د. ثمينة خانم
محاضرة ضيف
قسم اللغة العربية وآدابها
الجامعة الملّية الإسلامية، نيودلهي، الهند
ملخص المقال: هذا المقال محاولة متواضعة لتسليط الضوء على حياة البروفيسور سيد ضياء الحسن الندوي وخدماته العلمية والأدبية، والذي كان واحدا من خيرة أساتذة اللغة العربية في الهند خلال القرن العشرين، ويتوزع المقال على مبحثين اثنين، المبحث الأول يقدم نبذة مختصرة عن حياة الأستاذ بما فيها نشأته وتعليمه وتخرجه في دارالعلوم لندوة العلماء بلكناؤ، ثم التحاقه بجامعة لكناؤ للحصول على شهادات جامعية مختلفه بما فيها شهادة “فاضل أدب” والليسانس والماجستير (في العربية) و”دبير كامل” (في الفارسية)، وخدماته التدريسية في جامعة لكناؤ وفي المعهد المركزي للغة الإنجليزية واللغات الأجنبية بحيدرآباد بصفة مؤقّتة، ثم تعيينه بشكل دائم في الجامعة الملية الإسلامية بنيودلهي حيث عمل لحوالي ثلاثة عقود من الزمن أستاذاً للغة العربية وآدابها وقام بتعليم وتثقيف عدد لايستهان به من الطلبة والطالبات، مع الإشارة إلى المناصب الإدارية التي شغلها الأستاذ وعضويته في مختلف الهيئات واللجان الأكاديمية، والجوائز والتكريمات التي تم تتويجه بها اعترافاً بخدماته، وفي المبحث الثاني قدمنا نبذة عن الآثار العلمية التي خلّفها الأستاذ وراءه بما فيها مؤلفاته “عربي ادب ديار غير مين” و”اوراقِ بريشان” و”ومضات وإضاءات” ومقالاته العربية والأوردية التي قدّمها في مختلف الندوات والمؤتمرات داخل الهند وخارجها وبحوث جامعية أعدت تحت إشرافه.
الكلمات المفتاحية: البروفيسور سيد ضياء الحسن الندوي، الترجمة العربية، الجامعة الملية الإسلامية، اللغة العربية وآدابها في الهند.
المبحث الأول
البروفيسور سيد ضياء الحسن الندوي: نشأته وتعليمه ومسيرته التدريسية:
ولد البروفيسور سيد ضياء الحسن الندوي في موضع “برشدي فور” إحدى بلدات مديرية “رائي بريلي” بولاية أترابراديش الهندية في الواحد من شهر يوليو عام 1944م في أسرة نبيلة ذات علم وشرف، وحصل الأستاذ على تعليمه الابتدائي والثانوي في دارالعلوم ندوة العلماء بلكناؤ وتخرج فيها عام 1960م بشهادة العالمية والفضيلة، ثم حدا به الشوق إلى التعليم العصري فسافر إلى مدينة دلهي وحصل على شهادة الثانوية العامة (هائر سيكندري) من الجامعة الملية الإسلامية بنيو دلهي عام 1962م، وبعد ذلك قصد جامعة لكناؤ وحصل منها على شهادات مختلفه بما فيها شهادة “فاضل أدب” (1963م) والليسانس في العربية (1966م) والماجستير في العربية (1968م) و”دبير كامل” (في الفارسية) عام 1970م، وباشر الأستاذ حياته العملية من جامعة لكناؤ نفسها حيث قام بالتدريس في قسمها العربي لسنتين خلال 1968-1970م بصفة مؤقتة، وفي نوفمبر عام 1972م تم تعيينه أستاذاً مساعداً في قسم اللغة العربية بالجامعة الملية الإسلامية، وفي 1980م ترقى ليصبح أستاذاً مشاركاً، ثم في أكتوبر 1981م غادر الأستاذ إلى المعهد المركزي للغة الإنجليزية واللغات الأجنبية بحيدرآباد (C.I.E.F.L) (الآن هي جامعة اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية) بصفته أستاذا مشاركاً، واشتغل بالتدريس هنا إلى 1982م، ثم رجع إلى الجامعة الملية الإسلامية في 1982م ولم يزل يدرّس فيها إلى أن تمت ترقيته إلى منصب البروفيسور عام 1988م، وكان يقدم خدماته فيها إلى أن استأثرت به رحمة الله في الـ20 من شهر يناير عام 2003م، وصُلي عليه وورُّي جثمانه في مقبرة الجامعة الملية الإسلامية، وسبق أن أدّى الأستاذ مهام التدريس بصفة مؤقتة في أكاديمية اللغات الأجنبية التابعة لـ “بهارتي ودهيا بهون” الواقعة بنيودلهي خلال الفترة 1975-1976م، كما ألقى دروسا في اللغة العربية على جماعة من مسؤولي الخدمات المدنية الهندية في مركز اللغات الأفريقية والآسيوية بجامعة جواهر لال نهرو وذلك عام 1975م، إضافة عن عمله في القسم العربي لإذاعة عموم الهند لفترة قصيرة بصفة مؤقتة.
المناصب الإدارية التي شغلها الأستاذ سيد ضياء الحسن الندوي:
تولى الأستاذ سيد ضياء الحسن الندوي خلال مسيرته المهنية عدة مناصب علمية وإدارية مرموقة، فشغل رئاسة قسم اللغة العربية وآدابها بالجامعة الملية الإسلامية لفترتين إثنتين: أولاً خلال الفترة مابين 1990-1993م وثانياً خلال 1996-1999م، كما تم تعيينه عميداً لكلية اللغات والعلوم الإنسانية في الجامعة الملية الإسلامية خلال الفترة مابين 2000-2003م، وكان الأستاذ رئيساً لاتحاد أساتذة الجامعة الملية الإسلامية، وعميد شؤون الطلبة لهذه الجامعة، وإضافة عن هذا كانت للأستاذ عضوية في هيئة الدراسات وهيئة البحث والتحقيق لأكثر من عشرين جامعات هندية شهيرة بما فيها جامعة عليجراه الإسلامية وجامعة إله آباد وجامعة كشمير وجامعة بركة الله وجامعة لكناؤ وجامعة كولكاتا والجامعة العثمانية وجامعة كاليكوت وغيرها من الجامعات، وكان من أعضاء المجلس التنفيذي لدارالعلوم ندوة العلماء بلكناؤ، وسكريتير المكتب الهندي لرابطة الأدب الاسلامي العالمية وأحد أنشط أعضائها، وزار الأستاذ بلدان عديدة بما فيها سوريا وعمان ومصر وباكستان وبنغلاديش وإندونيسيا والمراكش والجزائر وتركيا وبرونائ وغيرها للمشاركة في الندوات والمؤتمرات الدولية إضافة عن الندوات الوطنية التي انعقدت في مختلف المدن الهندية، وتولى الأستاذ إدارة مجلة “ثقافة الهند” الفصلية الصادرة من المجلس الهندي للعلاقات الثقافية التابع لوزارة الشؤون الخارجية الهندية، وخلال فترة إدارته لهذه المجلة قام بإصدار عدد ممتاز يختص بسيرة العلامة أبي الحسن علي الحسني الندوي وإنجازاته العلمية والذي قوبل بالاستحسان والتقدير البالغين في الأوساط العلمية داخل الهند وخارجها، وكان في هيئة التحرير لمجلة “كاروانِ أدب” الأوردية الناطقة بلسان رابطة الأدب الإسلامي العالمية الصادرة من مدينة لكناؤ.[2]
الجوائز والتكريمات:
تم تكريم الأستاذ سيد ضياء الحسن الندوي بجائرة “رئيس جمهورية الهند” في 1998م على يد السيد كيه. آر. نارائن رئيس جمهورية الهند وقتئذٍ اعترافاً بخدماته في ترويج اللغة العربية وآدابها، ونال الميدالية الذهبيةمن (Canning College, Lucknow) في 1968م للفوز بالدرجة الأولى في الماجستير، كما تلقى المنحة الدراسية للحصول على الدرجة الأولى في “فاضل أدب” في 1963م.[3]
المبحث الثاني:
آثار البروفيسور سيد ضياء الحسن الندوي العلمية والأدبية:
خلّف الاستاذ سيد ضياء الحسن الندوي وراءه مؤلفا واحدا وعدداً لا بأس به من المقالات والبحوث باللغتين العربية والأوردية التي نشرت في مجلة “ثقافة الهند” و”البعث الإسلامي” و”الرائد” و”كاروانِ أدب اسلامي” و”تعمير حيات” ورساله “جامعه” وغيرها من المجلات المؤقرة الصادرة في الهند، أو التي قدمها الأستاذ في الندوات والمؤتمرات الوطنية والدولية، وفي السطور القادمة نستعرضها استعراضا وجيزا لنتعرف على محتويات كتبه والمواضيع التي عالجها في مقالاته.
“عربى ادب ديار ِغير میں” (الأدب العربي في المهجر)
هذا الكتاب مؤلف باللغة الأوردية وهو مؤلف وحيد خلّفه الأستاذ الندوي حسب معلوماتنا المتواضعة، يبلغ عدد صفحاته مئتين وعشرين صفحة، ظهرت الطبعة الأولى منه في 1981م بمدينة حيدرآباد (دكن)، ثم نُشرت الطبعة الثانية في باكستان عام 1985م،[4]وموضوع الكتاب هو دراسة في الأدب المهجري، ويكتب المؤلف مشيراً إلى سبب تأليف هذا الكتاب أن في عام 1973م حينما كان يعمل محاضراً للغة العربية في قسم اللغة العربية بالجامعة الملية الإسلامية طلب منه الأستاذ عبد الحليم الندوي (وكان حينئذ رئيساً للقسم وأستاذا فيه) كتابة مقال مفصل حول الأدب المهجري للموسوعة الأوردية التي كانت تعد من قبل مجلس ترويج اللغة الأوردية، ولكنه لم يتمكن من إكمال المقال في موعده لأسباب، ثم في 1978م حينما غادر الأستاذ عبد الحليم الندوي إلى المعهد المركزي للغة الإنجليزية واللغات الأجنبية (C.I.E.F.L) بحيدرآباد أستاذا ورئيسا مؤسِّساً لقسمه العربي، عاودته (المؤلف) فكرة استئناف العمل على المقال وإكماله، فبدأ العمل عليه وأكمله ووضع عليه اللمسة الأخيرة بعد انضمامه إلى المعهد المركزي للغة الإنجليزية واللغات الأجنبية بحيدرآباد أستاذا مشاركا في القسم العربي حيث كان سبق إليه الأستاذ عبد الحليم الندوي، فاستكتب الأستاذ مقدمة لكتابه وأخرجه إلى النور نهائياً وذلك في عام 1981م[5]، وفيما يتعلق بمحتويات الكتاب فتتصدرها مقدمة بقلم الأستاذ الدكتور عبد الحليم الندوي رئيس القسم العربي في المعهد المركزي للغة الإنجليزية واللغات الأجنبية بحيدرآباد آنذاك قدم فيها لمحة موجزة عن الأدب المهجري وتحدّث باختصار عن أهمية هذا الكتاب وإفاديته، ويليها كلمات موجزة في تعريف الكتاب بقلم المؤلف، ثم يدخل في صلب الموضوع، وقسّمه المؤلف في مبحثين اثنين، قدم في الأول تعريف الأدب المهجري، وبحث في ظهوره ونشأته وتطوره مع بيان الأسباب التي أجبرت الأدباء والكتاب على ترك أوطانهم واللجوء إلى هذه الديار الغريبة عليهم، وتحدث عن المدرستين المهجريتين الشهيرتين وهما الرابطة القلمية والعصبة الأندلسية بشيء من التفصيل مع الإشارة إلى جمعية جامعة القلم والجمعيات الأدبية الأخرى التي أقاموها على أرض المهجر، والمجلات والصحف العربية التي أصدروها، ثم تناول بالبحث العناصر البارزة للأدب المهجري مع ذكر خصائصه ومميزاته والموضوعات التي تناولها الأدباء المهجريون في كتاباتهم، والمبحث الثاني من الكتاب يدور حول سيرة الأدباء والكتاب المشهورين من المهجرين الشمالي والجنوبي وشخصيتهم وإسهامهم في الأدب المهجري نثرا وشعرا بمن فيهم جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، وأمين الريحاني، وعبد المسيح الحداد، ونسيب عريضة ورشيد أيوب، وجورج صيدح، وفوزي المعلوف، وإلياس فرحات، ورشيد سليم الخوري، وميشال المعلوف، وزكي قنصل، وشكر الله الجر وغيرهم، ومن ميزة الكتاب أنه من باكورة المؤلفات الأوردية التي عالجت موضوع الأدب العربي المهجري، وعرّفت القراء والدارسين بالأدباء والشعراء المهجريين وإنتاجاتهم الشهيرة بأسلوب علمي وبحثي وبلغة أوردية سلسة، وفي نهاية الكتاب أورد المؤلف قائمة للمؤلفات العربية الهامة حول أدب المهجر ونشأته وتطوره، وأشهر الأدباء والشعراء المهجريين لمن يريدون الاستزاة في الموضوع والغوص في تفاصيله، والجدير بالذكر هنا أن الكتاب لم يكن متوفراً في السوق منذ زمن لنفاد نسخه، وصدرت مؤخراً نسخة منقحة منه مع تغيير بسيط في العنوان ألا وهو “عربى ادب برِّ أعظم امريكه میں” من “مركزى ببليكيشنز” الواقعة بنيودلهي عام 2023م، والفضل في ذلك يرجع إلى السيدة رضية سلطانة واحدي زوجة الأستاذ الراحل التي أخرجت الكتاب في حلة جديدة وثوب قشيب ليستفيد به الطلاب والباحثون.
“اوراقِ بريشان (نگارشات سيد ضياء الحسن ندوي)” (الأوراق المبعثرة من كتابات سيد ضياء الحسن الندوي)
هذا الكتاب أصلاً مجموعة مقالات للأستاذ سيد ضياء الحسن الندوي رحمه الله كتبها بين فينة وأخرى لتقديمها في الندوات والمؤتمرات، ونشرت بعض هذه المقالات في المجلات وبقيت الأخرى مخطوطة، وكانت مبعثرة هنا وهناك في بطون المجلات والصحف والملفات، وبعد وفاة الأستاذ قامت السيدة رضية سلطانة واحدي زوجة الأستاذ الراحل بجمعها وترتيبها وتنظيمها وأخرجتها بشكل كتاب وسمّته “اوراقِ بريشان”، وطبع الكتاب للمرة الأولى في يوليو عام 2008م مشتملاً على 308 صفحة، وفيما يتعلق بمحتويات الكتاب فتتصدره مقدمة جامعة بقلم الأستاذ محمد رابع الحسني الندوي تحدث فيها عن سيرة الأستاذ الراحل وعن محتويات هذا الكتاب بإيجاز، ويليها كلمة التقديم من قبل المرتبة السيدة رضية سلطانة واحدي، وبعد ذلك كتب كل من البروفيسور فيضان الفاروقي أستاذ اللغة العربية وآدابها بجامعة جواهر لال نهرو والبروفيسور عبد الماجد قاضي أستاذ اللغة العربية وآدابها بالجامعة الملية الإسلامية كلمات تلمس جوانب مختلفة من سيرة وشخصية الأستاذ العلمية، ويليها المقالات وهي مقسمة على خمسة مباحث، المبحث الأول عنوانه “الشخصيات“ وهو يتضمن ست مقالات تدور حول الشخصيات بمن فيهم البيروني ومولانا جلال الدين الرومي وحافظ الشيرازي ومولانا سيد أبو الحسن علي الحسني الندوي وحفيظ الرحمن نشور واحدي والبروفيسور مشير الحق. وفي المبحث الثاني المعنون بـ “التعريف بالكتب“ وردت أربعة مقالات تلقي الضوء على مختلف الكتب بما فيها سيرة ذاتية للشاعر كليم عاجز المسماة بـ”جهان خوشبو هى خوشبو تهى”، ومجموعة شعرية باسم “يدِ بيضاء” للشاعر أبو المجاهد زاهد، ورواية “شبِ رفته” لصاحبه وارث رشيد قدوائي، وتقديم لـ”عكس جمال” لأبي مسعود أظهر الندوي. وفي المبحث الثالث الذي عنوانه “اللغة العربية وآدابها” وردت ثلاثة مقالات متعلقة باللغة العربية والأدب العربي نثراً وشعراً. وفي المبحث الرابع بعنوان “الإسلاميات“ جاءت ثلاثة مقالات متعلقة بالموضوعات الإسلامية البحتة عناوينها “الذي لُقِّب برحمة بين الأنبياء”، و”أول منشور لحقوق الإنسان في ضوء خطبة حجّة الوداع للنبي صلى الله عليه وسلم”، و”حقيقة التصوف وأهميته وموقف الإسلام منه”، وفي المبحث الخامس الأخير بعنوان “المتفرِّقات“ وردت ستة مقالات تحت عناوين “الجامعة الملية الإسلامية”، و”الأسس اللغوية للتمدن الهندي المشترك”، و”كلمات انطباعية” قدمها الأستاذ في جمهورية باكستان بمناسبة تدشين العدد الخاص بالقرآن الكريم لمجلة “نقوش” كان دعي للمشاركة فيه، و”مسائل التحقيق والتدوين”، و”مساهمة اللغة العربية في ترويج الاتحاد القومي بإشارة خاصة إلى أدب المهجر”، و”مراكز التعليم الإسلامي في جنوب الهند”، ويختتم الكتاب على ترجمة لقصيدة حول عنوان “أدب الحديث النبوي” لصاحبه أبو محفوظ الكريم المعصومي.[6]
“ومضات وإضاءات دراسات مستقلة وأبحاث مترجمة”
هذا الكتاب أيضاً عبارة عن مجموعة المقالات والأبحاث العربية التي دبجتها يراع قلم الأستاذ سيد ضياء الحسن الندوي من وقت لآخر للتقديم في الندوات المؤتمرات العلمية المنعقدة داخل الهند وخارجها، وقامت السيدة رضية سلطانة واحدي زوجة الأستاذ الراحل بمساعدة من الدكتور عبد الماجد قاضي أستاذ اللغة العربية وآدابها بالجامعة الملية الإسلامية بجمع تلك المقالات وترتيبها ثم أخرجتها إلى النور ليستفيد بها طلاب اللغة العربية وباحثوها،صدرت الطبعة الأولى لهذا الكتاب المشتمل على أربعمئة صفحة عام 2017م من “البلاغ ببليكيشنز” بنيودلهي، وفيما يتعلق بمحتويات الكتاب ففي مستهله نجد كلمة موجزة عن الكتاب ومؤلفه بقلم السيدة رضية سلطانة واحدي، ويليها كلمة التقديم بقلم سماحة الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي، ثم مقالتان قصيرتان تلقيان بعض الضوء على سيرة الأستاذ، أحدهما بعنوان “الأستاذ سيد ضياء الحسن الندوي إنساناً وكاتباً” بقلم فضيلة الشيخ نذر الحفيظ الندوي، والأخرى تحت عنوان “نبذة من حياة الأستاذ سيد ضياء الحسن الندوي” بقلم د. سيد ضياء الحسن النوري، وبعد ذلك تبدأ مقالات الأستاذ الندوي والتي تم ترتيبها وتبويبها في جزئين اثنين، سمي الجزء الأول بـ “إضاءات” وهو يشتمل على ثلاثة وعشرين مقالا علميا كتبها الأستاذ باللغة العربية، وقسمت المرتبة الفاضلة المقالات الواردة في هذا الجزء في خمس فئات حسب الموضوع وهي دراسات في الأدب، ودراسات في الشعر، ودراسات في المناهج والتربية، ودراسات في الدين و فكره، ونافذة على التاريخ، والجزء الثاني سمي بـ “ومضات” وفيه أبحاث ترجمها الأستاذ الندوي من اللغتين الإنكليزية والأردية ورتبتها السيدة رضية ضمن مباحث أربعة تالية بما فيها من قضايا المرءة في الحضارة الحديثة، ودراسات في المذاهب الفكرية الحديثة، ودراسات في قضايا الفكر الإسلامي، ودراسات في مواضيع متنوعة، وضمن هذه المباحث الأربعة أدرجت ثلاثة وعشرين مقالا حول موضوعات ذات صلة بكل مبحث.[7]
“المقامات الهندية”
تفيدنا بعض المراجع أن الأستاذ قام بتحقيق مخطوط عربي معروف بـ”المقامات الهندية” يرجع إلى القرن الثامن عشر، واهتمت “بهارتي ودهيا بهون” الواقعة بنيودلهي (حيث كان درس الأستاذ اللغة العربية لفترة قصيرة) بطباعة هذا المخطوط لكن لم نتمكن من العثور على هذا المخطوط لذا لايمكن لنا إلقاء الضوء على مباحثه ومحتوياته.[8]
مقالات الأستاذ سيد ضياء الحسن الندوي:
إن الحضور في الندوات والمؤتمرات توفر فرصة قيمة لتبادل الأفكار والآراء والخبرات والتجارب مع جماعة من الأكاديميين والاختصاصيين والباحثين، وشارك الأستاذ الندوي في ندوات ومؤتمرات وطنية ودولية عديدة بأوراقه البحثية، وسنحت له الفرص لإلقاء المحاضرات في عديد من الجامعات الشهيرة خارج الهند بما فيها جامعة حلب وجامعة دمشق وجامعة الأزهر وجامعة القاهرة وجامعة عين شمس وجامعة زقازيق وجامعة بنجاب بلاهور وجامعة قزوين وغيرها من الجامعات، ونذكر فيما يلي عناوين المقالات التي قدمها الأستاذ في الندوات والمؤتمرات الوطنية والدولية أو التي نشرت في مختلف المجلات العربية والأوردية حول موضوع اللغة والأدب والثقافة والاجتماع ليتضح لنا مدى تنوع الموضوعات التي عالجها الأستاذ في كتاباته وخطاباته، وذلك على سبيل المثال لاالحصر:
- “حقيقة الإسلام في عالم متغيّر” مقال قدمه الأستاذ في المؤتمر الرابع العشر للمجلس الاعلى للشؤون الإسلامية تحت رعاية فخامة الرئيس محمد الحسني المبارك رئيس جمهورية مصر العربية الأسبق المنعقد في 20-23 مايو عام 2002م في القاهرة.
- “الشعر العربي الكلاسيكي” مقال قدمه الأستاذ في الندوة الوطنية التي عقدتها جامعة بومبائ في فبراير 2002م.
- “ترجمة حروف الجر: “ب” و “عن” و “إلى” مع الأمثلة (العربية – الإنجليزية) مقال قدمه الأستاذ في ندوة وطنية نظمها المعهد المركزي للغة الإنجليزية واللغات الأجنبية بحيدر آباد في مارس 1995م حول مشاكل وأصول الترجمة مع التركيز على اللغة والأدب.
- “مركزية الهدف في الأدب (تقريب المفاهيم لقضايا الأدب الإسلامي)” مقال قدمه الأستاذ في المؤتمر الدولي الثالث المنعقد في استانبول بتركيا تحت إشراف رابطة الأدب الإسلامي العالمية عام 1993م.
- “أهداف تعليم اللغة العربية وأهمية وضع مناهج خاصة لغير الناطقين بها“ مقال قدمه الأستاذ في المؤتمر الدولي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها المنعقد في نوفمبر 1992م بجامعة برونائي دار السلام.
- “زينب هيكل وهيكل زينب” مقال قدمه الأستاذ في ندوة نظمتها جامعة كاليكوت في ديسيمبر 1989م حول عنوان تطور القصة والرواية في الأدب العربي بإشارة خاصة إلى نجيب محفوظ.
- “نجيب محفوظ و إعجابه بالحضارة الفرعونية” مقال قدمه الأستاذ في ندوة حول تطور القصة والرواية في الأدب العربي الحديث بإشارة خاصة إلى نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبيل عقدتها جامعة كاليكوت بكيرالا في ديسيمبر 1989م.
- “عبد الرحمن الكاشغري الندوي شاعراً” مقال قدمه الأستاذ في ندوة عقدتها الجامعة العثمانية حيدرآباد خلال 15-19 أبريل عام 1987م حول موضوع مساهمة الهند في اللغة والآداب القومية.
- “نشأة الرواية وتطورها في الأدب العربي الحديث” مقال قدمه الأستاذ في ندوة عقدتها جامعة كاليكوت في ديسمبر عام 1986م.
- نقل الأستاذ مقالا للمستشرقة الألمانية أنا ماري شيمل رئيسة قسم الدراسات الإسلامية في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية من العربية إلى الأردية بعنوان “مولانا جلال الدين رومي” ونشرت هذه الترجمة في ثلاثة أقساط في مجلة “جامعة” الصادرة عن الجامعة الملية الإسلامية بنيودلهي خلال مارس- يونيو عام 1975م.
- “الحركات الهدّامة وتآمرها ضد الاسلام” مقال للأستاذ نشرته مجلة “البعث الإسلامي” الصادرة عن دارالعلوم ندوة العلماء بلكناؤ في فبراير ومارس عام 1988م.
- مقال بعنوان “حقائق عن الحبشة” نشرته مجلة “البعث الاسلامي” سبتمبر 1965م.
- “معجزة الألوان في السماء” مقال للأستاذ نشرته مجلة “البعث الاسلامي” في حلقتين في شهري سبتمبر وأكتوبر عام 1965م.
- “الحياة في أمريكا: فراش من غير حب” هي ترجمة Sex and college girl نشرتها مجلة “البعث الاسلامي” في نوفمبر 1965م.
- مقال “الحجاب لايعوق المرأة عن التقدّم” نشرته مجلة “البعث الاسلامي” في نوفمبر 1965م.
- “جديد عربي نثر اور اس كي مختلف رنك“ مقال للأستاذ نشرته مجلة “الجامعة” الصادرة عن الجامعة الملية الاسلامية بنيودلهي في أغسطس 1990م.
- مقال تحت عنوان “مهجري عربي أدب” نشرته مجلة “الجامعة” الصادرة عن الجامعة الملية الإسلامية بنيو دلهي خلال فترة مايو- يوليو 1994م.
- مقال بعنوان “أسلوب سماحة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي للدراسات القرآنية” نشرتها مجلة ثقافة الهند الفصلية عام 2001م.
- مقال بعنوان “القرآن رسالة عالمية خالدة” نشرته مجلة “البعث الاسلامي” في حلقتين في شهري يناير ومارس عام 1965م.
- مقال بعنوان “أدب الدعوة والإصلاح كما يتجلى في كتاب “مختارات من أدب العرب” قدمه الأستاذ في ندوة عقدت في مدينة بهوبال.
وإضافة عن هذه المقالات نشرت للأستاذ عدة مقالات مترجمة وهي تعريب لكتابات الداعية الأمريكية المهتدية السيدة مريم جميلة حول عناوين شتى بما فيها المرأة المعاصرة بين أصدقائها وأعداها، والمنابع الفلسفية لمادية الغرب، وتضليل العصرية وأكذوبتها، و”مع طه حسين في كتابه مستقبل الثقافة في مصر”، والقومية العربية في مرآة التاريخ، والحاجة إلى تدوين التراريخ الإسلامي من جديد، وما إلى ذلك، ونشرت للأستاذ خمس مقالات مترجمة من الإنجليزية إلى العربية في مجلة ثقافة الهند الفصلية في الفترة ما بين 1974-1975م، ونشرت ترجمتان في مجلة “كاروان أدب” الأوردية في عام 1994م إحداهما ترجمة لخطبة طارق بن زياد عند فتح الأندلس، وثانيهما ترجمة منظومة لقصيدة الأستاذ أبومحفوظ معصوم الكريمي، وفي ضوء ماتقدم يمكننا القول إن الأستاذ الندوي لم يترك وراءه إلا كتابا واحدا ولكنه خلف وراءه عددا لابأس به من المقالات العلمية والأوراق البحثية التي كتبها من حين لآخر إما للتقديم في الندوات والمؤتمرات الوطنية والدولية أو للنشر في مختلف المجلات العربية والأوردية، وهي تتناول بالبحث والدراسة مختلف جوانب اللغة العربية وآدابها نثرا وشعرا، وضمنها العديد من المقالات المعربة من اللغتين الإنجليزية والأردية وهي خير دليل على قدرة الأستاذ في الترجمة والتعريب وتضلعه منهما، وننقل هنا ما كتبه الدكتور حبيب الله خان في كتابه وهو يسلط الضوء على إسهام الأستاذ ضياء الندوي في مجال الترجمة والتعريب: “فاق أقرانه بسلامة الذوق وصفاء الذهن وصحة الفهم فائق في مجال الترجمة فإن له جولات وصولات في هذا الميدان، لأنه منذ البداية اتّخذ هذا الفن مهنة له وتمهر في كافة أنواعها شفهية كانت أم تحريرية وبالإضافة إلى تدريسها زاولها كمهنة في السفارات والإذاعة، في الندوات والمؤتمرات إلى درجة يصعب إحصاؤها، لأن مثل هذه الترجمات عادة تضيع.”[9]
البحوث الجامعية التي أشرف عليها الأستاذ:
إن الإشراف العلمي على البحوث التي تقدم إلى أية جامعة للحصول على شهادات الماجستير والدكتوراه وتزويد الباحثين بإرشادات وتوجيهات علمية جزء لايتجزأ من مهام وظيفية لأستاذ جامعي، ونذكر فيما يلي عناوين البحوث التي قدمت إلى قسم اللغة العربية وآدابها بالجامعة الملية الإسلامية لنيل درجة الدكتوراه تحت إشراف البروفيسور سيد ضياء الحسن الندوي، وهي كما يلي:
- “التنبيه على ألفاظ الغريبين تأليف محمد بن ناصر السلامى (467هـ_ 550هـ) دراسة وتحقيق”، تقدم به الباحث الهندي بدر الزمان بن محمد شفيع النيبالي عام 1995م.
- “مساهمة جمعية الوصلية في تعليم اللغة العربية وآدابها في سومطرة الشمالية إندونيسيا”، قدمه الباحث محمد حسب الله طيب الإندونيسي في 1995م.
- “تطور اللغة العربية في إندونيسيا دراسة نقدية”، أعد هذا البحث باحث إندونيسي الجنسية اسمه نورفين سيهوتانج، وقدمه إلى الجامعة عام 1996م.
- “دراسة نقدية وتحليلية للمناهج الدراسية لتعليم اللغة العربية في الجامعات الهندية”، قدمه الباحث الهندي إرشاد أحمد في شهر يناير لعام 1998م. وتمت طباعة هذا البحث باسم “واقع اللغة العربية في الجامعات الهندية” عام 2005م من المجلس الهندي للعلاقات الثقافية بنيودلهي.
- “بلاغة القرآن في وصف الإنسان”، تقدم به الباحث أحمد درديري وهو أيضا من بلاد إندونيسيا التحق ببرنامج الدكتوراه بالجامعة الملية الإسلامية وقدم بحثه هذا في 1999م.
- “الإتجاهات الحديثة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في إندونسيا دراسة تحليلية وصفية”، تقدم به الباحث دحية مسقان الإندونيسي عام 2000م.
- “التراث العربي في الأدب المسرحي في سورية 1945-1975″قدمته الباحثة السورية الجنسية فاطمة محمد حكيم في 2000م.
خاتمة المقال:
هذه كلمات متواضعة عن سيرة وشخصية الأستاذ البروفيسور سيد ضياء الحسن الندوي وجهوده في خدمة اللغة العربية وآدابها، وبعد إلقاء نظرة على حياة الأستاذ وخدماته العلمية يمكن لنا أن نقول إنه أحد خيرة أساتذة اللغة العربية في الهند، عاش حياة حافلة بالجهود العلمية والأدبية دارساً ومدرساً، كان معلما مثاليا وكاتبا بارعا ومترجما قديرا، يتقن اللغة العربية والفارسية والانجليزية والأردية تحدثا وكتابة، وكان ملما بالآداب العربية والفارسية والأردية خير إلمام، وحافظا لأبياتها وقطعاتها الأدبية المختارة يستخدمها في كتاباته وخطاباته من حين لآخر، وإلى جانب مواهبه العلمية والأدبية وذوقه الرفيع وحسه المرهف كانت الجرأة والصراحة والصدق والأمانة والحمية الدينية والغيرة الإيمانية من مكونات شخصية الأستاذ، فلايستحي من قول الحق ولايخاف فيه لومة لائم، وكذلك صفات المرؤة والكرم والتواضع والحلم واللين كانت جزءا لايتجزأ من سيرته، رحم الله أستاذنا الفقيد، وطيّب ثراه، وجعل الفردوس مثواه، آمين!
الهوامش:
[1]هذه المعلومات مستفادة من كتاب “عربى ادب بر اعظم امريكا مين” للبروفيسور سيد ضياء الحسن الندوي، ترتيب وتقديم: السيدة رضية سلطانة واحدي، ص: 263-264.
[2]نفس المرجع، ص: 264
[3]نفس المرجع، ص: 265
[4]أنظر: كتاب الدراسات العربية في الجامعات الهندية الشمالية منذ الاستقلال في 1947م للدكتور عبد الحق شجاعت علي، ص: 60.
[5]المرجع السابق، ص: 19-20.
[6]ينظر: اوراق بريشان (نكارشات بروفيسر سيد ضياء الحسن ندوي)، جمع وترتيب: السيدة رضية سلطانة واحدي.
[7]راجع: كتاب ومضات وإضاءات وهو مجموع مقالات البروفيسور سيد ضياء الحسن الندوي جمعتها السيدة رضية سلطانة واحدي.
[8]المجلة الأوردية “كاروان ادب” (العدد الخاص بسيرة الأستاذ سيد ضياء الحسن الندوي)، ص: 130، 164-165
[9]ينظر: الترجمة العربية منها وإليها في الهند بعد الاستقلال حتى عام 1990م للدكتور حبيب الله خان، ص: 219-220.
المصادر والمراجع:
- البروفيسور سيد ضياء الحس الندوي: عربي ادب بر اعظم امريكه میں، ترتيب وتقديم: رضية سلطانة واحدي، الطبعة الأولى 2023م، كلوبل تريدنك كمبني نيودلهي.
- د. حبيب الله خان: الترجمة العربية منها وإليها في الهند بعد الاستقلال حتى عام 1990م، الطبعة الأولى 1997م، دارسلمان للطباعة والنشر نيودلهي.
- السيدة رضية سلطانة واحدي: اوراق بريشان (نكارشات بروفيسر سيد ضياء الحسن ندوي) (جمع وترتيب) الطبعة الأولى 2008م، نئي كتاب ببليشرز نيو دلهي.
- مولانا سيد محمد رابع الحسني الندوي: يادون كي جراغ، الجزء الأول، الطبعة الأولى 2012م، مكتبة الشباب العلمية لكناؤ.
- د. عبد الحق شجاعت علي: الدراسات العربية في الجامعات الهندية الشمالية منذ الاستقلال في 1947م، الطبعة الأولى 1989م، المعهد الهندي للدراسات الإسلامية، تغلق آباد، نيودلهي.
- د. عبد الماجد قاضي والسيدة رضية سلطانة واحدي: ومضات وإضاءات دراسات وأبحاث مستقلة بقلم الأستاذ سيد ضياء الحسن الندوي، الطبعة الأولى 2017م، البلاغ ببليكيشنز بنيودلهي.
- د. محمد إرشاد نوكانوي الندوي: آزاد هندوستان میں عربى زبان وادب، الطبعة الأولى 2009م، إيتش. إيس. آفسيت بريس دلهي.
- د. مقصود أحمد: جديد عربي ادب سے متعلق تحقيقى اور معلوماتى مضامين، الطبعة الأولى 2013م، ڈائریکٹر حضرت پیر محمد شاہ لائبریری اینڈ ریسرچ سینٹر أحمد آباد، گجرات.
- المجلة الأوردية “كاروان ادب” (العدد الخاص بالأستاذ سيد ضياء الحسن الندوي) الصادرة عن مكتب رابطة الأدب الإسلامي العالمية بلكناؤ، المجلد العاشر العدد الأول، أبريل- يونيو 2003م.
