الدكتورة سميه رياض الفلاحى
آراضى باغ، أعظم كره
إن المجتمع يتكون من العائلات المتفرقة التي تشتمل على أفراد الأسرة. والمرأة هى الدعامة الأساسية للأسرة كما هى تحمل صورا مختلفة فهى الأم تربى أولادها و الأخت تساعد أخيها و البنت تريح والديها و الزوج هى هدية للرجل البطل. و توضح أهميتها على قول النبي صلى الله عليه وسلم: الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة”.
و نظرا لأهمية المرأة تقال أن المرأة لها دور كبير في تقديم المجتمع و تطويره إما على المستوى الفردي أو إما على المستوى الاجتماعي. و يمكن أن أعبر مشاعرى عن أهمية المرأة بأشعارى:
المرأة نصف المجتمع
اشعلت نور الشمع
صنعت للرجل البطل
سارت و نشرت اللمع
وكم من مرأة فاخرة
قدمت وتمثلت الورع
فالمرأة تؤدى المجتمع إلى الرشد و الهداية كما هى تنجب الطفل من الجيل الجديد و تجعله قائداً للأمة، و القائد هو يهتم بشؤون المجتمع بوجه عام دون مبالاة لومة لائم. فالمرأة هى التى تدور دوراً بارزاً فى جميع مجالات الحياة كما هى تحمل مسؤولية المعلم و تدرس أولادها كأول معلم و نعلم أن المجتمع قد يصلح أو يفسد بصلاح المرأة و فسادها و يصلح المجتمع و الأسرة إذا صلحت المرأة و إذا فسدت المرأة فسد المجتمع. و يقول الشاعر حافظ إبراهيم فى هذا الصدد:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبا طيب الاعراق
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا
بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ
الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى
شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ
و المرأة هى التى تلعب دوراً كبيراً في اهتمام الأمور الاجتماعية كقائد كما هى تحافظ على كل الأمور العائلية كملكة و تحكم عليها بالحكمة و البصيرة. و تقول الكاتبة:” يتطلّب دور المرأة في المجتمع الحديث ثقةً بالنفس، وسموّاً في الطموح والأفكار، بالإضافة إلى المبادرة، والمواظبة، والرغبة الكامنة في العمل والإنجاز والإبداع، فالمرأة هي الأم والقائدة القادرة على تربية شباب وشابات المجتمع تربيةً طيبة، وهي الأكثر تأثيراً فيهم وإسهاماً في نجاحاتهم؛ لذلك يُعدّ دور المرأة من أكثر الأدوار الإنسانية تأثيراً في المجتمع”.
والمرأة هي التي تسند وتتعضد أخيها في مجالات شتى فهى لا تخاف أمام الأعداء و لا تقف أمام العقبات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
والمرأة هي التي تشارك في التعايش و التجارب مع الرجل البطل كبطلة القصة التى لا تسير إلا بها. فهي بطلة الحياة الحقيقية التي لا تبالي بالعراقيل اليومية و تقدم إلى الأمام دون خوف و ذعر.
والمرأة هي التي تدور دوراً هاماً فى مجال الاقتصاد والسياسة و تقدر أهميتها بأحسن وجه و بالخصوص تعلو نبرتها حول معاملات المرأة أمام الناس و توضح معاييرها و ترفع أصواتها عن سلبيات المرأة فى المجتمع فيمكن أن تبرز سياسية ناجحة. ” تشغل المرأة مناصب سياسية قيادية على المستوى المحلي والدولي في معظم دول العالم، فقد ازدادت نسبة مشاركة المرأة في البرلمانات الوطنية على مستوى العالم في العقدين الماضيين، إذ كانت النسبة في عام 1998م حوالي 11.8%، ثمّ ارتفعت تدريجياً حتّى وصلت إلى 17.8% في عام 2008م، وبعد ذلك وصلت إلى 23.5% في عام 2018م، وتُعدّ مشاركة المرأة السياسية عاملاً أساسيّاً لتحقيق الديمقراطية والشفافية، إذ يتكامل دور المُشرّعين من الرجال والنساء في حلّ المشكلات المتعدّدة لبناء مجتمعات ديمقراطية قوية.”
و هذا لا يعنى أن تخرج المرأة من قيودها و تعبر حدها لأن المرأة بيتها هى المسكن الأصلى كما قوله تعالى :” و قرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ” فالمراد هنا بالتبرج شعار الجاهلية ، لا العلمية و لذلك اعترف كثير من العلماء و الأدباء و الشعراء بهذه الحقيقية و منعوا النساء من السفور كما نرى فى البيت :
أَنا لا أَقولُ دَعوا النِساءَ سَوافِراً
بَينَ الرِجالِ يَجُلنَ في الأَسواق
و لذلك إذا امعنا النظر فى دور المرأة فى قرن قديم فوجدناها بارزة في جميع مجالات الحياة قبل أربعة عشر قرناً فكانت هي معلمة كعائشة بنت أبى بكر الصديق رضي الله عنه و فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، و هي تاجرة كخديجة بنت خويلد ، و هى مجاهدة كسمية وأم عمارة ، و هى خطيبة كأسماء و خنساء و زينب و هى طبيبة كصفية بنت عبد المطلب رضي الله عنهن وغيرهن كثير و لكنهن اعتصمن بحبل الله فى كل مرحلة من الحياة.
و الآن أصبح المجتمع مجتمعا رقمياً بحيث يتلازم بعضه ببعض و الجيل الجديد يتهاون عليه و قد آنت الأشياء فى يد الناس فى لمحة فلا يسقط الفرد من السيارة إلا يعرف فى العالم فى الدقائق و لم يأت النجوم إلا ينظر على شاشات الإعلام و لم يخرج السياسيون إلا و يعم على ألسنة الناس فى وقت قصير حتى لم يترك أى جانب من جوانب الحياة الرقمية إلا و قد حوسب بالناس.
و كما نرى أن الجيل الجديد يبعد من أحكام الشريعة الإسلامية و يختار الطرق الغربية و يتلذذ بها حتى لا يفهم العار عن تأويل كلمات القرآن و الحدیث و تشويه معانيها و يفتخر بأخذ الحضارات الغربية المهلكة و نرى تلك الآثار السيئة على إثارة الفتن فى صدد الحجاب حينما بعض نشئي الجيل المتقدم ينكر الآيات القرآنية فى إطار الحجاب و خاصة المجتمع النسائي المصبوغ بالغربية يتقدم. ففى هذه البيئة السيئة يجب على المرأة الإسلامية أن تراعى أولادها و تربيها على المنهج الإسلامي و تلقنها بالأوامر الإسلامية و تسلكها على الصراط المستقيم و تبعدها عن النواهى و المكاره.
و نرى الآن فى الهند أن المرأة المسلمة مضطرة إلى العرى و التبذى كما أنها منعت من أخذ الحجاب فى الكليات و الجامعات الهندية أو فى ميدان الوظائف و لم نقدم إلا أننا رأينا بعض الفتيات المسلمات ينكرن الآيات القرآنية فى إطار الحجاب أو يعرضن التاويلات المنطقية فى هذا الصدد. و هذا لم يحدث إلا من سبب سوء التربية و إعلان الحرية المغربية.
والمرأة هى ملكة لبيتها و لأنها مسئولة عن رعيتها طبقا للآية الكريمة ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ” ( التحريم: 6) أو كما نرى فى الحديث النبوى صلى الله عليه وسلم
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه))؛ و صحيح أن الرجل هو أساس قيام الحضارة و المجتمع يحتاج إلى الرجل فى أكثر مجالات الحياة ولكن المرأة أساس الرجل و بعض الأعمال اليومية يرجع أهميتها إلى المرأة و يختص بالمرأة و لذلك يجب على المرأة أن تتعلم و تعلم فالمجتمع يحتاج إلى المرأة الطبيبة، والمعلمة، والممرضة… وغيرها من الأعمال التي تخدم النساء. لذا يحتاج المجتمع إلى بعض النساء العاملات.
و مرأة العصر الرقمي التقدمى قد ادعت أنها وجدت حقها مسيرة جنباً بجنب الرجل استجابة لتطور الأحداث و الزمن فعليها أن تقدم فى مسيرة تطوير المجتمع من جميع النواحى و تزين شخصيتها بحلى الحكمة و البصيرة و الفصاحة و شؤون الدعوة و تهتم بتربية الأولاد على المناهج الدينية بوجه خاص و ترسخ خوف الله فى أذهان الجيل الجديد المتقدم لكى تنجو من براثن المجتمع الوحشى. و ذلك لسبب أن الأم مصدر الرعاية و الحنان فى الأسرة و لها أثر عميق فى تنمية طفلها و تكوين شخصيته و نرى تأييد هذه النقطة فى هذه العبارة :” ولعل الدور الأساسي يتمثل في بناء اسرتها ورعايتها حيث يقع على عاتقها كأمل مسؤولية تربية الأجيال، وتتحمل كزوجة أمر إدارة البيت واقتصاده”.
و كذلك نشاهد المرأة العصرية التى تبوأت مكانا مرموقا فى كل المجالات و شاركت فى العمل التطوعي و أدت فيه دورا ايجابيا و تعرض الكاتبة د.سناء رأيها عن دور المرأة بكلماتها:
” يُعدّ دور المرأة في العمل التطوعي فعّالاً جدّاً، خاصةً في الأعمال التطوعية التي يُمكن أن تُلبّي فيها حاجات غيرها من النساء؛ وذلك بسبب بعض المهارات التي تتميّز بها؛ كقدرتها على التعامل مع قلّة الموارد، وتنظيم الوقت، وأداء المهام المتعددة، ورعاية أفراد أسرتها دون مقابل، حيث يُمكن أن تُستثمر هذه المهارات من خلال إشراك المرأة في مؤسسات الأعمال التطوعية”
فلا يمكن لنا مناص من دور المرأة فى تطوير المجتمع إلا أن يجب عليها أن تعتصم بحبل الله و تركز بصرها على دورها الأساسي و هو تربية الأجيال على الصراط المستقيم و هو الاعتدال بين التقييد و الإطلاق كما يصدق الشاعر :
فَتَوَسَّطوا في الحالَتَينِ وَأَنصِفوا
فَالشَرُّ في التَقييدِ وَالإِطلاقِ
و على القول أن المرأة هى جزء هام لتكوين الأسرة التي مازالت لعبت دوراً بالغا فى تقديم المجتمع فى كل عصر و مصر و هذبت ذوقها الأدبى و العصرى و يمكن أن تأخذ زمام العصر و تسير مع الزمن باعتناق الأحكام الشرعية و الحضارات العصرية المتطورة.
المراجع
١) القرآن
٢) الحديث
٣) ديوان حافظ إبراهيم ، الطبعة الثانية، ١٩٨٢
٤) هيفاء البشير (2012)، دور المرأة الأردنية في تنمية المجتمع: ملامح ورؤى تاريخية، عمان- الأردن: دار البيروني للنشر والتوزيع.
٥) https://mawdoo3.com/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84_%D8%B9%D9%8
٦) https://ar.m.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D9%88%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8