محمد سراج
باحث الدكتوراه قسم اللغة العربية الشرقية
بالجامعة العثمانية، حيدرآباد
إن مدينة حيدرآباد لها تاريخ متلالئ ففي الأدب العربي، ونشر الثقافة الإسلامية في هذه الديار البعيدة عن مهبط الوحي والإسلام، لعب المملوكين النوابين العظمين دورا مهما في ازدهار المكتبات واقتناء الكتب من البلاد النائية في هذه المدينة، فقد ازدهر الأدب العربي والحضارة العربية في عهدهما المشرق، وشهدت مدينة حيدرآباد التطور العلمي الكبير، والنهضة الدينية الكبيرة، فبرعت فيها اللياقات، وتفوقت فيها الكفاءات ، ونبغ فيها العلماء، ونشأت فيها المدارس، والجامعات، والمكتبات الغضة بالكتب العربية، وخلق الله تعالى فيها رجالاً جلت هممهم ، وشخصيات فذّة بارزة، لهم مكان رفيع في الأوساط العلمية، فنشطت الحركة العلمية، فتحركت الأشواق الدفينة لمحبي العلم والفن، فصنّفوا وألفوا حول موضوعات شتى، وأجلبوا الكتب من البلاد النائية البعيدة، وأذخروا المكتبات المنتشرة في أرجائها بالمخطوطات النادرة القيمة، وجعل العلماء والمحبون للعلم يتسابقون في اقتناء الكتب والمخطوطات العربية،
فلا يخفى علينا دور المكتبات في نشر العلوم وصيانة التراث العلمي. فقام العلماء و الحكام بتأسيس المكتبات القيمة التي تعتبر خزائن العلوم والفنون وذخائر المعارف والمعالم عند الطلبة والعلماء والباحثين والمحققين. فبنيت لهذه المكتبات المباني الشامخة والعمارات الفخمة، ولذا نجد في كل كلية ومدرسة كبيرة مكتبة عامرة مستقلة مفيدة، كما توجد في مدينة حيدرآباد الهند التي كانت تحت مملكة النظام (الحكومة الآصفية) مكتبات كثيرة نجد في بعضها قسم المخطوطات أيضا. ومن تلك المكتبات العالية هناك مكتبة شهيرة تعرف بمكتبه الجامعة النظامية، وقبل ذكر هذه المكتبة يناسب ان اذكر عن الجامعة النظامية ذكرا و جيزا.
الف : مكتبة الجامعة النظامية :
يسعدني ان اقدم أولا صورة وجيزة عن الجامعة النظامية العريقة التي مازالت تواصل رسالتها منذ أكثر من قرن في مجال التربية، ودراسة العلوم الاسلامية، والحضارة المحمدية المجيدة على صاحبها أفضل الصلاة أزكي التحية.
أسس هذه الجامعة الإسلامية الغراء شيخ الإسلام، العلامة الفهامة،العارف بالله مولانا الحافظ” محمد انوار الله” الفاروقي قدس سره العزيز عام ١٢٩٢ه الموافق عام ١٨٧٤م. وهي من أجلّ مأثره العلمية التي تبدلت بها الأرض غير الأرض وأشرقت أرض الهند بنورها فبجهوده الجبارة اخذت النظامية تتقدم وتزدهر حتى صارت علما مفردا في الهند وعمّ صيتها داخل الهند و خارجها. فتهافت الطلبة عليها تهافة الظمآن على الماء من أداني الهند وأقاصيها من جزائر الهند و إيران وافغانستان ومن بلاد افريقيا وغيرها من أنحاء العالم. ولم ينقذ افضلها البرهه من الزمن مع دخول الجامعه في القرن الثاني بعد تاسيسها على الرغم من ما واجهته من الازمات و المهن عبرت الجامعه تلك المراحل بسلام باذن الله تعالى وهذا اثر نتيجة اخلاص المؤسس الذي كان مثالا حي الاخلاص كيف لا يكون هذا اذا شيّد رحمه الله تعالى دعائمها بإيماء سيد المرسلين وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم في منام الشيخ بالمدينةالمنورة..
فهذه المكتبة تعد من اغني المكتبات في الهند، و معظم كتبها في العلوم الإسلامية: كالتفسيرو الحديث و الفقه واصولها و العقيدة و التاريخ و السير و المنطق والفلسفة و التصوف و الاخلاق و الادب و الشعر و الفلكيات و الطبيعيات و غيرها.
كما كان شيخ الاسلام مولها مولعا باقتناء الكتب القيمة و جمع نفائسها ،فجمعها بصرف كثير وأجهد نفسه في اقتنائها بالاستنساخ ايضا، و حصلت لهذه المكتبة الكتب المهداة و المستودعة من العلماء والامراء و من جمعيات النشر و التوزيع كدائرة المعارف العثمانية، و مجلس اشاعه العلوم ،و لجنة احياء المعارف النعمانية، و من وزاره المعارف الاسلاميه بمصر وغيرها واشتري لها ايضا الكتب الدراسية في مختلف العلوم و الفنون و اللغات من دور النشر.
وسجلت فيها الكتب بنوعين :الاول”الانوار” الثاني “الامداد” و لكل واحد منهما سجل مستقل. وهناك ايضا سجلات على اساس اللغات و سجلت الكتب فيها على اختلاف العلوم والفنون مع صراحة اسم المؤلف وسنة التأليف و الطباعة.
وللمكتبة نظام خاص ويتولى الاشراف على شؤون المكتبة امينها ومساعدوه وهذه المكتبة في رحاب الجامعة، ولها أقسام:
١:قسم المطبوعات : يبلغ عددها إلى أكثر من ثلاثين ألفا مجلد
٢: قسم المخطوطات : يبلغ عددها إلى ١١٣٠ مجلد
٣: قسم الكتب الدراسية : يبلغ عددها إلى ١٠٠٠٠ كتب تقريبا
٤: قسم المطالعة : و بالمكتبة قسم خاص حيث توجد المجلات و الجرائد و الدوريات باللغة الأردية و العربية و الفارسية و الإنجليزية يستفيد منها الطلبة و المشتغلون بالجامعة و الباحثون بالجامعات المختلفة، فهذه المكتبة من اهم المكتبات بحيدرآباد و هي التراث العلمي الثمين و لها بناء مستقل حسب تطلبات عصريه .
قسم المخطوطات:
توجد مخطوطات باللغة العربية و الفارسية و الأردية في هذا القسم على موضوعات مختلفة كالتفسير و الحديث و الفقه الإسلامي وأصوله والأدب وغيرها.
هذه المخطوطات نادرة ما طبع كثير منها حتى الآن، فللباحثين هناك مجال كبير للبحث والتحقيق على هذه المخطوطات لشهادة الدكتوراة
وأنا أيضا من الباحثين للدكتوراة من الجامعة العثمانيه في قسم اللغات تحت إشراف فضيلة الدكتور محمد فضل الله شريف حفظه الله واخترت الموضوع للبحث والتحقيق “الدراسة النقدية للمخطوطات العربية النادرة عن الفقه المتاحة في مكتبات مدينة حيدرآباد الهند”. و هذا هو الرابط الاول في هذه السلسلة. فأنا حصلت مفهرس المخطوطات من سجل مكتبة الجامعة النظامية.و وجدت فيه مخطوطات كثيرة في الفقه و سيأتي تفصيلها تاليا.
تفصيل المخطوطات في الفقه في مكتبة الجامعة النظامية.
هناك ٦٤ مخطوطات في الفقه وسأذكرعن بعضها في هذه المقالة.
- جواهر النقي :
للشيخ علاءالدين المارديني رحمه الله نسخة صالحة بالخط النستعليق مشتملة على ٦٧٤ صفحة.
2-غنية التمليك شرح منية المصلي:
للعلامة ابراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي رحمه الله نسخة غير صالحة مأكولة في بعض الصفحات بالخط النسخ مشتملة على ٣١١ صفحة.
3- مسلم الثبوت:
للشيخ محب الله بن عبدالشكور البخاري: نسخة غير صالحة مشتملة على ٤٥٣ صفحة
وكذلك توجد فيها المخطوطات الهامة بعضها قد طبعت كالهداية، وشرح الوقاية،و كنز الدقائق، والأشباه و النظائر وغيرها. ولو طبعت هذه الكتب لكن أهمية مخطوطاتها مسلمة عند أهل العلم والتحقيق.
ب: مكتبة متحف سالار جنغ:
هذه المكتبة من أغنى المكتبات وأذخرها من الكتب في مدينة حيدرآباد، وهي تجمع عددا كبيرا من المخطوطات العربية في مختلف العلوم والفنون، وكان الفضل يرجع إلى الأمير يوسف علي خان بهادر الملقب بـ ” سالار جنغ الثالث” أنه غير متزوج، فصرف همته وعنايته في جمع الكتب واقتنائها، حتى أصبحت هذه المكتبة ثرية بالمخطوطات النادرة: وهذه المكتبة تختزن زهاء عشرة آلاف من المخطوطات من القرآن المجيد، والحديث النبوي، وأصول الحديث، والتفسير، وأصول التفسير، والفقه، وأصول الفقه، والرجال، والمنطق، والفلسفة، والكلام، والتجويد، والتصوف، والأدعية، والمواعظ، والأخلاق، واللغة والصرف والنحو، والبلاغة، والأدب والشعر، والطيب والهيئة والأفلاك والنجوم والتاريخ والجغرافية، والعلوم الشرقية، والسير، والتراجم والمناقب، وغير ذلك من في موضوعات شتى، فبعض منها من النوادر التاريخية بحيث كتبها المصنفون بخطهم، هناك مخطوطات قديمة لنسخ الصحاح الستة، والكتب الأخرى.
وإني هنا في صدد دراسة المخطوطات العربية حول الفقه، هناك توجد المخطوطات الكثيرة في الفقه العربي للمذاهب الأربعة.
- فيض الصمداني في شرح الفقه الكيداني:
لمؤلفه محمد بن محمد قاضي زاده، نسخة نادرة وحيدة برقم 53، وإن هذه النسخة عبارة عن ست وأربعين ومائة (146) صفحة من القطع الكبير.
- الحاوي الصغير:
هذا كتاب لمؤلفه نجم الدين عبد الغفار بن عبد الكريم القزويني الشافعي، المتوفي سنة 665
- شرح تلخيص الجامع الكبير:
لمؤلفه كمال الدين محمد بن عباس المتوفي سنة 652، هذه نسخة نادرة جاء نسخها سنة 800م ، وهي تتضمن ثلاث مائة أوراق (300).
- شرح المقدمة الحضرمية:
وهو تأليف شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر الهيثمي المكي المتوفي سنة 974ه، وجاء نسخ المخطوطة سنة1098.
- شرح كتاب الفرائض:
لمؤلفه داؤد بن حسن الحنفي، جاء نسخها سنة 1100ه، وهي نسخة نادرة، وهي في حالة جيدة، تشتمل على ست وثلاثين(36) صفحة.
- الميزان للشعراني:
وهو كتاب لمؤلفه عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني، المتوفي سنة 973ه، وجاء نسخ هذه المخطوطة سنة 1200ه
- مقدمة في الصلاة:
لمؤلفه أبو الليث نصر بن محمد إبراهيم، جاء نسخها سنة 1300ه، وهي نسخة جيدة نادرة، وفي غاية الإتقان والجودة.
- منتهي الإرادات:
هذا كتاب لمؤلفه تقي الدين أبو الباقر محمد بن أحمد بن عبد العزيز الحنبلي الفتوحي، قاضي القضاة، ، جاء نسخ هذه المخطوطة سنة 1300ه.
- لمؤلفه عبد الباقي بن يوسف الزرقاني المتوفي سنة 1099ه، جاء نسخ المخطوطة سنة 1191ه.
هذه نبذة يسيرة وتعريف وجيز لبعض المخطوطات في الفقه، وإلا المكتبة يكتظم بمثل هذه المخطوطات، يبلغ عدد المخطوطات في الفقه الحنفي إلى 60 مخطوطة، وفي الفقه الشافعي 34 مخطوطة، وفي الفقه الحنبلي، مخطوطتين، وفي الفقه المالكي مخطوطة واحدة لا غير.
خلاصة القول: هناك المكتبات الأخرى علاوة على هذا المكتبتين الذين أنا بصدد تعريفهما، تذخر الكتب الفقهية الأخرى، هناك في هذه العجالة قدمت تعريف بعض المخطوطات في الفقه العربي في مكتبة الجامعة النظامية ومكتبة متحف سالار جنغ.
المصادر والمراجع
- ابن النجار، منتهي الإرادات، 1/6 : ، عالم الكتب، بيروت
- ابو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد حمدوية ، المستدرك على الصحيحين، دار الكتب العلمية، بيروت.
- سجل مكتبة الجامعة النظامية لقسم المخطوطات.
- عبد الوهاب الشعراني: كتاب الميزان: 1/59، عالم الكتب، بيروت.
- علماء العربية ومساهماتهم في الأدب العربي في العهد الآصفجاهي للبروفيسور الدكتور محمد سلطان محي الدين رحمه الله (كامل الفقه من الجامعة النظامية واستاذ ورئيس القسم العربي بالجامعة العثمانية سابقا)
- الهيثمي، شرح المقدمة الحضرمية:7، دار الكتب العلمية ، بيروت، الطبعة الأولى 1420ه، 2000م.