د. عبد المتين
الأستاذ المحاضر، بقسم اللغة العربية وآدابها
الجامعة البردوان
الملخص: يتلذذ الطفل بالاستماع إلي القصة ويتشوق أن يشاهد حوادثها أمامه أو يقرأ، لأنها حركة وحياة تثير انتباهه. وتُأثِر القصة تأثيراً فعالاً على شخصية الطفل، فهي تنمي قدراته العقلية المختلفة مثل: التذكر والتخيل والتفكير والتحليل والنقد والقدرة على حل المشكلات، وأيضاً لها أثر بالغ في تنمية جوانبه النفسية.
كما تعمل القصة-مقروءة كانت أو مرئية- على تنمية ثروة الطفل اللغوية وتساعد على نموه اللغوي، بما تحتويه من مفردات جديدة وعبارات جيدة، كما أنها تقوم أسلوبه وتصحح ما لديه من أخطاء لغوية، وتؤدي إلى اتساع معجمه اللغوي وتقوي قدرته على التعبير والتحدث، فالقصة من أهم مصادر الحصول على المفردات وزيادتها فهي تعرض الطفل للكلمة مباشرة من خلال رؤيتها وسماعها ونطقها، وكلما ازداد تعلق الطفل بالقصة وتمسكه بها كلما أصبح لديه رصيد لغوي أكبر، لأن القصة تعود الطفل على القراءة وتحببه بها فيصبح الطفل شغوفا بالقراءة.
ومن هذا المنطلق أحاول من خلال هذه الورقة البحثية التساؤل هل يمكننا الاستفادة من هذا النوع الأدبي كمدخل لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها عن طريق التعليم الالكتروني باستخدام الحاسوب؟ خاصة وأن الأسلوب القصصي – في اللغة العربية المستهدفة في البحث – يمكن القارئ من فهم الثقافة العربية وطبائعها وخصائصها.
الكلمات الدالة: القصة الإلكترونية، تعليم اللغة العربية، الوسائل التعليمية، القصص الرقمية.
مقدمة: يعتبر الطفل بفطره وطبيعته، يميل إلى القصة ويتلذذ بالاستماع إليها، ويتشوق أن يقرأ أو يشاهد حوادثها أمامه، لأنها حركة وحياة تثير انتباهه. وللقصة تأثير فعال على شخصية الطفل، فهي تنمي قدراته العقلية المختلفة مثل: التذكر والتخيل والتفكير والتحليل والنقد والقدرة على حل المشكلات، ولها أثر بالغ في تنمية جوانبه النفسية.
كما أن القصة – مقروءة كانت أو مرئية – تعمل على تنمية ثروة الطفل اللغوية، وتساعد على نموه اللغوي، بما تحتويه من مفردات جديدة وعبارات جيدة كما أنها تقوم أسلوبه وُتصحح ما لديه من أخطاء لغوية، وُتؤدي إلى اتساع معجمه اللغوي وُتقوي قدرته على التعبير والتحدث، فالقصة من أهم مصادر الحصول على المف ردات وزيادتها فهي تعرض الطفل للكلمة مباشرة من خلال رؤيتها وسماعها ونطقها، وكلما ازداد تعلق الطفل بالقصة وتمسكه بها كلما أصبح لديه رصيد لغوي أكبر، لأن القصة تعود الطفل على القراءة وتحببه بها فيصبح الطفل شغوفًا بالقراءة.
ومن هذا المنطلق أحاول من خلال هذه الورقة البحثية التساؤل هل يمكننا الاستفادة من هذا النوع الأدبي كمدخل لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها عن طريق التعليم الالكتروني باستخدام الحاسوب؟ خاصة وأن الأسلوب القصصي – في اللغة العربية المستهدفة في البحث – يمكن القارئ من فهم الثقافة العربية وطبائعها وخصائصها.
وكيف تساعد القصة العربية عن طريق التعليم الالكتروني في تيسير تعلم مهارات الاستماع والقراءة باللغة العربية لدى الأطفال الناطقين بغيرها؟
أهدف من خلال هذه الورقة إلى البحث عن الكيفية التي نستطيع من خلالها الرفع من مستوى اللغة العربية لدى المتعلمين الناطقين بغيرها، وزيادة حصيلة التلميذ العلمية من خلال إيجاد بيئة مشوقة ومشجعة على التعلم عن طريق القصة ومن خلال التعلم الالكتروني.
التعليم الالكتروني: أثر التطور العلمي المذهل الذي حققه الإنسان في القرن العشرين بفاعلية على أسلوب الحياة في كافة المجتمعات المعاصر، بحيث ساهمت تكنولوجيا الاتصالات في سرعة الحصول على المعلومات ومعالجتها وتخزينها واستخدامها في كافة العمليات لمواجهة متطلبات الحياة المعاصرة وسرعة تحقيق الأهداف.
وأصبحت التكنولوجيا بكافة أشكالها السلاح الحقيقي لمواجهة التحديات، وهدفا قوميا واحتياجا حقيقيا لنمو المجتمع وقدرات أفراده وحسن استخدام موارده وحمايتها.
يهدف التعليم الالكتروني إلى خلق مجتمع متكامل ومتجانس من الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين والمدرسة وكذلك بين المدارس ارتكازا على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحديث العملية التعليمية ووسائل الشرح والتربية وبالتالي تخريج أجيال أكثر مهارة واحترافية.
وقد يمكن الاستفادة منها كمدخل لتعليم اللغة العربية بوصفها لغة ثانية للناطقين. أي عن طريق الحاسوب بغيرها في المرحلة الابتدائية من خلال التعليم الإلكتروني. حيث يعد التعليم الإلكتروني من أحد الوسائل التعليمية التي تعتمد علي الوسائط الالكترونية لإتاحة المعرفة للذين ينتشرون خارج القاعات الدراسية. وكما نعلم جميعاً أن الحاسوب قد دخل في شتى مجالات الحياة وأصبح يؤثر في حياة الناس بشكل مباشر أو غير مباشر، ولما يتمتع به من مميزات لا توجد في غيره من الوسائل التعليمية فقد اتسع استخدامه في العملية التعليمية.
ولعل من أهم هذه المميزات: التفاعلية حيث يقوم الحاسوب بالاستجابة للحدث الصادر عن المتعلم فيقرر الخطوة التالية بناء علي اختيار المتعلم ودرجة تجاوبه. ومن خلال ذلك يمكن مراعاة الفروق الفردية للمتعلمين. يرى الباحث أن التعلم الإلكتروني يمنح الفرصة للمتعلمين من أن يكونوا مشاركين متفاعلين في عملية التعليم والتعلم حيث يبنون بأنفسهم نماذجهم العقلية الخاصة بدلا من تلقي المعلومات بطريقة سلبية منفعلة وهذه النظرة من خلال الحاسوب بخصائص ثلاث:
الأول: المتعلم يتحكم إلى حد كبير في مسيرات التعلم / ويقتصر دور الحاسوب على توفير بيئة يفتر ض فيها أن تقدم الأفكار الرئيسية.
الثاني: تعطي الأفضلية إلى العمليات لا إلى النتائج، بحيث ينتج التعلم بصورة عضوية عن بيئة التفاعل[1].
الثالث: حرية التفاعل الحواري هذه يفترض فيها أن تكون محفزة للمتعلمين في حد ذاتها وتغني عن كل مساندة خارجية[2].
ويضيف “هازن” بـ”أن التفاعل الحواري ينبغي أن يضمن تسلسلا تترابط فيه المواقف والاستجابات والتغذية الراجحة”[3]. وتتميز هذه البيئات الحوارية في التعليم والتعلم المعزز بالحاسوب بقدر أعلى أن تعكس أسلوب التعلم الأكثر ارتباطا بالعالم الواقعي: وأن تتيح عمليات النوم الإدراكي. حيث يجمع علماء النفس على اعتبار أن اكتساب اللغة يتم عبر عملية فاعلة من الاختبار والتجريب والاستكشاف.
الوسائل التعليمية: الوسائل التعليمية هي عنصر من عناصر النظام التعليمي تشمل جميع الحواس تسعى إلى تحقيق أهداف تعليمية محددة وهي عبارة عن المواد والأجهزة والمواقف التعليمية التي يستخدمها المعلم في مجال الاتصال التعليمي بطريقة ونظام خاص لتوضيح فكرة أو تفسير مفهوم غامض أو شرح أحد الموضوعات بغرض تحقيق التلميذ لأهداف سلوكية محددة[4].
نستنتج من هذا التعريف المذكور أن الوسائل التعليمية هي أدوات وطرق تستخدم جميع الحواس في العملية التعليمية كما تستخدم في التدريس لجميع المواد وانتشرت في معظم المؤسسات التعليمية، حيث تلعب دورا هاما وفعالا في التعليم يستطيع من خلالها المعلم والمدرس، أن يجعل من محاضرته، محاضرة علمية نافعة تحقق الأهداف المعرفية والمهارية والوجدانية المطلوبة، وأن ينقل جو المحاضرة من الرتابة والخمول إلى جو من التفاعل والحركة والرغبة لدى الطلبة بما يشوقهم إلى طلب العلم والمعرفة وحبها والمتابعة لمحاور الدرس والتفاعل معه في حوار ومناقشة وملاحظة.
ورغم هذا ظلت عملية التعليم تعتمد بصفة أساسية على المعلم وعلى الكتاب المدرسي أما الوسائل الأخرى فهي مجرد زيادات تضاف إلى الدرس لكي تشوق التلاميذ أو توضح وتؤكد ما يقوله المعلم أو الكتاب، وهكذا أصبحت الوسيلة التعليمية شيئا ليس جوهريا في عملية التدريس حتى ظهر مفهوم جديد في استخدامها وهي وسائل الاتصال التعليمية.
وسائل الاتصال التعليمية: “ركزت هذه المرحلة على اعتبار أن الوسائل الإيضاحية والوسائل السمعية البصرية والوسائل التعليمية التعلمية أدوات ومواد تعليمية تستخدم بخبرة ودراية في تحقيق عملية الاتصال التي تشكل في هذه المرحلة المفهوم لعملية التعلم والتعليم”[5].
الجدير بالذكر أن من خلال هذا التعريف يتضح أن وسائل الاتصال التعليمي هي عبارة عن اتصال كل من المعلم بطلابه عن طريق مادة معرفية بوجود وسيلة الاتصال، وعناصر هذه العملية هي كالتالي:
المرسل: ويأخذه دوره المدرس.
الرسالة: وتحمل المعرفة والخبرة.
المستقبل: وهو المتعلم.
وسيلة الاتصال: وهي أداة نقل المعرفة من المرسل إلى المستقبل.
ومع التطور الصناعي والتقني في حياة الإنسان، ظهر على سطح مصطلح آخر مرتبط بمفهوم النظم ألا وهي تكنولوجيا التعليم.
وسائل تكنولوجيا التعليم: تنبثق هذه التسمية من طبيعة التقنية المركبة التي تتكون منها هذه الوسائل، “منها الوسائط المتعددة وهي مجموعة من النصوص والأشكال والأصوات والأفلام وغيرها من أنواع الوسائط يتم التحكم فيها بالحاسوب”[6].
تقوم -التكنولوجيا الحديثة التي استحدثت في مجال التعليم- بتزويد الطالب المتعلم بنموذج تربوي تعليمي متكامل. فلم يعد الشاغل أمام الباحثين ورجال التربية المهتمين بالوسائل التكنولوجية للتعليم هو كيفية استخدامها في العملية التعليمية وإنما أصبح اهتمامهم البالغ بكيفية إعداد موادها وإنتاجها بطريقة فعالة وكفاءة عالية، فهي ليست هدفا في حد ذاتها وإنما وسيلة لتحقيق هدف تربوي، في ضوء الحقائق والمهارات والمفاهيم، كما تساعد على إنتاج المادة التعليمية المناسبة للدارسين من حيث وضوح التفاصيل وترابط الأجزاء وتكاملها”[7].
وبالتالي فإن تكنولوجيا التعليم دخلت بمفهومها الواسع والأكثر حداثة في كافة المجالات في عصرنا الحالي والذي شمل المجال التربوي، وأصبح ينظر إليها في ظل أسلوب المنظومات أي أنها جزء لا يتجزأ من منظومة متكاملة وهي العملية التعليمية حيث بدأ الاهتمام ليس بالمواد التعليمية أو الأجهزة التعليمية فقط ولكن بالإستراتيجية الموضوعة من قبل مصمم هذه المنظومة. ويظن البعض أن الوسائل التكنولوجية للتعليم هي الأساليب الحديثة فقط من العملية التربوية أو استخدام الآلات التعليمية فقط أو الأجهزة التعليمية، لدرجة أن هناك من المعلمين من يتباهى بوجود عدد من الأجهزة التعليمية بمدرسته أو أنه يدخل الفصل ومعه العديد من الأجهزة ولكن الوسائل التكنولوجية للتعليم أشمل من ذلك فهي قد تكون من الطباشير والسبورة، الحاسبات الالكترونية…، وهكذا فقد مرت تكنولوجيا التعليم بمراحل مختلفة إلى أن أصبحت علما له دلالاته وتعريفاته.
القصة الالكترونية: تنوعت التعريفات الخاصة بالقصة الرقمية، حيث عرفها كل من “جاكار وثومبسون” بــ”أنها تتضمن أخبار القصص ومشاركة المعلومات من خلال الوسائط المتعددة، فهي وسيط يحسن قدرات القصة في ترك انطباع دائم لدى الأطفال باستخدام المرئيات مثل: (الصور، الرسومات، الأشكال، النصوص، والخلفيات) وباستخدام الصوت مثل (صوت السرد، صوت الموسيقى)”[8].
وأما “نورمان” فإنه يرى أن القصص الرقمية: “عملية تشمل الدمج بين السرد اللفظي للقصة، وعدد من المرئيات والموسيقى التصويرية، والتقنيات الحديثة لتحرير القصة ومشاركتها”[9].
ومن جهة أخرى أن “فرزل” يقول إن القصة الرقمية هي: “تلك العملية التي تدمج الوسائط التعليمية المتنوعة لإثراء النصوص المكتوبة والمنطوقة بالمؤثرات الموسيقية والصور المتحركة ومهارات الفن الروائي مستهدفة في ذلك غاية تربوية ذات ملامح تشويق وإثارة تناسب مهارات القرن الحادي والعشرين المتطورة”[10].
وقد وصفت “سالمونز” القصص الرقمية بأنها: “التطور الحادث على القصة التقليدية المتعارف عليها، وذلك بالاعتماد على التكنولوجيا الرقمية، والتي وفرت للقصة العناصر الرقمية الآتية :النص، الصورة، الصوت، الصور المتحركة، وذلك بغرض إنتاج قصة رقمية متماسكة، تلعب دورا فريدا في التعليم”[11].
من خلال استعراض التعريفات السابقة يتضح أن القصة الرقمية تتألف من الصور والرسوم المتحركة، والنصوص، بالإضافة إلى الأصوات والموسيقى لتجسيد الأحداث والشخصيات والمواقف.
وجملة من القول إن القصص الرقمية هي: مجموعة من القصص التي أضيف إليها مزيج من الوسائط المتعددة بحيث تشمل الصوت، والصورة والنصوص والمؤثرات الصوتية، والرسوم الكرتونية المتحركة، لإنتاج قصص رقمية بأسلوب شائق بغرض توظيفها في العملية التعليمية لتنمية مهارات الفهم القرائي.
أنواع القصص الرقمية: تصنف د. نشوى رفعت شحاتة القصص الرقمية الى مايلي[12]:
القصص الفوتوغرافية: هي مجموعات من الصور الثابتة والنصوص، ففي هذا النوع من القصص تكفى معرفة كيفية التقاط الصور وكيفية تطوير شرائح من برنامج البوربينت ووضع الصور بداخلها لإعداد القصة.
كلمات الفيديو: هى مجموعة من الكلمات أو العبارات والصور لإنتاج فيلم قصير وبسيط، ويمكن أن يحضر المعلم بعض الصور ويطلب من المتعلمين التعليق على الصور بالكلمات.
العروض التقديمية: هي مجموعة من النصوص والصور لتقديم موضوع معين، وتعد من أكثر عمليات صناعة القصة شيوعًا.
التمثيل المسرحي: وفيه لا يتم التركيز على عرض الحقائق فقط، ولكن يتم إعادة عرض المشاعر والأحداث والأقوال في إطار من التقديم المحبب.
مقطوعات الفيديو: وفيه يتم دمج الصور والنصوص والموسيقى وتسجيل المحادثات معًا لعمل عرض يدور حول موضوع معين.
اللوحة القصصية: اللوحة القصصية هي سلسلة متتابعة من المرئيات البسيطة (كلصق الأشكال والصور، أو الرسوم) المحددة بإطارات مفردة، والتي تقدم تمثيلا لمحتوى القصة الرقمية، حيث تحتوى على كل الأحداث المتضمنة داخل النص مصورة في عدد من اللوحات التي تمثل كل منها أحد الأحداث المرئية بحيث تصف كل الصور الثابتة التي نريد استخدامها.
كما صنف “فاسي”[13] القصة الالكترونية وفقا للهدف الذي صممت لأجله إلى:
القصص الشخصية: وهي تلك القصص التي تحتوي على أحداث مهمة في حياة شخص معين، وتتمركز القصة بأكملها حول هذه الشخصية ومن شأنها أن تؤثر في شخصيات أفراد آخرين من خلال الإيحاء أو التقمص والتعاطف.
القصة الموجهة: هي قصص صممت لتوجيه سلوكيات ومسارات الآخرين نحو اتجاهات معينة أو نماذج سلوكية مرغوبة أو قيم مطلوبة.
الوثائق التاريخية: وهي القصص التي تعرض الأحداث التاريخية المثيرة والتي بدورها تكون إطارها المفاهيمي عن الماضي وأحداثه.
القصص الوصفية: تلك القصص التي تعرض وصف للظاهرات والقضايا الاجتماعية والثقافية والدينية من خلال المرور على المكان والزمان والمراحل التي تمر عبر القصة.
عناصر القصة الرقمية: يوجد شبه إجماع في الأدب التربوي على وجود بعض العناصر الفعالة والأساسية التي يجب توافرها في القصة الرقمية لضمان فعاليتها وتأثيرها في المتلقين، يمكن اختصارها في ما يلي[14]:
وجهة النظر: وفيها يتم تحديد فكرة القصة ووجهة نظر راويها.
استفسار دراماتيكي: وهو التساؤل الذي يجذب انتباه المتلقين ويتم الإجابة عليه في نهاية القصة، من خلال توفير حالة درامية منذ البداية كالخوف أو الترقب أو التوثر بحيث تجعل المتلقي يشكا تساؤلا في ذهنه يدفعه إلى متابعة أحداث القصة والتفاعل معها إلى النهاية.
المحتوى العاطفي: يقصد به المصداقية في أحداث القصة، بحيث تجعل المتلقي يعتبر نفسه واحدا من شخصيات القصة، كما تتم مشاركة مشاعر المتلقين من خلال الحب والألم والفكاهة وغيرها من المشاعر.
صوت الراوي: وهو الذي يقوم برواية القصة، ويمثل العصب الرئيس لها يهدف إلى مساعدة المتلقين على فهم أحداث القصة.
قوة الصوت: من خلاله يتم توظيف الأصوات والموسيقى التي تؤيد أو ترفض الأحداث الجارية في القصة والتي تزيد من درجة تفاعل المتلقين.
الاقتصاد: ويمكن من إدراج الصور والرسوم والمشاهد والمعلومات الضرورية لمحتوى القصة.
السرعة أو وثيرة سير القصة: ويهدف إلى عرض تسلسل أحداث القصة بسرعة أو ببطء حسب طبيعة وعمر المتلقين.
أثر القصة الالكترونية في التعليم: استخدام التعلم الإلكتروني في القصص كجانب لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، يمكن استخدامها بشكل فعال وفي العديد من المرات يستخدم السرد القصصي كإستراتيجية تعلم تربوية، فالقصص هي شكل من أشكال التذكير في نقل المعلومات، والاكتشافات[15].
وقد قال “ماكيلان” إن القصص هي شكل من نظام الخبرة، في تذكر ما نتعلمه وتداخله. لقد أصبح السرد القصصي الإلكتروني يوفر تقنية شائعة في التعلم الإلكتروني.
وأما “ميلون” أشار إلى أن الأدب المتنامي في السرد القصصي الرقمي يوفر تعريفا واسعا للمصطلح الذي يشرك جميع أدوات الوسائط المتعددة المتوفرة: الصوت، الفيديو، الرسوم المتحركة[16].
قام الباحثان “فينسوهالر” و”باس” (Vinsonhalar and Bass) بتحليل عشر دراسات، مستقلة تتكون من 30 تجربة استملت على حوالي عشرة آلاف طالب وطالبة بهدف تحديد أثار استخدام التعليم والتعلم المعزز بالحاسوب، في إطار نظام التعليم التقليدي على تحصيل التلاميذ، مقارنة بتحصيل آخرين درسوا بالطريقة التقليدية[17].
أشارت نتائج الدراسة إلى أن تحصيل التلاميذ الذين درسوا بالطريقة التقليدية في أغلب الأحيان بنسبة قد تزيد عن %35 فمن هذا المنطلق وجد الباحث أن عملية تعليم اللغة العربية بواسطة التعلم الإلكتروني ذو فاعلية.
من ناحية أخرى قدم الباحثون: إدوراد نورتن (Edward Norten) تايلور، دوسولدرو، (Taylor Dusswldr)، بمراجعة عدد من الدراسات في نفس الموضوع أجريت على عينات من تلاميذ المرحلة الابتدائية، أشارت النتائج، إلى أن التعليم المعزز بالحاسوب كان ذا فعالية أكثر على تحصيل الطلاب من التعليم بالطرق التقليدية..
ويضيف “هازن” بأن التفاعل الحواري ينبغي أن يضمن تسلسلا تترابط فيه المواقف والاستجابات والتغذية الراجحة .وتتميز هذه البيئات الحوارية في التعليم والتعلم المعزز بالحاسوب بقدرتها على أن تعكس أسلوب التعلم الأكثر ارتباطا بالعالم الواقعي: وأن تتيح عمليات النمو الإدراكي[18]. حيث يجمع علماء النفس على اعتبار أن اكتساب اللغة يتم عبر عملية فاعلة من الاختبار والتجريب والاستكشاف.
كما ذكر “ميار” أن “الطلاب يتعلمون أفضل عندما تصاحب الكلمة صورة تعبر عنها فإن ذاك يساعدها على الرسوخ في ذهن المتعلم عبر الوسائط المتعددة على رأسها”[19].
أهمية استخدام القصص الرقمية في التعليم: تطور المتعلمون بسبب ظهور وتطور التكنولوجيا وانتشارها السريع في هذا العصر، وقد وصف الجيل الحالي من المتعلمين بالمواطنين الرقميين في إشارة إلى الأشخاص الذين ولِدوا أثناء أو بعد دخول التكنولوجيا إلى حياتنا، بينما وصف أولئك الذين ولدوا قبل هذه الفترة بالمهاجرين الرقميين، كما أن المتعلمين الخريجين في الوقت الحاضر يقضون أقل من 5000 ساعة من حياتهم في القراءة وأكثر من 10000 ساعة في استخدام التكنولوجيا .وعليه، فإن استخدامهم الواسع والمتفاعل مع التكنولوجيا أدى إلى تفكيرهم بشكل مختلف جذريًا عن أسلافهم[20].
وهكذا، أصبح المعلمون بحاجة إلى دمج وسائل التكنولوجيا المختلفة في بيئات التعلم لاستيعاب المتعلمين في هذا القرن، ومن هذه الوسائل القصص الرقمية والتي تنتشر في المواقع الإلكترونية التي يتفاعل معها المتعلمون لأغراض ترفيهية.
وبفضل التكنولوجيا التي تسمح بتشارك وإنتاج القصص الرقمية بطريقة سهلة ويمكن الوصول إليها، يمكننا إنشاء ومشاركة القصص الرقمية الخاصة بنا، وتوظيفها في خدمة العملية التعليمية.
وتمثل أهمية استخدام القصص الرقمية في التعليم بأنها:
- تحسن من استيعاب المتعلمين.
- تعطي فرصة لخيال المتعلم في تحليل وتفسير أحداث القصة.
- تبعد الملل عن المتعلمين.
- توظف جميع الحواس لدى المتعلمين.
- تجعل عملية انتقال المعلومات تتم بشكل سهل وميسر.
- تضيف المتعة والتسلية إلى عملية التعليم والتعلم.
- تكسب المتعلمين مهارات النقد والحوار والتحليل.
تأثير القصة الرقمية على الناطقين بغير العربية: يختلف متعلمي اللغة العربية من الناطقين بغيرها، على غيرهم من أبناء اللغة، فالأخير يسعى إلى قراءة تستجلي البعد الجمالي وتستنطق تمظهراته الظاهرة والمستترة، ولا تقف على حدود الفهم الأولية للنص، بل تتجاوزها إلى تأويل النص، “مما يستدعي منه ممارسة عملية الفهم والتحليل والتفسير باللجوء إلى التأويل الذي يبني عليه مفهومه مما يؤدي إلى تعدد تأويلاته وتكثيف معناه[21]“. وبالتالي فإنه يمكن – إجمالا – تقسيم وظيفة السرد القصصي لمتعلمي العربية من الناطقين بغيرها إلى وظيفتين كبريين، هما:
- الوظيفة اللغوية التعليمية، أو ما يصطلح عليه في تعليمية اللغة بالكفاية اللغوية.
- الوظيفة الجمالية الفنية، وهي تندرج تحت مصطلح الكفاية الأدبية.
الوظيفة اللغوية: من مهام القصة نقل الحادثة من صورتها الواقعة إلى صورتها اللغوية، وهذه الصورة اللغوية في حد ذاتها هدف رئيسي للمتلقي الناطق بغير العربية إذ يسعى المتعلم إلى تحقيق الكفاية اللغوية، من خلال اكتساب عناصر اللغة ومهاراتها متخذا من السرد القصصي وسيلة إلى ذلك، فالكفاية اللغوية تجعلهم قادرين على فهم طبيعة اللغة والقواعد التي تضبطها، والنظام التي يحكم ظواهرها والخصائص التي تتميز بها مكوناتها أصواتا، ومفردات وتراكيب ومفاهيم[22]، ومن ثم ينتقل المتعلم من مرحلة تعلم القراءة إلى التعلم بالقراءة.
ويساهم السرد القصصي بشكل مباشر في استمرارية التعلم والتعلم الذاتي ولا سيما أن اكتساب اللغة عملية مستمرة ومتطورة في آن واحد. “لذا يعد السرد القصصي مصدرا من مصادر الدخل اللغوي التي تشكل الحصيلة اللغوية عند المتعلم، مما يسهم في إثراء مفرداته على المستوى الدلالي والمستوى المعجمي، ولا سيما أن المتعلمين للعربية يولون اهتماما كبيرا بتحصيل المفردات بشكل ملحوظ، فقد أكدت إحدى الدراسات حرص متعلمي العربية الشديد على عنصر المفردات، ونظرتهم إلى أن عنصر المفردات يمثل أهم عناصر اللغة عند اكتسابها[23]“.
الوظيفة الجمالية: من الوظائف الأساسية التي يتطلب وجودها في القصة هي تحقيق المتعة الفنية واللذة الجمالية، إذ إنها الغاية المقصودة من الأدب والفنون بصفة عامة، ومن السرد بصفة خاصة. ومن هذا المنطلق يجب على منتج القصص الرقمية للناطقين بغير العربية، أن يجمع بين المتعة الفنية، والمنفعة التعليمية.
وعليه فإن الوظيفة الجمالية (المتعة الفنية) هي الغاية المقصودة، بينما الوظيفة اللغوية (النفعية) هي وظيفة ضمنية غير مقصودة في ذاتها، وهذه المعادلة بين طرفي المتعة والمنفعة هي الدافع الرئيسي لتبسيط السرد القصصي للناطقين بغير العربية وذلك كي يتسنى للمتعلم الشعور باللذة الفنية أثناء قراءته، ولا تقف تحديات السرد القصصي عائقا أمامه.
استنتاج البحث: وفي الاختتام يمكننا أن نقول إن مما سبق يتبين لنا أن علاقة القصة بالتعليم والتربية قوية جدا فهي تؤدي في المجال التربوي وظيفة سامية وتحقق كثيرا من الغايات التعليمية المنشودة:
- تعتبر القصة بمميزاتها وسيلة للتعليم الجذاب والمحبوب، يأخذ منه ا المتعلمين كثيرا من ضروب الثقافة والمعرفة، ويكسبون منه خبرات حيوية.
- وأن القصة الرقمية تعتبر من أفضل العوامل لتشويق المتعلمين إلى القراءة والتعليم وتحبيب المدرسة إليهم.
- كما تعتبر القصة من أنجح الوسائل لتعليم العربية فهي تزود المتعلم بالأفكار والمفردات والأساليب وتعودهم حسن الاستماع، ودقة الفهم وتأخذهم أحيانا بحسن الأداء وتصوير المعاني وهي كذلك من العوامل الناجحة في دفع التلاميذ إلى القراءة والاطلاع وتهذيب النفس والأخلاق.
قائمة المراجع:
- إبراهيم عبد الوكيل الفار، استخدام الحاسوب في التعليم، دار الفكر، ط1، عمان 2007م.
- أحمد محمد النوبي، أثر تنوع أبعاد الصورة في القصة الالكترونية، المؤتمر الدولي الثالث للتعلم عن بعد، الرياض 2013م.
- إيمان جمعة فهمي. استخدام رواية القصص الرقمية في تنمية الهوية الثقافية للأطفال ذوي صعوبات التعلم .مجلة كلية التربية جامعة بنها، مصر، 2005م.
- براعم عمر علي دحلان، فاعلية توظيف القصص الرقمية في تنمية مهارات حل المسائل الرياضية، الجامعة الإسلامية، غزة، 2007م.
- بشير عبد الرحيم الكلوب، الّتكنولوجيا في عملية التعلم والتعليم، الطبعة الثانية / دار الشروق، عمان، 1993م.
- حمزة الجبالي، الوسائل التعليمية، دار أسامة، عمان، الأردن، 2006م.
- رشدي أحمد طعيمة، المرجع في تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى، جامعة أم القرى سلسلة دراسات في تعليم العربية، 1986م.
- شحاته نشوى رفعت محمد. تصميم إستراتيجية تعليمية مقترحة عبر الويب في ضوء نموذج أبعاد الّتعلم لتنمية مهارات تطوير القصص الرقمية التعليمية والاتجاه نحوها .تكنولوجيا التعليم، مصر، 2014م.
- عبد الرحمن بودرع، الأساس المعرفي للغويات العربية، منشورات نادي الكتابة لكلية تيطوان، المغرب، مارس 2000م.
- فاطمة محمد العليمات ونزار مسند فبيلات، نحو رؤية منهجية في تدريس النص الأدبي للناطقين بغير العربية، مجلة المنارة للبحوث والدراسات، الأردن، مج 20، ع 4، 2014م.
- ماجد محمود صالح، إنتاج الوسائل التعليمية، كلية الحقوق الأزاريفة الإسكندرية، مصر، 2009م.
- محمد الدريج، تحليل العملية التعليمية، دار الكتاب، البليدة، الجزائر، ط2، 1994م.
- الموسوعة العربية العالمية، مؤسسة أعمال الموسوعة، الرياض، السعودية، 1999م.
- هدى براده .. وآخرون، دراسة تحليلية لقصص الأطفال الشائعة في: دراسات في علم النفس التربوي، عالم الكتب، 1980م.
[1] الأساس المعرفي للغويات العربية، عبد الرحمن بودرع، منشورات نادي الكتابة لكلية تيطوان المغرب، مارس 2000م، ص 98.
[2] تحليل العملية التعليمية، محمد الدريج، دار الكتاب، البليدة، الجزائر، ص105.
[3] المرجع السابق.
[4] حمزة الجبالي، الوسائل التعليمية، دار أسامة، عمان، الأردن، 2006م، ص08.
[5] بشير عبد الرحيم الكلوب، التكنولوجيا في عملية التعلم والتعليم، دار الشروق، عمان الأردن، 1988م، ص 24.
[6] الموسوعة العربية العالمية، مؤسسة أعمال الموسوعة، الرياض السعودية، 1999م، ص101.
[7] ماجد محمود صالح، إنتاج الوسائل التعليمية، كلية الحقوق الأزاريفة الإسكندرية، مصر، 2009م، ص 43.
[8] أثر تنوع أبعاد الصورة في القصة الالكترونية، أحمد محمد النوبي، المؤتمر الدولي الثالث للتعلم عن بعد، الرياض 2013م.
[9] دور القصة في إكساب الأطفال خبرات علمية، ريمة سالم الحربات، دمشق، ص23.
[10] المرجع السابق، ص 24.
[11] أثر تنوع أبعاد الصورة في القصة الالكترونية، ص21.
[12] http://el-gradu.blogspot.com/2014/01/blog-post_10.html
[13] براعم عمر علي دحلان، فاعلية توظيف القصص الرقمية في تنمية مهارات حل المسائل الرياضية، الجامعة الإسلامية، غزة، ص 14.
[14] إيمان جمعة فهمي. استخدام رواية القصص الرقمية في تنمية الهوية الثقافية للأطفال ذوي صعوبات التعلم .مجلة كلية التربية جامعة بنها، مصر، 2005م، ص215.
[15] هدى برادة وآخرون، دراسة تحليلية لقصص الأطفال الشائعة، ص45.
[16] المرجع السابق، ص 47.
[17] هدى براده .. وآخرون، دراسة تحليلية لقصصالأطفال الشائعة في: دراسات في علم النفس التربوي، عالم الكتب، عالم الكتب، 1980م، ص 45.
[18] إبراهيم عبد الوكيل الفار، استخدام الحاسوب في التعليم ، دار الفكر، ط1، عمان، ص 70.
[19] بشير عبد الرحيم الكلوب، التكنولوجيا في عملية التعلم والتعليم، الطبعة الثانية / دار الشروق، عمان، 1993م.
[20] شحاته نشوى رفعت محمد. تصميم إستراتيجية تعليمية مقترحة عبر الويب في ضوء نموذج أبعاد التعلم لتنمية مهارات تطوير القصص الرقمية التعليمية والاتجاه نحوها .تكنولوجيا التعليم، مصر، 2014م، ص 165.
[21] رشدي أحمد طعيمة، المرجع في تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى، جامعة أم القرى سلسلة دراسات في تعليم العربية، 1986م.
[22] المرجع السابق، ص 89.
[23] فاطمة محمد العليمات ونزار مسند فبيلات، نحو رؤية منهجية في تدريس النص الأدبي للناطقين بغير العربية، مجلة المنارة للبحوث والدراسات، الأردن، مج 20، ع 4، 2014م.