Main Menu Top Menu

لو أنها تتعلم العربية

الدكتوره سميه رياض الفلاحى

آراضى باغ ، اعظم كره

من الساعة الخامسة صباحاً و “نادية ” جالسة على الكرسى الصغير فى ركن الحجرة ، و أمامها المنضدة و الكتب والواجبات والجداول ، تحاول الممارسة لتعليم اللغة العربية لكى تفهم شرائع الإسلام و توقظ اختها ” سامية ” لصلاة الفجر منذ نصف ساعة و تقنعها بالذهاب إلى مكتبة التعليم للغة العربية فى شمال حيّها فى مدينة دلهى.

إنها لم تعد تستطع فليست هذه أول مرة أو ثانى مرة، لها شهر و هى تحاول أن تحرّض أختها سامية على تعليم هذه اللغة الثمينة ، وفى كل مرة خابت لأن سامية قد تأخرت…..

غدا أجل غداَ . خلاص يا نادية.

ثم يأتى الغد و لا تذهب .

 مضى شهر على هذا الدرب.

و فى الصباح استيقظت نادية مبكرة و أعدت للذهاب بنفسها وارتادت جلبابها.

نظرت إليها سامية بالازدراء و بالاشمئزاز و سألت:

إلى أين تريدين للذهاب؟

إلى مركز التعليم للغة العربية.

استهزأت هى نادية و تمسخرت بها.

لماذا أنت تموتين لتعليم هذه اللغة؟

أليس تكفى بك أن تعرفين اللغتين الإنجليزية و الأسبانية؟

و أن هذه اللغات تفوق و تسيطر على العالم.

طبعًا ! و لكن أريد التعليم هذه اللغة. قالت نادية و خرجت بسرعة .

و سامية مازالت تنظر إليها بالحيرة والاستعجاب.

ثم ضحكت و قامت من فراشها.

كانت سامية طالبة الهندسة ، ذكية مجتهدة تفوق جميع الطلاب فى الجامعة ، و كانت جميلة صابحة الوجه كضوء القمر ،و سوداء الشعر كدجى الليل  و طويلة القامة كالغزال كأنها محور الجمال تمشى فى طريقها دون مبالاة بحولها ، ينظر إليها كل فتى بالشوق و الرغبة و كل منهم يريد أن يصاحبها ولكن بلا جدوى فكانت متكبرة لا ترفق بأحد و لا تلين.

و ما زالت أختها نادية تقنعها بارتداء الحجاب و لكنها تستنكر. و كلاهما طالبتان للهندسة.

ألم تقرآى هذه الآية ” ياايها النبى قل لأزواجك و بناتك و نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ……؟ سألت نادية:

أ لا تعرفين ألا أحب اللغة العربية و الشرائع الإسلامية فهى قديمة جدا لا تستطيع السير بسير الزمن؟ أجابت بالاستنكار.

عبث معك . قالت نادية.

و مازال يمضى الليل و النهار و نادية تهتم بتحسين اللغة العربية و فهم الآيات القرآنية.

و فى ذلك اليوم ، عندما ذهبت نادية إلى المركز ، قامت سامية و هى تتمتم بغضب شديد.

أين أنت يا أمى ؟ نادت من بعيد.

أنا هنا فى المطبخ و أجهز الفطور لكم.

هلا بتناول الفطور….

أخبرتها سامية أن نادية قد ذهبت إلى المركز.

إنها قد مسها الخبط و الجنون و ضحكت بالاستخفاف.

و عادت إلى حجرتها.

و جلس الجميع على مائدة الطعام لتناول الفطور. فنادتها أمها.

و سامية غارقة فى التفكير عن حالة نادية فلم تسمع صوت أمها.

دنت أمها من حجرتها و نادتها.

و كلهم يتناولون وجبات الفطور فإذا سأل أبوها عن نادية.

أصابها الجنون . أجابت سامية.

ماذا بك سامية؟

طبعًا يا أبى.

ذهبت إلى المركز لتعليم اللغة العربية . و ما فائدة لتعليم هذه اللغة؟ من يتعلم هذه اللغة ؟ و من يعرف هذه اللغة إلا العلماء الأرذلون؟

كانت تتمتم ، ولم تتلق أى رد من أحد.

ثم بعد قليل قال والدها :” يا بنتى ، لا تنظرى إلى هذه اللغة بازدراء”

هذه اللغة لغة القرآن الذى نزّل هدى للناس بلسان عربى مبين ولا يتعلمها إلا عباد الله المختارون.

أنا لا أصدق هذا …. قالت سامية.

أنا اعرف سبع لغات من إنجليزية و فرنسية و أسبانية و أردية و هندية و ألمانية و صينية… فما حاجة بهذه اللغة المتخلفة؟

هذه اللغة ليست لغة متخلفة . هذه لغة متطورة عالمية و تأتى فى القمة. أجاب أبوها.

فلماذا هؤلاء العرب متخلفون فى العالم ؟ سألت بغضب…

لأنهم قد تركوا مآثر آباءهم و لم يعتنوا بتطوير هذه اللغة على نهج متطور كما الانجليزيون و قلّدوهم….

فهم بمثابة قول عزّ من قائل ” نسوا الله فنسيهم …..”

إنهم نسوا حضارتهم و اتبعوا مآثر المغربية.

ألم ترى هذه الآية ” إن الله لا يغيرما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم …..

لا تنصحنى يا أبى ! غضبت سامية و هرولت إلى حجرتها.

عادت نادية من المركز و سعيدة جدًا.

سلّمت على سامية و بدأت تسمعها عن أهمية اللغة العربية.

قالت بازدراء :” أنا لا أحب اللغة العربية اطلاقًا. إذا كانت هذه اللغة عظيمة إلى هذه الدرجة ، فلماذا يعيش من يعرفها حياة بائسة فى بلدنا؟

قالت نادية :” لا تقاس هذه اللغة بالمال يا أختى”.

و ليس صحيحًا أن من يتقتنها فقراء دائمًا . إن يكونوا فقراء فهذا سلوكهم الزهدى.

و كم من جامعة فى البلاد تهتم بنشر هذه اللغة ، و كم من أستاذ يكسب ملايين الروبيات شهريًا.

و مضى سنة و نادية كانت تهتم بتعليم اللغة العربية فى الصباح ثم تذهب إلى الجامعة لتعليم الهندسة حتى أكملت دراستها.

و أُعلِن عن وظيفة هندسية فى شركة عالمية بالجامعة المركزية فى مدينة دلهى ، و تقدمت الشقيقتان.

تلقتا رسالة المقابلة ، وحُدّد موعد المقابلة. توجهتا للمقابلة.

 و كانت سامية تفرح بإجادتها فى سبع لغات و دراستها فى الهندسة و كانت تعتمد أنها ستكون ناجحة.

حتى حان وقت المقابلة و قامت لجنة التقييم و لجنة التحكيم بمقابلة جميع المتتقدمين بالتناوب و سألوا كل واحد منهم إن كان يجيد اللغة العربية بعد اسئلة عن الهندسة و جميع الأمور للشركة.

و بلغ التنافس أشده و دق قلوب جميع المتقدمين و بدأ يهيب جميعهم و أجاب الجميع بالنفى إلا نادية.

هنأت اللجنة نادية واختارتها للشركة.

حمدت نادية على هذا لله و قالت لسامية : هل أنت معلومة؟ ” إن الله لا يحب المتكبرّين”.

كانت سامية تندم فى قلبها و تخجل بنفسها و تقول أنها تتمنىّ لو أنها تعلمّت اللغة العربية……