عبدالآخر
الباحث في الدكتوراه بمركز الدراسات العربية والإفريقية
بجامعة جواهرلال نهرو بدهلي الجديدة، الهند
Abstract:
This article includes the social, political, financial and educational crisis and issues brought by the tussles going on after the establishment of Israel and the discrimination, injustice, brutalities and evils done the so called superior over the inferior, which were addressed by the prolific writer and the prominent novelist Ibrahim Nasrallah in his wonderful series of novels titled “Al-Malhat Al-Felastiniyyah” This collection of comedic and history based novels are treated by the reader as very creative writings and fascinating literary works, So I focused on highlighting his productive literary talents in terms of fiction, constructive literature and the effective social characteristics and impression left by his amazing literary works on the Arab nation and others at the international, historical, political, religious and humanitarian levels and on the levels of justice and equality, and thus I have described all the series in brief, So you would find in his novels comprehensive ideas and vital espionage and some important questions about Arab nationalism, the Islamic nation, human equality, and most of their novels are based on the injustice and aggression of the British and Zionist authority and the sacrifices and struggle of the Palestinian Islamic nation to revive the history of their beloved homeland in the memory of the young generations to be fully informed about the bloody intrigues and trivial promises that break their unity and thus disperse their gatherings.
Keywords: Issues of a suppressed society, Crisis of the war and conflicts, Palestinian Comedy, Poetic language, wonderful history, Cultural heritage, Different dimensions.
القضية الفلسطينية هي من أهم القضايا العربية ولها ارتباط وطيد كبير بنشوءالصهيونية والهجرة اليهودية إلى بلاد فلسطين بشكل جذري، وتشكل قضية فلسطين من أهم الموضوعات والقضايا الأولية ذات الاهتمامات المشتركة في دول الخليج العربي على الأخص وفي العالم الإسلامي على الأعم، التي لم تجلت فقط في الأعمال الأدبية الفلسطينة خاصة والعربية عامة بل شاعت وتفشت في جميع لغات العالم وآدابها الحية، والآداب الفلسطينة مملوءة بالقضايا الفلسطينية رواية وشعرا وقصة، ومنها روايات إبراهيم نصر الله الكاتب الفلسطيني البارع الشهير،فهو يستطيع أن يؤثّر، ويتأثر بجميع ما يدور في مجتمعه ودولته، والتأثيرهو بالتالي إذا ما تراكم وتضخم سيحدث أي تغيير، ولو نظر أي شخص إلى نفسه بعد قراءة الروايات والأنواع الأدبية الأخرى لرأى أنه مجموع الكتب التي قرأها أومجموع الأعمال الأدبية ومجمع الحكايات البديعة ومنبع التضحيات الوطنية ومخزن الوقائع التاريخية التي سمعها والتربية التي عاشها أو أثّرت فيه.
وكخطوة أولى لذلك قد قام الكاتب البارع والروائي البارز والشاعر الهيام الفلسطيني والأردني إبراهيم نصر الله بالأعمال الأدبية الروائية الهامة باسم “الملهاة الفلسطينية”، والتي تعد ملحمة درامية وروائية تاريخية، أرخ فيها نصر الله تاريخ فلسطين منذ فترة الخلافة العثمانية حتى الآن، وقد كتب الأديب تسع روايات من هذه السلسلة، وهي: مجرد 2 فقط، طيور الحذر، طفل الممحاة، زيتون الشوارع، أعراس آمنة، تحت شمس الضحى، زمن الخيول البيضاء، قناديل ملك الجليل، أرواح كليمنجارو بحسب التسلسل الزمني.
وإن الملهاة الفلسطينية هي سلسلة روائية أُعِدّتْ لحماية الذاكرة، وذكر القضية الفلسطينية وإحياء مشاعر التضحي وأحاسيس الوطنية كما عبرالمؤلف عن ذالك “ولذا أكتب، ربما، ضدالفكرة السائدة التي تحرم القضايا الكبرى من أن يكون لها تفاصيلها، هذه التفاصيل التي حينما تحضر أن تكون القضاياالكبرى ظلالاً لهالاغير، سواء كنا نتحدث في الحب أوالحرب أوالموت أوالاغتراب أوماتحتضنه القضية الفلسطينية من أسئلة لأن البشر هم الذين يحضرون، ولأن البشرهم الذي نيطردون دائماً من كتاب يومهم، ومن كتب التاريخ الرسمي، وجوهر معنى وجودالرواية أن يكونوا سكانها[1]” وقام الأديب بتأليف هذه السلسلة ردًا على مقولة ابن غوريون التي ذكر فيها بأن القضية الفلسطنية تتمثل في عبارة “سيموت كبارهم وينسى صغارهم”، وهذا هو السبب الأساسي الدافع الحقيقي الذي حفز إبراهيم نصر الله لكتابة مجموعة روايات تحمل شهادات الكبار ممن عايشوا النكبة، وتروي هموم الصغار الذين لم ينسوا ما حدث معهم من قيام الدولة الصهيونية الغاشمة المحتلة الدامية التي لاتزال تمدد مخالبها القاتلة حتى اليوم بناء على الشذوذالخلقي والديني كما يتضح ذلك في بيانه “ربما كان هذا المشروع الروائي الثمرة المباشرة لما بعد معركة بيروت، التي فرضت حالة من الضياع والتشتت، فإذا كانت المقاومة انتصرت بصمودها فقد كانت هزمت بشتاتها بين ماءين وأكثر من صحراء، وإذا كانت هزمت بشتاتها فقد انتصرت باحتمالية الصمود التي تحولت إلى واقع حرم العدو من أني كون له نصر كامل، لكننا نحن الذين لم نكن هناك، كانت المعارك ونتائجها تعبرنا بقسوة أخرى، وقدصدف أن قرأت جملة لبن غوريون يتحدث فيها عن الفلسطينيين تقول: سيموت كبارهم وينسىصغارهم، وقد اعتبرت تلك الجملة اسوأ هجاء للشعب الفلسطيني، وهي تكمل تلك الجملة التي لاتقول صهيونية: لوكان الفلسطينيون شعباً لكان لهم أدب” نعم، هناك حكاية كبرى، هي الحكاية الفلسطينية، يقال إنها لم تأخذ مداها في الكتابة الروائية الفلسطينية، والعربية بما يليق بها، وفي هذا القول شيء من الصواب، وشيء من الخطأ بالمقدار نفسه، لأن بعضه يصدر عن جهل، وبعضه استسلم لهذه المقولة منذ أوائل السبعينات ربما[2]“.
وقد واجه الكاتب الروائي إبراهيم نصر الله كثيرا من الانتقادات الأدبية بشأن تسمية السلسلة الروائية باسم “الملهاة الفلسطينية” ، فلا يمكن أن يكون الوضع الفلسطيني الحالي وتشريد شعب من أرضه بالحدث الذي يُوصف بالملهاة، إلا أن الكاتب الروائي نصر الله لا يرى استبدال الكلمة بالمأساة بالشيء المنطقي، ذلك لأن المأساة شيء محدد المصير، وهو شيء يرفض أن يصف به القضية الفلسطينية، لأن ليس من المحدد لها أن تبقى مأساة إلى الأبد، بل يمكن أن تتغير الأحوال والأوضاع في أي فترة من الزمن.
والمأساة لغة هي ما تنتهي بموت الأبطال جميعهم، والقضية الفلسطينية لن تقوم دون الأمل والجمال والتحرر والكفاح من أجل الوصول إلى نقطة مضيئة، وبهذا السبب اختار الكاتب الروائي نصر الله الملهاة، بعيدًا عن الكوميديا، بل استخدمها في ظل ظلالها المختلفة في اللغة العربية، مثل اللاهي عن الشيء هو الذي لا يُفارقه، والقلوب اللاهية هي القلوب المتشاغلة وغيرها من الأمثلة الأخرى.أأأإ
- قناديل ملك الجليل
يبدأ الكاتب السلسلة الروائية “الملهاة الفلسطينية” بروايته ” قناديل ملك الجليل ” وقد صدرت هذه الرواية عام 2011م عن الدار العربية للعلومناشرون، وتُرجمت هذه الرواية إلى اللغة الإنجليزية، ودخلت في القائمة الطويلة لجائزة البوكر للرواية العربية عام 2012م، وهي أول رواية تاريخية له، وهذه هي الرواية التي تتخذ فلسطين مسرحًا لأحداثها الكارثة والأوضاع الفلسطينية المأساوية في القرن الثامن عشر الميلادي منذ سنة 1689 وحتى 1775م، تتناول فترة شبه مجهولة في التاريخ العربي عامة والتاريخ الفلسطيني خاصة، على الرغم من أنها فترة غنية بالمنجزات الاستثنائية، لأنها الفترة التي شهدت قيام أول كيان عربي مستقل في الشرق العربي كله في فلسطين.
وكان قائد مشروع هذا الكيان المستقل هو “زاهد عُمر الزيداني”، حيث استطاع أن يبني كيانًا مستقلًا على المستوى الزراعي والاقتصادي وفي العلاقات الدبلوماسية والسياسية واستطاع نشر الأمن والسلامة، وهو ما كان شيئًا استثنائيًا في فترة الحكم العثماني آنذاك.
وكانت تلك الفترة مهمة في التاريخ الفلسطيني بحسب ما تذكر الرواية لأنها تناقض الوضع العربي الحالي تمامًا، وذلك لأنها أولى الفترات التي شهدت ضمانًا اجتماعيًا بين الطبقات المختلفة وتسامحًا بين مختلف أطياف ومذاهب المجتمع العربي الفلسطيني، كما قام القائد برفض ذلك المشروع فكرة التوريث، وهي الفكرة التي قامت من أجلها ثورات عديدة في العهد العربي الحالي.
ومن الإبداعات الفنية لهذه الرواية “مناجاة النفس” يمارسها أحيانا سعد وأحمد وعثمان وأحيانا الدنكزلي، ففيما يلي أنقل مثالا للمناجاة من هذه الرواية التي قام بها الدنكزلي وهو واقف أمام المرآة ويشعر بأنه ينظر شخصا آخر، فهو يناجي نفسه “لكم تغيرت يا أحمد! أأنت الذي هناك؟ أم أنك ذلك القابح في المرآة هماك؟ ففي لحظة لا يعينك غير النجاة من ظاهر، وفي لحظة أخرى لا يغويك أكثر من أن تكون إلى جانبه؟ في لحظة تتعلق بذكرى أميرة كما لو أنك ممسك بيدها في السرير، رافضا أن تبتعد عنك دقيقة! أتريد البقاء مع ظاهر أم تريد الابتعاد عنه مع أميرة؟ أم تتطلع لأي إمرأة أخرى تطل وتنسيك إياها، وحتى، قبل مرور عام؟ لم كنت مخلصا لها، إذن، كل ذلك الإخلاص؟[3].
- زمن الخيول البيضاء
إن الرواية ” زمن الخيول البيضاء ” هي رواية من سلسلة الملهاة الفلسطينية التي ألفها الأديب الفلسطيني إبراهيم نصر الله، وتم تسمية هذه الرواية باسم زمن الخيول البيضاء كنايةً عن حالة السواد التي كان يعيشها الناس في فلسطين والأوضاع المأساوية التي كانت سائدة في الفلسطين قبل عام 1948م، على الرغم من أن ظاهر الحياة وتفاصيلها كانت تظهر عكس ذلك السواد، أي أنها كانت تعكس حالة من السعادة والارتياح، والانسجام، وللدلالة على تلك الأوضاع والأحوال استخدم الكاتب الروائي ثلاثة رموز أساسية في الرواية؛ وهي: الفرس البيضاء الأصيلة، والتراب، والبشر وما حل بهم بعد النكبة، وكل رمز من هذه الرموز المستخدمة في الرواية تشتمل على دلالات مختلفة.
وتحتوى الرواية على الشخصيات العديدة منها: الرجل الفلسطيني الابن، والأب، والزوج، والأخ، والعاشق، والزعيم، والقائد. وهي أيضا تشتمل على خصوصية المرأة الفلسطينية على أوجه عدة: فهي الأم، والفلاحة، والمناضلة، والصامدة في وجه الظلم والقهر تحدثت الرواية عن تفاصيل الهوية الفلسطينية، وكافة أركانها، وأجابت على الأسئلة التي تدور حول فلسطين وقضيتها، وتدور هذه الرواية عن خلال الثورة والثوار، والمصائب التي سببها الاحتلال الصهيوني، والأضرار التي لحقت بكافة العائلات والأسر الفلسطينية وتخريب المجتمع الفلسطيني، ولا تقتصر الرواية على الحديث السياسي فقط، بل تناولت العادات والتقاليد الثقافية الأصلية الفلسطينية، ونمط الحياة وطقوسها، وترجمت الرواية إلى اللغة الإنجليزية بعد النجاح الكبير الذي حققته وبعد نيل الشعوبية لدى عامة الناس، وتحولت الرواية إلى مسلسل تلفزيوني ضخم، إلا أنه تم تجميد عرض هذا المسلسل التلفزيوني لأسباب عديدة.
هذه الرواية تشير بوضوح كامل إلي طبيعة الحياة التي كانت تقوم وتسود في فلسطين في السنوات الماضية بعد النكبة، فقد أودع الروائي هذه الأحداث كلهابالبسط والتفصيل،واهتم اهتماما هاما بعلاقة الفلاح الفلسطيني بالخيول، خاصة الخيول العربية الأصيلة،التي لبست لباس الشهرة في جميع أرجاء العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وكانت تتمتع بمكانة سامية في البلاد العربيةويجدر الإشارة هنا إلى أن الروائي إبراهيم نصرالله نصب سائر عناياته على علاقة العربي أوالفلاح الفلسطيني بالخيول الأصيلة التي تحمل من المزايا والخصائصتفقدها الخيول الأخرى، وكذلك ركز خاصة على أولئك الذين إما استخدموا الخيول العربية الأصيلة في حروبهم أو في الغالب للقمار في ميادين السباق كما هو الحال في المجتمعات الغربية وفي بلدان أخرى، وفي الخيول عزة وكرامة كما يقول الروائي إبراهيم نصر الله: ” في الخيل عزّه لا يستطيع الإنسان أن يفهمها، إنها تحزن ولا تبوح، وتتألم ولا تنكسر يا ظاهر، كأن ماتسرب من الفرس البيضاء إلى داخلك، لم يكن حليبها وحدها. ولكن، عليك أن تتذكر أنك إنسان أولاً وأخيراً”[4] .
إن الخيول متأصلة في الثقافة العربية والمجتمع العربي منذ قديم الزمان، ولعبت دوراً بارزاً في حياة الإنسان العربي كصديق يمكن الاعتماد عليه في الشدائد، وتستخدم الخيول في الأعمال الكثيرة وقام الشعراء بالتغنى بها على مرِّ العصور والأزمان وتغزلوا بها وبجمالها ووفائها وسرعتها، وعاملوها كما لو أنها فرد من أفراد الأسرة، وجزء من أجزاء المجتمع وتناقل العرب القصص عن هذه العلاقة في دواوينهم ومجالسهم لتشكل تراثاً قائماً بحد ذاته، تنبّه له نصرالله فأحياه في زمن الخيول البيضاء. وبهذا السبب سميت هذه الرواية بزمن الخيول البيضاء.
ومن الإبداعات الفنية لهذه الرواية “دلالة المضارع على الزمن الماضي” فتقول الدكتوراةنداءأحمدمشعل أن “مثل هذه الأفعال تحمل دلالات عميقة، أهمها أسباب انهيار الأمة العربية، خاصة الخيانة التي كانت على الدوام من أهم الأسباب التي أدت إلى ضياع فلسطين منذ القدم سواء من الفلسطينيين أم من العرب، ولعل جدواها يكمن في حقيقتها الباقية التي تفيد أن هذا الماضي لا ينفصل عن الحاضر ولا يختلف عنه، إذ إنه في حقيقته صورة درامية حية له، الخيانات التي أضاعت وتضيع فلسطين حتى الآن، فالدنكزلي لم يكن فلسطينيا ولكن هذا لا يمنع أن تكون الخيانة من الأهل، فأول من خان ظاهر العمر كان إخوته وأبناؤه الذين تحالفوا مع أعدائه ضده أيضا طمعا حسدا وغيرة وتأرجحا في الأفكار والمبادئ[5] .
ففيما يلي أطرح نبذة من هذه الرواية التي تنبأ أن الزمن الذي تجري فيه الوقائع هو الزمن الماضي ولكن الروائي إبراهيم نصرالله أتى بالمضارع ليقوم بتفصيل وتوضيح الواقعة بكل صراحة وتبيان التي وقعت في تلك اللحظة، والذي يقصد من ذلك هو تحريض الأمة الفلسطينية على المقاومة وتزويدهم بالبسالة والشجاعة، وهي “كان بترسون يقترب من جسد الحاج خالد بتثاقل أذهل جميع جنوده، رآه ملقى وحهه للسماء ويده ممسكة بمسدسه، جسده ممتلئ بثقوب الرصاص وثيابه غارقة في الدم، سدد أحمد الجنود بندوقيته، وكان يهم بإطلاق الرصاصة الأخيرة نحو الجسد المسجى، امتدت يد بترسون وأنزلت البندوقية: لقد مات، مبروك ؟ سمع أحدهم يقول، ودون أن يلتفت ليعرف مصدر الصوت، قال بترسون: هذا رجل شجاع، من العيب أن نتلقى التهاني بمناسبة موته، ثم قال وهو يحدق في وجوه الجنود: كان رجلا شريفا، من أين لي بعدو مثله بعد اليوم؟[6] .
وإذا تقرء هذه الرواية فتكاد تحسّ أنها لم تغادر صغيرة ولا كبيرة في الشأن الفلسطيني والمجتمع الفلسطيني والأوضاع الفلسطينية إلا شملته واحصته وذكرته وعددته، ووصفته وبينته بلسان عربي مبين، وقام الأديب البارع بتصرفات شخوص الرواية بصدق وامانة دون تصنع والتكلف.
- طفل الممحاة
إن الرواية “طفل الممحاة” هي رواية من سلسلة الملهاة الفلسطينية التي ألفها الأديب الفلسطيني إبراهيم نصر الله وهذه الرواية، هي واحدة من أهم أعمال الروائي إبراهيم نصر الله، تحتوي الرواية “طفل الممحاة” على الحوادث التى ترسم شخصية شاب محظوظ بوسامته وتعليمه، وأخلاقه وعاداته ومعاناته وبغموضه الناجم عن شعوره بالعزلة، لكن الذي يفسره صديقه في المعسكر، ومدربه أيضاً، بأنه لعبة يلعبها، فهم يعتقدون أنه يخفي شخصيته الحقيقية الأصلية وملامح شخص مرموق، وراء قناع البساطة، ولذا فهم يقدمون له ما لا يتوقع من خدمات، فلا يلبث أن يرقى سلم المراتب حتى يصبح حاجباً في قصر سيد البلاد، ويغدوهنا هدفاً لمطاردات النساء وزوجات كبار الشخصيات ممن يؤمون القصر، ولرسائلهن التي تصيبه بالجنون وتدفعه للتخلي عن رتبته التي كان عليها.
ففيما يلي أنقل سطورا من هذه الرواية التي فيها يصف الروائي إبراهيم نصرالله الشاب إسمه “فؤاد” الذي يشكل شخصية رئيسية في هذه الرواية بأسلوب عذوب رشيق، حينما وقع عن السطح وهو طفل صغير ولم يحدث له شيء من المكروه والضرر، وهذا يدل على أن نصرالله يمتلك يدا طولى في وصف الشيء كما هو يحدث ويتحرك بين أيدينا، وهي “ها أنت تدور حول البيت، تحاول تسلق أغصان الشجر الجافة، تغرس أظافرك الطرية في الجدار الطيني للبيت، تحاول الصعود، تنزلق، وحين تهم ثانية، لا تستطيع، ثمه غصن تعلق بثوبك كما لو أنه لا يريدك أن تصعد للسطح، تنتبه إليه، تتخلى عن المسافة التي قطعتها صعودا… ها أنت تبعد الغصن بعصبية طفل لا يستطيع بعد، أن يملك موقفا حادا، حتى من غصن جافة”[7] .
- طيور الحذر
هي أيضا رواية من سلسلة الملهاة الفلسطينية التي ألفها الأديب الفلسطيني إبراهيم نصرالله وهذه الرواية هي واحدة من أهم أعمال الروائي إبراهيم نصر الله، تحتوي الرواية طيور الحذر على معاناة الشعب الفلسطيني الذي هجّر من بلده، وتدور أحداث الرواية في إحدى مخيمات الشتات، وقد كانت هذه الرواية مزيجاً بين الحلم والحقيقة، بين الألم والأمل، وهذه الرواية هي من الرواية التجسيدية حيث جسد الروائي إبراهيم نصر الله طيور الحذر هذه المعاناة عن طريق ذكر حياة طفل، طفل كأي طفل فلسطيني يولد وحلمه معه، حلمه الذي يكبر والذي يسمى الحرّية، لقد عاش هذا الطفل في عالمه الخاص الذي صنعه وهذا العالم كان مختلفا تماما عن العالم الذي نعيش فيه، وهوعالم الأحلام الذي كان يراه وهو الطيور فكان يقضي الساعات الطوال وهو يراقبها بعمق النظر محاولاً أن يفهم معنى الحرية الحقيقية، متجاهلاً بذلك بؤس الواقع الذي يقضى حياته في المخيم، وهذه الرواية مليئة بالرمزية والأحداث التي لا يفهمها إلا من عاش فيها أومن يعرف عنها الكثير، فإن الكاتب ذكر برموزه الفنية الخاصة أحداثاً تـاريخيا مع محاولة حذف التاريخ، وهي تلك الأحداث التي جرت ذات أيلول في مدينة عمان وقد عرفت بحرب الفدائية.
قد عالج إبراهيم نصرالله في هذه الرواية المعتقدات الزائفة والعاداتالتافهة والأحاسيس السلبية والممارسات الصحية التقليدية من أهمها المشاعر السيئة المتدهورة في المجتمع البشري تجاه المرأة نحو الامتيازات الغير الإنسانية والتفريقات السامة الاجتماعية بين الإناث والذكور في جميع مراحل الحياة من الولادة والطفولة والزواج والحرية الاجتماعية، ففيما يلي أنقل نماذجا من هذه الرواية التي فيها يعبر الروائي إبراهيم نصرالله هذه الشؤون الاجتماعية المبنية علي الأنوثة والصفة النسوية والأوهام الفاسدة وهي:
تخشى أن تكون “ردة” وضعت سكينا على النار، عصرت ثديها الصغير، أنزلت نقطة من الحليب على السكين، أطلت النقطة متماسكة كما هي، لم تنفرش…..فابتسمت عائشة… بعد يومين عادت لتقلق من جديد، ملأت كأسا بالماء، نقطت داخلها نقطة من حليبها، نزلت النقطة إلى قاع الكأس، لم تطف… فابتسمت عائشة، لكن القلق عاودها، بحثت عن بيت نمل، وضعت على خيط بضع نقاط من حليبها، ألقيت الخيط هناك، وفجأة اندفع النمل باتجاه الخيط جره للداخل… لو لم يكن ذاكرا لما اقترب النمل من الخيط[8] .
بين فيها إبراهيم نصرالله التنافر من الإناث والرغبة إلى الذكور والمحاولة التافهة الفاسدة للتعرف على نوع الجنين، والمراد بالقردة هنا الصبية أي إن عائشة تخاف بأن تلد صبية .
هل تعتقدين أنك حامل… خوفي أنك منفوخة لا أكثر، هل هناك إمرأة يمكن أن تحمل وهي هكذا كالعصا؟… لا تفتح فمها إلا لتلعن الدنيا وحظ ابن أخيها “علي” الذي ابتلي بزوجة سمراء “ثروة ليل” تصرخ في وجه السماء، والله يا ربي “علي” يستأهل امرأة أحسن من هذه الجلدة والعظمة[9] .
ذكر فيها أنه يمارس التفريق في الزواج بين البنات بناء على اللون، فالفتاة السمراء غير مرغوبة بها في الزواج في المجتمعات البشرية.
وكذلك يتحدث الروائي إبراهيم نصرالله في موضع آخر من هذه الرواية عن طبيعة الحياة النسوية في عاصمة الأردن “عمان” فهو يقول “وعمان مدينة للرجال يوم الجمعة، ترى مئة رجل قبل أن ترى امرأة واحدة أو فتاة[10]” وهذا يدل بوضوح على النقص من الحرية والخروج للنساء.
- زيتون الشوارع
إن الرواية ” زيتون الشوارع” من سلسلة الملهاة الفلسطينية التي ألفها الأديب الفلسطيني إبراهيم نصر الله وهذه الرواية هي واحدة من أهم أعمال الروائي إبراهيم نصر الله، تحتوي الرواية زيتون الشوارع على ثلاث شخصيات نسائية، والرواية تبين تقلبات أحوال خمسين سنة من الأحوال والأوضاع التي تعرض لها الإنسان الفلسطيني خارج وطنه، منذ ما قبل عام النكبة حتى أواسط التسعينيات من القرن الماضي، والشيء الأساس الذي يشغل كل صفحات هذه الرواية هو فكرة الاغتصاب في المجتمع الفلسطيني بالاضافة إلى انتشارجو من الحدة والنقمة والثورة يجعل المرء يشعر أحياناً بأنه غير قادر على التقاط أنفاسه، وهذه الرواية تسرد أخطر وأدق مراحل هذا التاريخ، تلك المرحلة التي تكون فيها الهزيمة الداخلية، وعوامل الضعف، تأتي من القلب والدماغ، وعناصر التفكك واضحا أمام الفلسطنيين.
فيخلق الروائي إبراهيم نصرالله في هذه الرواية المناخ الملائم لبيان أحداث التضحية ومشاعرها الحادة ويقيم إطارا رائعا تتضح فيه الصور والهيئات للتضحيات والحماسة والبسالة، فهناك أنقل عبارة هامة منها، وهي “اتجهت نحو البرواز الذي يجمع أربع صور في دوائر محفورة بعناية من ورقة مقواة، تناولته من فوق الطاولة… هذا أبي “علاء الدين” أنا وهذا… تعرفينه[11]” تبين هذه الصورة ثلاثة أجيال هم الجد والأب والأم والإبن، والذي يقصد منها هو أن الأسرة الفلسطينية تتوارث حب وطنها وتضحيات أبناءها شهادة آباءها جيلا بعد جيل، فعلاء الدين قتل في الدفاع عن وطنه فلسطين ثم إبنه “أيمن، ذهب ضحية في النهاية، فتنشأ الصورة والهيئات لتخليد ذكرياتهم وأسماءهم في تاريخ البسالة والشجاعة.
وكيف كانت الأمهات تشعر حينما كانت تنظر أولادها يذهبون للنضال ضد الاستعمار الصهيوني، ويسعون جاهدين لإعادة الاستقلال إلى بلادهم والحرية إلى شعوبها، فقد يحكى الروائي إبراهيم نصرالله عن هذه العواطف العظيمة في هذه الكلمات الرائعة المثيلة وهي “كلما سألت امرأة عن الفترة التي تبقي فيها ولدها بين أحضانها، قالت: سنة، سنتين، ثلاثا، أربع سنوات، خمسا، ولكنه ظل هنا في جضني ست عشرة سنة كاملة، لم أكن أريده أن يموت، بعد أن خسرت أباه، لكن حين سمعت لأول مرة بوجود الفدائيين، انتزعته من جسدي كما لو أنني أنتزع يدي أو قلبي، وقلت له: حضن بلادك أكثر اتساعا من حضني، وأحن”[12] .
وهذه الرواية ممتعة جدا بحسب المعنى الفني والكلمات الجمالية، وسرد القصة بصورة ممتعة عن خلال الشخصيات التي تمنحنا الشعور بتقديس الحياة وحبها، ممتعة لتلك النساء اللواتي لا شبيه لهن، ممتعة لهذا الحنين الذي لا يطاق للوطن، ممتعة لمجرد أن تقرأ عن الذين عاشوا وماتوا وما ضمهم ثرى وطنهم. وهذه الرواية تذكر جميع ما حدث معهم من الآلام والمصاعب وكيف مضوا حياتهم مع الأوضاع والأحوال المتقلبة. والرواية هي رواية أصيلة، بالتجربة واللغة والمرجعية والشعر، وهي تظهر جرأة وشجاعة الكاتب الشهير والروائي يستحق الثناء والشكر على هذه الجرأة والشجاعة.
- أعراس آمنة
إن الرواية ” أعراس آمنة” هي رواية من سلسلة الملهاة الفلسطينية التي ألفها الأديب الفلسطيني إبراهيم نصر الله وهذه الرواية هي واحدة من أهم أعمال الروائي إبراهيم نصر الله، تحتوي الرواية أعراس آمنة على موضوع الموت والشهادة، يغري بالعويل والبكاء والميلودراما، لكن نصرالله ابتعد ببراعة عن كل ذلك، وهو يذكر بالأسلوب الرصين الحالة الفلسطينية التي تقع بين حدّي الفرح والحزن.
إن هذه الرواية أخذتي بعيدا عن المكان الذي كنت أشاهد ما يجري فيه عبر شاشات التلفاز “بعضها ولربما بعض البعض” ولكن هذا الكتاب أخذني إليهم، وإلى حقائق الأوضاع الفلسطينية وكل ما يجري في دولة فلسطين بكل ما تعنيه كلمات الانتقال والانتماء، لقد أشعرني وكأنني هناك، لقد جلست على القبر مثل أولئك النسوة وكنت أذرف الدمع كما يفعل الفلسطينيون، علمتأنه ليس فقيدي لكنني بقيت لمؤاساة صاحبته الحقيقية ، أي ملحمة إنسانية يمكن أن تجسد لي شعورا حقيقيا عن المأساة الفلسطينية.
فتقول الدكتوراةنداءأحمدمشعل في هذه الرواية الرائعة أن فيها حديث مطول عن الصور والتصوير، خاصة صور الشهداء التي لم يعد يتسع لها مكان “تعرف رندة، منذ عرفتها كانت تجمع صور الشهداء الأطفال، وذات يوم أتت وبكت، لأن الصور… بالرغم من هذا العدد الكبير من الصور إلا أن هناك شهداء لم يسبق لهم أن تصورو، الصورة الوحيدة لهم هي التي التقطت بعد الموت، وبكت لأن بعض الصور لا تشبههم، لأن وجوههم كانت مشوهة بسبب الرصاص والشظايا، بسبب الموت”[13] .
فالحديث عن الصور يجسد عن الوضع الفلسطيني الراهن، واقع الموت الذي يحيونه، والذي لم يترك لهم ولذويهم شيئا يذكرونهم به حتى لو كانت صورة، فالحالة الأمنية والمعيشية في غزة قد تجعل الصور من الرفاهيات التي لا يجد الفلسطيني وقتا للتفكير بها[14] .
أما بالنسبة ﻷسلوب إبراهيم نصرالله في هذه الرواية فهو مثل أسلوبه في بقية إنتاجاته الأدبية فإني أعشق لغته و حسن إستسقاء الحكمة و إيراد المفردات البسيطة في آن معا وهو يسرد الحكاية في أسلوب ممتع بألفاظ وأساليب رائعة ومناسبة حسب المكان والزمان.
- تحت شمس الضحى
هذه الرواية السادسة من سلسلة المهاة الفلسطينية للروائي إبراهيم نصرالله وهي تشتمل علىبطلينرئيسيينوهما “ياسين الأسمر” و”سليمنصري” بالإضافةإلىالعديدمن الأبطالالثانويينمن أمثالأبووليد،وأموليد،والدكتور،ووردة،ونعيم،والنمر،ونعمان، وهي تبتني علىقصة “ياسين الأسمر” البطلالثوريالرئيسيالذيقاومالاحتلالالغاشموسُجنونفيوهوفيالخامسةوالعشرينمنعمرهالمديدخارجأرضالوطنثم عادوهوفيالخمسينمنعمره، ففيما يلي أنقل نبذة من هذه الرواية التي تعطي صورة جميلة تخلق الأوضاع الممتعة لعودته إلي البلاد بعد اتفاقية “أوسلو” وكيف كان ياسين الأسمر عامرا بالمشاعر المسيطرة عليه وهو يجول في المدينة بعد أعوام طويلة قضاها في المنفى الذي يزيد على عشرين عاما، فهي:
قلت : سر كأنك تدخل هذه المدينة للمرة الأولى في حياتك… توقف في المناظرة… تأمل أسودها التي تتشبث بالمكان، همس لنفسه: أظنها الوحيدة التي تعرف الجميع كما يعرفونها… مضى في شارع “ركب” توقف قليلا مقابل كنيسة “بيت الأصدقاء” فكر في أن يصعد الطلعة الصغيرة التي تتفرع من الشارع بعدها ليتخفف من ألفة الملامح وغربتها، ولكن سينما “دنيا” مرت من ذاكرته، فواصل الطريق باتجاهها[15] .
وقدأمضى ياسين في المنفى عشرين سنة في “تل الزعتر” بعد خروجه من أحراش عجلون، ويجري على لسان البطل: “كان الأكثر فقرًا مما رأيت من منافي ومخيمات الفلسطينيين، والأكثر أملا ربما، قلت يا ياسين: هذا مكانك، فهنا يمكن أن تكون جزءًا من قوة الأمل، بعد أن خلّفتَ رماده وراءك، لكنني لم أكن أدرك حتى ذلك الوقت، أن قوة الأمل هي المطلوب رأسها في حكايتنا أكثر من أي شيءآخر” هناك يتعرف البطل على الطفل نمر ابن السادسة أثناء تجولاته الصباحية في المخيم، ويعتبر ياسين نمر وأسرته المحتوية على أم وشقيقتين بعد التحاق الأب بالمقاومة، عائلته فيزورهم ويعنى بشؤونهم، ومما يلفت النظر مقطعين مع الطفل نمر حين يأتي ياسين ويجد الطفل يجهش بالبكاء وجرت المحادثات بينهم[16].
- مجرد 2 فقط
هي أول رواية من سلسلة الملهاة الفلسطينية وفقا لتاريخ النشر،وتعد منالمؤلفات القديمةللأديب الفلسطيني إبراهيم نصرالله، لا يمكن تلخيص مجرد 2 فقط في الكلمات، لأنها ليست حكاية، بل إنها غابة من الحكايات المتشابكة والمصائر الغريبة للشعب الفلسطيني داخل وطنه وفي أراضي الشتات، وكذللك هذا العمل الأدبي ليسرواية فحسب بل هي عمل أدبي كامل متكامل يأخذ القارئ من نفسه ليعيش كل لحظاتها مع الأبطال فيحزن حين يحزنون، ويفرح حين يفرحون لأنها مليئة بالأحداث التي تفرح مرة وتحزن مرة أخرى.
وقد اهمتم الكاتب إبراهيم نصرالله فيها بذكر الظلم الذي وقع على الفلسطينيين في المخيمات وتكلم عن الشدائد والآلام التي تعرض لها الفلسطينيون مكثفة في مذبحة واحدة وهي مذبحة “تل الزعتر”فقدمها الروائي وصفا غير مباشر للحالة التي يعيشها الفلسطينييون متواصلا منذ عقود طويلة حتى الآن، وتأثربها البطلان اللذان ينقلان الرواية من الطفولة ومشاغبتهما حتى الكبر، كتبها نصرالله بأسلوب أقرب ما يكون إلى السخرية بالكلمات المناسبة والأسلوب الممتع، فهنا أنا آتي بقطعة من الرواية التي تعبر العروض التي كانوا يمرون بها وهي “كانت مستغرقة تماما في عملية نهشها لشفتي… قلت: لم يبق سوى أن أقطع نفسي لأطعمكم، ولم يفوتوا الفرصة، اندفعوا بأسنانهم البيضاء والصفراء، القوية والمخللة، السليمة والمسوسة، وتلك التي لم تنبت بعد، وكانوا مبهورين بمذاق لحمي، أحدهم قال: كان يجب أن نأكله من زمن، وقال الآخر: لا كنا سنموت جوعا[17].
وفي موضع أخر من الرواية أتى إبراهيم نصرالله بأبيات جميلة تعبر عن مشاعر الآلام وعواطف الغضب والسخط التي تغشى الفلسطينيين كلهم ضد من قتلوهم أو ساهموا في ذلك الاحتفال بقتلهم، وهي فيما يلي:
أنا الجماهير أنا الجماهير
رؤوس العملا ريحة تطير
أنا الجماهير أنا الجنبين
من مراكش للبحرين
يا شارون يا عكروت
إسمع صوتي من بيروت
يا عميل الأمريكان
إسمع صوتي من عمان[18]
- أرواح كليمنجارو
هذه رواية أخيرة من سلسلة الملهاة الفلسطينية للروائي الشهير إبراهيم نصرالله، وتعد من التحديات الأدبية الأنيقة لأنها متحدثة بالبسالة والشجاعة الفلسطينية تكمن في قلوب الأطفال الأبرياء، فهؤلاء الذين يشكلون أبطال هذه الرواية الذين هلك بعض أعضاءهم، فخسر البعض يده والأخر رجله في الإعتداءات الصهيونية الغاشمة التي تزيد مخالبها لدامية انتشارا وقسوة يوما بعد يوم، وهي تبتني على قصة “يوسف” و”نورة” اللذين يصعدان جبل “كليمنجارو” في تنزانيا بصحبة متطوعين ليثبتوا للعالم قدرتهم على هزيمة المحتل القاتل بالإرادة والتصميم والرغبة في الحياة، وهذه الرواية تهدف إلى تخليدهمم الأبطال الأطفال مثل قمم الجبال الراسخات وتسجيل مآثرهم ومفاخرهم عبرالقرون وتحقيق أحلامهم وهواجسهم، فبدأالروائي إبراهيم نصرالله هذه الرواية اعتمادا على شعرمعناه مستفاد من قول الشاعر التونسي الراحل أبو القاسم الشابي:
“ومن يتهيب صعودالجبال…. يعشْ أبد الدهر بين الحفر”
فالرواية تبدأ بقول إبراهيم نصرالله “في كل إنسان قمةعليه أن يصعدها وإلا بقي في القاع” وهي تعتبر في الحقيقة من أروع الروايات من سلسلة الملهاة الفلسطينية لغة وأسلوبا وإبداعا وفنا.
فيقول الروائي إبراهيم نصرالله في حوار أن الرواية مختلفة لأن الرحلة مختلفة في جوهرها ومشقاتها، فهي الأولى لكاتب عربي والأولى لأطفال عرب فقدوا أطرافهم “كماأن وجود خليط إنساني من ثلاث قارات بمعتقدات دينية متنوعة وأفكار متنوعة عن العالم ساهم في منحى عالما جديدا أعيش تفاصيله لأول مرة، وإذا ما تذكرنا أن العيش لفترة ضمن مجموعة معينة ليلا ونهارا وأحلاما وتحديات يساعدك في تكثيف فهمك للحياة البشرية، فإن الرواية كانت مجالا رحبا، وصحيح أنها تنتمي لأدب الطريق أوالرحلة ولكنني حررتها تماماعلى المستويين الفني والإنساني[19] .
فهذه التفاصيل والتحليلات لسلسلة الملهاة الفلسطينية صراحة على أنالكاتب والروائي الفلسطيني والأردني إبراهيم نصرالله هو مثل المناضل بالسلاح، وهو يتخذ من القلم سلاحه القوي الذي يرسم به ملامح الوطن الغائب عن عقول الكثيرين، ليعيد له المجد والحرية، وهو يعمل مثل المناضل الحقيقي في تحقيق الغايات والأهداف بوسيلة القلم أقوى السلاح في أيدي المثقفين.
[1]الشرقالأوسط، 15 ديسمبر 2002،العدد 8783، http://archive.aawsat.com/details.asp?article=141498&issueno=8783
[2]المصدر نفسه………
[3]إبراهيم نصرالله، قناديل ملك الجليل، ص : 478، المؤسسةالعربيةللدراساتوالنشر
[4]المصدرنفسه………ص : 539
[5]الدكتوراةنداءأحمدمشعل،الوصففيتجربةإبراهيمنصراللهالروائية،ص : 351،الطبعةالرابعة : 2015 ،عمان،الأردن
[6]إبراهيمنصرالله،زمن الخيول البيضاء،ص : 374،المؤسسةالعربيةللدراساتوالنشر
[7]إبراهيمنصرالله، طفل الممحاة،ص : 10،المؤسسةالعربيةللدراساتوالنشر
[8]إبراهيمنصرالله،طيور الحذر،ص : 47،المؤسسةالعربيةللدراساتوالنشر
[9]المصدرنفسه……… ص: 71
[10]المصدرنفسه……… ص: 127
[11]إبراهيمنصرالله،زيتون الشوارع،ص : 28،المؤسسةالعربيةللدراساتوالنشر
[12]المصدرنفسه……… ص: 51
[13]إبراهيمنصرالله،أعراس آمنة،ص : 28،المؤسسةالعربيةللدراساتوالنشر
[14]الدكتوراةنداءأحمدمشعل،الوصففيتجربةإبراهيمنصراللهالروائية،ص : 225،الطبعةالرابعة : 2015 ،عمان،الأردن
[15] إبراهيم نصرالله، تحت شمش الضحي، ص : 53، المؤسسةالعربيةللدراساتوالنشر
[16]للتفصيلأنظر ص : 73 من رواية تحتشمشالضحي
[17]إبراهيمنصرالله،مجرد 2 فقط،ص : 18،المؤسسةالعربيةللدراساتوالنشر
[18]المصدرنفسه……… ص: 155
[19] الجزيرة، http://www.aljazeera.net/news/cultureandart/2015/10/6/-أرواح-كليمنجارو-شهادة-على-الإرادة-الفلسطينية