Main Menu

على شاطئ البحر

الدكتوره سميه رياض الفلاحى

آراضی باغ،  اعظم كره

 

أطلت من نوافذ الشقة و رأت سيارات واقفة و شوارع مغلقة و زحاما كبيرا من الناس يتعالون أصواتهم ” لا نريد القانون المدنى الموحد ” و هم يصرخون حاملين لافتات و ملصقات خلاف تنفيذ القانون.

ماذا حدثت لفئات ؟ تسأل نفسها باستغراب و تمتم بشفتيها….

خرجت من الغرفة و جازت السلالم بسرعة و وصلت الشارع قولابا بين الناس و دارت عينيها حولهم…. ثم بدأت تنطق …. و تخاطب الناس كخطيب ماهر.

لماذا أنتم تخالفون هذا القانون المقترح فهو يؤتى المساواة بين الجنسين و حقوق المرأة،  و أن المرأة الهندية تتجشم من اغتصاب حريتها و خاصة المرأة المسلمة فهى لا تجد مكانا تحصن فيه وجودها و تحرم من حريتها فهى لا تستطيع أن تخرج من بيتها وفق مرضياتها و عليها أن ترتد الحجاب ولا تمكن أن تدخل أدارات الوظيفة.

فما هى العيش ؟ و ما هذه الحياة؟

هل المرأة لا تمتلك حقوق العيش بالحرية الكاملة؟

كانت تتكلم بسلاسة و تصعق فى خطبتها و تنطق الانكليزية بطلاقة و كانت توضح أنها لم يكن لها أن تقوم هنا بينكم إلا بالحرية. فهذا القانون يؤتيكم المساواة دون تفريق بين جنسين أو فرق….

ومازالت تخاطب حتى ساعة…..

هل أنت مسلمة يا أختى؟ قدم إليها شاب سامح ذو صدر واسع من زحام الحزب المؤيد بالقانون يبتسم كأنه يظفر فى أرادته…..

هل أنت مسلمة ؟ يكرر سؤاله…..

نعم! أنا مسلمة….. ماذا تريد من هذا السؤال المتكرر…. و غضبت…..

و يضحك شاب ذو ملامح واضحة و يسخر منها : أنت لا ترى مثل هيئات المسلمات . فلم ترتدي الجلباب ولم تأخذى الخمار و قصرت شعرك و لبست ملابس الأولاد كأنك تشابه بالرجال…

و كان يضحك و يصفق…..

فغضبت و سارعت إليه باللطم و تسأل ماذا تريد منى؟

أنا أريد منك الرجوع…..

ماذا تعنى بالرجوع ؟ و لماذا تتبعنى ؟

أنا متأكدة أنت شاب مسلم ذو ثقافة متخلفة ….. كانت تمتم بسخط….

لا، أنا رجل هندوس و أريد أن اقضى معك بعض أوقاتى لأننى تأثرت بكلامك الدافئة حول القانون.

و كيف يمكن لى ؟ كانت تسأله….

هذا سهل بسيط …. أجابها….

كيف ؟ تسأل بلهف….

سيرى معى بالأقدام…..

سارت خلفه و مشت حتى وصلا إلى شاطئ البحر باسم ” غرغاؤن جوباتى”.

هل أنت تتيقن فى قوانين الإسلام المتخلفة؟ كان يسألها اشمئزازا إليها.

لا’  أنا مسلمة مثقفة تحمل مسؤوليات وظيفية بدون حجاب… تجيب…

لماذا فرض الإسلام ارتداء الحجاب على المسلمة ؟ هل أنت مؤيدة بهذا الحكم؟ كان يسألها بشغف….

الحجاب يمنع المرأة من دخول ميدان العمل ولذلك لا أرتدى…. كانت توضح بفخر….

فقضا كلاهما أول يومهما الصداقة بينهما إلى ساعتين على شاطئ البحر….

و مضت الأيام و توثقت العلاقة بينهما حتى بدأ يأتيا كل يوم على شاطى البحر…

و كانا يلعبان مع أمواج البحر حتى مساء ثم كانا يرجعان إلى بيوتهما…..

و ذات يوم جاء رجل بنكج و بنت عائزة ترتدي اللباس الأبيض الرقيق و يحدق بنكج بإرادة السوء فأغرها و ألقى إليها كلمات معسولة و كانا ينظران بعضهما إلى بعض بالحبة والرغبة….

وأرادا أن يستحما فغاصت عائزة فى أمواج البحر ثم خرجت منه ككاسيات عاريات فلم يستطع بنكج أن يمنع شذوذه الجنسية و قدم إليها و أمسك بيدها و عانقها و قبلها قبلة حارة حتى غمرها الخمر والسكران و هبطت فى الشذوذ الجنسية.

أنت ملعونة…. يلوم ضميرها ….. و هى راجعة إلى البيت…..

كانت تندم و تمشى فى الطريق دون أن تنبس بكلمة….

و كانت مضطربة طول الليل حتى أصبحت و قامت من فراش و اغتسلت و جهزت الفطور وارتدت اللباس الصغير فى لون وردى و خرجت و طلبت الرقم باسم بنكج ولكن لم يجبها….

كانت تطلب الرقم ولا تزال حتى مساء ولكنه لم يتصلها…..

رجعت خائبة من شاطئ البحر….

و تتابعت الأيام كذلك ولكنه لم يتصل بنكج معها…..

و كانت تعيش مضطربة و ملهفة فى حبه….

حتى جاء يوم وصلت الرسالة من بنكج:

” أنا معلوم أن الإسلام مذهب متدين صحيح و قوانينه معتدلة و أن الحجاب لا يمنع المرأة من دخول ميدان الترقية،  ولكن مسلموا الهند يغفلون عن دينهم و قوانينهم الأصلية و يسجنون أنفسهم بسجن الثقافة المتطورة اللادينية كما أنت لا تحترم دينك و قوانين دينك فكيف تحترم قوانين أخرى. و أما القانون المدنى الموحد فهو خداع ، لا يؤتى المساواة بين الجنسين و كيف يؤتى ، بينما الرجل مختلف و المرأة مختلفة من حيث الطبيعة و الفطرة…. و حقوق المرأة محصنة فى الإسلام،  والإسلام دين جميل يحترم الإنسان….

أنا كنت فى جماعة المؤيدين لهذا القانون و حينما رأيتك تؤيد القانون فأردت أن اهبطك لأنك خالفت قوانين الإسلام و كنت لا أدرى الإسلام آنذاك ….

و بالأمس رأيت شابة ملفوفة بالستائر و الحجاب و كانت توزع الأوراق تؤيد قوانين الإسلام الأسرية و تخالف القانون المدنى الموحد الذي يؤدى إلى اغتصاب حقوق المرأة كما أنا اغتصبت حريتك…..

أنا كنت مترددا فى طريقى إلى بيتى حتى وصلت و خلعت ملابسى…

جلست على الكمبيوتر و أرشف شاي المساء ثم فتحت عدة المواقع الإسلامية و شبكات حول حقوق المرأة فى الإسلام و طالعت كل الدراسة طول الليل دون أن أرتد طرفى و فهمت و استسلمت حقانية الإسلام….

فما ألقب كليكما أنت و تلك الشابة المسلمة….

أنت مرأة ضعيفة مسكينة ذليلة تابعة لقوانين مغترة….

و تلك شابة فاخرة ملكة تعتز بقوانين شامخة إسلامية….

أنت ملعونة….

و تلك محترمة….

و أنا لا استطيع أن أوثق العلاقة معك بأنك ضعيفة لا تقدر أن تثبت على طريقك….

و فى الختام….

أنا نادم منك…

طالب العفو منك إن شئت….

و الآن أنا أغلق رقمك للأبد….

قرأت عائزة الرسالة إلى النهاية و كانت تحدق فى السطور كأنها قد غشاها ظلام البحر لا ترى أى شئ حولها… …

و كانت تلعن نفسها و حريتها…..

و تمتم على شاطئ البحر….. على شاطئ البحر….. على شاطئ البحر و قضت يومها بأوراد ” على شاطئ البحر…. على شاطئ البحر…. حتى غرقت فى نومها و حلمت أن بنكج يلعنها و هى تندم و تتوب إلى الله و تمسك بالقرآن و تقرأ الآية ” يأيها النبى قل لأزواجك و بناتك و نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن… ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين…..” فكررت الآية فى حلمها حتى أيقظت و صرخت بشدة البكاء.

توضأت و صلت ركعتين و رجعت إلى الله و قرأت الآية من سورة الأحزاب و بدأت تمتم خلاف القانون المدنى الموحد…

و لزمت الفراش إلى أيام طويلة….

إن الله يغفر الذنوب جميعا فلا تيأسي من رحمته و الزمى بالتوبة و الاستغفار. تنبهها ضميرها….

قامت و وعدت نفسها بالتمسك بشعائر الإسلام.