بلال أحمد
الباحث في جامعة جواهرلال نهرو نيو دلهي
ملخص
تجتذب الهند شعوب العالم نحوها لأنها تمتاز بالثقافة والعلوم والمعالم والطبيعة والاقتصاد والموارد فاتجه إليها السياح والرحالون أيضا وكتبوا عن انطباعاتهم وأفكارهم عن الجوانب المختلفة للهند. وقد جاء الرحالون من العرب أيضا وأعجبوا بها وخلفوا الرحلات القيمة التي تنير على أحوال الهند. ومن هذه الرحلات الرحلة “رحلاتي في العالم” لنوال السعداوي. وهي رحالة مصرية نسوية جاءت إلى الهند وقد لقيت مع العمال والفلاحين والقبائل والأدباء والسادة وزارت المزارع والمصانع والأماكن العامة وعرفت عن أحوال عامة الناس وكتبت عن الأحوال الاجتماعية والثقافية والسياسية والعلمية والدينية في رحلتها وقد شددت على بيان أحوال الإنسان بدلا من الأشياء وكونها نسوية فلم تترك أي فرصة إذا وجدتها لبيان أحوال النساء وركزت على بيان قضاياها الإجتماعية والدينية والاقتصادية والعلمية ودورها في المجتمع الهندي.
الكلمات المفتاحية: نوال السعداوي، الرحلة، المرأة، المجتمع الهندي،
المدخل
إن الرحلة هي سجل التاريخ الإنساني ويستطيع أحد أن يتطلع على أحوال دولة ومجتمع خلال الرحلة. فان الرحالة يبين فيها ما يشاهد من العادات والتقاليد والمعالم والأحداث والطبيعة وما إلى ذلك بطريقة ممتعة حيث القارئ يشعر بأنه يشاهد المنظر بنظرة عينيه. وكانت الهند بلدة غنية من كل ناحية وخاصة في مجال العلم والاقتصاد. فكان الناس يسافرون إلى الهند لأغراضهم وسجل بعضهم مشاهداتهم في الرحلات واستمرت هذه السلسلة حتى الآن فلذا نجد كثيرا من الرحلات العربية عن الهند في القرون الوسطى والعصر الراهن. ومن هذه الرحلات الرحلة “رحلاتي في العالم” لنوال السعداوي التي زارت الهند والدول الأخرى وأظهرت انطباعاتها وآرائها عن الهند وصورت لنا صورة المجتمع الهندي وخاصة صورة المرأة الهندية.
عن حياة نوال السعداوي وأعمالها:
كانت الدكتورة نوال السعداوي (1931م-2021م) طبيبة وكاتبة وروائية ورحالة ونسوية ولدت في 27 أكتوبر سنة 1931م بقرية كفر طحلة في مصر وتخرجت من كلية الطب جامعة القاهرة عام 1955م وقد تزوج ثلاث مرات لكن كلها انتهت بالطلاق ولم تنجح [1]. وعملت نوال في المناصب العديدة في مجال الطب وغيره وتوفيت في 21 مارس عام 2021م في فترة وباء فايروس كورونا وكان عمرها 90 سنة [2].
كان اختصاصها في الأمراض الصدرية لكنها لم تنجح بأي إنجاز أو اكتشاف علمي في هذا المجال لكنها امتازت بالمدافعة عن حقوق الإنسان وخاصة عن حقوق المرأة وكتبت عديدا من الكتب عن المساوات وحقوق الإنسان والمرأة وأسست جمعية تضامن المرأة العربية وجمعية التربية الصحية وجمعية للكاتبات المصريات وساعدت في تأسيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان. ونشرت مجلة “أرابين بيزنس” (Arabian Business) عام 2016م قائمة أقوى مائة شخصية في العالم العربي واحتلت نوال مكان الحادي والاربعين في مجال الثقافة والمجمتع[3]. كما وجدت نوال مكانا في قائمة أهم 100 ناشطة نسائية في العالم التي صدرتها الصحيفة “غارديان” بمناسبة اليوم العالمي للمرأة سنة 2011م [4].
وقد فازت بالعديد من الجوائز ومنها جائزة الشمال والجنوب من مجلس أوربا لعام 2004م وجائزة إينانا الدولية (Inana International Prize) من بلجيكا لعام 2007م وجائزة ستيج داغرمان (Stig Dagerman Prize) من السويد لعام 2011م وجائزة شؤن ماكبرايد للسلام (Sean MacBride) من المكتب الدولي للسلام في سويسرا لعام 2012م. وكانت رئيسة تحرير مجلة الصحة بالقاهرة ومحررة في مجلة الجمعية الطبية كما ساعدت في تأسيس مجلة نسوية المواجهة.
وكانت شخصيتها مثيرة للجدل وسجنت ثلاث مرات لآرائها ومؤلفاتها فحاربت ضد ختان الذكور والأنثى والحجاب وتعدد الزوجات واعتبرت الحج وتقبيل الحجر الأسود من الأفعال الوثنية وأيدت المثلية والجنس الحر [5]. وقد بالغت في أفكارها النسوية إلى حد أنها تكتب إسمها نوال زينب نسبة لأمها واعتبرت نسبة الولد لوالده عنصرية حتى اعترضت على قول الله تعالى “قل هو الله أحد” وكتبت قل هي الله أحد [6] فان الله علو كبير عما تقول.
كتبت أكثر من أربعين كتابا وترجمت كتبها إلى أكثر من خمسة وثلاثين لغة [7] وأثار كل كتاب وفكر جديد لها عاصفة الجدل في أوساط الدينية والسياسية وكانت من أعمالها الشهيرة “المرأة والجنس” وهذا الكتاب كان أكثر جدل و”رواية سقوط الإمام” الذي ترجم إلى أربع عشرة لغة و”مذكراتي في سجن النساء” و”مذكرات طبيبة” و”رحلاتي في العالم” و”تعلمت الحب” و”الأنثى هي الأصل” و”قضايا المرأة المصرية” و”الرجل والجنس” و”المرأة والصراع النفسي” و”إمرأة عند نقطة الصفر” و”الإله يقدم استقالته في اجتماع القمة 2006م” وما إلى ذلك.
وكانت معظم رحلاتها رحلة علمية للمشاركة في المؤتمرات والندوات فقد زارت نوال السعدواي عديدا من الدول وكانت رحلتها الأولى إلى الجزائر عام 1963م كما سافرت إلى فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والأردن وفنلندا وروسيا وإيران والهند والحبشة وتانزانيا وما إلى ذلك وكتبت عن مشاهداتها وآرائها وانطباعاتها عن السفر في رحلتها “رحلاتي في العالم”. وتمتاز رحلتها باكتشاف الإنسان والمجتمع في أي مكان وفضلت السعداوي زيارة أماكن صعبة يكره السياح الذهاب إليها حيث تعتبر “أن السياحة ليست ركوب طائرات وزيارة متاحف والنوم والأكل في الفنادق الفاخرة، السياحة هي التجول على الأقدام في الشوارع والحواري المتربة واكتشاف الإنسان في مكان وبالذات تلك الأمكنة التي يهرب منها السياح” [8] ومع أنها سافرت إلى الدول الكثيرة لكنها تأثرت من الهند أكثر وإلى حد أنها تقول: “رحلتي إلى الهند لم تكن كأية رحلة إلى أي بلد. كانت أشبه ماتكون برحلة الحياة كلها منذ الولادة حتى الموت”[9].
الرحلة في الأدب العربي
إن الإنسان رحالة بالطبع ويحب الحركة واكتشاف شيء جديد ويرحل من مكان إلى مكان لبحث أغراضه الشتى ويبين حوادث وتجربة سفره لأهاليه شفويا وكتابة بطريقة ممتعة عندما يرجع إلى بيته. وإن الرحلة هي سجل تاريخ الإنسان ويستطيع ان يعرف أحد صورة العالم خلال الرحلة في مكان وزمان معين. ويقال أن “الرحلة هو الذي يصور فيها الكاتب ماجرى له من أحداث وما صادفه من أمور في اثناء رحلة قام بها إلى أحد البلدان”[10]. فإن التراث العربي غني من ناحية الرحلة حيث كان لديهم حب الاستطلاع والمعرفة واستكشفوا الأماكن القريبة والبعيدة وكتبوا عنها في رحلاتهم.
وكانت الهند لها علاقة وطيدة مع العرب منذ عهد ما قبل التاريخ وكان هناك تبادل تجاري بين البلدين وكانت سفن العرب تجري في بحر العرب والمحيط الهندي وتصل إلى الصين حتى اليابان عن طريق الهند كما وصل الإسلام إلى الهند في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب هذه العلاقة القوية وأسس أول مسجد في كيرالا عام 629م بيد التابعي الشهير مالك بن دينار. وإن أول رحلة عربية عن الهند عثرت عليها تنتمى إلى القرن الثالث الهجري أو التاسع الميلادي وكتبها سليمان السيرافي بإسم “أخبار الصين والهند” عام 851م وكتب أبو زيد حسن السيرافي تكملته بعد حوالي نصف قرن.
واستمرت هذه العلاقة المتينة مع الهند حتى الآن وزارها كثير من الرحالين وسجلوا مشاهداتهم وتجربتهم عن الهند واستوعبوا الأحوال الاجتماعية والسياسية والعلمية والفنية والثقافية والدينية والطبيعية والأحوال الأخرى في رحلاتهم ومن الرحلات العربية الشهيرة “في تحقيق ماللهند” للبيروني و”الرحلة” لإبن بطوطة و”الهند كما رأيتها” لفتح الله أنطاكي و”حول العالم في مائتي يوم” لأنيس منصور و”مشاهدات في الهند” لأمينة سعيد وسلسلة الرحلات الهندية لمحمد بن ناصر العبودي و”سياحتى في بلاد الهند الإنجليزية وكشمير” ليوسف كمال باشا و”سياحتي في العالم” لنوال السعداوي وما إلى ذلك.
ونحن بصدد بيان الرحلة “سياحتي في العالم” لنوال السعداوي فوصفت نوال السعداوي الهند مما شاهدت من الأحوال الاجتماعية والثقافية والسياسية والعلمية والدينية. وقد شددت على بيان أحوال الإنسان بدلا من الأشياء فعلى سبيل المثال لم يعجبها التاج محل ولا تتكلم عنه كثيرا عندما زارته بل تفكر عن العمال ومأساتهم الذين افنوا حياتهم الثمينة في بناء هذه المبنى الشامخة لأجل إرضاء شخص واحد. وقد لقيت مع العمال والفلاحين والأدباء والسادة وزارت المزارع والمصانع واطلعت على تقنياتها المتبعة وكون السعداوي نسوية فلم تترك أي فرصة إذا وجدتها لبيان أحوال النساء وشددت على بيان قضاياها الإجتماعية والاقتصادية ودورها في المجتمع الهندي. وكذلك أظهرت التناقضات الكثيرة الموجودة في المجمتع الهندي. فان هذه الرحلة تقدم أمامنا صورة الهند عامة وصورة المرأة خاصة بطريقة جيدة ممتعة.
صورة المرأة العادية
تلبس المرأة المتزوجة “الساري” الكامل وغير المتزوجة نصف الساري لكن الآن بسبب تأثير الحضارة الغربية خلعت منه وبدأت تلبس ملابس العمل مثل الرجل. وإن المجتمع الهندي يفرض سيادة الرجل على المرأة وهو الذي يخرج من البيت للعمل ويكسب القوت لعائلته لكنه في بعض المناطق الهندية تعمل البنات والنساء في الخارج لكسب المال وخاصة في مزارع الشاي ومصانعه وعندما ترجع المرأة من العمل تقوم بأعمال البيت من التنظيف وطبخ الطعام وما إلى ذلك وأما الرجل فهو عاطل ويلزم بالبيت ويتزين ثم يرقص في الحفلات الدينية أو يجالس أمام بيته مع الأصدقاء ويدخن ويلعب النرد ويشرب الخمر.
إن المجتمع الهندي أبوي ويفضل الرجل على المرأة في كل شيء. لكن هناك طائفة صغيرة وبها تسود المرأة في العائلة وتواجه بعض المرأة الحجاب كما تتمتع بعضها بالحرية الكاملة وتتبع الإنجليز في كل شيء في الحياة اليومية حتى تصح نسبة أولادها إليها بدلا من الأب. وقد إتخذ ملوك الهندوس في مدينة “جايفور” تقليد الحجاب من ملوك المسلمين في الهند وكانت نساءهم لا تخرجن أمام أعين الناس في “جايفور” إلا في عربة ضخمة محجبة. ويحرق الهندوس موتاهم ورأت نوال ثلاثة قصور لحرق الموتي هناك في جايفور؛ قصر للملك وقصر لزوجاته وقصر لمحظياته فكانوا يفرقون بين الذكور والإناث بعد الموت أيضا.
وكان هناك مؤظف لقيام أعمال البيت في شقتها في دلهي يدعى “ناراين” وهو كان من الطبقة العليا فرفض أن يقوم بغسل ملابس الرحالة كونها إمرأة. وتمنع بعض المعابد الهندوسية دخول النساء وزيارة الآلهة في المعابد لأنها ليست طاهرة. فتكتب السعداوي:”بعض المعابد تحرم دخول النساء والأطفال ولايدخلها إلا الذكور؛ لأن الذكور هم الجنس المفضل الطاهر المقرب إلى الآلهة وأما النساء فهن الجنس الملوث غير الطاهر”[11]. ومن تقاليد الهند أن الزوجة لا تجلس أمام الزوج وتظل واقفة وكذلك البنات أيضا وإن الهنود يفرحون ويحتفلون بولادة الولد لكنهم لا يحتفلون إذا رزقوا بالبنت ولاتزال المرأة حريصة على إرضاء الرجل بصفة عامة.
الزواج والطلاق
لايختار الولد أي بنت كزوجته بل تعد هذه المسؤلية من مسؤوليات العائلة وهي تقوم باختيارها بعد موافقة الكاهنة الذي يفكر في النجوم لإعطاء الموافقة وكذلك هو الذي يحدد تاريخ الزواج ثم يقوم بتزويجهما بمساعدة عائلتهما وأقاربهما . وتتزوج المرأة مع رجل واحد عامة لكنه هناك تقليد في بعض المناطق الهندية الذي يسمح لها أن تتزوج مع أكثر من واحد من الرجال من أربعة أو خمسة أو سبعة من الإخوة. وهناك مهر معكوس في الهند أي على المرأة أن تدفع المهر وأثاث البيت للرجل عند الزواج وإن كميته يزيد أو ينقص حسب طبقته ومنصبه، لكن بعض البنات من الجيل الجديد أيقظت ورفضت هذه التقاليد العمياء كما تقول نوال السعداوي:” هناك جيل جديد من البنات الهنديات اللائي يثرن على هذا النظام ويرفضن دفع المهر للعريس، بل يرفضن الزواج كلية”[12]. ويضع الرجل والمرأة نقطة حمراء في منتصف الجبهة فانه من التقاليد الهندوسية.
وهناك قرية بإسم “قالود” قرب مدينة “بارودا” وبها تسكن قبيلة ووإن المرأة والرجل لهما حرية في ممارسة الجنس قبل الزواج لكنها جريمة كبيرة إذا مارس أحدهما مع غير أهله بعد الزواج. فقد يلبس الرجل “الدوبارة” المقدسة لطول عمره عندما يتزوج كي يكون مقدسا ولا يقترب أية إمرأة غير زوجته لكن المرأة لا تلبسها حيث من المفروض أنها لن تصبح قديسة، لكن هناك بعض المناطق الأخرى في الهند تفرض العذرية على الرجل والمرأة ويحرم عليهما أن يمارس الجنس قبل الزواج.
وإن الأرملة في المجتمع الهندي تعتبر ساحرة شريرة ويكره وجودها في الجمتمع، فكانت تحرق حيا مع جثة زوجها في الزمن القديم لكن الآن انتهت هذه العادة الكريهة لكن الأرملة لا تزال غير مقبولة ولامكان لها في المجتمع وقد كتبت الرحالة نوال السعداوي الحوار مع متدين هندوسي “شاندري” وهو يقول:” المرأة هي سبب الخطيئة وسبب الموت وهي المسؤلة عن موت زوجها إذا قبلها؛ ولهذا أمرنا الآلهة بأن تدفن الأرملة مع زوجها في المقبرة نفسها وإذا عاشت الأرملة بعد زوجها فيه تسبب الفساد والكوارث … لكن الرجل ليس سبب موت زوجته فهي تموت بسبب أخطائها وتكفيرا عن ذنبها ومن حق زوجها أن يتزوج إمرأة أخرى بعد موتها”[13].
الهنديات من الأدباء والحكام
كانت الرحالة نوال السعداوي تتناول كتب الكاتبات الهندية ومقالاتهن في الهند ووجدت أنها تكتب عن كل شيء وموضوع بلا خوف وحرج. “المرأة التي تكتب في الهند تتناول جميع القضايا في بلدها وفي الحياة تحليلا ونقدا بغير خوف ولا حرج… كل شيء في الهند وفي العالم أمام قلمها قابل للعرض والكشف”[14] فكانت الكاتبة “ساهجال” تنتقد على سياسة “إنديرا غاندي” دون خوف وحرج ولم تمنعها الحكومة وظلت صداقتها معها كما هي. وقد كتبت روايات وقصصا وكانت روايتها الأخيرة بإسم “هذا الظل” وتناولت في هذه الرواية قضايا المرأة المطلقة ومعاناتها في المجتمع الهندي وانتقدت نقدا لاذعا على المجتمع التقليدي.
والكاتبة الأخرى جديرة بالذكر في الهند هي “كاملاداس” فهي كاتبة شجاعة وتكتب عن نفسها بكل صدق وشجاع ونشرت مذكرات حياتها واعترفت بكل ظاهر وباطن من حياتها التي اضطرتها على الخروج من بيتها حتى من مدينتها مومباي. وهي كانت من الأسرة “الناير” من كيرالا وإن هذه الأسرة تمتاز بسيادة المرأة على الرجل داخل البيت وخارجه وبمتعدد الأزواج وإن المرأة تعتبر مقدسة مثل الإله في أسرتها. وتقول نوال السعداوي عن متعدد الأزواج في أسرة الناير:”كان مجتمعا متعدد الأزواج في “كيرالا” حتى الربع الثاني من هذا القرن، مراسيم الزواج لم تكن تستغرق إلا دقيقة واحدة ثم يدخل الزوج إلى حجرة نوم زوجته. لم يكن ينفق عليها، ولا يعيش معها في بيتها، ولكنه يأتي إليها ليلا في ضوء القمر وينادي عليها قائلا “هو… هو …” حينما تسمح له زوجته بالدخول إلى حجرتها يدخل، وإلا فعليه أن ينتظر أو ينصرف إذا كان معها الآخر. كانت المرأة هي صاحبة النسب وتشعر بكرامتها”[15]
وكانت “كاملاداس” تخرج إلى البحر وتنزل في البحر مع الأصدقاء من الرجال وعرفت الحب وظنت أن الحب والشباب إلى الأبد لكنها اكتشفت بعد سنوات طويلة أنها هي زائلة والوحدة هي إلى الأبد. فاتجهت إلى آلهة الهند من “كريشنا” و”شيفا” و”دورجا” لكنهم ما استطاعوا إقناعها وأزدادت وحدتها.
وهناك ثالوث المحرمات في معظم المجتمعات في الدنيا وهو الجنس والدين والحكومة لكن الكاتبات الهندية جريئة ولم تهتممن بأي خوف وحرج وكتبن عن هذه الموضوعات بصدق وأمانة ومنها الكاتبة والشاعرة “أمريتا بريتام”. وقد كتبت الرواية “ذلك الرجل”، فإنها تدور حول تقليد الديانة الهندوسية؛ أنه إذا عجزت المرأة أن تنجب الأولاد فتذهب إلى معبد الإله “شيفا” بعد إذن زوجه ويباشر كاهن المعبد حتى تلد طفلا. فانتقدت على هذا التقليد الديني وأظهرت وجهه القبيح بكل وضوح أمام المجتمع خلال هذه الرواية فواجهت الكاتبة الهجوم والعنف ضدها من قبل المتدينين والقائمين بأمور الدين لكنها لم تراجع من موقفها.
ولقيت نوال السعداوي مع رئيسة وزراء الهند “إندرا غاندي وتأثرت بشخصيتها القوية كثيرا وقالت أن الهند تريد أن تقوي العلاقة مع العرب وتقوم دائما بجنب العرب عند أي مأساة ولاتؤيد الطريقة التي خلقت بها إسرائيل. وأن الهند تحاول مكافحة الفقر الشائع في الهند لكنها عجزت بسب الدول المتقدمة التي تتمتع بكل وسائل الدنيا. وقد أعطى الدستور الهندي حق المساوات بين المرأة والرجل وفإن المرأة تشارك الآن في الوزارة والدوائر الحكومية حتى المجالس القروية.
الخاتمة
وما زال المجتمع الهندي مجتمعا تقليديا ويفرض سيادة الرجل على المرأة ويفضل الذكور على الأنثى، فان المرأة مستواها غير جيدة في الهند لكنه إذا تعمق أحد يجد أنها تتمتع بصفة عامة بقدر أكبر من الحقوق مقارنة إلى الدول الأخرى. وكذلك الآن بدأت اليقظة بين النساء بسبب التعليم والثقافة الجديدة وتؤدي دورها في جميع المجالات من مجالات الحياة. وترى نوال السعداوي نورا في نهاية النفق أن المرأة ستحتل مكانة عالية في المجتمع وتتمتع بكل الحقوق مثل الرجل لا على الورق بل على الأرض أيضا.
المصادر والمراجع
[1] عقب وفاتها .. السيرة الذاتية للكاتبة نوال السعداوي، صحيفة الدستور، 21 مارس 2021م https://www.dostor.org/3399977
[2] نوال السعداوي: الناشطة النسوية صاحبة “الكتابات الخطرة”، الأخبار بي بي سي، 21 مارس عام 2021م https://www.bbc.com/arabic/middleeast-55962346
[3] WOMEN.Power100.2015-61.Nawal Al Saadawi, Arabian Business Magazine, 8 March 2016, https://www.arabianbusiness.com/lists/the-100-most-powerful-arab-women-2015
[4] Top 100 Women Activists and Campaigners, The guardian News Paper, 8 March 2011, https://www.theguardian.com/world/series/top-100-women-activists-campaigners
[5] عبدوس، أ. عبد الحميد. المقالة نوال السعداوي بين حرية الفكر وصريح الكف، 1 مارس عام 2021م، الشبكة منتدى العلماء https://www.msf-online.com
[6] الخليوي، فوزية. المقالة سقوط نوال السعداوي، المنشور 17 من نوفمر عام 2006م، الشبكة طريق الإسلام https://ar.islamway.net/article/2025
[7] المقالة نوال السعداوي https://www.marefa.org
[8] السعداوي، نوال. رحلاتي في العالم، ص 129، مؤسسة هنداوي سي آي سي، المملكة المتحدة، الطباعة 2017م، الترقيم الدولي 978152731375.
[9] المصدر السابق، ص 129
[10] بيرقدار، قحطان. المقالة ادب الرحلات. شبكة الالوكة
[11] السعداوي، نوال. رحلاتي في العالم، ص 138
[12] المصدر السابق، ص 153.
[13] المصدر السابق، ص 198
[14] المصدر السابق، ص 148
[15] المصدر السابق، ص 149-150