملية، وقام بنقل رسالة اليوم إلى الجيل المقبل في ضرورة بذل الجهود المضنية لأجل تعزيز المستوى العلمي والفكري والتربوي والاجتماعي والسياسي والسير على خطا هذه الشخصيات.
هذا، وقد شارك الدكتور في عدد من الندوات والمؤتمرات الدولية والوطنية وقدم أكثر من 40 ورقة ومقالة في اللغات المختلفة حتى الآن وقد نشر له العديد من المقالات في مختلف المجلات العربية والاردية حيث لا تقل عن 65 مقالة حول المواضيع القيمة.
ونتمنى أن يحقق الدكتور محمود مرزا مزيداً من النجاح في حياته، وأن يستمر في خدمة اللغة العربية وترويجها، وأن يستمر عمله في تقديم أفضل ما لديه ليستفيد الطلاب من خبراته وعمله الدؤوب وأن يواظب في تأليف الكتب والمقالات القيمة حول المواضيع المتعلقة باللغة والأدب والدراسات الإسلامية وأن تكون خير عون في تحقيق أهدافه المرجوة.
الهوامش
[1] حياة شبلي، ص 544
[2] مقالات شبلي، ص
المراجع والمصادر
- مرزا، محمود حافظ عبدالرب، العربية بين الفصحى والعامية (Let us speak Colloquial Arabic)، اكاديميك ايكسيلينس، نيودلهي، بالانجليزية، عام 2008.
- مرزا، محمود حافظ عبدالرب، دور المسلمين في تحرير الهند، مرزا للطباعة والنشر، أعظم غراه، ط 2 عام 2018.
- مرزا، محمود حافظ عبدالرب، الشيخ شبلي النعماني حياته وأفكاره،عرشيه ببليكيشنز، نيودلهي، عام 2015.
- مرزا، محمود حافظ عبدالرب، عهد نبوی مين خواتین کا دعوتی کردار،مجلس الفقه الإسلامي، مومباي، عام 2015.
- مرزا، محمود حافظ عبدالرب، المصطلحات والتعابير الشائعة (Common Idioms and Phrases)،روزوردس بوكس، نيودلهي، عام 2019.
- مرزا، محمود حافظ عبدالرب، صور من حياة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن،النور ببليكيشنز، نيودلهي، عام 2019.
- مرزا، محمود حافظ عبدالرب، السر سيد أحمد خان حياته وأعماله،مركزي ببليكيشنز، نيودلهي، عام 2019.
- الندوي، سيد سليمان، حياة شبلي، أكاديمية شبلي دار المصنفين، أعظم غراه، أكتوبر 2008.
- النعماني، شبلي، مقالات شبلي، أكاديمية شبلي دار المصنفين، أعظم غراه، 2009.
المقالات:
- الندوي، عمير الصديق، تقديم للكتب الجديدة “العربية بين الفصحى والعامية (Let us speak Colloquial Arabic) مجلة معارف، أكاديمية شبلي دار المصنفين، أعظم غراه، يوليو 2008.
- الندوي، محمد قطب الدين، قراءة في كتاب: “دور المسلمين في تحرير الهند”، مجلة البعث الإسلامي، لكناؤ، أبريل 2010.
- العمري، جاويد أختر، الأستاذ محمود مرزا وتفرغه للغة العربية وآدابها درساً وتدريساً، مجلة الدراسات العربية والفارسية، جامعة الله آباد، برياغ راج، يوليو 2015.
- شاكري، هيفاء، قراءة في كتاب الشيخ شبلي النعماني حياته وأفكاره، مجلة الدراسات العربية والفارسية، جامعة الله آباد، برياغ راج، يناير- يوليو 2017.
- مرزا، محمود حافظ عبدالرب، مساهمة جامعة الله آباد في ترويج اللغة العربية وآدابها، مجلة التلميذ، جامو وكشمير، ديسمبر 2019.