د. بشارت أحمد شاهين
المحاضر التعاقدي بالكلية الحكومية بونتش جامو وكشمير
اللغة العربية اللغة العربية فهي لغة القرآن الكريم وهي أكثر اللغات بلاغةً وفصاحةً، ففي فحواها الكثير من الأسرار الكامنة، وقد وصلت هذه اللّغة العظيمة أوج الازدهار والتَّطور قبل الإسلام وبعده، والمعلقات الشعريَّة الكبيرة والأشعار المختلفة والكتب الغنيّة، كلها أشياء تدل على فضل هذه اللغة وأهميتها العظيمة. تعلم اللغة العربية كثير من الأشخاص غير النّاطقين باللغة العربية يفكّرون في تعلمها، من أجل الاطلاع على الثقافات العربية والبحث في كل ما يتعلق بها، بالإضافة إلى الرغبة الملحة عند المسلمين من غير العرب بتعلم اللغة ليستطيعوا قراءة القرآن والتّدبر فيه. تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها من باب إخلاص العرب للغتهم، وحبّهم لنشرها عبر أرجاء الأرض، نجد أنّ كثيرين من يهتمون في التطوع في مجال تعليم اللغة لغير الناطقين بها، ، يمكن القول إن طرائق تدريس اللغات عموما، واللغة العربية على وجه الخصوص، قد مرت بمجموعة من المراحل المختلفة الحديثة في العصر الذي نعيش فيه فهي انتشرت في شتى المجالات ، في عصرٍ كهذا نرى أَننا بحاجة إلى هذه الطرق لكي نستفيد منها في التعليم ، ولاسيما في تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها في الهند، و في هذه المداخلة سنذكر عن هذه الطرق فمن بين هذه الطرق: التدريب على الأصوات ، و التدريب على الكلام، وتدريس الطالب قواعد اللغة الأساسية، تدريس المفردات المهمّة، و التّدريب على الاستماع، وطريقة النحو والترجمة، والطريقة المباشرة وغيرها.
مفهوم طريقة التدريس:
قال محمود كامل الناقة ورشدي أحمد طعيعة “إن طريقة التدريس مفهوم أوسع وأبعد من مجرد اجرءات تدريسية يقوم بها المعلم في الفصل”[2]، يمكن الوقوف على مفهوم الطريقة من خلال الإشارة إلى بعض المصطلحات التي ترتبط بها ارتباطًا وثيقًا، وهي تأتي بالتسلسل الهرمي التالي:
المدخل أو المذهب (Approach): وهو مجموعة من الافتراضات المتعلق بعضها ببعض، وتعالج طبيعة تعليم اللغة وتعلمها.
الطريقة (Method): وهي الخطة العامة لعرض المادة اللغوية بصورة منتظمة، لا تتناقض أجزائها، وتنبنى على مدخل معين
الأسلوب (Technique): وهو تطبيقي، وهو ما يأخذ مكانه فعلا في حجرة الدراسة، ويتمثل في خدعة (Trick) معينة، أو اختراع معين تستخدم لتحقيق غاية مباشرة. ويجب أن يتناغم الأسلوب مع الطريقة والمدخل على السوا[3]ء.
والطريقة في إطار هذه التعريفات هي الخطة العامة المستمدة من نظريات وافتراضات معينة لتعليم اللغة وتعلمها والتي يتبعها المعلم في تقديم المواد اللغوية ويطبقها في عملية تعليمية تعلمية في حجرة الدراسة من خلال إجراءات صفية تنطبق عليها[4].
وطرائق تعليم اللغات الأجنبية كثيرة ومتعددة يختلف بعضها عن بعض باختلاف المداخل (Approaches) التي تستند إليها والأساليب (Techniques)التي تنفَّذ بها في عملية التعليم. وليس ثمة من هذه الطرائق طريقة مثلي وكاملة، تناسب كل الظروف التعليمية، وتخلو من العيب والقصور. إلا أن هناك طريقة سيئة، قليلة النفع، وأخرى فاعلة مؤثرة في العملية التعليمية. ولكن مع ذلك أن طرائق التدريس قديمها وحديثها وبغض النظر عن درجة فعاليتها لا تموت ولا يلغي بعضها بعضا. وقد أثبتت الدراسات أن بعض المدرسين في كثير من أنحاء العالم مازالوا يستخدمون طريقة القواعد والترجمة: وهي أقدم طرائق التدريس المعروفة التي مضت عليها قرون-جنبا إلى جنب مع الطرائق التي جاءت بعدها[5].
أسس أختيار الطريقة: إذا كانت طرائق تدريس اللغة الأجنبية كثيرة متعددة وليس منها ما هي مثلي ومناسبة لكل المواقف التعليمية، فمعنى ذلك أنه ينبغي على معلم اللغة العربية للناطقين بغيرها ألا يتقيد بطريقة معينة دون غيرها، وإنما ينتقي منها ما يناسب الموقف التعليمي الذي يجد نفسه فيه.
وهناك عدة أسس يمكن أن يلجأ إليها المعلم وهو يختار طريقة التدريس المناسبة، وهي:
أ- المجتمع الذي تدرس فيه العربية كلغة ثانية.
ب- أهداف تدريس العربية كلغة ثانية.
ت- مستوى الدارسين وخصائصهم.
ث- اللغة القومية للدارسين.
ج- إمكانيات تعليم اللغة.
ح- مستوى اللغة العربية المراد تعليمها، فصحى، عامية… إلخ[6].
معايير اختيار الطريقة: إلى جانب أسس اختيار الطريقة ثمة معايير ينبغي أن يتم في ضوئها اختيار الطريقة، وهي:
أ. السياقية: أي أن تقدم الطريقة كافة الوحدات اللغوية الجديدة في سياقات ذات معنى تجعل تعلمها ذا قيمة في حياة الدارس.
ب. الاجتماعية: أي أن تهيئ الفرصة لأقصى شكل من أشكال الاتصال بين المتعلمين.
ت. البرمجة: أي أن توظف المحتوى اللغوى الذى سبق تعلمه في محتوى لغوي جديد، وأن تقدم هذا المحتوى الجديد متصلا بسابقه.
ث. الفردية: أي أن تقدم المحتوى اللغوي الجديد بشكل يسمح لكل طالب كفرد أن يستفيد.
فإن الطريقة الجيدة هي التي لا يضيع فيها حق الفرد أمام تيار الجماعة.
ج. النمذجة: أي أن توفر نماذج جيدة يمكن محاكاتها في تعليم اللغة.
ح. التنوع: أي أن تعدد أساليب عرض المحتوى اللغوى الجديد.
خ. التفاعل: أي أن فيها يتفاعل كل من المتعلم والمعلم والمواد التعليمية في إطار الظروف والإمكانيات المتوفرة في حجرة الدراسة.
د. الممارسة: أي أن تعطى لكل متعلم الفرصة للممارسة الفعلية للمحتوى اللغوي الجديد تحت إشراف وضبط.
ذ. التوجيه الذاتي: أي أن تمكن المتعلم من إظهار أقصى درجات الاستجابة عنده، ومن تنمية قدرته على التوجيه الذاتي[7].
الطرائق الشائعة لتعليم اللغة العربية:
إن طرائق تعليم اللغات الأجنبية كما سبق ذكره كثيرة ومتعددة، بعضها قديم والأخرى حديثة. وستتناول السطور التالية أشيع هذه الطرائق استخداما في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها وهي: التدريب على الأصوات ، و التدريب على الكلام، وتدريس الطالب قواعد اللغة الأساسية، تدريس المفردات المهمّة، و التّدريب على الاستماع، وطريقة النحو والترجمة، والطريقة المباشرة وغيرها.
التدريب على الأصوات: وهي الخطوة الأولى في تعليم الطّالب الأجنبي اللغة العربية، وهي الخطوة الأهم، فمن دونها لا يمكن للأجنبي اتقان النطق؛ لأنّ كثيرًا من مخارج الحروف العربيّة والأصوات فيها غير واردة أبدًا في أي لغة، الأمر الذي يجعل هذه الأصوات صعبةً جدًّا ولا يمكنه إخراجها من فمّه بسهولة إلا بعد تدريب طويل ومكثف، وهذه الأصوات تُقسم إلى عشرة أقسام كما يلي: الشفوي والشفوي الأسناني، والأسناني اللثوي، والجانبي، والغاري، والطّبقي واللهوي والحلقي والحنجري، وأكثر الأصوات التي قد يواجه معها الطالب مشاكل في النطق الحلقي والشفوي التي تشمل الحروف التّالية (ح، ع، خ، ق) والحل في هذه الحالة هو استبدالها بأصوات أسهل وأقرب إلى لغة المتعلم[8].
التدريب على الكلام: وهذه المرحلة الثانية من التّعليم، ولا يصلها الطالب إلا إذا اجتاز المرحلة الأولى بنجاح تام، ليبدأ بتعلم الكلمات البسيطة في اللغة، مثل: السلام عليكم، اسمي فلان، ما اسمك، هذا كتاب، ما هذا؟، وفي هذه المرحلة يتم البدء بتعليم الطّالب أسماء الإشارة والضّمائر؛ لأنّها ستتكرر معه في كثير من المواضع[9].
تدريس الطالب قواعد اللغة الأساسية: وفي البداية لا يُنصح بالتّعمق في القواعد؛ لأنّ قواعد اللغة العربية معقدة جدًّا وصعبة على أصحاب اللغة نفسها، والعرب أنفسهم لا يتقنون قواعد اللغة تمامًا، ولكن يجب تعلّم القواعد الأساسية التي تمكّنه من تكوين الجمل الصحيحة دون أي أخطاء في القراءة أو في الكتاب.
تدريس المفردات المهمّة: وفي كل يوم تُخصّص مجموعة من المفردات ومعانيها ويتوجب على الطّالب حفظها وتسميعها في اليوم التالي[10].
التّدريب على الاستماع: وذلك من أجل تدريب الأذن على الحروف والمخارج في اللغة العربية؛ ولأنّ الاستماع المتكرر للحوار باللغة العربية يجعل المتعلم يتذكرها ويتذكر مخارج الحروف عند الحديث فيُسهل عليه المهمة[11].
مدارس خاصة بتعليم اللغة والثقافة العربية: في الآونة الأخيرة ظهرت مدارس متخصّصة لتعليم اللغة للأجانب وغير الناطقين باللغة العربية ، وفي الغالب تكون مموّلةً من السفارات أو أنها أعمال جماعية لشباب غيورين على اللغة ويرغبون في نشرها وتعميم الثقافة العربية بين الناس، وبالدّرجة الأولى تصحيح الصورة النمطيّة الخاطئة عن العرب، ويوجد في هذه المدارس ملحقات خاصة بإقامة الرحلات إلى الأماكن الأثرية والدينية لهؤلاء المتعلمين لترغبهم باللغة والثقافة العربية أكثر. وفي الأخير هذه الطرق نذكر طريقة مهمة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها فهي:
طريقة النحو والترجمة : هذه الطريقة تعد أقدم طرائق تدريس اللغات الأجنبية حيث يرجع تاريخها إلى القرون الماضية. وهي حقيقة لا تنبني على فكرة لغوية أو تربوية معينة كما لا تستند إلى نظرية معينة، وإنما ترجع جذورها إلى تعليم اللغة اللاتينية واليونانية الذى كان يتمحور حول تعليم القواعد اللغوية والترجمة. وقد صَنَّفَ العلماء هذه الطريقة من ضمن طرائق المدارس القديمة لتعليم اللغات الأجنبية التي لا تزال سائدة الاستخدام حتى الآن في مناطق مختلفة من العالم رغم قدمها وفشل أساليبها. والهند وهي مجتمع هذه الدراسة خير مثال للدول التي شاع فيها استخدام هذه الطريقة في تعليم اللغة العربية، الأمر الذي يزيد أهمية تناول هذه الطريقة في هذه الدراسة.
تستهدف هذه الطريقة إلى إجادة اللغة وهي الإلمام بقواعدها نظرياً، ويعتبر حفظ المفردات من خلال الترجمة شرطا اساسيا لممارسة اللغة، وإلى جانب ذلك فإنها تركز الإهتمام بقراءة النصوص وترجمتها وعنها العناية الكبيرة بالنصوص الأدبية، والنظر إليها أنها مهمة في المراحل المبكرة من التعليم[12].
من أهم ملامح هذه الطريقة:
أ. الغرض من تعلم اللغة الأجنبية هو قراءة النصوص الأدبية والاستفادة منها في التدريب العقلي وتنمية الملكات الذهنية.
ب. النحو والترجمة وسيلة لتعلم اللغة، وذلك يتم من خلال التحليل المفصل للقواعد النحوية وتطبيقها في ترجمة الجمل من وإلى اللغة الهدف. وتعلم اللغة إذن لا يربو على عملية استظهار للقواعد النحوية والحقائق.
ت. القراءة والكتابة نقطة تركيز هذه الطريقة، ولا تهتم اهتماما منهجيا بالكلام والاستماع.
ث. يتم اختيار المفردات وفقًا لنصوص القراءة المستخدمة، وتقدم من خلال قوائم المفردات ثنائية اللغة، والمعجم، والاستظهار.
ج. تعليم النحو بأسلوب استقرائي، ويتم من خلال عرض وتحليل القواعد النحوية ثم تطبيقها بعد ذلك من خلال تدريبات الترجمة.
ح. كانت لغة الأم للدارس هي وسيلة التعليم، وكانت تستخدم في شرح النقاط الجديدة ومقارنة بين لغة الدارس واللغة الهدف.
خ. العلاقة بين المعلم والطلاب علاقة تقليدية، حيث يسيطر المعلم على الفصل ولا يكون للطلاب إلا أن يفعلوا ما يطلب منهم، وأن يتعلموا ما يعرفه ويقدمه المعلم.
من مزايا هذه الطريقة هي:
- إنها مناسبة للأعداد الكبيرة من الطلاب إذ إن المعلم يستطيع أن يتعامل مع أي عدد يتسع له الفصل. ذلك لأنه ليس على الطالب إلا أن يحضر كتابا يدرس منه، وكراسة يكتب فيها، ويتابع ما يقوله المعلم.
- .إنها تستخدم الجملة كعنصر أساسي في تعليم اللغة وممارستها، مما يجعل عملية تعلم اللغة أيسر.
الهوامش
[2] . محمود كامل الناقة ورشدي أحمد طعيعة: طرائق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، الرباط 2003، ص69.
[3] . . Jack C.Richards and Theodore S.Rodgers, Approaches and methods in language teaching: A description and analysis, Cambridge University Press, Cambridge, 1986.
[4] . محمود كامل الناقة ورشدي أحمد طعيعة: طرائق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، الرباط 2003، ص215.
[5] . علي حسين الدليمي وسعاد عبد الكريم الوائلي: الطرائق العلمية في تدريس اللغة العربية، عمان، دار الشرق، ص15. و
. E.M.Anthony, Approach, method and technique, English Language Teaching 17, 1962
[6] محمود كامل الناقة ورشدي أحمد طعيعة: طرائق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، الرباط 2003، ص22-23.
[7] . المرجع السابق، ص67-68.
[8] . محمد إبراهيم الخطيب: طرائق تعليم اللغة العربية، الرياض، مكتبة التوبة، 2003، ص17.
[9] . محمود كامل الناقة ورشدي أحمد طعيعة: طرائق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، الرباط 2003، ص146.
[10] . أحمد فؤاد محمود عليان: المهارات اللغوية ماهيتها وطرائق تدريسها، الرياض، دار المسلم للنشر والتوزيع، 1992، ص155.
[11] . محمود كامل الناقة ورشدي أحمد طعيعة: طرائق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، الرباط 2003، ص118.
[12] . ديان لارسن فريمان: أساليب ومبادئ في تدريس اللغة، ترجمة عائشة موسى السعيد، الرياض، جامعة الملك سعود، 1997، ص21.
المراجع:
- محمود كامل الناقة ورشدي أحمد طعيعة: طرائق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، الرباط 2003.
- علي حسين الدليمي وسعاد عبد الكريم الوائلي: الطرائق العلمية في تدريس اللغة العربية،عمان، دار الشرق.
- محمد إبراهيم الخطيب: طرائق تعليم اللغة العربية، الرياض، مكتبة التوبة، 2003.
- أحمد فؤاد محمود عليان: المهارات اللغوية ماهيتها وطرائق تدريسها، الرياض، دار المسلم للنشر والتوزيع.
- ديان لارسن فريمان: أساليب ومبادئ في تدريس اللغة، ترجمة عائشة موسى السعيد، الرياض، جامعة الملك سعود، 1997.
- محمد على الخولي، أساليب تدريس اللغة العربية، ط3، الرياض، 1410هـ/1989م.
- Jack C.Richards and Theodore S.Rodgers, Approaches and methods in language teaching: A description and analysis, Cambridge University Press, Cambridge, 1986.
- M.Anthony, Approach, method and technique, English Language Teaching 17, 1962