Main Menu

اسهامات المسيحيين في النهضة العربية الحديثة في مجال النثر

                                                                                                          عبد الرشيد
الباحث بقسم اللغة العربية وآدابها
جامعة على كره الإسلامية

الملخص:

قد ظهرت النهضة العربية أو الحركة العربية في منتصف القرن الثامن عشر في مصر ولبنان، وقال بعض المؤرخين بدأت النهضة العربية في سنة 1798م بالحملة البونابرتية، واتسع تنوعها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، وكانت القاهرة وبيروت ودمشق والحلب مراكزها الأساسية. وقد ركزت هذه الحركات ركزا عديدا، ومن أبرزها الانتشار التعليمي، وإرسال البعثات العلمية إلى أوروبا، ونقل الحضارة الأوروبية، وظهور الصحافة والطباعة  والنشر، ونشاط حركة الترجمة والتأليف، وإنشاء المدارس والجامعات، وإحياء التراث العربي وتحقيقه، وتفاعل الأدب العربي مع الآداب الغربية تفاعلا عميقا، وظهور فنون أدبية جديدة لم يكن لها في العربية وجود من قبل كالأقصوصة والرواية والمسرحية وما إلى ذلك.

وقد ساهم المسيحيون في إحياء التراث والأدب العربي، ومن أبرز أعلام الكتاب كجبران خليل، ميخائيل نعيمة، نسيب عريضة، أمين الريحاني، مي زيادة، شفيق المعلوف، ندرة حداد، الياس فرحات وغيرهم، وفي تأسيس الحركة المسرحية مارون عبود ومارون النقاش، وفي مجال فقه اللغة العربية مثل: إبراهيم اليازجي، ناصيف اليازجي، بطرس البستاني، أديب إسحق وما إلى ذلك.

  • مصادر النهضة العربية:
  1. احتكاك الشرق بالغرب.
  2. احتكاك لبنان بالغرب.
  3. احتكاك مصر بالغرب:

وأصدر الفرنسيون صحيفتين باللغة الفرنسية هما “بريد مصر” وهي تعد لسان حال الحملة، وصحيفة “العشارة المصرية” وهي تعد لسان حال للمجمع العلمي.

تأسيس المدارس والجامعات العربية والصحافة العربيين والمسرح وتجديد أدبي ولغوي وشعري ونشوء حركة سياسية نشطة عرفت باسم ” الجمعيات”.

كلمات مفتاحية: النهضة العربية، الصحافة، المكتبات والمدارس، المطابع، الترجمة والنقل.

  • عوامل النهضة الأدبية في العصر الحديث:
  1. الصحافة:

تعد الصحافة من أهم العوامل التي تساعد على نمو الأدب العربي وارتقائه والتوعية القومية والحث على التمرد والنهوض، أول ما عرفت في البلاد العربية في مصر، وأصدر محمد علي صحيفة ” الوقائع المصرية” في عام 1828م، وهي أول صحيفة عربية في الشرق، وبعد ذلك قد أنشأ الصحافة الحقيقة على أيدي اللبنانيين، وأول من أصدر إسكندر شلهوب جريدة “السلطنة” في سنة 1857م، وأصدر خليل الخوري صحيفة “حديقة الأخبار” في سنة 1858م، وأصدر الأديب بطرس البستاني صحيفة “نفير سوريا” في سنة 1860م، وابنه سليم البستاني أصدر جريدتين “الجنة” و”الجنينة” في سنة 1970م و1971م.

وبعده أنشأ سليم تقلا وبشارة تقلا اللبنانيان جريدة ” الأهرام” في الإسكندرية في سنة 1875م، وأصدر فارس نمر ويعقوب صروف اللبنانيين جريدة “المقطم” بمصر في سنة 1889م،

 وفي تونس صدرت جريدة “الرئد” في سنة 1861م، ثم بدأت تصدر الصحيفان من الآستانة وهما “مرآة الأحوال” و”الجوائب” صحيفة الأسبوعية لأحمد فارس الشدياق صدرت من إسطنبول في سنة 1890م،

مرآة الشرق هي صحيفة فلسطينية عربية، أسست في عام 1919م على يد الصحفي والسياسي بولس شحادة.

وإلى جانب الأخر عرفت البلاد شيئا فشيئا نهضة في إنشاء المجلات والصحافات العربية فظهرت مجلة “اليعسوب” و”المقتطف” و”الطبيب” و”الهلال” و”الضياء” وما إلى ذلك.

وإيليا أبو ماضي أديب لبناني ومن أهم الشعراء المهجر وأحد مؤسسي الرابطة القلمية، أنه أصدر “مجلة السمير” في سنة 1929م، التي تعد مصدرا أساسيا من مصادر الأدب المهجري، حيث نشر معظم  أدباء المهجر، بخاصة أدباء المهجر الشمالي كثيرا من إنتاجهم الأدبي كمقالة ونثر وشعر، واستمرت هذه المجلة في الصدور حتى وفاة الشاعر أبو ماضي في عام 1957م.

والجريدة “السائح” هي مجلة باللغة العربية التي أسسها الاديب عبد مسيح حداد في مدينة نيويورك في سنة 1912م، وأصبحت هذه المجلة “المتحدث الرسمي” باسم الرابطة القلمية، نشر فيها من أبرز شعراء المهجر في الولايات المتحدة، مثل جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، أمين الريحاني، نسيب عريضة وما إلى ذلك، واستمر نشرها حتى عام 1957م،

هكذا ضجت البلاد العربية كلها بالصحافة.

  1. المكتبات والمدارس والجامعات:

وتأثر الأدباء المسيحيون بهذه النهضة وساهموا في تأسيس المكتبات في الدول العربية التى لم تكن فيها سوى مكتبة المسجد الكبرى، ثم في خلال النهضة العربية أعيد افتتاح وتنظيم بعض المكتبات السابقة كالمكتبة الظاهرية في دمشق في سنة 1880م التي أصبحت “دار الكتب الوطنية”، وتأسست “المكتبة الشرقية” في بيروت، لبنان في سنة 1880م.

ثم تؤسست المدارس في الأنحاء اللبنانية، ومن أقدم تلك المدارس وأهمها “مدرسة عينطور” في عام 1734م و”مدرسة عين ورقة” التي تعد أم المدارس الوطنية في هذه البلاد في عام 1789م. وإلى جانب الأخر أسس المعلم بطرس البستاني مدرسة أخرى في سنة 1863م.

والجامعات مثل جامعة القديس يوسف في بيروت للعام 1874م، والجامعة الأميركية أيضا في بيروت في سنة 1866م، وجامعة الحكمة في بغداد، العراق، وفي مصر الجامعة المصرية في سنة 1906م، والجامعة السورية في دمشق التي أصبحت فيما بعد جامعة دمشق.

وهذه الجامعات لعبت دورا مهما ورياديا في تطوير الحضارة والثقافة العربية. وقد أنشأ الفرنسيون في مصر مدرستين ومجمعا علميا ومكتبة قيمة وصحيفتين لناطقتين بلسان الحملة والمجمع العلمي وغيرها من المؤسسات الأدبية والثقافية والاجتماعية والسياسية.

  1. المطابع:

بدأت المطابع في الغرب، ولم تعرف البلاد العربية المطابع إلا مع الحملة الفرنسية التي دخلت في مصر على يد نابليون في عام 1798م، وجاء بها بونابرت معه لطبع المنشورات والأوامر بالعربية، حتى أنشأ المطبعة وسماها “المطبعة الاهلية” ومديرها مارسل المستشرق الفرنسي، حيث تطبع الحروف العربية والأخرى الفرنسية معا، بعد خروج الفرنسيين قد استقر الأمر على محمد علي، فأقيمت باسم “مطبعة بولاق” في سنة 1820م، هي أولى مطبعة رسمية حكومية في بلاد مصر تطبع منها صحيفة شهيرة ” الوقائع المصرية” في عام 1828م. وطبع فيها الكتب العربية والتركية. وهي أكبر مطبعة عربية في العالم الآن. ثم أنتشرت المطابع بعد ذلك في مصر.

وأول مطبعة دخلت في البلاد العربية ومن أقدم المطابع، وهي “مطبعة دير قزحيا” بلبنان في سنة 1610م، وقد طبعت فيها الكتب العربية بحرف كرشوني، ثم صارت بحرف العربي. وأول مطبعة عربية عرفها الشرق هي “مطبعة حلب” التي أنشأها البطريرك في سنة 1702م، أول مطبعة ببيروت أسسسها الرهبان اللبنانيون في أوائل القرن السابع عشر، وبعد ذلك ظهرت “مطبعة دير الشوير” في لبنان وما إلى ذلك.

  1. الترجمة والنقل:

بعد حملة جيوش نابوليون بونابرت على مصر، فاحتكت مصر بالأوروبيين، ونشطت حركة النقل والترجمة، وانتشرت في لبنان كما في مصر، وأهتم الأدباء والعلماء لنقل التراث العالمي والكتب الأجنبية إلى اللغة العربية، كما أهتموا لنقل بعض الآثار العربية إلى اللغات العالمية، وكان هذه الحركة هي أشد الأثر على توسيع الآفاق أمام كتاب العرب، لاطلاع العالم للعرب من تراث فكري وأدبي.

بدأ حركة الترجمة والنقل على عهد محمد علي فترجمت كتبا مهمة عديدة، ووفي عهد إسماعيل نشأ دار الأوبرا الخديوية فراح الأدباء ينقلون المسرحية العالمية، وعرب الكاتب أرمني أديب إسحاق رواية “اندروماك” لراسين ونقل “الباريزية” الحسناء للكونتس داش، كما عرب الشيخ نجيب الحداد عدة مسرحيات فرنسية وما إلى ذلك.

واشتدت حركة الترجمة والتعريب بعد الحرب العالمية الثانية حتى ترجمت عديد من الكتب العالمية في مختلف العلوم منها في الفلسفة والتاريخ والأدب والاقتصاد والعلم وما إلى ذلك.

وقد كانت هذه القصص المنقولة أو المترجمة هي أساسا مهمة للنهضة العربية الحديثة قي الشرق العربي.

  1. تطور الأدب العربي:

أولا: النثر النهضة الحديثة

إن حركة النثر في العهد الحديث وجد ثلاث مدارس: مدرسة المحافظة الجامدة، ومدرسة التجديدية، ومدرسة الاعتدال.

وأما الأولى التي رفع لوائها الشيخ ناصيف اليازجي، وكانت خطوتهم خطوة التقليدية، وهمهم اللغة على الأسلوب القديم، كما أنهم تتوكؤوا على الأساليب العباسية، وتتغلبوا أفكار ترتيبهم على الأدب.

وأما مدرسة التجديدية بدأت مع الأديب أحمد فارس الشدياق، وراح يكتب بمعان جديدة، والأسلوب السهل الذي يجري مع الطبعي، وقد تبعه في مدرسته محرر الصحف مثل خليل الجوري صاحب صحيفة “حديقة الأخبار”، وسليم البستاني صاحب مجلة “الجنان”، وأديب إسحاق أصحاب مجلة “المقتطف” و”الهلال”. وترجم الأدباء والمترجمون الذين نقلوا آثار الغربيين أو اقتبسوا منهم الأساليب، وعملوا في ميدان القصة والمسرح كنجيب الحداد، وسليم النقاش، وفرح أنطون وما إلى ذلك. وخاص أخر قد نزعت هذه المدرسة نزعة التحرر من كل قيد، وأخذت بمذهب التطرف والخروج التام على الأساليب العرب، وكان زعيمهم جبران خليل جبران، ويعتمدون الكتاب هذه المدرسة على لون طريف في ترتيب الكلام وتبويبه، ويقصرون في كتابتهم على المعاني ودقتها وعلى الأساليب الفنية العالمية، ويدخلون اللغة صيغ جديدة وطرق جديدة لأداء معان جديدة وما إلى ذلك.

وأما مدرسة الاعتدال ومن أرقانها الشهيرة الشيخ محمد عبده والشيخ إبراهيم اليازجي، وقد جمع هذه المدرسة بين القديم الحديث، وكانوا خطواتهم مركزة في أسلوب صحيح وتفكير قويم، وفي أسلوب يدورون على قطف الفكرة، والفكرة مستمدة من علم حديث، وعقل مطلع، وثقافة واسعة إلى النطاق.

الثاني: نزعات النثر الحديث

قد نزع النثر في هذا العصر نزعات عديدة مختلفة، منها النزعة الأدبية، والنزعة الاجتماعية، والنزعة السياسية، والنزعة العلمية وغيره.

والنزعة الأدبية في الترسل والقصص والأبحاث مع الأديبين الشيخين ناصيف اليازجي وابنه إبراهيم اليازجي، ومع أحمد فارس الشدياق وجرجي زيدان وسليمان البستاني وغيرهم. والأديب الكاتب وجرجي زيدان هو منشئ مجلة الهلال، ومؤلف من الكتب القيمة في التاريخ والأدب، واللغة والاجتماع، وهو يعد رائدا الفن القصصي التاريخي في الشرق. والأديب الدكتور يعقوب صروف هو فلسيفي محققي، وصحفي مجدد، ومن منشئ مجلة المقتطف، ومن أحد رسل العلم الحديث، ومن أبرز رجال النهضة العلمية الحديثة.

والنزعة الاجتماعية وهي الإصلاح والمفاسد في المجتمع، وتحرير المرأة، وتعليم الأحداث وغيره، وراح في هذه النزعة ومن أبرزهم قاسم أمين، وجبران خليل جبران، وولي الدين يكن، ومصطفى المنفلوطي وغيرهم.

والنزعة السياسية وهو في تحرير البلاد ومعالجة القضايا الوطنية، ومن أمثالهم مصطفى كامل وسعد زغلول.

والنزعة العلمية ومن رأسها يعقوب صورف، وكان له دورا بارزا في كتابة في هذا المجال.

 

المصادر والمراجع:

  1. الزيات ، أحمد حسن: تاريخ الأدب العربي، دار المعرفة، بيروت، لبنان، ط 2006م.
  2. الفاخوري، حنا: الجامع في تاريخ الأدب العربي، دار الجيل للطبع والنشر، بيروت، لبنان، ط 2005م.
  3. ضيف، د. شوقي: الأدب العربي المعاصر في مصر، دار المعارف، القاهرة، مصر، 2004م.
  4. زيدان، جرجي: تاريخ آداب اللغة العربية ، الجزء الرابع، دار مكتبة الحياة، بيروت،لبنان، 1967م.
  5. ضيف، د. شوقي: الفن ومذاهبه في النثر العربي، دار المعارف، القاهرة، مصر، 1946م.
  6. هيكل، الدكتور أحمد: تطور الأدب الحديث في مصر، الطبعة الثامنة، دار المعارف، القاهرة، 2012م.
  7. ويكيبيديا، الموسوعة الحرة: النهضة العربية.