محمد معراج عالم
باحث، مركز الدراسات العربية والإفريقية
بجامعة جواهر لال نهرو بنيو دلهي
ملخص:
البروفيسور محمد قطب الدين من العلماء الهنود الذين لعبوا دورا كبيرا في تطوير اللغة العربية من خلال التدريس والتصنيف والتأليف والبحوث والدراسات والترجمة والإبداع، البروفيسور محمد قطب الدين من خريجي مركز الدراسات العربية والإفريقية بجامعة جواهر لال نهرو بنيو دلهي، وتنوعت خدماته في مجال اللغة العربية ما بين التدريس والكتابة والترجمة وإعداد الكتب الدراسية لتعليم العربية وتجهيز المعجم لغير الناطقين بالعربية من الهنود، فلذا سيناقش الباحث في هذه الدراسة مساهمات البروفيسور قطب الدين في مضمار تطوير العربية مناقشة تحليلية حتى يتبين مدى جهوده ومحاولاته لتطوير لغة الضاد.
البروفيسور محمد قطب الدين بين الولادة والنشأة
ولد البروفيسور محمد قطب الدين بمديرية دار باناغا بولاية بيهار عام 1977م، نشأ وترعرع في بيئة علمية وأدبية لأن أسرته عريقة في العلم والأدب حيث كان أبوه مثقفا ويدرّس في مدرسة ثانوية عالية، بينما أخوه الكبير يعمل كصحفي يكتب المقالات في أشهر الصحف الإنجليزية الشهيرة الصادرة في الهند من أمثال “تايمز إنديا” و ” دي هندو” الإنجليزيتين، لقد أدت بيئة أسرته العلمية دورا بارزا في تكوين شخصيته العلمية والأدبية ولفت عنايته إلى السير على درب العلم والفن، فظهر نبوغه العلمي وهو كان صغيرا. فلذا وهب حياته في سبيل العلم والفن، وظهر نبوغه العلمي وهو كان صغيرا.
نبذة عن رحلته الدراسية
بدأ دراسته الابتدائية في مدرسة بقريته، ثم التحق بدار العلوم لندوة العلماء بلكناؤ، وحصل على شهادة العالمية بدرجة ممتازة عام 1996م، لقد استقى في دار العلوم لندوة العلماء من مناهل العلماء الكبار الصافية من أمثال الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي والشيخ محمد رابع الحسني الندوي والشيخ الدكتور سعيد الأعظمي الندوي، والشيخ واضح رشيد الحسني الندوي، والشيخ نذر الحفيظ الندوي، واجتهد في تعلم العربية تلبية لشعار قامت عليه دار العلوم التابعة لندوة العلماء، وحثه شوقه للحصول على الدراسات العالية إلى الالتفات إلى الجامعة المركزية فالتحق بعد فور التخرج في دار العلوم التابعة لندوة العلماء بالبكالوروس في اللغة العربية وآدابها بالجامعة الملية الإسلامية، وتعلم في مرحلة البكالوريوس بجانب اللغة العربية كمادة أصلية العلوم السياسية والأدب الإنجليزي والأدب الأردي كمواد ثانوية، فتخرج عام 1999م في الجامعة الملية الإسلامية حاملا شهادة البكالوريوس وهو بارع في اللغة العربية والإنجليزية والعلوم السياسية واللغة الهندية، ثم التحق بالماجستير في اللغة العربية وآدابها بجامعة جواهر لال نهرو بنيو دلهي، وحصل على شهادة الماجستير وهو ماهر في اللغة العربية حتى تلقى من بعض الجهات المعنية بالترجمة دعوة الوفود إلى خارج الهند للوظيفة، ولكنه آثر مواصلة الدراسات العليا على قبول الدعوة، فحصل على شهادة ما قبل الدكتوراة باللغة العربية وآدابها بجامعة جواهر لال نهرو بنيو دلهي عام 2004، وكتب الأطروحة تحت إشراف الدكتور سيد إحسان الرحمن حول العنوان: دور مدراس دلهي في إعداد الجيل الناشئ 1950 – 2000. ونال شهادة الدكتوراة عام 2008 من مركز الدراسات العربية والإفريقية بجامعة جواهر لال نهرو بنيو دلهي، وكتب تحت إشراف البروفيسور إحسان الرحمن أطروحة الدكتوراة حول العنوان: دور دار العلوم لندوة العلماء في تطوير الأدب العربي والدراسات العربية: دراسة تحليلية ونقدية[1].
خدماته في مجال التدريس
انخرط البروفيسور قطب الدين في سلك التدريس منذ أن حصل على شهادة الماجستير، لأنه نشأ في أسرته مضمرا في قلبه شوق التدريس، لأنه ورث مهنة التدريس كابرا عن كابرا حيث عمل جده ووالده مدرسين في مدرسة ثانوية عليا ويعمل إخوانه كمعلمين في مدارس الثانوية العليا، فبدأ التدريس منذ عام 2001م، ودرّس قبل نيل وظيفة التدريس الرسمية كمحاضر ضيف في جامعات مختلفة، فعمل في قسم اللغة العربية بالجامعة الملية الإسلامية كمحاضر ضيف من عام 2001 إلى 2002م، بينما درّس في مركز الدراسات العربية والإفريقية بجامعة جواهر لال كمحاضر ضيف خمس سنوات منذ عام 2002 م إلى عام 2007م، كما درّس في قسم اللغة العربية بجامعة دلهي، وبينما كان يدرّس كمحاضر ضيف حتى حصل على وظيفة التدريس الرسمية كأستاذ مساعد في مركز الدراسات العربية والإفريقية بجامعة جواهر لال عام 2007، ثم تدرج إلى منصب الأستاذ المشارك في نفس القسم عام 2017 م، ثم احتل عام 2020م منصب البروفيسور في نفس المركز[2]، ودرّس البروفيسور محمد قطب الدين على مستوى البكالوريوس والماجستير، وألقى محاضرات في موضوعات مختلفة من أمثال الرواية الحديثة والترجمة الفورية والنحو والصرف والبلاغة، كما أشرف على أطروحات الدكتوراة التي بلغ عددها إلى نحو ثلاثين، وكتب تحت إشرافه أطروحة ما قبل الدكتواراة الباحثون الذين بلغ عددهم إلى ثلاثين.
إسهاماته في إثراء اللغة العربية من خلال التأليف والتصنيف
أسهم البروفسور محمد قطب الدين في مجال تطوير اللغة العربية بمشاركته الفعالة في إعداد المقررات الدراسية وتجهيز المعجم وكتابة الدراسات العربية وإصدار الكتب وترجمة الكتب العربية إلى اللغات الهندية وتعريب القصص الهندية، وسيعالج الباحث كل جانب واحدا تلو الآخر.
شارك الدكتور قطب الدين في إعداد المقررات الدراسية في مؤسسات عديدة كعضو خبير، ومن أهمها حضوره الفعال كعضو في هيئة الخبراء التي تجهز المقررات الدراسية لمركز الدراسات العربية والإفريقية بجامعة جواهر لال نهرو لبرناج البكالوريوس الممتد على أربع سنوات، وذلك حسب خطة التعليم الجديدة، وكذلك شارك لإعداد المعجم من الهندية إلى العربية كعضو في هيئة الخبراء التي جهزت المعجم من الهندية إلى العربية تحت إشراف الهيئة المركزية للغة الهندية التابعة لهيئة التعليم العالي، وكذلك جهز الكتابين لتعليم اللغة العربية على مستوى الثانوية والثانوية العليا مع غيره من الخبراء، وذلك تحت إشراف وزارة تنمية الموارد البشرية التي تهتم بالتعليم، وبالإضافة إلى ذلك له عضويات في هيئات أخرى لإعداد الكتب لتعليم اللغة العربية[3]. هذا في جانب وفي جانب آخر له مؤلفات عديدة وهي فيمايلي.
ندوة العلماء في خدمة الأدب العربي والدراسات الإسلامية:
هذا الكتاب يكشف القناع عن خدمات دارا العلوم لندوة العلماء كما يوثق الأوضاع التعليمية والاجتماعية التي دفعت طائفة من العلماء إلى تأسيس دار العلوم لندوة العلماء، وقدم له الدكتور سعيد الأعظمي الندوي، وهذا الكتاب كان رسالة الدكتوراة ثم قام بإصدارها بين الدفتين بعد التنقيح والتعديل، فكتب الدكتور سيد إحسان الرحمن كلمة المشرف التي أشاد فيها بجهود المؤلف، وتليها كلمة كتبها المؤلف باسم التمهيد حيث مهّد فيها الطريق للوصول إلى صلب الموضوع وتحدث فيها بالإيجاز عن الخلفية التاريخية التي تدور حول تأسيس ندوة العلماء، كما أبرز العوامل التي دفعت العلماء إلى تأسيس دار العلوم التابعة لندوة العلماء، فيكتب المؤلف بهذا الصدد” ففي مثل هذه الأوضاع الحرجة قامت مجموعة من العلماء الطيبين الربانيين المخلصين وعلى رأسهم مولانا سيد محمد علي المونكيري، ودعوا الناس إلى منهج وسط معتدل في جميع المجالات الحياتية، هؤلاء العلماء لم ينكروا الغرب إنكارا باتا ولم يتبعوه اتباعا أعمى بل اقتصدوا في تبني طرق الحياة الغربية في جميع المجالات الحياتية، وتحقيقا لأهدافهم النبيلة هذه أرادوا أن يجتموا تحت مظلة فكرية واحدة وأسسوا حركة باسم” ندوة العلماء” في عام 1310ه الموافق1893م في مدينة كانفور ثم نقلت هذه الحركة إلى مدينة لكناؤ في عام 1998م”[4].
يشتمل الكتاب على خمسة أبواب، وكل باب يشتمل على عدة فصول، واختار لتناول خدمات دار العلوم لندوة العلماء منهجا سهلا سائغا يطيب بسببه للقارئ الغوص في المعلومات لأنه يتدرج من المعلومات البدائية إلى المعلومات العميقة كما يتدرج المرء من خلال السلم من الطابق الأرضي إلى الطابق الذي يليه حتى يصل إلى الطابق الأعلى، وذلك لأن المؤلف تحدث أولا عن الخلفية التي يدور حولها تأسيس حركة ندوة العلماء ودار العلوم التابعة لها، ثم تدرج إلى تناول خصائص المنهج الدراسي السائد في دار العلوم التابعة لندوة العلماء فأبرز محاولات ندوة العلماء لإصلاح المنهج الدراسي وشرح تفاصيل مقرراتها الدراسية ومراحلها مع ذكر مناقص الدرس النظامي لكي تظهر أهمية المنهج الدراسي الذي تبنّته ندوة العلماء، ثم انتقل إلى معالجة خدمات ندوة العلماء وخاض في شرحها حتى عدّد الصحف والمجلات التي تصدر في الهند بجانب الحديث عن المجلات التي تصدر من دار العلوم لندوة العلماء من أمثال مجلة الضياء والبعث الإسلامي والرائد و مجلة الندوة وتعمير حيات الأرديتين، وتحدث في الأخير عن جهود ندوة العلماء في مجال الدراسات الإسلامية حتى وصل إلى نهاية المطاف، يحل هذا الكتاب محل الوثيقة التاريخية لخدمات ندوة العلماء في الأدب العربي، ويتميز الكتاب بأسلوب سلس تنباه الكتاب.
ترجمة ” أجنحة الفراشة” بالأردية .
” أجنحة الفراشة” رواية كتبها أديب مصري محمد سلماوي، لقد تنبأ فيها الروائي بثورة اشتهرت بثورة 25 يناير، وهي عبارة عن التحركات الشعبية ضد سوء النظام وشبه الدكتاتورية، لقد أجاد البروفيسور محمد قطب الدين في ترجمة هذه الرواية إلى الأردية، ومن ثمة يعمل عمل الجسر بين الثقافتين.
ترجمة مجموعة قصصة لسلماوي باسم” چاند کے اس پار “
ترجم الدكتور محمد قطب الدين مجموعة قصصية للأديب المصري محمد سلماوي إلى اللغة الأردية والهندية.
منهاج التعليم الثانوي العالي الجزء الأول
هذا هو كتاب أعده المؤلف بالاشتراك مع مجموعة من المؤلفين لتعليم اللغة العربية لطلبة المدرسة الثانوية العالية التي تعادل الصف العاشر، وذلك تحت إشراف الهيئة المركزية للتعليم الثانوية التابعة لوزارة تنمية الموارد البشرية.
منهاج التعليم الثانوي العالي الجزء الثاني
هذا هو كتاب امتداد للكتاب السابق، أو يمكنه أن يقال: هذا هو الجزء الثاني، بينما كان الكتاب الذي تم ذكره هو جزء أول، وهذا هو كتاب قام بإعداده المؤلف بالاشتراك مع مجموعة من المؤلفين لتعليم اللغة العربية لطلبة المدرسة الثانوية العالية التي تعادل الصف الثاني عشر، وذلك تحت إشراف الهيئة المركزية للتعليم الثانوية التابعة لوزارة تنمية الموارد البشرية.
تعليم الجيل الناشئ والمراكز الإسلامية
هذا هو كتاب مهم جدا من حيث الثقافة الإسلامية الهندية، لأن المؤلف تحدث فيه عن دور المراكز الإسلامية في تعليم الجيل الناشئ، كما تحدث فيه عن تاريخ نشأة المراكز الإسلامية في الهند والعلماء الذين تخرجوا فيها وقاموا بإنجازات كبيرة في مخلف مجالات الحياة.
معجم هندي وعربي
هذا معجم أعده الدكتور محمد قطب الدين لتعليم العربية للطلبة الهنود، وطبعتها مؤسسة اللغة الهندية المركزية التابعة لقسم التعليم العالي الذي تشرف عليه وزارة الثقافة.
إسهاماته في مجال الصحافة
لقد أسهم البروفيسور محمد قطب الدين في مجال الصحافة من خلال إدارة المجلات والصحف وكتابة المقالات أو مشاركته الفعالة كعضو، فعمل سنتين كمساعد مدير التحرير لمجلة ” ثقافة الهند، كما عمل كمساعد رئيس التحرير لمجلة” ثقافة الهند” لسنوات طويلة امتدت مابين عام 1993م وعام 2009م، وكتب المقالات باللغة العربية والأردية والإنجليزية في صحف ومجلات مختلفة من أمثال قطوف الهند ومجلة الهند وصحيفة الزمان الصادرة من مصر ومجلة البعث الإسلامي ومجلة كاليكوت ومجلة التلميذ ومجلة الجيل الجديد ومجلة دراسات عربية ومجلة ثقافة الهند ومجلة طوبى ومجلة حراء الصادرة من حيدر آباد ومجلة صوت الأمة ومجلة الرائد، وأما المقالات فهي بلغت إلى نحو ثمانين لا يسعها هذا المقال والوجيز، ومست الحاجة إلى جمعها وإصدارها بين دفتي الكتاب، ومن أهم عناوين المقالات العربية التي صدرت ” أبو الحسن الندوي وتعليم الجيل الناشئ، والتبادل بين اللغتين العربية والأردية، سيد إحسان الرحمن: هندي أحبّ لغة القرآن، وواضح رشيد الندوي: رمز للصحافة العربية في الهند، دراسة في تأثير اللغة العربية في كتابات أردية لمولانا أبي الكلام آزاد، وعبد الرحمن الكاشغري كشاعر وكاتب، وحنين بن إسحاق وأسلوبه في الترجمة العربية، العلامة سيد سليمان الندوي كشاعر وكاتب، ومساهمة عبد الله بن المقفع في الأدب العربي، وتعليم اللغة العربية كلغة حيوية عالمية حديثة. وبالإضافة إلى ذلك شارك في مؤتمرات دولية ووطنية بأوراق علمية بلغت إلى نحو خمسين، وكذلك ساهم في عقد عدة مؤتمرات كمنسق أو مدير[5].
مسك الختام
لقد اتضح من خلال المرور بأعمال البروفيسور محمد قطب الدين أن له مساهمات كبيرة في تنمية اللغة العربية وآدابها من خلال التدريس وإعداد الكتب الدراسية لتعليم العربية للطلبة الهنود وإعداد المعجم العربي والهندي، وترجمة الكتب بالأردية والهندية وترجمة النصوص الأردية بالعربية وتصنيف الكتب وتأليف المؤلفات وكتابة المقالات التي تتحدث عن تطور العربية في الهند ودور مراكز إسلامية في تنمية العربية، وكذلك له مساهمة في الأعمال الإدارية والاجتماعية بجانب الأعمال العلمية والأدبية، الحاجة ماسة إلى دراسة جميع مقالاته و كتبه ومؤلفاته دراسة تحليلية حتى يظهر مدى دوره في تطوير العربية.
الهوامش
[1]: موقع جامعة جواهر لال نهرو، Md. Qutbuddin | Welcome to Jawaharlal Nehru University (jnu.ac.in)
[2] : موقع جامعة جواهر لال نهرو ، Dr. Md. Qutbuddin (jnu.ac.in)
[3]: موقع جامعة جواهر لال نهرو، Md. Qutbuddin | Welcome to Jawaharlal Nehru University (jnu.ac.in)
[4] : محمد قطب الدين، الدكتور، ندوة العلماء في خدمة الأدب العربي والدراسات الإسلامية” نيو دلهي،هند أسين فبليكيشن، 2009،
[5] :موقع جامعة جواهر لال نهرو، Dr. Md. Qutbuddin (jnu.ac.in)
المصادر والمراجع
- محمد قطب الدين، الدكتور، “ندوة العلماء في خدمة الأدب العربي والدراسات الإسلامية” نيو دلهي،هند أسين فبليكيشن، 2009.
- محمد قطب الدين، الدكتور، “چاند کے اس پار”نيو دلهي،مطبعة عذراء، 2019م.
- محمد قطب الدين، الدكتور، ” تتلی کے پر”نيو دلهي،مطبعة إنديا جي أيم سي، 2016م.
- مجلة كاليكوت ” محمد واضح رشيد الندوي: رمز للصحافة العربية في الهند”، المجلد: 10، العدد:1.
- مجلة دراسات عربية، ” دراسة في تأثير اللغة العربية على كتابات أردية لمولانا أبي الكلام آزاد”، 15 ديسمبر عام 2018.
- موقع جامعة جواهر الا نهرو، Qutbuddin | Welcome to Jawaharlal Nehru University (jnu.ac.in)
- موقع جامعة جواهرلال نهرو، Md. Qutbuddin (jnu.ac.in)