Main Menu

مساهمة يعقوب الشاروني في الأدب القصصي للأطفال: دراسة تحليلية

داور غني          

باحث بقسم اللغة العربية وآدابها

جامعة جواهرلال نهرو، الهند

Dawareflu@gmail.com

أدب الأطفال

جاء أدب الأطفال إلى حيز الوجود في نهضة ظهرت في فرنسا لأول مرة في العالم الغربي من قبل الشاعر الفرنسي تشارلزبيرو Charles Perrault عام1696، حيث كتب ثماني حكايات من وحي خياليه للأطفال بعنوان “حكايات أمى لوي” Contes de ma Mere l’Oye وألف بيرو هذا الكتاب كنقطة انطلاق لأدب الأطفال في العالم الحديث، وحذو الكتاب الأوربيون حذوه في كتابة الأطفال.

اطلع الأستاذ رفاعة الطهطاوي على الكتاب الفرنسيين وإهتمامهم بأدب الأطفال، حيث أدرك أنه قادر على تعليم الشباب. فاقبل على تعليم الطلاب إثر عودته إلى وطنه، ومسؤولية التعليم كانت ملقاة على كواهله. وقبل بضع سنين كانت الطلاب يدرسون الجغرافيا والأطالس، أو كتب تتحدث عن الأخلاق والحساب والهندسة، على سبيل المثال “حكايات الأطفال” و “عقل الإصبع”، وكانت هذه الكتب داخلة في المدارس الإعدادية في أوقات مختلفة.

رائد أدب الأطفال هو رفاعة طهطاوي، على الرغم من ترجمته إلى الإنجليزية، إلا أن أحمد شوقي كان أول من كتب أدب الأطفال باللغة العربية بعد أن تعرف على الأدب الفرنسي، على فنونه العديدة: الموسيقى والأدب في مسارح الدراما في باريس. وتردد على مقهى “داركود”، وفيه كانت تنعقد ندوة الشاعر الرمزي فيرلين، والتقى بشعراء فرنسيين، وهناك توصّل إلى فن جديد يتأثر به الشعراء العرب، ويمكن العثور عليه في الأدب العربي. جرب موهبته الشعرية في أشكال فنية مختلفة بما فيه من كتب المسرحيات الشعرية والملاحم والترانيم والفراعنة والقصص للأطفال، حتى أنه كتب عن الحيوانات والطيور بطريقة يمكن للأطفال فهمها.

نبذة عن يعقوب الشاروني

يعقوب الشاروني رائد من رواد أدب الأطفال المشهورين المرموقين في الأدب العربي الحديث، ولد في عشر من شهر فبراير في عام1931 بالقاهرة، مصر، من أسرة دينية مسيحية.

ويعد الكاتب المصري يعقوب الشاروني عميدا لكتاب أدب الأطفال والصغار، وقد شغل منصب رئيس المركز القومي لثقافة الطفل، وهو واحد من أهم فناني أدب الأطفال، ويرجع له الفضل الأكيد في دفع أدب الطفولة بقوة في العالم العربي. فيعقوب الشاروني هو أحد رواد أدب الأطفال في مصر والعالم العربي، فقدم للأطفال أكثر من أربعمائة كتاب، ترجم الكثير منها إلى أكثر من لغة، بالإضافة إلى العديد من الدراسات والأبحاث عن أدب الطفل والذي وضعه الشاروني في مقدمة اهتماماته.

تقول عنه الأستاذة الدكتورة ماريا ألبانو، أستاذة الأدب العربي بالجامعات الإيطالية:

“يعد الكاتب الشاروني المصري عميدا لكتاب أدب الأطفال والصغار وهو واحد من أهم فناني أدب الطفولة والأطفال، ويرجع له الفضل الأكيد في دفع أدب الطفولة بقوة في العالم العربي.”[1]

تعليمه:

أما تعليمه، فأرسله أبوه إلى المدرسة مع إخوته الأخرين حيث تعلم مبادئ العلوم بشكل جدي، واستفرغ جهده في التعليم. وبعد تخرجه من المدرسة التحق بجامة القاهرة حيث درس القانون، وحصل على ليسانس الحقوق في شهر مايو في عام1952م، وبعد ذلك التحق بكلية الحقوق بنفس الجامعة ونال شهادة دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي في عام1955م، وأيضا حصل على دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد التطبيقي من نفس الكلية في عام1958م.

وظيفته:

بعد إكمال دراسته في الجامعة، تولى منصب مندوب هيئة قضايا الدولة بمصر عام1953، وبعد ذلك عمل كمحامي بهيئة قضايا الدولة عام1959، إلى أن تقلد منصب نائب هيئة قضايا الدولة. وتولى منصب مدير في عامللهيئة لقصور الثقافة بعده، وأشرف على مدير الثقافة وقصر الثقافية بمحافظة بني سويف بصعيد مصر، ومن ثم حوله من وظيفته القضائية بوازرة العدل إلى هيئة العامة لقصور الثقافة في عام1968 حيث عمل كمدير عام.

توجه إلى فرنسا لدراسة العمل الثقافي بين الجماهير خاصة في مجال ثقافة الطفل، حيث أقام عشرة أشهر في منحة من الحكومة الفرنسية، وحاز على منصب مدير في عاملثقافة الطفل المتخصصين بالهيئة العامة لقصور الثقافة عام1970، وأصبح مستشارا لوزير الثقافة لشؤون ثقافة الطفل في عام1973، وعام1975 ألقيت مسؤولية شؤون التدريب بوزارة الثقافة على عاتقه، وعمل مشتشارا لوزير الثقافة لشؤون ثقافة الطفل إلى أن تم اختياره رئيسا ومديرا عاما للشؤون القانونية لوزارة الثقافة وايضا مستشارا لوزير الثقافة لشؤون ثقافة الطفل في عام1980.

وأصبح مشرفا على صفحة الأطفال اليومية في صحفية الأهرام منذ في عام1981 إلى في عام2008، وبعد ذلك تولى منصب رئيس للمركز القومي لثقافة الطفل بوزارة الثقافة المصرية بدرجة وكيل وزارة.

وعمل كأستاذ زائر في الجامعات شتى لأدب وقصص ومسرح الأطفال بكليات التربية بجامعة حلوان والإسكندرية وجنوب الوادي وطنطا وكفر شيخ في مصر من 1982 إلى 2008.

الجوائز الهامة:

حاز الشاروني على جوائز شتى لأعماله القيمة، حيث نال الجائزة الأولى لتأليف المسرحية من المجلس الأعلى للفنون والأداب، وزراة الثقافة مصر، عن مسرحيته “أبطال بلدنا” في عام 1960. وأيضا حصل على الجائزة الأولى للتأليف المسرحي من الهيئة العامة لفنون المسرح والموسيقى، وزارة الثقافة مصر، عن مسرحية “جنينة المحطة” في عام 1962. ونال جائزة أحسن كاتب أطفال من الجمعية المصرية لنشر الثقافة العالمية عن روايته “سر اختفاء العجيب” في عام1981. وقد منحه المجلس الأعلى للثقافة، وزارة الثقافة بمصر، جائزة أفضل كاتب أطفال “عن مجموعة مؤلفاته للأطفال” عام 1998. كما نال جائزتين عن كتابه “أبطال أرض الفيروز” الذي كتب مقدمته السيدة سوزان مبارك رئيس المجلس المصري لكتب الأطفال، وجائزة “السندباد” من مهرجان القاهرة الدولي لسنما الطفل، تقديرا لدوره الرائد في ثقافة الأطفال.

قد تلقى الميداليات وشهادات التقدير يمتد من 1996إلى 2007 من شتى الجمعيات والهيئات من مصر والبلاد العربية، تقديرا لإبداعه في مجال أدب الأطفال، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب.

عضويته في الهيئات:

اختير يعقوب الشاروني عضوا باتحاد كتاب مصر من 1995 إلى 2008، وعضوا في المجلس الأعلى للثقافة لجنة ثقافة الطفل من 1970 إلى 2007. وعضوا في جميعة الرعاية المتكاملة لتلاميذ المدارس الابتدائية التي ترأسها سوزان مبارك من 1978 إلى 2007، وعضوا في لجان تحكيم جائزة سوازان مبارك لأدب الأطفال للمؤلفين الشباب من 1989 إلى 2007. وامتدت عضوية المجلس المصري لكتب الأطفال ما بين 1995 إلى 2008. وما زال يعقوب الشاروني عضوأ للجنة تحكيم جائزة الدولة التقديرية لأدب الأطفال بالأردن، لجنة الطفولة والنشء من 2002 إلى 2008.

أعماله الأدبية

قدم الشاروني للأطفال عددا كبيرا من المؤلفات القيمة، فبلغ عدد مؤلفاته أربعمائة كتابا أو أكثر، وكما تم ترجمة مؤلفاته إلى أكثر من لغة، وهناك سلاسل الكتب التي قدمها الشاروني للأطفال: فهي موسوعة ألف حكاية وحكاية، وموسوعة العالم بين يديك، وأجمل الحكايات الشعبية، وعشرة كتب ضمن المكتبة الخضراء للأطفال، وسلسلة في كل زمان ومكان. وقدم أكثر من ستين دراسة وبحثا عن أدب الأطفال والكتابة لهم منها “تنمية عادة القراءة عند الأطفال” في عام 2005، و”القيم التربوية في قصص الأطفال” في عام 1990، و”كيف نقرأ لأطفالنا” في عام 2002، و”ثقافة طفل القرية وثقافة الطفل العامل” في عام 2002، وغيرها الدراسات العديدة التي تهتم بالطفل.

كتب الشاروني أكثر من أربعمائة قصة، منها القصص الخرافية والأسطورية، والعلمية، الجغرافية: سر الاختفاء العجيب في عام1981، ومُفاجأة الحفل الأخيرفي عام 1983، ومُغامرة البطل منصورفي عام 1984، والرحلة العجيبة لعروس النيل في عام 1994، ومُغامرة زهرة مع الشجرة في عام 1997، وأما في عام 1998 فصدرت عشرة مُجلدات تضم ألف حكاية بعنوان “ألف حكاية وحكاية”، وعفاريت نصف الليل في عام 1998، وصدر منها خمس طبعات أخرى في عام 2005، وشجرة تنمو في قارب في عام 2002، وصندوق نعمة ربنا في عام 2002، وحكاية طارق وعلاء في عام 2002، والجائزة وأنياب النمر في عام 2003، وحكاية رادوبيس في عام 2004، ومعروف في بلاد الفلوس في عام 2004، وحسناء والثعبان الملكى في عام 2004، وأحلام حسن في عام 2004، والتي ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية، ورجل السيرك في عام 2004، وتائه في القناة في عام 2005، ومنيرة وقطتها شمسة في عام 2005، ومرمر وبابا البجعة في عام 2005، وصراع في بيت الطالبات، وسلطان ليوم واحد في عام 2005، والأعمى وكنز الصحراء، وسر ملكة الملوك في عام 2006، وعن الملكة حتشبسوت، وثروة تحت الأرض في عام 2006، وطيور الأحلام في عام 2006، والصياد ودينار السلطان في عام 2006، وأبناء لهم أجنحة في عام 2006، وروائع المتحف الإسلامي في عام 2006، وأبناء في العاصفة في عام 2007، والكسلان وتاج السلطان في عام 2007، وغيرهم.

إسهاماته في أدب الأطفال

القصص الخرافية والأسطورية

يتفق علماء النفس والمربون على أن الحكايات الأسطورية محبوبة من قبل الأطفال في جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن اختلافاتهم في اللغة والجنس والبيئة والمكان، وهم يجذبون إلى هذه القصص أكثر من القصص والأخلاقية والدينية والعلمية التي تعتمد على عجائب الأشياء، وغرائبها وخوارقها، ويكون أبطالها عفاريت من الجن والسحارالقادرين على أن ينجزوا بالأعمال المدهشة الخارقة التي لا نستطيع أن نفعل به وحتى نتوقع من أحد أن ينجزها في حياتنا وعالمنا، ويكون الصراع بين الخير والشر موضوعا مشتركا، حيث يكون الانتصار النهائي للخير على الشر أمرا متكررا. تكمن جاذبية هذه الحكايات في قدرتهم على نقل الأطفال إلى عالم خيالي حيث يكون كل شيء ممكنا، وحيث يمكنهم استكشاف أفكار الصواب والخطأ بطريقة آمنة ومثيرة.

استند يعقوب الشاروني – كاتب غزير الإنتاج – للحكايات الأسطورية إلى الأدب الشعبي والأجنبي لخلق قصص من شأنها أن تروق للأطفال العرب بينما تتماشى مع مبادئ العقيدة الإسلامية والقيم الأخلاقية. تطلب عمل الشاروني فهما عميقا لنفسية الطفل ومعرفته الثقافية، ومهارته الفنية، ودقته الأدبية؛ لخلق قصص يتردد صداها لدى جمهوره الشاب.

يعد تكييف الحكايات الأسطورية مهمة صعبة تتطلب مجموعة فريدة من المهارات. كان الشاروني أحد الكتاب القلائل الذين يتمتعون بكل الصفات اللازمة لإنجاز هذا العمل بسهولة ومهارة. ابتكر حكايات أسطورية مثل نهر الذهب، الرحلة الرائعة لعروس النيل، الكسول، تاج السلطان، الصياد ودينار السلطان، سر اللحية البيضاء، خاتم السلطان، اللبدة، والشاطر محفوظ

تعرض هذه القصص أبطالًا ينتهكون قوانين الطبيعة ويعتمدون على الخوارق لتحقيق النصر على الشر. الدروس الأخلاقية والإنسانية التي تعلمها هذه القصص تجعلها أداة ممتازة لتعليم الأطفال أثناء الترفيه عنهم. استوحى الشاروني الإلهام من الحكايات الهندية والفارسية والإنجليزية والفرنسية لإنشاء قصص تعليمية وجذابة.

الحكايات الأسطورية هي نوع محبوب من الأدب استحوذت على قلوب وعقول الأطفال في جميع أنحاء العالم. إن عمل يعقوب الشاروني في تكييف هذه الحكايات للأطفال العرب هو شهادة على الشعبية الدائمة لهذه القصص وقدرتها على تعليم دروس قيمة مع ترفيه القراء الشباب. لقد جعلها تكييفه الماهر للحكايات الأسطورية أداة قيمة لتعليم الأطفال العقيدة الإسلامية، والقيم الأخلاقية.

القصص العلمية

يضن يعقوب الشاروني دائما بنقل المعلومات العلمية العزيرة المفيدة إلى أذهان الطفل العربي الوقادة من أثناء قصصه العلمية التي تساعد الأطفال على معرفة نقاط القوة الطبيعية بذكاء حاد وسهولة، مثل “خاتم السلطان” و”هذا يتوقف عليك” و”عفاريت نصف الليل” و”الثعلب وعصفور الحصاد” و”مبارارة” و”ثروة تحت الأرض” و”مغامرة زهرة مع الشجرة” و”الرحلة العجيبة لعروس النيل” وغيرها. كما أوضح طبيعة الطيور والحيوانات وفائدتها للمجتمع البشري في قصصه. إنه يظهر قدرة الله تعالى العظيمة وقوته وحكمته البالغة أيضا. وتوجد فيها دروس القيم الدينية والأخلاقية للأطفال؛ ليكونوا مثابرين وجادين في عملهم لتحقيق هدفهم.

 كتب مطاوع شتى القصص العلمية، منها “الرحلة لعروس النيل”، التي تتحدث عن حياة الأسماك وأمثالها الحيوانية والتفاصيل العلمية لمراحل حياتها في شكل حوار ومحادثة. وقصة “عفاريت نصف الليل” التي تدور حول حياة الصبي، وكيف يجد عفاريت الليل المخيفة التي يخافها الناس عندما يحل الظلام، وأما قصة “خاتم السلطان” فتتحدث عن الإيمان بالله وتأديبه وطاعته، وحقائق علمية عن حياة صائغ، وسلطان غاضب. والقصة “ثروة تحت الأرض”، تنتج معلومات علمية عن حياة أمين لبيت المال، والسلطان الظالم الجائر القاسي على رعاياه. تدور قصة “مغامرة زهرة مع الشجرة” حول فتاة ومغامرتها مع شجرة وفوائد الشجرة لعامة الناس. و”مباراة” تروي قصة الخروف والديك الرومي والكلب وتقاليدهم وعاداتهم. وهكذا “الثعلب وعصفور الحصاد” تحكي قصة خداخل الثعلب ومكره وغدره وعادته السيئة، وبالإضافة إلى قصة “مباراة” التي تخبر عن حياة القبائل الهندية الحمر، وما يتحلى بها رئيسها من ذكاء حاد وحكمة بالغة.

القصص الجغرافية

قصص الحيوانات أحب إلى الأطفال من القصص الدينية والاجتماعية. حيث يكون أبطالها حيوانات عجيبة، ولكنهم يعلموننا الأصول الاجتماعية والمبادي الأخلاقية. تم استخدم “ابن المقفع” في كليلة ودمنة، بالإضافة إلى كتب يعقوب الشاروني العديد من القصص الجغرافية التي تكون فيها الشخصيات والٔابطال من حيوانات عجيبة موجودة في الغابات الإفريقية وغيرها. ويعرف الأطفال أيضا معلومات جغرافية مفيدة إلى جانب التسلية والمتعة. إحدى هذه القصص هي قصة “كيس الخصام” التي تدور قصتها حول “هرقل” البطل اليوناني القوي، ومعاملته مع كيس الخصام، ونصيحة شيخه الحكيم بتجنبه حتى لا يقع في ضجة وهرج. ويتعلم الأطفال الأوصاف الإنسانية الرفيعة للجدية، والاجتهاد، والمثابرة، والتعاون، والجرءة، والشجاعة التي تساعد الإنسان على مواجهة المشاكل والعقبات التي تعيق تحقيق البشر للهدف المنشود، وهم يطورون قيما إنسانية إيجابية. وبعض قصصه الجغرافية المعروفة هي “إنهم أجبن منا”، و”لا أدري متى تنتهي مهارتي”، و”هذا يتوقف عليك”، و”شجرة ورد”، و”أريد أن تتوصلوا إلى الحقيقية”، و”الأحجار والمصباح”، و”عربات لبرطمان مربي مكسور”، و”طيران بغير طعام”، و”رغيف محترق”، و”جحا والعسل”، و”عندما تجف البئر”، و”النمر لا يهزم السلحفاة”، وغيرها.

مميزات يعقوب الشاروني الأدبية

صار أدب الأطفال اليوم مجالا خصبا للكتاب والأدباء لدوره النشيط في بناء تربية الأطفال الأخلاقية والاجتماعية وشخصيتهم، لأنهم مستقبل الوطن للمجتمع والأمة. لكن أدب الأطفال له خُلُق خاص عندما كان طفلاً صغيرا، ويختلف عن البالغين في مراحله وسلوكياته ودوافعه وميوله. يحتاج هذا الأدب إلى ممارسة أدبية خاصة توافق نفسية الأطفال، ولايمكن لكل كاتب يكتب للكبار أن يكتبوا للصغار أيضا. يتميز أسلوب أدب الأطفال بالتركيبات السلسلة وبسهولة التعبير، والفكاهة في الموضوعات، ووضوح الكلمات، والابتكار في الأساليب والذكاء في الأفكار.

نمت قصصه في الأطفال ذوي القدرة الرسومية، والرغبة في القراءة والقراءة، وكذلك المعلومات الدينية والعلمية، وجعلتهم قادرين على التحدث والكتابة باللغة العربية الفصيحة. تتميز معظم قصصه بأسلوبه الأدبي الممتاز.

يعقوب الشاروني كان من الكتاب العرب القلائل في مجال أدب الأطفال الذي تفوق عليهم بأساليبه الفريدة الخاصة في كافة السمات الأدبية والفنية التي يحتاج إليها الكاتب في مجال خيال الأطفال. نمت قصصه في الأطفال ذوي القدرة البيانية، والرغبة في المطالعة والقراءة، وكذلك أمدتهم بالمعلومات العلمية والدينية، وجعلتهم متمكنين من التحدث والكتابة باللغة العربية بطلاقة.و تتميز معظم قصصه بأسلوبه الأدبي الفريد الممتاز.

  • يعد التشويق عنصرا بارزا في أسلوبه القصصي الخيالي قادرا على إثارة التفاعل الفكري والأدبي الذي يتكون من الوضوح والكلام السهل والانسجام في التراكيب، اعتمادا على إدراك وفهم الطفل العقلية واللغوية. يستخدم تراكيب سهلة بسيطة وجمل قصيرة خالي من التعقيد والغموض. ولا ينسى الشاروني إثارة الشوق حتى في قصصه العلمية والدينية.

أولع الأطفال بقراءة قصصه لصياغته اللفظية الرائعة، ومواهبه الفطرية. وبهذا الطريق، يقدر الكاتب أن يلج في نفوس الأطفال بسهولة. كما نلاحظ في هذه الكلمات البسيطة المغنية التي يسرد فيها الكاتب صورة الريف والأراضي الجبلية لنهر الذهب

 “في مكان منعزل، ببلد من بلاد الشرق، ومن هذه الجبال، كان ينبع عدد من الأنهار السريعة، يتدفق واحد منها في مجرى يمتد، عند منبعه، على سطح صخرة عالية، وكانت أشعة الغروب الذهبية تغمر شلالات ذلك النهر، حتى يبدو كأنها أسلاك من الذهب، لكن السحب كانت تتكاثف دائما فوق الوادي، ثم تسقط أمطارا تمد أرضه بالحياة والنماء”.[2]

  • تنفرد قصصه باستخدام كلمات سهلة توافق على فهم الطفل، وقدراته اللغوية وحتى إتيان بأنشطة حول القصة في ختامها مع الأسئلة والأجوبة، وإعادة القصة باللغة العربية الفصحى. وبهذا الطريق، يتمكن الأطفال من أن يتمتعوا بقصصه الجذابة الشيقة، ویشعرون فيها بالفرحة والسرور. كما يزودهم بمخزونهم اللغوي وهو يكتب

“تقرح عليك أن تشترك في أحد أو كل الأنشطة التالية”

1- لماذا سمي “نهر الذهب” بهذا الأسم؟

 2- لماذا أطلق الناس على الأخوين الكبيرين، “نعمان، ورسلان”، لقب “الأخوين القاسيين”؟ 3- عليك بالبقاء في المطبخ، لمراقبة هذه الشهية من اللحم” من قال هذه العبارة؟ ولمن قيل؟

4- مالنصيحة التي قدمها ملك النهر الذهبي إلى شهاب؟.”[3]

لا يحتاج الأطفال إلى مراجعة القاموس لكون الألفاظ السهلة أوالكلمات غير الصعبة في قصصه، واستخدام الأسئلة والأجوبة في ختام القصة.

  • اتخذ الشاروني قصصه كوسيلة لتربية الأطفال المبدعين، وترسيخ القيم الإنسانية ولاسيما الدينية في نفوسهم. يقتبس موضوعات قصصه أولا من القصص القرآنية والأحاديث النبوية، ثم يرجع إلى القصص العربية الشعبية والأسطورية، لكنه يركز دائما على الجانب الديني والخلقي. وتغلب المواعظ الخلقیة والجوانب التربوية علی جميع أعماله القصصية. وينذر الأطفال من عواقب الحسد والخداع السیئ، ويمنعهم عن ارتكاب المعاصي و الذنوب، وتنتهي قصصه علی انتصار الحق، وهزيمة الأشرار عموما. ويعلم الأصول أن الإنسان يتذوق حلاوة الفرح والابتهاج عندما يفوز بعد المثابرة والمجاهدة في العمل، كما توجد تلك الأصول في قصة “نهر الذهب” بهذه الكلمات.

“وبينما هو ماض في طريقه إلى هناك، خُيًل إليه أنه يسمع صوت الماء، يشق له طريقا جديدا تحت الأرض، متجها إلى وادي الكنوز. وما إن وصل إلى الوادي، حتى رأى نهرا يشبه النهر الذهبي، قد تفجر من نبع جديد، يقع بين الصخور، وأخذ يشق له مجرى ممتلئا بالماء وسط أرض الوادي الجافة السوداء”.[4]

  • قد تشجم الشاروني في غرس الحب للناس والحيوانات ورحمة للأخرين في نفوس الأطفال، ومساعدة الصغار الكبار وبالعكس، واحترامهم لهم، وكما يكتب في قصة نهر الذهب

“لكن الأخ الأصغر “شهاب” لم يكن يشبه أخويه مطلقا، كان شهاب فتى لم يتجاوز الثانية عشر من عمره، لطيفا، محبا لكل مخلوق، ولم يكن يوافق أخويه على شيء مما يفعلان، لذلك جعلا منه طاهيا لهما، ومع ذلك، كان كل ما يستطيع الحصول عليه من طعام، وهو ما يتخلف عن أخويه بعد أن يأكلا ويشبعا”.[5]

  • کان یلتزم الشاروني نفسه أن يستخدم اللغة العربية الفصحى، ويتجنب عن استخدام اللغة العامية في قصصه، حيث يرغب الأطفال فى اسخدام لغة فصيحى. يعتبر ترويج للغة العامية فی المجتمع العربی جريمة في حق وحدة الأمة العربية. كما نلاحظ في أسلوبه الطابع الديني تارة في الألفاظ وتارة في المعاني، ولها أمثال كثيرة في قصصه، كما يكتب في قصة:

 “خاتم السلطان”، يا فتاح يا عليم، يا رزاق يا كريم، قدرتك يا رب كبيرة. وعلى كل شئ قديرة، حتى إذا سقط شئ في البحر، فقدرتك تعيده إلى البر”.[6]

هذا الدعاء يمثل نصيحة لقمان – عليه السلام – لإبنه، كما ذكره القرآن الكريم:

 “يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ، إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ”،[7]

 يتبين له الطابع الديني في أبطال هذه القصص، وحياتهم اليومية.

  • قدم الشاروني حقائق كونية، ومعلومات علمية في قصصه المختلفة. تؤكد هذه القصص العلمية عظمة الله وحكمته البالغة، وراء خلق الحيوانات والطيور، وتحرض الأطفال على التأمل والتفكير في الكون.
  • لم يتوجه الشاروني إلى كتابة الحکايات الأسطورية لغرض المتعة والتسليط فحسب؛ بل استهدف بها دائما الإصلاح وتربية الأطفال، وإثراء ثقافتهم الإسلامية والاجتماعية، وتزويدهم بالمعلومات اللغوية، وإعدادهم لحياة مستقبلية نيرة. كتب هذه القصص لنمو مداركهم العقلية، وإشفاء حبهم الاستطلاعي، وفيها رسالة إنسانية، ودروس أخلاقية.

 

 

المصادر المراجع

  • القرآن الكريم
  • الجاحظ، عمرو بن بحر، البيان والتبيين، ج 2، القاهرة 1993
  • الحديدي، الدكتور علي، في أدب الأطفال، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، 2001م
  • شحاتة، الدكتور حسن،أدب الطفل العربي- دراسات وبحوث، الدار المصرية اللبنانية، مصر1994م
  • الشاروني، يعقوب، مغامرة زهرة مع الشجرة، المكتبة الخضراء للأطفال.
  • الشاروني، يعقوب، نهر الذهب، المكتبة الخضراء للأطفال.
  • الشاروني، يعقوب، الرحلة العجيبة لعروس النيل، المكتبة الخضراء للأطفال.
  • الشاروني، يعقوب، الكسلان وتاج السلطان، المكتبة الخضراء للأطفال.
  • الشاروني، يعقوب، الصياد ودينار السلطان، المكتبة الخضراء للأطفال.
  • الشاروني، يعقوب، سر اللحية البيضاء، المكتبة الخضراء للأطفال.
  • الشاروني، يعقوب، كيس الخصام- ألف حكياة وحكياة-، مكتبة مصر، القاهرة.
  • الشاروني، يعقوب، خاتم السلطان، المكتبة الخضراء للأطفال.
  • الشاروني، يعقوب، دنانير لبلبة، المكتبة الخضراء للأطفال.
  • محفوظ، سهير أحمد، كتب الأطفال في مصر، مكتبة زهراء الشرق، القاهرة، سن الطباعة غير متوفر.
  • نجيب، أحمد، دراسات في أدب الأطفال، دار الفكر العربي، شارع جواد حسن، القاهرة 1991م.
  • الشاروني، هالة، سحر الحكيات في أدب يعقوب الشاروني القصصي

الهوامش:

[1]– الشاروني، هالة، سحر الحكيات في أدب يعقوب الشاروني القصصي، ص 13

[2] – الشاروني، يعقوب، نهر الذهب، ص 3-4

[3] – المرجع نفسه، ص 44

[4] – المرجع نفسه، ص 43

[5] – المرجع نفسه، ص 6

[6] – الشاروني، يعقوب، خاتم السلطان، ص 4

[7] – القرآن الكريم، سورة لقمان، آية 16