Main Menu

الأستاذ عبد الحق بن مولانا شجاعت علي الأزهري (1936م-2012م)

د.محمد أبرار الحق *[1]

إنه كان واحدًا من أبرز الشخصيات في اللغة العربية وفن الترجمة والبحث العلمي، حيث قدم إسهامات جليلة وخدمات جبارة في تطوير الدراسات العربية وتعزيزها. يتمتع الأستاذ عبد الحق بن شجاعت علي بسجل حافل من الإنجازات العلمية والتعليمية وفي مجال الترجمة العربية والإنكليزية وعكسهما كما كانت له مهارة واسعة في الترجمة الفورية من الإنكليزية إلى العربية وعكسهما والكتابة التي أثرت إيجابيًا على مجال البحث والتحقيق. وله دور ملموس في هذا المجال ولا سيما في مجال السياسة والدبلوماسية والاقتصاد.

 إنه من مواليد 3 مايو عام 1936م في قرية “أمال ژاري” بمديرية  فورنيا بولاية بيهار آنذاك، التي أصبحت الآن جزءًا من “ديناجفور” الشمالية وتقع في ولاية غرب بنغال – الهند، في بيت معروف أهله بالعلم والديانة والمعرفة والورع والتقوى. قرأ القاعدة البغدادية ومبادئ اللغة الأردية والفارسية على أبيه مولانا شجاعت علي. وتلقى تعليمه الابتدائي في المدارس الدينية في فورنيا حيث برع في دراسته الأكاديمية منذ صغره، ثم قصد إلى دار العلوم ديوبند للدراسات العليا حيث حصل على شهادة الفضيلة عام 1956م ولم يشف غليله ما أخذه عن أساتذتها فرغب في توسيع دائرة معارفه فرحل إلى مصر ليستقي من ينابيعها الأصيلة وانتهز الدكتور هذه الفرصة واستغل استغلالا كاملا وعكف على دراسة العلوم الدينية والعصرية معا، وحاز على شهادة ليسانس في الآداب من جامعة القاهرة المرموقة وشهادة العالمية من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الشريف عام 1963م وبعد إتقان العلوم العربية والإسلامية أراد التدريس ورحل إلى ليبيا حيث درس لفترة ثلاث سنوات ثم قصد إلى لندن لدراسة اللغة الإنجليزية والدراسات العليا ولكن الظروف لم تسمحه بذلك، فرجع إلى الهند بعد سنة فقط، وبدأ رحلته العلمية مترجما في عديد من السفارات العربية والإذاعة الهندية ولم يمد هذه الحالة طويلا حتى عين أستاذا مساعدا بجامعة دلهي عام 1969م وقضى فيها 15 سنة ثم التحق بجامعة جواهر لال نهرو كأستاذ مشارك عام 1984م وفي خلال هذه الفترة نال الأستاذ شهادة الدكتوراه حول الموضوع “الدراسات العربية في الجامعات الهندية الشمالية منذ الاستقلال حتي عام 1947م” بالرغم أنه كان مشتغلا بالتدريس والتعليم تحت إشراف الأستاذ الكبير خورشيد أحمد فارق، رئيس قسم اللغة العربية آنذاك. وقد رَقَّى الأستاذ إلى منصب البروفيسور في أيامه الأخيرة في جامعة جواهر لال نهرو وبقي فيه حتى أن تقاعد في الثالث من شهر مايو 2002م ـ

تخصص الأستاذ في مجال فن الترجمة والبحث والدراسة، ويعد من الرعيل الأول في هذا المجال، ويحتل مكانة مرموقة بين المترجمين الهنود، وقد اتسع مجال التراجم وشملت النواحي المختلفة من الأدب والتاريخ والفلسفة والتراث والسياسة حيث أسهم في تطوير نهج فريد للبحث العلمي وتركيز على فن الترجمة ونظريتها،  على حل المشكلات الحديثة في هذا الصدد خاصة الترجمة من الإنجليزية إلى العربية وبالعكس. كما شغل العديد من المناصب الأكاديمية المرموقة، حيث كان له دور بارز في توجيه الأجيال الجديدة من الباحثين ولأكادميين والطلاب نحو تحقيق النجاح الأكاديمي.

آثاره العلمية:

قام الأستاذ بأعمال جليلة في مجال الترجمة والكتابة وأعطى حقها من خلال ممارسته لها بأمانة وإخلاص وله حظ وافر بالترجمات الشفوية في المحافل العلمية والندوات السياسية والمؤتمرات الدولية وبالرغم من أن ضاعت أكثر أعماله في الترجمة لكونها أعمال تجارية ولكن التي بقيت تحمل مكانة مرموقة بين المترجمين الهنود واتسعت دائرة ترجمته بشتى النواحي منها الأدب والسياسة والتاريخ والتراث وغيرها.

ومن إنتاجات العربية سيأتي ذكرها بقدر من الإيجاز فيما يلي:

  1. الدراسات العربية في الجامعات الهندية الشمالية منذ الاستقلال في عام 1947م
  2. دروس عربية حديثة
  3. علم اللغة العربية

وإضافة إلى ذلك، قد ترجم الأستاذ عديدا من الكتب القيمة المهمة وهي فيما يلي:

  1. كتاب “Vision of India” مجموعة من المقالات لكبار الشخصيات الهندية أمثال ففيكاناندا وشري أروبندو غواش ورادها كرشنان ورابندر ناطه طاغور والمهاتما غاندي وجواهر لال نهرو ومولانا أبي الكلام آزاد، نقله الأستاذ إالى العربية باسم “رؤيا الهند” ونشرت هذه الترجمة من المجلس الهندي للعلاقات الثقافية عام 1983م.
  2. كتاب “Introducing India” للمؤلف ح.إن.إس. رادها يشتمل على موجز تاريخ الهند منذ فجر التاريخ حتى الآن ترجمه إلى العربية باسم “تقديم الهند” ونشرت هذه الترجمة من المجلس الهندي للعلاقات الثقافية عام 1982م.
  3. كتاب “Selected Prose and Poetry” لمؤلف سوامي ناثن ترجمه الأستاذ إلى العربية باسم “سوبرامانيم بهارتي حياته وشعره الوطني” وحاول أيضا أن يترجم أشعار سوبرامانيام بأسلوب شعري حر ونالت إعجاب وتقدير القراء العرب وظهرت تقاريظ حسنه عن الترجمة في المجلات المحتلفة ونشرت الترجمة من المجلس الهندي للعلاقات الثقافية عام 1982م.
  4. ترجم الأستاذ كتاباعن الهند لمؤلف رانجانا سين غوبتا باسم “الهند في مسيرة التغير” والكتاب مملوء بمعلومات غريزة عن التغييرات التي طرأت على الهند في شتى المجال وظهرت الترجمة في شكل كتاب أنيق ونشر من دي بريس سينديكيت ليميتيد نيو دلهي.
  5. قام بترجمة كتيبين بناء على طلب من وزارة الشؤون الخارجية باسم “الهند في مسيرة التقدم” و”4 عقود في الديمقراطية” نشرتهما وزارة الشؤون الخارجية لأغراض دعائية.
  6.  ترجم 17 حكاية من كتاب “حكايات حارتنا” للأستاذ نجيب محفوظ إلى اللغة الأردية باسم” نجيب محفوظ كي كهانيون كا ترجمه”، تشمل هذه الترجمة 48 صفحة ونشرت في صورة كتيب عام 1995م.
  7. قام بترجمة العديد من القصائد لمختلف الشعراء الفلسطينيين في كتابه” جديد عربي أدب” بأسلوب حر

تعتبر الأبحاث التي أشرفها الأستاذ في مجال الترجمة ذات أهمية كبيرة، حيث أسهمت في توسيع فهمنا للمواضيع ذات الصلة. وقد نشر الأستاذ العديد من الأوراق البحثية والعلمية في المجلات العلمية الرائدة، ولا يقتصر تأثير البروفيسور على الساحة الوطنية فحسب، بل يتجاوز على المستوى الدولي. شارك في المؤتمرات والندوات والفعاليات الدولية لتقديم الخبرات والأفكار مع الكتاب والباحثين من مختلف أنحاء العالم في تعزيز التعاون العلمي والبحثي.

وفاته:

انتقل الأستاذ مع عائلته إلى غورغاون بولاية هاريانا – الهند بعد التقاعد 2002م من جامعة جواهر لال نهرو وقضى فيها أيامه الأخيرة لحياته.  وانتقل إلى جوار ربه في الصباح المبكر من شهر مايو 2012م بعد ما عانى بمرض السرطان.

في الختام، يظل الأستاذ عبد الحق بن مولانا شجاعت علي نموذجًا مثاليا وملهمًا للشباب الطموح والعاملين والباحثين في مجال فن الترجمة والتعليم والبحث العلمي. وإن إرثه العلمي والتعليمي سيظل حيًا من خلال تأثيره المستمر على الأجيال القادمة من الباحثين والطلاب.

المصادر و المراجع

  1. الدراسات العربية في الجامعات الهندية الشمالية منذ الاستقلال في عام 1947م للأستاذ عبد الحق شجاعت علي، المعهد الهندي للدراسات الإسلامية عام 1989م.
  2. الترجمة العربية في الهند بعد الاستقلال، للدكتور حبيب الله خان، طبع من دار سلمان للطباعة والنشر دلهي الجديدة عام 1997م.
  3. د. محمد أجمل “مجملة عالمي سهارا الأردية “، نشرتها مجمموعة راشرتيه سهارا الأردية في نيو دلهي، العدد مايو 2012، ص. 55
  4. دور الجامعات الحكومية الهندية في النهوض باللغة العربية وآدابها (nidaulhind.com)
  5. الدراسات العربية في ولاية بيهار خلال القرن العشرين للدكتور محمد أبرار الحق، مؤسسة براؤن بوك للطباعة والنشر، عام 2015م

[1] أستاذ محاضر في كلية ذاكر حسين لجامعة دهلي سابقا وأستاذ زائر في مدرسة أميتي للغات الأجنبية جامعة أميتي سابقا