عاصم أختر*
ملخصٌ:
إن الإزدهار و الإنحطاط هو من أمر الله كيف يشاء فقال و تلك الأيام نداولها بين الناس الآية ولكن المثقفين يبحثون عن الأسباب. فهل هناك أي قانون أو أصول له؟ و هل ينطبق ذلك الأساس على سائر الثقافات و الشعوب و معظم الدارسين ذهبوا إلي اختلاف فجعله إبن خلون من أسباب أحيائي و بيولوجي كما هي الحال في الكيانات الحية المتواجدة في العالم الحي تحي وتقوى فتشيخ ثم تموت هكذا الأقوام و الشعوب تمر بهذه المراحل و قد برهن إبن خلدون و اشبنكلر هذا التوجيه بطرائق شتى و كذا تجد نائن بي يوافقه إلا أنه قال أن النووية الشعبية و الوحدة الذرية هي المسؤولة عن الإنحيار فإنها يسوق إليه و إن لم ترتكب هذه الأخطاء لما حدث الإنحيار كما حدث إنحيار مراهتا أمام كتلة إنجليزية.بينما هناك وجهة خاصة للإزدهار والإنحيار و هو امتداد القوى طموحاً للهوىفتقاتل الشعووب و ترهق الشعب المخالف هكذا تجئ الأقوام و الشعوب.
الكلمات المفتاحية:
الإنهيار‘الشعب‘القوم‘ الإمبراطورية المغولية‘ أورنكزيب‘ أكبر‘ الهندوس‘جاجيردارس ‘النبلاء
مقدمة:
بداية القرن الثامن عشر قرن التدهور والإنحطاط سياسياً في تاريخ الهند و العالم الإسلامي أيضاً وأصبحت تفقد الإمبراطورية المغولية الهندية مركزيتها و تتقطع المنشآت المغولية في شتى الافتراق و عكر الناس لقوة حياتهم و أصيبوا بضنك العيش بينما القوى المحلية تتقوى يوماً فيوماً و تتجزأ في الإقليمات الصغيرة وأثرت هذه التغيرات في حياة عامة الناس ثقافياً و إجتماعياً.
عامة المؤرخين يقسمون تاريخ المغول الهندي في العصرين الأول من بابر إلى أورنك زيب (1526-1707) بينما العصر الثاني يبدأ من وفاة أورنك زيب وينتهي 1857م. بعد وفاة أورانغزب عام 1707م أصبحت الإمبراطورية تتقلص في الحجم وانحدرت ضعيفة بسرعة. في فترة 150 سنة بين 1707 بعدما توفي أورونغزب وبين 1857 آخر إمبراطور مغولي بهادور شاه ظفر المخلوع من قبل البريطانيين و احتل 12سلطاناً مغولياً العرش اثنان من أطول الناجين، شاه شاه (1719-1748) وشاه عالم (1759-1806). من هؤلاء من شهدوا هجمات مدمرة من نادر شاه (1739) وأحمدشاه أبدالي، الذين هاجما ست مرات خلال 1748-67. هذه الاعتداءات و الهجمات تركت أسس الإمبراطورية المغولية متزلزلة شديدة وهزت تماما. ثم واجهت التمردات والثورات و صعود القوى الإقليمية في جميع أنحاء البلاد. و في هذا العصر ذهبت روعة المملكة وأخذت سياسة الأغيار المضادة للملكة تتناول أياديها و أخذت سياسة قوى الأقوام الأخر تدخلاً وأصبح النظام شللاً و ظهر الفساد في جميع الأمور سياسياً و اجتماعياً إلى أن وجد الإنكليز فرصة سانحة مواطئة فتخلص المجال خالصة لهم بعد إلغاء الشوكة من إخوانهم اليوروبيين فسادت غياهب الظلام وتخيم اليأس وأفل نجم الهنود نهائياً.
إن إنْحِطاط الإمبراطورية المغولية مسألة جدلية للغاية منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى اليوم تقريباً. جميع السلاطين يسعون بتوسعة حدود أراضيه فلو كانت الوسعة والامتداد من أسباب الإنحطاط فلماذا لحق الزوال لمملكة غول كوندا و بيجافور ومراهثاس والمماليك الصغار و أنى لها التناوش. و بينما يرى ستيش تشاندرا نقاط الضعف في النظام المنصبداري و الإقطاعية[1] . وأيده البروفيسور عرفان حبيب أيضاً.[2] جعل بعضهم الدين الإسلامي سبباً هاماً مستهفاً إلى عدم المسايرة الدين حسب الزمان.
من أوائل القرن العشرين، بدأ كبار المؤرخين الهندوسين تحليل إنحيار المغول و يأتي في طليعتهم السير جادوناث ساركار(” Sir Jadunath Sarkar”1870 – 1958) خص في الكتابة على أورنك زيب وانتهى في خمسة مجلدات، و أظهر أن السياسة المتعصبة إزاء الهندوس للإمبراطور أورنك زيب (1618 – 1707) كانت هي المسؤولة الأولى عن ابتعادهم عن الإمبراطورية المغولية، وفي “Later Mughals” حاول أن يبين أن سبب إنخفاظ الإمبراطورية المغولية في القرن الثامن عشر كان بسبب ضعف أباطرة المغول، و مؤامرات النبلاء وكذلك السياسات الدينية للمغول. و من جاء بعده من الهندوس المتطرف تابعه في اتخاذ ذلك الموقف. فقالوا إن أورنغزيب كان تقليدياً حنيفاً كما يبدو للناظر، وحاول أن يبقى ضمن إطار الشريعة الإسلامية التي نبتت خارج الهند في حالات مختلفة إلى حد كبير، وأجبر الناس أن يطبق ذلك النظام الخارجي بشكل صارم.فيسعي جاهداً أن يثبت سياسته أنها كانت رجعية دينية ذات نتائج عكسية فأثارت سخط عامة الناس في البلاد، وكانت الإمبراطورية تواجه تمرد السيخ والجات والبوندال والراجبوت والماراثاس. و فشل أورانغزب في فهم حساسية مشاعر غير المسلمين في مناسبات عديدة، و تمسك بالسياسة البالية مع مرور الزمن تجاه المعابد وإعادة فرض الجزية.[3]
معظم المستشرقين الغالين في العنادإزاء الدين الحنيف يقنعون أنه لا يتهذب ولا يتثقف حامل لواء هذا الدين فتارة يلجؤون إلى الآيات القتالية و تارة يرجعون إلى شيوع الإسلام في القارة رهينة للصوفيا فيدعي أنه لا يوجد أحد من المسلمين إلا وهو منغمس في الجور و متورط بالظلم لذا لايصلح هذا الدين أن يعمر ثقافة عالية وتهذيباً راقياً فالذين أهملوا دين الإسلام تجاهلاً فاقوا و نجحوا و يستدلون بالمقابلة مع أكبر و أورنك زيب. أكبر لم يكن متديناً بينما أورنك زيب كان.وقد قال طعناً أحد كبار الكتاب والمسؤول الإنكليزي الرفيع أن السبب الرئيسي لإنحطاط الإمبراطورية المغولية يرجع إلى السياسة الإسلامية المتشددة الأرثوذكسية من الإمبراطور أورنك زيب الذي تعرض للقمع عن الهندوس الأغلبية. ومن طرائف الأمر قد حظي هذا الرأي بتأييد كبير من كبار المسؤولين والكتاب الإنجليزيين الآخرين بما فيهم فنسنت سميث.
نظر العديد من الزعماء الهنود إلى حكام المغول كأجانب وأعداء الهند لكونهم مسلمين و لأن نظرات الهندوكسية هكذا أعطت ماراثاس، و راجبوتس وآخرين فرصتهم المنتظرة.”[4] وعملية الانحدار التي قد تسربت من ذي قبل في الحكم المغولى‘ولكن ما تمكن خلفاؤه الضعفاء من أن يعتقلها. ومن السخرة أن هذه المكاسب الإقليمية التي حققها أورانغزيب لتعزيز و توطيد قوة الإمبراطورية تقطعت بعد وفاته معا إذ تسرب التسوس إلى الجذور و وتزعزعت أسس الدولة بسبب خلفاؤه الضعفاء – و هذا الرأي مبنية على العصبية الهندوكية الجاهلية.
إن المؤرخين ألحوا دائماً على جعل الهند مملكة واحدة بغض النظر عن الديانات و القوميات و يصرون على الوحدة الاجتماعية والاقتصادية و السياسية و الثقافية. و أدت هذه الرؤية التاريخية إلى عنوة طائفة متطرفة هندوكية براهمية فترى محامى القومية الهندوكية يتطرف على إجهاز جميع التشخصات الدينية ويركز تنفيذ رأيه هندوكسية (بهارتی کرن) على البلاد بينما الحاملون الديانات الأخرى مثل المسلمين و السيخ يجزمون على التفريق بين الديانة والسياسة.فهناك المفكرون الجدد يتصورون العهد الوسطى عهد المنافرة ويشكلونه في حلة عدوانية متعصبة بين المسلمين و غير المسلمين.و تطرق إيس آر شرما إلى بحث أن الحرب الأهلية دارت بين المسلمين و الهندوس بحيث الهندوس كانوا مواليا دارا شكوه بينا المسلمون مواليا أورنك زيب غير صحيح حيث كلا الطرفين الهندوس و المسلمون على السواء بتقدير يسير من الأعداد فلا يمكن تحويله إلى الطائفي و التحزبي في الحرب الأهلية بين أورنك زيب ودارا[5]
و قد ادعى السير أرون[6] و جادو ناته سركار أن السلاطين و سلالتهم أشربوا في الترف و استطلبوا الرخوة التي أدت إلى إنهيار سلطنة مغولية ولو تقبل هذا الرأي للزم زوال السلطنة في عهد شاه جهان[7] و بينما يفهم إيم أطهر على نظراً إلى بعض الأمم المنهارة في القرن الثامن عشر من الصفوية و العثمانية و الأزبك مقارناً لعدم الممشاة مع العهد يقول بعض المفكرين إن امتداد الإمبراطورية المغولية وصلت إلى النقطة القصوى تحت قيادة أورانغزب، وقد أسفر توسع الإمبراطورية المغولية عن عدم كبح اللجام على طاقة خارجة نطاق السيطرة ذات الرقابة الفعالة ، فكان اتساعها إلى بعد شاسع تسبب في التدهور و الميل إلى الإنحيار مع إضعاف المركز.[8]
وكان أحدهم الأستاذ ساتيش تشاندرا الذي كتب “الأحزاب والسياسة في محكمة المغول-Parties and Politics at the Mughal Court”. بحث فيه حول دور النبلاء في ضعضعة الحكومة و بين وجهة جديدة غير الذي إدعى السير جادوناث سركار أظهر جانبين باختصار شديد: 1) كان هناك اضطهاد كبير من قبل جاجيردارس و النبلاء على الفلاحين في القرن الثامن والعشر (بين 1704 و 1741) لأن تطلعات الجاجيردارس أو النبلاء لا يمكن أن تتحقق من الإيرادات الضئيلة من الإقطاعات وأدى ذلك إلى الجانب الثاني 2) السياسة في محكمة المغول التي انقسم فيها نبلاء المغول. و كتب في كتابه الآخر “Medieval India:The Jagirdari Crisis and The village” بحثاً حول الصراعات بين منصبدار المغولي و زميندار المحليين و عدها من أهم أسباب الإنحطاط[9] و عرفان حبيب جعل سياسة المغول التي تتعلق بالعائدات الأرضية من أهم أسباب الإنحطاط في كتابه.[10]
يقول ساتيش تشاندرا لا يبدو صحيحاً أن يقال أن إنحطاط إمبراطورية المغول كان بسبب ظلم الطبقة الغنية بل يمكن أن يقال إن عدم إجتماع الطبقة الحاكمة على أمر الوحدة ومشاركة مختلف الشعوب والقبائل في الطبقة الحاكمة تسببت في ضعف طبقاتهم لا ضعف المملكة [11]والمهم في هذا المبحث أنه ألفت انتباه الباحثين إلى أسباب هدامة و سبب وهن لأية حكومة كبيرة ثابتة و هذا التقسيم لنبلاء المغولية لا يقوم على الدين ولا على أساس عنصري ولا على أساس طائفي. وهو يقوم على الانتماءات والإنتسابات، والعلاقات الشخصية، والصداقة بين النبلاء المغولية. ولذلك لا يمكن أن يقال إرهاق لأجل الأسباب الدينية، إما ضد الهندوسية أو الموالية الهندوسية.
فيقول بصراحة ” ومن أهم وجوهات الإنحطاط يمكن أن نجد في طيات الأوضاع الإقتصادية و السياسية في القرون الوسطى لأجله أصبحت الصناعة والتجارة بطيئتين في الهند و تخلفت الهند في سباق التطور مع الدول المتطورة و ازدادت مشاكل جاكيرداري التي كانت تزرح تحت أعباء المنصبدار والتي تسببت في سراية الوهن في المملكة والإستياء في الجاكيردار والتحزبية في النبلاء و الرشوة في طبقات عامة الناس.[12] هكذا نورالحسن يقول العلاقات الزراعية (agrarian relation)في العصر المغولى كانت على شاكلة هيكل السلطة (authority structure)كالأهرام(pyramid)متمثلاً والمسؤوليات التي يرتب بعضها على البعض و أسفر عن الزراع تزرح تحت جميع المتاعب تحت الجاكير انساق إلى تدهور الزراعة[13]
هكذا مثقفون آخرون أيضاً يعنون بإنحطاط المغول حسب وجهة نظرهم و لكن معظمهم يتكلمون عن الأوضاع بعد انهيار نظام الجاكيرداري عندما أسوأ الأوضاع الجاكيري و اتخذ الزراع صيانة عرضهم على أنفسهم و تفرقوا في القبائل أو تحت إمارة حكم إقليمي مثلاً فرينك برلن (Frank Perlin)يتابع وجهة نظر كرين ليف نارد و سي أيه بيلي و ينكر إعتراف “Unchallenged Political Front-جبهة سياسية بدون تحدي” إنه يقول لعب المنشآت التجارية –Corporate groups و الطبقات الإجتماعية – Social class -دوراً فعالاً في المملكة المغولية فيCommercialization و Decentralizationفي القرن الثامن عشر عبر ترويج التجارة و الزراعة و لكن تحول وجوهها إلى الإنكليز لصالح منشآتها. يعني فتوحات الإنكليز حسب برلن أصبحت من أجل الهنود التي عاملت مع الإنكليز لصالحها.[14]
و كذلك هناك العديد من المفكرين Andre Wink يتكلم من أجل الفتنة لم يتم توافق بين الجواكيردار [15] و كينث فيل إسمث(Canwell Smith) [16] بينما مظفر عالم إتخذ موقفاً آخر يتعلق بكيفية تعامل الأمبراطورية و حقائق أرضية وسماه نظرية” Region-Centric”[17]
منهج مطالعة التاريخ
المنهج النظري إلى المنهج التاريخي؟ أو من حيث وظيفة الأشخاص أو العمل؟
فيما مضى من التوجيهات المذكورة لأسباب الإنحطاط رأينا أن المنهج المتبع التاريخي هو الشخص أو الأشخاص الأرستقراطي بينما اليوم المؤرخ يتعمق في مطالعة أعمال القوم و الأشخاص. نجد زوايا أنظار عديدة بين المفكرين و المؤرخين لهذا الإنحطاط وذهبوا إلى خلاف وجُلهم يتفقون أن المسؤولية تقع على أورنك زيب و يعدونه من أسباب الزوال[18] بينما يحبذون حكم الإمبراطور أكبر فيدور كل من وجهة الأنظار حول أعمال شخصي أو أثر شخصي بينما اليوم قد تغير المنهج لمطالعة التاريخ وهو يعتكف على دراسة الثقافة بالعمل. و قد أشار إليه أحمد بوجداد في الدليل العلمي لمناهج البحث في العلوم الإجتماعية بالتفصيل “[19] من بين نتائج التطور الفكري في القرن الثامن عشر ظهور العلوم الاجتماعية وتأثرها بالتقدم الذي شهدته العلوم الطبيعية انطلاقا من ارتكازها على المناهج العلمية التي تكرز على الدراسة التجريبية المفارقة للخيال والوهم (الدراسة الامبريقية)، أمام هذه الظروف حاول علم الاجتماع أن يبني أسسه من خلال العمل على إتباع نفس الخطوات التي اتبعها العلم الطبيعي ” و كذا ذهب بعض رواد علم الاجتماع : العلامة ابن خلدون‘ كارل ماركس ‘ ماكس فيبر‘ جون ستيوارت مل وهربرت سبنسر وأكوست كونت” و يذكر أحمد بوجداد بمزيد من التوضيح ” الأمر الذي أحدث قطيعة في مجال العلوم الاجتماعية مع التيارات الفكرية الأصلية التي ساهمت في بلورته و تمثلها أعمال وكتابات مفكرين كبار أمثال توكفيل ؛ وفيبر ؛ وميشلز ؛ وباريتو ؛ غير أنه أمام فشل المشروع الوضعي في تقديم دراسات عميقة دون الاعتماد على الإرث التاريخي للنظرية الاجتماعية فرض ضرورة إعادة الاعتبار للتاريخ كمتغير لفهم ظواهر المجتمع ، إذ أصبحت الحاجة ملحة إلى استحضار دراسات دوركايم ، وفيبر كإطار نظري في الدراسات الراهنة للتأكيد على أهمية الظروف التاريخية في كشف النقاب على العديد من الظواهر خاصة في مجال التغير الاجتماعي كدراسة محددات التغير في الحياة الفكرية ؛ ودراسة تطور القيم القومية، وبحث الأنماط الماضية للسلوك الانتخابي ، وتحليل التغير في الحياة الدينية”[20]
نظام الإستخلاف في الإمبراطورية المغولية
إن المجتمع المغولي مجتمع طبقي و نظام الحكم المغولي إمبراطوري يعتمد كثيرا على شخصية الإمبراطور، وللإمبراطور و كذا أعضاء أسرته من الأمراء والمسؤولين الكبار لهم سلطات واستعملوا هذه السلطات لجمع المداخل واقتصروا اهتمامهم على الحفاظ على النظام الداخلي والخارجي وجمع الإيرادات. و هذا القانون مستنبط من حياة همايون حيث كان قلبه موفواً بالمروءة و المرونة التي كان يضعها في كنف قلبه وتعهد بأبيه أنه سيعامل مع أشقائه معاملة جميلة حسنة و لكن بغى أشقاه و أجبروه للهجرة من الهند و قد تمسك هذا القانون أكبر فهاجم على إبنه سليم ثم جهانكير كحل إبنه خسرو إلى أن جاء شاه جهان.
عدم قانون الخلافة
وهناك اتجاه آخر يقول هو إنه لايوجد قانون يهدي إلى رجل صالح للحكم و بعدم وجود القانون أو العرف مثلاً أمرهم بالشورى أو الطفل البكر أو الأكبر في وراثة الأسرة (primogeniture) – بريموجينيتيور، تفضيلاً على الأشقاء، أو حسب الجدارة والكفاءة في مسألة خلافة العرش. والتي نتجت في أن كل الأمير المغولي يعتبر نفسه أن يصبح حاكماً متمشياً على أصول التسوية فكان على استعداد لمحاربة ادعائه. و من المؤسف الشديد أن جميع الكتاب الذين يزعمون نفسهم كمؤرخ إنما ذكروا بحوثهم حول قانون الخلافة بعد الحروب نشبت بين دارا و أورنك زيب ولم لايتذكرون قبل أورنك زيب ها هو آر بي تريباتيكيف استطاع [21]و أمثاله أن يقولو “في الحقيقة قانون الوراثة الإسلامية ليس للملك و إنما هو للجمهور و كذلك أراء المسلمين عامة كانت في قدر من غموض كما كان قانون الإرث الإسلامي فكان كل أمير يدعي صالحاً له ” وبعد وفاة بهادور شاه، أصبح العديد من أصحاب المطالبين للعرش واستخدم زعماء الفصائل هذا كأدوات لتعزيز مصالحهم الشخصية.
انحطاط نبل المغول
من أهم أعمدة الدولة المغولية هي العمال يمكن أن نقول حولهم “النبلاء” و كانوا نخباء القوم المتفرقة من العرق و الديانات كأنهم ” هيئة غير متجانسة مكونة من جماعات عرقية ودينية متنوعتين” بهدف ألا يكون أي حزب غالب أو قوي على احد للتوازن و مخافة أن يصبح أي حزب تحدياً لسلطة الدولة. و من أجمل التعابير تجاه هذه الصفوة بأنها باقة من الزهور التي تجمعت من الأماكن الشاسعة والديار المختلفة لأداء الولاء ويحيطون بالإمبراطورمن أصل الهنود من المسلمين والهندوس فدخلوا 1560في محكمة المغول و أولهم من الهندوس كان بهيرومال كاشواها من ولاية عانبر الذي كانت ابنته متزوجة مع أكبر. و كذلك من برع في التعليم والمحاسبة تم إدخالهم في المحكمة و راجا تودارمل الشهير الوزير المالي لإمبراطور أكبر من الذين نبغوا في الحساب. وازداد نفوذ الإيرانيين في عهد جهانكير لزوجته المحببة الإيرانية نورجهان وهي التي أدخلت سجود الحضور في المحكمة. استمر أورنك زيب على هذه السياسة وخلال القرن الثامن عشر، تدهورت طبقة النبلاء وتوقفت عن أداء أي وظائف مفيدة. وقد أصبحت حريصة على التقدم الذاتي وغرقت الإمبراطورية في الحروب الأهلية المريرة، والارتباك والفوضى.
قبل اعتلاء أكبر على رئاسة الأمبراطورية كان الأفغانييون أيضاً في محكمة بابر و همايون و بعد هزيمة همايون على يد الأفغان تغيرت وجهة الإمارة نحو الأفغان لعدم الإعتماد عليهم ولكن اتخذ جهانكير كأمراء لمساندة الأفغان للسريرو لمساعدتهم لحصول البلاط بينما خالفه بعض الراجبوت.ثم أخفق أمر الأفغان بعده.هنا نفهم شمول الأفغان و عدمهم ولكن لماذا تقارب المغول بالراجبوت؟ و لاالزط ولاالبتان ولامراهتا؟ الجواب الممكن: كان أكبر دائما يترقب خائفاً إلى الأفغان فإنهم كانوا شجاعاً بسالاً و كانوا آنذاك قوات متحاربة للمسلمين بينما الراجبوت كانوا قوة متحاربة في الهندوس و كان أكبر يعلم أن الأفغان لهم بسط و نفوذ في قلوب المسلمين المحليين و الأفغان المستوطنين فكادوا أن يحصلوا العون منهم ثم يتخطفوا الحكم لمحبة شير شاه فيما بين الناس و ما أدى لصالحم من الأمور الرفاهية حيث قضى على منشآة الأراضي كالإقطاعيات و أعطى صاحب الأراضى حقوق الأراضي التي يقال “بتة” patta, لذا كان دوماً يخاف ذهاب مملكته و دائما يفكر في قوات متحاربة من الهندوس إذ يمكن حصول العون لقربهم حتى وجد الراجبوت. والشئ المهم أن من قبله قد قضى بيرم خان على جميع الخطورات الفتاكةوكان هو الذي قوى عمائد المملكة و دعائمها وهو كان مانعاً وحارجاً بين الإختلاط المغولى والراجبوتي [22] وهنا استراح الملك وأهلكه غيلة لشكايا والديه الرضاعي و الآن خلا الجو لأكبر استعمال الراجبوت لصيانة الإمبراطورية فتقدم نحو الأمام و وجد في حرمة المصاهرة سبيلاً لقوام المملكةو دوام إزدهارها.
استلذ طعم حلاوة المملكة مع الراجبوت ولكن أخفق الدم المغولي حتى ذهب لونها المغولي وأصبحت دماً راجبوتياً طامعاً حريصاً للمملكة فنرى 34 زواجاً في العهد الأكبري و في العهد الجهانكيري 7 زواجاً و في العهد الشاه جهاني 4 زواجاً و في العهد العالمكيري 8 زواجاً. و كانت جغت غوسائين جدة عالمكير و أم شاه جهان و تزوج عالمكير مع إمرأتين كانتا راجبوتيتين. فيحسن أن نقول ما هم من المغول بل أصبحوا راجبوتيين/الراجوات. و لنا أدلة قوية نأتي إثنين الأول من الأثر ما رواه إمام محمد في كتاب الآثار والثاني من علم الطب كلينيكل أميونولوجيا و في الحقيقة إنها من البديهيات أيضاً.
“روي أن عمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما بلغه ان الصحابي الجليل حذيفة اليمان تزوج – وهو بالمدائن –إمرأة يهودية فكتب عمر مرة أخرى أعزم عليك ألا تضع كتابي هذا حتى تخلي سبيلها ‘ فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن و كفى بذلك فتنة لنساءالعالمين”[23] فيه بحوث شتى من حسب الجواز وعدمه ولكن أريد نقطة الإرتكاز على أمرين:على شخصية المتزوج و الثاني الأولاد.عندما وقع أمر من عامة الناس فلا لومة لائم ولكن صدور مثل هذا الأمر من الصحابي الجليل لايلائم و هذا من قبيل حسنات الأبرار سيئات المقربين. فلو وقع أرباب الحكم و الولاء في هذه المباحات فيعد مخالفاً للتشريع الإسلامي ومعادياً للإسلام ومكايدة ضده لذا عدها المؤرخون زواج المسلمين مع الغير المسلمين فتنة للأمة المسلمة و يؤيده رواية أخرى “أول فتنة ظهرت في بني إسرائيل كانت النساء”. لا ريب في حلة زواج المسلمين مع الكتابيات ولكن الأولاد يتغدى من تربية أهل الكتاب لتنشئته في حضانة أهل الكتاب. صبغة النفس حسب مطالبات الربانية و الإسلامية من كمال الإيمانيات و لكن اللجوء إلى الإسلام لإكمال هواه فهو إتباع الهوى لا الإسلام. و عندما يسود على الأمراء كماليات ونُعمى فيتبعون الشهوات ويسعون على إيجاد الجواز حوله . و الآن نأتي إلى علم المناعة السريرية- (clinical immunology) إن عصبة من أولاد المغول كانوا من الأمبراطور المغولية و الملكات الراجبوتيات. في الأولاد يأتي نصف الخصائص الجينية من الأب و نصف الخصائص الجينية من الأم و يقال هذه الخصائص كروموزمس. لأن انتساب الأولاد كان من عشيرة الأمبراطور فعدوا مغولياً و لكن حسب الطبيعي راجبوتيين فأصبحوا دماً هندياً و يمكن أن تفقد هذه الخصائص بشرط التكرار. فمن وجهة نظرية طبية ليسوا مغوليين واردين بل غلب عليهم دم هندي راجبوتي. و إلى هذه الخصائص أشارة “و لعله يعد من الأسباب الجوهرية في إنحطاط تغير الدم السلطاني في آل عثمان تغيرأ كبيراً لكثرة ما اقتتنوا من السراري الجواري النصرانيات[24]“
نقاط الضعف العسكرية:
وكان ضعف معنويات الجيش أحد العوامل الرئيسية في تفكك الإمبراطورية المغولية. وكان مصدر الضعف هو تكوين الجيش الذي يتألف أساسياً من الوحدات التي يحتفظ بها النبلاء العظماء من عائدات محتكرة يحتفظ بها و يختص لأنفسه لهذا الغرض. وبما أن سلطة السيادة خففت، فإن الاتجاه العام بين النبلاء العظيمين كان بطبيعة الحال أن يحتفظوا بهم بصفتهم على قواتهم الشخصية.
ظهر عجز الجيوش المغولية للعالم عندما فشل المغول في استعادة قندهار على الرغم من ثلاث جهود مصممة من قبلهم. عام 1739، أغار نادر شاه دلهي و دحض من قام أمامه وليس فقط نهب دلهي ولكن أيضا أمر مجزرة بالجملة. و حدث مثل هذا الشيء دون أي جهد من جانب الحاكم لوقفه، وعندما فشلت في الحفاظ على النظام الداخلي والسلام الخارجي، فقد الشعب كل احترامه للحكومة.
في آخر عهد المغول ‘لامراء في أن الجنود المغولية كانت في أسوأ الأحوال و كانت لاتحصل رواتبها بنظام و إنما كان الجنود يلتحقون بالأمراء و النواب رجاءً سيحصلون الرواتب قريباً أو بعيداً وبعض الأحيان سيحصلون غنائم الفتح لذا عندما سمعوا أنه قتل القائد فروا من المعركة و جعلوا ينهبون أمتعة و أسلحة أصحابهم في قواتهم و كادوا أن يفتحوا الحرب ولكن عند سماع قتل القائد هرعوا يهربون ويفشلون لخطر القوة للغد أي ليس هناك جهاز و لانظام يؤدي رواتب القوات بنظام لكن عندما جاءت الشركة الهندية الشركية فجعلوا يتقاضون الرواتب على الميعاد لذا لعله ما كان يمكن من الفرق بين الجندي تحت الشركة والملكي و النوابي.
وظف المغول مراهثا و هم من الطبقة السفلى الهندوسية و طبيعة الهندوسية الراسخة التآمر و المكيدة كذيل الكلب -SYNOSURE- لا يمكن أن يستقيم و الغاليون من الشيعة و الروافض في الدكن أصبحوا خير أصدقاء للعدو وتعاونوا على الإثم و العدوان وتعاملوا مع الإنكليز الذين تغلبوا على الشرق الهندي البحري و غربها و أضروا قوات بحرية مغولية وأصبحوا موالين لهم و جاءت الفرنسا لموالاة النواب في ولاية الأركات و في الحقيقة أن المراثا أخفت حقدها الدفين كالروافض من المسلمين و شارك في التآمر بعض رؤساء بيجافوريين و أصبحت كأمثال ذي الفقار لعبة على يدهم ووجدوا كاتباً متعصباً كأمثال أرون سيدني فاستعملها خلفاء رام راج البراهمية. يكتب أرون المتعصب ” جعلوا يتآمرون مع المراهثا في القوات المغولية فبعضهم اتفق ومنهم من أنكر و لكن رضوا أن يكونوا مع الخوالف و يكونوا عليهم ضداً و تفكروا لحبهم أن يتركوا قوات المغول.”[25]
الحواشي
[1]Parties and Politics at the Mughal Court
[2]Irfan Habib,The Agrarian System of Mughal India ,New Delh 1963
[3]J.N. Sarkar The fall of Mughal Empire Calcautta,1938
[4]رود كوثر ص 79
[5][5] أورانك زيب إمبراطور الهند الكبير ص 16
[6][6] William Irvine. The later Moghuls , reprint, New Delhi1971
[7]وليم أرون Later Mughals و Fall of the Mughal Empower و History of Aurangzeb -1916 page 264-283
[8]مغل سامراج كا انت : إيم أطهر على مدهيه كالين بهارت”مدير عرفان حبيب ” العدد 1 1982″ ص 10-109
[9] Satish Chandra, Review of the Crisis ol the Jagirdari System. Article reproduced in “The MughalSlate (1526-1750). Ed. Muzaffar Alam& Sanjay Sutxahmanyam, Delhi. 1998. P. 347-360
[10]Irfan Habib,The Agrarian System of Mughal India ,New Delh 1963
[11]مغل دربار کی گروہ بندیاں اور ان کی سیاست ستیش چندرا ص247
[12]مغل دربار کی گروہ بندیاں اور ان کی سیاست ستیش چندراص 248-250
[13]S Nurual Hasan, “Zamindars under Mughals” Land Control and Social Structure in Indian History, (ed.) RE Frykenberg, Lsconcin, 1969 pp 17-31, and “Thoughts on Agrarian Relations in Mughal India”. N Delhi, 1973, pp 30-8
[14]Frank Perlin, “State Formation Reconsidered, MAS, XIX (3), pp. 415-480
[15] Andre-Wink, Land and Sovereignty in India- Agrarian Society and Politics under the Eighteenth Century Maratha Svarajya. Cambridge. 1986, p.34
[16] Cantwell Smith, “Lower Class Uprisings in Mughal Empire”, Islamic Culture, 1946, pp.21-40
[17] M. Alam. The Crisis of Empire in Mughal North India, Awadh and the Punjab. 1707-1748,NewDeIb,. 1986
[18]مغلية سلطنت كا عروج و زوال ص 575
[19] http://www.univ-constantine2.dz/CoursOnLine/tarek-massaoudi/new%20-%20Copie/e%20learning_files/Page441.htm
[20]نفس المرجع
[21]رام برساد تريباتي مقل سامراج كا اتتهان اور بتن اله آباد 1984
[22]مغلیہ سلطنت کا عروج وزوال ص 215
[23]المدونة الكبرى ، دار النشر : دار صادر – بيروت و المصنف للرزاق دار النشر : المكتب الإسلامي – بيروت الطبعة : الثانية ، تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي ج 7 ص 176 و البغدادي ص135 -140 ‘ سنن سعيد بن منصور ، دار النشر : الدار السلفية – الهند ، الطبعة : الأولى ، تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي ج 1 ص 224 ‘
[24] الإسلآم والحضارة العربية جلد 2 ص 499
[25] ص 108
*الباحث في الدكتوراه، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة دلهي، نيو دهلي
إيميل:asimumri@gmail.com))