Main Menu

الأستاذ الدكتور عبد الحليم الندوي رحمه الله وإسهامه في ترويج اللغة العربية و آدابها في الهند

محفوظ الرحمن

أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية

الجامعة الملية الإسلامية نيو دلهي

الملخص

يتناول هذا المقال حياة الأستاذ الدكتور عبد الحليم الندوي رحمه الله ومراحل دراسته وحياته التدريسية في مختلف الجامعات الهندية ,وأسفاره إلى البلدان العربية ثم يذكر إسهامه في تأليف الكتب العربية والأردية ومقالاته التي نشرت في المجلات الأردية والعربية وكذلك يقوم  هذا المقال بدراسة استعراضية للإثنين من كتب الأستاذ الندوي رحمه الله.

التمهيد:

أنجبت الهند كثيرا من الكُتاب والعلماء  والباحثين الكبار في العصور المختلفة الذين قاموا بخدماتهم الجليلة في ترويج اللغة العربية والعلوم الإسلامية في الهند وأثروا المكتبات العربية بكتبهم ومؤلفاتهم في التفسير والحديث والفقه وغيرها من العلوم الشرعية والعقلية، كذلك نجد عددًا ملحوظًا من شعراء هذه اللغة، وكُتَّابها، الذين ألفوا كتباً قيمة في النحو والصرف، والبلاغة، وعلم اللغة، والمعاجم والتاريخ وتاريخ الأدب العربي وما إلى ذلك.

وكان بين هؤلاء المؤلفين والكُتاب الأستاذ الدكتور عبد الحليم الندوي رحمه الله الذي قام بخدماته الجليلة في إثراء اللغة العربية وآدابها في الهند وقدم إسهامه من تأليف الكتب في اللغة العربية وتاريخ الأدب العربي في اللغة الأردية والثقافة العربية في المجلات  العربية والأردية، وساهم مساهمة فعالة في خدمة اللغة العربيةعن طريق تدريس اللغة العربية وثقافتها.

  ولادته:  ولد الأستاذ الدكتور عبد الحليم الندوي رحمه الله في 12 مارس عام 1926م في منطقة صاحب كنج(1) بمحافظة ديوريا بولاية أترابراديش وكانت تأتي هذه المنطقة ضمن سلطات مدينة كوركفور في نفس الولاية  في ذلك الوقت لذلك يُلقَّب الأستاذ رحمه الله بالغوركفوري أيضاً (2).

دراسته: تلقى الدكتور تعاليمه الابتدائية والثانوية العامة في دارالعلوم لندوة العلماء بمدينة لكناؤ وبعد تخرجه التحق الأستاذ الندوي رحمه الله بالجامعة الملية الإسلامية بنيودلهي وحصل على شهادة البكالوريوس منها ثم أكمل الماجستير من جامعة علي كراه الإسلامية بمدينة علي كراه بولاية اترابراديش، الهند، وبعدذلك سافر إلى جمهورية مصر وقضى عاما في جامعة القاهرة عام 1956-57م ثم رجع إلى الهند وأكمل الدكتوراه من جامعة علي كراه الإسلامية.

        ولا شك فيه أن الأستاذ عبد الحليم الندوي رحمه الله كان من أصحاب العلم والفضل ويعتبر من كبار الأساتذة والكُتاب البارعين للغة العربية وله خبرة واسعة ومهارة كاملة في مجال الترجمة وتخرج على يده عدد كبير من طلاب اللغة العربية وآدابها، وكان الأستاذ رحمه الله من أهم تلاميذ الشيخ السيد أبي الحسن الندوي رحمه الله واستفاد منه كثيرا في دارالعلوم لندوة العلماء بلكناؤ وكما كتب الأستاذ الدكتور سعيد الرحمن الأعظمي الندوي بعد وفاة الأستاذ عبد الحليم الندوي رحمه الله في مجلة البعث الإسلامي:

” استأثرت رحمة الله تعالى بأستاذ الجيل وتلميذ سماحة العلامة الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الحليم الندوي ، الذي رزق حياة حافلة بالأعمال العلمية ، وذوقاً رفيعاً للغة العربية وآدابها ، وميزة الأستاذية في عدد من الخدمات التعليمية والثقافية ، فكان يجمع صفات عديدة من إتقان اللغات العربية والإنجليزية والأردية والفارسية، والترجمة من لغة إلى أخرى مع التمكن منها ، وقد قام بعملية التأليف وكتابة البحوث وإخراج كتب أدبية وتاريخية ، فكان أديباً بارعاً ومترجماً قديراً ومؤلفاً ممتازاً وأستاذاً جليلاً وكاتباً مبدعاً ، تخرج على يده عدد كبير من تلاميذه الذين كانوا يحبونه ويعجبون به “(4).

ثم يكتب: ” كان الراحل الكريم متمتعاً بكفاءات عظيمة في مجال العلم والأدب ، كان كدوحة وارفة الظلال يلجأ إليها الناس ويستريحون تحتها، واستطاع أن يمثل رسالة ندوة العلماء بالجمع بين جوانب كثيرة من النشاطات العلمية والأدبية والثقافات المتنوعة “(5).

وكان من أهم زملاء الأستاذ الدكتور عبد الحليم  رحمه الله  في زمن التعليم والدراسة الشيخ مجيب الله الندوي رحمه الله مؤسس جامعة الرشاد بمدينة أعظم كره والشيخ معين الله الندوي رحمه الله نائب رئيس دارالعلوم لندوة العلماء بلكناؤ والشيخ عبد الله عباس الندوي رحمه الله الأستاذ السابق في جامعة أم القرى بمكة المكرمة وغيرهم الذين قاموا بخدمات جليلة في خدمة العلم والأدب في الهند وخارجها(6).

حياته المهنية: رجع الأستاذ بعد إكمال الدكتوراه إلى دلهي واشتغل مترجما ومذيعا  للبرامج العربية في الإذاعة المركزية في دلهي من عام 1951- إلى عام 1963م، ثم عين محاضرا للغة العربية وآدابها في الجامعة الملية الإسلامية ثم أستاذا ورئيس القسم في نفس الجامعة وقضى حياته التدريسية فيها إلى عام 1977، ثم انتقل إلى المعهد المركزي للغة الإنكليزية واللغات الأجنبية في حيدرآباد حيث قام بإنشاء قسم اللغة العربية وقام بخدمة التدريس هناك خلال الفترة 1978-1986م وتقاعد الأستاذ رحمه الله من منصب رئيس القسم وعميد كلية اللغات الأجنبية من هذه الجامعة  ثم انضم الأستاذ عبد الحليم الندوي رحمه الله إلى جامعة جواهر لال نهرو بنيودلهي كأستاذ وخدم اللغة العربية فيها في الفترة ما بين 1986-1991م. وكما عُيّن الأستاذ رحمه الله أستاذا زائرا في جامعة دمشق في عام 1983م(7) . ودعاه أستاذه الجليل السيد أبو الحسن علي الندوي رحمه الله أخيرا إلى دارالعلوم لندوة العلماء بلكناؤ لإلقاء محاضرات ودروس في تاريخ الأدب العربي ودواوين الشعر والأدب الجاهلي والإسلامي فقضى مدة في حرم ندوة العلماء مع الأساتذة والطلبة وأفاد طلاب دارالعلوم لندوة العلماء(8).

  وهكذا قضى الأستاذ عبد الحليم الندوي رحمه الله حياته دارسا ومدرسا في الجامعات المختلفة.

 كان الأستاذ يتقن اللغات العربية والإنكليزية والأردية والفارسية وكان مترجما بارعا من لغة إلى أخرى لذلك زار مع الوفود الهندية الحكومية رفيعة المستوى إلى البلدان العربية مثل المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر والعراق وسوريا كمترجم وكما شارك كثيرا من المؤتمرات والندوات في الهند وخارجها(9).

كان الأستاذ عبد الحليم الندوي رحمه الله أستاذا شفوقا وماهرا و وكان يركز كثيراً على تربية الطلاب والطالبات ليتحلى الطلاب  والطالبات بالثقافة العربية وكان يركز الأستاذ رحمه الله على تعليم النطق والمخارج كثيرا ولذلك كان يقوم بتدريب الطلاب والطالبات على تحدث اللغة العربية وكتابتها وقام بإنشاء النادي العربي في حرم الجامعة الملية الإسلامية حيث كان الطلاب والطالبات  للجامعة وللمدرسة الثانوية لهذه الجامعة يشاركون في برامج النادي العربي الأدبية والثقافية ويدربون التحدث والحوار والكتابة وكذلك كان النادي العربي يقيم المسابقات الخطابية ويشارك فيها الأساتذه الكبار و جاء مرة الشاعر الكبير عمر أبوريشة إلى مسابقة النادي العربي في الجامعة الملية الإسلامية الذي كان سفير سوريا لدى الهند(10).

وعين الأستاذ عضوا في المجمع العلمي بدمشق ومجمع اللغة العربية بدمشق يقول الأستاذ محمد الرابع الحسني الندوي رحمه الله في كتابه برانى جراغ: “

 “وارتبط الأستاذ الدكتورعبد الحليم الندوي رحمه الله بالحلقات الأدبية والأوساط الأكاديمية بسوريا كما درس الاتجاهات والأفكار الأدبية لسوريا، ونال الإعجاب والتقدير من خلال مؤلفاته القيمة فيها  وعين عضوا في  المجمع العلمي بدمشق حيث كان الشيخ السيد أبو الحسن علي الندوي رحمه الله قبله عضوا  وكان قبله الشيخ السيد سليمان الندوي رحمه الله، وكان هذا دليلاً على إتقانه للغة العربية وآدابها”(11). وحصل الأستاذ عبد الحليم الندوي رحمه الله اعترافا بخدماته الجليلة في إثراء اللغة العربية وآدابها في الهند على الجائزة التقديرية من فخامة الرئيس عام1986م(12).

مؤلفات الأستاذ الندوي رحمه الله:

مراكز المسلمين التعليمية والثقافية والدينية في الهند

من أهم مؤلفاته ” مراكز المسلمين التعليمية والثقافية والدينية في الهند” طبع هذا الكتاب من مطبعة نوري المحدودة- مدراس13- (الهند) بدون سنة الطباعة، ويشتمل الكتاب على تسعة أبواب، كتب الأستاذ رحمه الله  في هذا الكتاب عن تاريخ تأسيس المراكز التعليمية والدينية والثقافية للمسلمين في الهند أهدافها  وكما يقول في مقدمة الكتاب:

” ونحن فى هذا الكتاب، تناولنا بذكر نبذة يسيرة من مختلف أوجه النشاط والأعمال التى تؤديها هذه المعاهد التعليمية والثقافية والدينية الهامة للمسلمين ، القديمة منها والحديثة ، من أجل تثقيف الجيل الناشئ المسلم ، بثقافة مثالية تليق بالأمة الإسلامية في هذه البلاد”(13) .

كتب المؤلف رحمه الله في الباب الأول عن دارالعلوم بديوبند أترابراديش وصنوها المدراس الأخرى بشمالي الهند، تحدث الأستاذ عن تاسيس دارالعلوم بديوبند ومنهجها الدراسي والمجلات التي تصدر منها وأقسامها المختلفة ومكتبتها وكذلك يلقي الضوء على خريجها، ثم يكتب عن مدرسة مظاهر العلوم بسهارنبور، أترابراديش والمدرسة العالية النظامية أو مدرسة “فرنكي محل” بلكناؤ، والمدرسة العالية برامبور ثم كتب عن المدارس العربية في الجزء الغربي من الهند ومنها دارالعلوم الأشرفية بسورت، بولاية كجرات، والجامعة العربية بدابهيل، بسورت. ثم كتب عن المدارس العربية والمعاهد العصرية بجنوب الهند منها جامعة دارالسلام بعمرآباد، بولاية تامل نادو ومدرسة الباقيات الصالحات بويلور، والمدرسة الجمالية ببيرام بور، والجامعة النظامية بحيدرآباد، والجامعة العثمانية بحيدرآباد، والوقف التعليمي لجنوب الهند.

ويشتمل الباب الثاني على فكرة ندوة العلماء ومدارسها وكتب عن تاريخ ندوة العلماء ومنهجها الدراسي وأقسامها، وكذلك يتناول هذا الباب مدرسة الإصلاح بسرائ مير بمحافظة أعظم كراه ومنهجها الدراسي، والجامعة الرحمانية بمونغير، بولاية بهار.

وأفرد الأستاذ الندوي رحمه الله الباب الثالث للمعاهد التعليمية والتربوية لفرقة الشيعة وكتب عن الجامعة الناظمية بلكناؤ وسلطان المدارس بلكناؤ وكليات عصرية لفرقة الشيعة وذكر في هذا الباب تاريخ المعاهد التعليمية لفرقة “البوهرا” منها المؤسسة السيفية والمعاهد التابعة لها.

وخصص المؤلف الباب الرابع للجامعات العصرية التي أسسها المسلمون منها جامعة علي كراه الإسلامية وذكر الأستاذ رحمه الله كلياتها وأقسامها والمناهج الدراسية واللجان المختلفة للجامعة ثم كتب عن الجامعة الملية الإسلامية بنيودلهي وأقسامها وكلياتها ونظامها بالتفصيل.

ويذكر الباب الخامس خدمات المؤسسات التعليمية والثقافية للمسلمين وتاريخها ومنها المركز الثقافي الإسلامي للتعليم بعلي كراه، والمركز التعليمي الديني لولاية أترابراديش.

وكتب المؤلف في الباب السادس عن دور التأليف والنشر والتوزيع ومنها دائرة المعارف العثمانية، بحيدرآباد، ودارالمصنفين بأعظم كراه وندوة المصنفين، بدلهي، ومكتبة الجامعة الملية الإسلامية، بدلهي.

ويلقي الباب السابع الضوء على المكتبات الشهيرة في الهند منها مكتبة رضا برام بور ومكتبة خدابخش للعلوم الشرقية، بتنا، بولاية بهار.

والباب الثامن يذكر عن ينابيع الأشعاع الروحي وكتب في هذا الباب عن حياة الشيخ معين الدين الجستي، بأجمير بولاية راجستهان والشيخ قطب الدين بختيار الكعكي بمهرولي، بدلهي، والشيخ نظام الدين الأولياء بدلهي، والشيخ نصير الدين تشراغ بدلهي والإمام الرباني الشيخ أحمد السرهندي رحمهم الله.

ويكتب المؤلف في الباب التاسع عن حركات تبليغ الإسلام وخاصة عن جماعة التبليغ، نظام الدين، بدلهي. و كتب في أخر الكتاب خاتمة الكتاب.

عربى ادب كى تاريخ (تاريخ الأدب العربي) باللغة الأردية:

يشتمل هذا الكتاب على ثلاثة مجلدات ونال قبولا واسعا بين الأوساط العلمية والأدبية في المدارس العربية والجامعات الهندية وكتب الشيخ السيد أبوالحسن علي الحسني الندوي رحمه الله مقدمة هذا الكتاب،  ويشتمل المجلد الأول لهذا الكتاب على أربعة أبواب فيتناول الباب الأول تعريف شبه الجزيرة العربية وسكانها والباب الثاني يذكر الأحوال الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية والحروب التي جرت في العصر الجاهلي وكذلك يلقي هذالباب الضوء على اللغة السامية ونشأة اللغة العربية وميزاتها . وأفرد المؤلف الباب الثالث للنثر في العصر الجاهلي وأنواعه. وخصص المؤلف رحمه الله الباب الرابع للشعر الجاهلي وبين فيه تعريف الشعر وبدايته وأنواعه وأهمية الشعر وأغراضه  في العصر الجاهلي، كما كتب المؤلف رحمه الله في هذا الباب عن حياة أهم الشعراء وميزات شعرهم وخاصة عن أصحاب المعلقات والشعراء الآخرين.

ويشتمل المجلد الثاني لهذا الكتاب على أربعة أبواب أيضاً ولكن كتب في بداية هذا المجلد عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والإسلام والحديث النبوي والخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أجمعين بالإيجاز ثم في الباب الأول عن القرآن الكريم وسوره وموضوعاته وتعاليمه وجمع القرآن الكريم وذكر أثر القرآن في اللغة العربية ثم كتب عن الحديث النبوي الشريف وتعريفه وأهميته وروايته وجمعه وأثره في الأدب العربي واللغة العربية وخصائص الحديث والعلوم التي نشأت بعد الحديث النبوي.

وتحدث المؤلف رحمه الله في الباب الثاني عن المحادثة والخطابة في صدر الإسلام وكذلك كتب عن كتاب “نهج البلاغة” وميزاته.

والباب الثالث يشتمل على كيفية الكتابة العربية في صدر الإسلام والإعراب في هذا العصر وقدم المؤلف رحمه الله بعض نماذج الكتابة العربية في عصر النبي صلى الله عليه وسلم.

ويتناول الباب الرابع الشعر في صدر الإسلام وكتب المؤلف عن الشعراء المخضرمين وميزات شعرهم والشعراء الآخرين.

ويشتمل المجلد الثالث لهذا الكتاب على إثني عشر باباً، كتب الأستاذ الندوي رحمه الله في البداية عن الخلفاء الأمويين وعن نسبهم ثم خصص الباب الأول والثاني والثالث للخطابة في العصر الأموي وأنواعها المختلفة كما تحدث عن ميزة بعض الخطباء في هذا العصر. وأفرد الباب الرابع للرسائل وأنواعها وكتب الأستاذ رحمه الله من الباب الخامس إلى الباب الأخير عن الشعر وقام بدراسة شعر هذا العصر وأنواعه المختلفة وكما ذكر ميزات شعر هذا العصر.

ونال هذا الكتاب قبولا حسنا بين طلبة اللغة العربية وآدابها في الهند وأُدخل في المناهج الدراسية في الجامعات المختلفة، وفي الحقيقة هذا أول كتاب كُتب في اللغة الأردية لتاريخ الأدب العربي بالتفصيل .

كتب الشيخ أبوالحسن علي الحسني الندوي رحمه الله عن هذا الكتاب:

ومن دواعي سرورنا البالغ أن الأستاذ الدكتور عبد الحليم الندوي، رئيس قسم اللغة العربية بالجامعة الملية الإسلامية،  قام بإعداد كتاب حول هذا الموضوع باللغة الأردية بعنوان تاريخ الأدب العربي، وإن المسودة التي  هي أمامي لهذا الكتاب هو على الأرجح الجزء الأول من الكتاب يتعلق بالعصر الجاهلي. وما شك فيه أن الأستاذ عبد الحليم الندوي مؤهل تماما للكتابة عن هذا الموضوع. إنه أكمل دراسته في دار العلوم لندوة العلماء. ودرس التاريخ والأدب العربي باهتمام. وبعد إكمال دراسته في الجامعة الملية الإسلامية ذهب إلى مصر واستفاد من جامعة القاهرة والأوساط الأدبية والبيئة المصرية. وهويطلع على المصادر العربية والإنجليزية، وهو يعرف متطلبات هذا الموضوع وآدابه. ويعرف معرفة جيدة  المجالات الجديدة التي تم إنشاؤها في هذا الموضوع وما هي الكتب والمعلومات الأساسية اللازمة لهذا الموضوع. وكيف يمكن تدريسها كمادة حية ومتطورة في المعاهد الحديثة والجامعات المعاصرة؟ وما مدى عمق ارتباطه بالحياة اليومية وما مدى عمق واتساع جذوره في الهند في هذا العصر. الكاتب الذي يريد أن يكتب على أي موضوع عليه أن يكون عنده القدرات والمؤهلات اللازمة للكتابة، وكذلك  الذوق الأدبي والإلمام بلغته وأدبه، ويعرف الدكتور هذه الأشياء اللازمة للكتابة. وعندما نظرت إلى المسودة أدركت أنه حقق هذا الهدف بنجاح كبير. ليست دراسته زمانية محدودة كدراسة كثير من المستشرقين أنهم لا يدرسون أي موضوع إلا عندما اضطروا إلى الكتابة فيه. قد استوعب الدكتور عبد الحليم الندوي  هذا الموضوع بشكل كامل، وهو ليس مجرد ناسخ وناقل له، بل هو مشارك لأهل اللغة و الذوق في الاستمتاع به. ونجد في كتابه الجدية والجمال والأمان والعذوبة وشعور بمسؤلية المؤرخ وسرور طالب الأدب والذوق . إذا اكتملت هذه السلسلة، ستسد فجوة كبيرة لمناهجنا الدراسية وندعو الله أن يوفقه لإكماله وأن يحظى كتابه بالقبول على نطاق واسع”(14).

 كتابه الأخر : “منهج النويري في كتابة نهاية الأرب في فنون الأدب” والكتاب تحقيق وبحث ودراسة ، مقارنة ونقد، وضعه حول الموسوعة التي ألفها الباحث الكبير في القرن الثالث عشر الميلادي، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري (677-132هـ) في علوم الأولين(15) .

وله مؤلفات غير مطبوعة وهي : 1- ” تاريخ اللغة العربية” ، 2 – “القصة باللغة العربية” . “مختارات للشعر العربي الجديد ”  4- ” مبادئ اللغة العربية للأطفال”(16)

وإضافة إلى ذلك كتب الأستاذ الدكتور عبد الحليم الندوي رحمه الله مئات المقالات في اللغة العربية والأردية التي نشرت في المجلات المختلفة في الهند مثل: “ثقافة الهند” و”مجلة البعث الإسلامي” و”رساله جامعه” و “اسلام اور عصر جديد” و”نئى روشنى” وترجم الأستاذ رحمه الله مقالات السيد رادها كر شنا الرئيس الهندي السابق ومولانا آزاد وزير التعليم الهندي الأول إلى اللغة العربية وكما ترجم قصص منشى بريم جند ورابندر ناته تيغور إلى اللغة العربية التي نشرت في مجلة ثقافة الهند.

وشغل الأستاذ رحمه الله نائب منصب مدير التحرير لمجلة”اسلام اور عصر جديد” و اسلام ايند مادرن ايج” مع الدكتور عابد حسين وكما شارك في الهيئة الإدارية لمجلة “نئى روشنى” في عام 1948م مع الدكتور ذاكر حسين رئيس الجمهورية  الهندية السابق، وكانت تصدر هذه المجلة باللغة الأردية والإنكليزية(17).

ومن نافلة القول إن الأستاذ الدكتور عبد الحليم الندوي رحمه الله قام بخدمات جليلة في إثراء اللغة العربية وآدابها في الهند من كتبه ومقالاته المختلفة وتدريسه، وكانت هذه الشخصية ممتازة ومنفردة في مجال التعليم أيضًا.

 

الهوامش:

  1. الأستاذ شفيق أحمد خان الندوي، بروفيسر عبد الحليم ندوي: معلم، محقق واديب، مجلة ترجمان دارالعلوم المصدر السابق، ص60.
  2. د. عظمت الله، أضواء على حياة البروفيسور عبد الحليم الندوي وإسهاماته العلمية والأدبية، مجلة الدراسات العربية والفارسية، يناير 2016م،قسم اللغة العربية والفارسية، جامعة الله آباد، (يوبي) الهند، ISSN 2394-5729، ص109.
  3. مجلة ترجمان دارالعلوم المصدر السابق، ص60.
  4. مجلة البعث الإسلامي، ندوة العلماء بلكناؤ، يناير 2006م ص98.
  5. نفس المصدر، ص98.
  6. السيد محمد الرابع الحسني الندوي،يادون كى جراغ، مكتبة الشباب العلمية، لكناؤ، 2012م، ص244.
  7. مجلة ترجمان، المصدر السابق، ص60.
  8. مجلة البعث الإسلامي، المصدر السابق ص100.
  9. نفس المصدر ص99.
  10. مجلة ترجمان، المصدر السابق، ص61.
  11. يادون كى جراغ، المصدر السابق، ص243.
  12. مجلة ترجمان دارالعلوم المصدر السابق، ص60.
  13. الأستاذ الدكتور عبد الحليم الندوي، مراكز المسلمين التعليمية والثقافية والدينية في الهند، مطبعة نوري المحدود- مدراس13- (الهند) بدون سنة الطباعة، ص ج-د.
  14. الشيخ السيد ابو الحسن الندوي، مقدمة كتاب عربي ادب كى تاريخ،المجلس القومي لترويج اللغة الأردية، نيودلهي، ط6، صxvii-xviii .
  15. مجلة البعث الإسلامي، المصدر السابق ص100.
  16. نفس المصدر، ص100.
  17. مجلة ترجمان دارالعلوم المصدر السابق، ص61.