الدكتور معراج أحمد معراج الندوي

الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها

جامعة عالية ، كولكاتا- الهند

 merajjnu@gmail.com

الملخص:

يمثل الفكر التربوي الاطار النظري لما يحتاجه المجتمع في بناء نظامه وبرامجه التربوية ووضع أسسها وقواعدها ، لأن النمو الحضاري والنمو الفكري يسيرا ن جنبا إلى جنب، وما الفكر التربوي إلا نتاج حضارة عريضة، استمد قوته وحيوته من الدين واستطاع الفكر التربوي الإسلامي أن ينتج الإنسان الصالح القادر على التكيف مع واقعه. كان الأستاذ النورسي المربي الفاضل الذي عرف طريق الدعوة الإسلامية الصادقة والتربية الإيمانية العالية. اشتهر الأستاذ النورسي بتأليف رسائل في موضوعات العقيدة الإسلامية كلياتها وجزئياتها وسماها “رسائل النور”. ومن المؤكد أن ثقافته الواسعة في العلوم الإسلامية وهضمه للمعارف الإنسانية في عصره وذكائه الحاد وخياله الخصب وقدرته عللى التأمل العميق هو حدد الطريق أمامه لكتابة الرسائل التي استوحاها من القرآن الكريم مباشرة. هكذا استطاعت رسائل النور أن تبنى مدرسة إيمانية قرآنية، لأنها نابعة من القرآن الكريم، وادراك لطبيعة العصر وحركته وصراعات أفكاره: كتبت بأسلوب مطابق لروح العصر يفهمه الخاص والعام.  انتهج الأستاذ النورسي أسلوبا رايعا في تفسير القرآن الكريم، فتفسيره القيم الموسوم “برسائل النور” ماهي إلا تفسيرا حقيقيا بارعا للقرآن الكريم. ولقد اتخذ الأستاذ النورسي أسسا معينة ومقايس ثابتة. اختار في كتابته المنهج الذي سلكه وهو ينهض في الأمة كمريبا ومرشدا. تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن معالم الدعوة الفكرية عند الأستاذ بديع الزمان النورسي من خلال تفسيره “رسائل النور”.

الكلمات الرئيسية: القرآن الكريم،  الأستاذ النورسي ، رسائل النور، تفسر القرآن،  المنهج التربوي، مقاصد القرآن

 

Abstract:

The Quran is the central sacred reality of Islam. It is the source of true progress and development. It addresses all human kind in every age in accordance with degree of their understanding and development; The Risale-i-Nur explains that face of the Quran which looks to this age. The Risale-i-Nur , as contemporary commentary on the Quran’s message by Badiuzzamna Said Nursi offer a numerous solutions  to many problems facing by human kind in modern day. Its method is based on acquiring knowledge and harnessing it in the best of ways; that is as a means of attaining to belief by investigation. The Risale-i-Nur, being a Quranic commentary which expounds all its verses giving the immediate reasons for their revelation and the apparent meanings of the word and sentences. It provides a strong argument for the relevance of Islam in the cotemporary world. Nursi points outs the contrast between the social values proposed by the modern civilization and the vision of society presented by the Quran. He envisioned that in contradiction to other religion, only Islam has capacity to progress. The aim of this paper is to discuss the Nursi approach who calls to the real intellectual revolution that is based on the principles of the Holy Quran.

المدخل:

 إن الأستاذ الجليل بديع الزمان سعيد النورسى، كان شخصية اسلامية كبيرة، صادق الإيمان، عظيم الإخلاص، عزيز النفس، عارفا بحقائق التوحيد، نابغة من نوابغ الزمان، غزير العلم ، نافذ الفكر، داعية ثبتا الى الله تعالى على بصيرة، مّحل هموم المسلمين منذ شبابه، وقضى حياته في الجهاد الدائب في سبيل توضيح عقيدة الإسلام وبيان علل أحكامه. لقد وهب الله سبحانه وتعالى لأستاذ النورسي موهبة عبقرية لينظر ويدبر في القرآن الكريم من خلالها ببصيرة نافذة، ومعرفة كلامية، وبلاغية عميقة، ومنهج عقلي سديد، ليتمس الكشف عن الحقيقة، ويبغي إيصال الإنسان إلى اقتناع كامل  بكون هذا القرآن معجزة باهرة.  لقد استطاع الأستاذ النورسي أن يصقل موهبته الفذة بدارسة العلوم الإسلامية والفلسفات القديمة والعلوم الإسلامية إلى بين نظرية النظم في معاني القرآن الكريم حيث أراد بناءها تفصيلا على المرتكزات العقلية للوصل إلى اظهار العقائد الإسلامية وارتباطها بحقائق الوجود. إنه كان يريد أن يؤلف تفسيرا كاملا في هذا اأتجاه, ولو قدر للأستاذ النورسي لجاء تفسيرا  بلباغيا عقليا كاملا شاملا. لقد اوعي الأستاذ النورسي التغيرات الهائلة التي أحثها الصراع الجديد فتوجه إليها بحقائق القرآن الكريم التي قدمها منأصول المنطق العقلي الفطري وعلوم ومعارف عصره. ركز الأستاذ النورسي في تفاسيره على بيان أصول الإيمان، وحكمة التشريعات، ومحاولة تفكيك النظام الأخلاقي الذي جاء به القرآن الكريم.  ولعل هذا هو سر تسمية “رسائل النور” بأنها تفسير حقيق للقرآن الكريم. والحق أن تفسير القرآن الكريم ومخاطبة المسلمين بآياته، لم يبارح قط فكر النورسي إلى آخر لحظة من لحظات حياته الحافلة بالمحن والأحزان، والعلم والدعوة  إلى التمسك بك تاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. لقد ترك لنا الأستاذ النورسي تراثًا ضخمًا وغنيًّا للأمة الإسلامية، تَمثَّل في “رسائل النور” التي عكست نورانية مؤلفها وتميزه في صياغة الألفاظ وإجادة المعاني، ويتضح ذلك في أسلوبه العذب المستمد من أصالة القرآن الكريم. إن “رسائل النور” من أهم أعمال الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي العلمية وثقافته الرصينة. وهذه الرسائل قد تنوعت في موضوعاتها وتستمد أصولها ومسالكها من فهم دقيق للإسلام. وإن رسائل النور تقسير للقرآن مع أنها لا تشبه التفاسير المتداولة لأن التفاسير المعروفة تبين وتوضح معاني عبارات القرآن الكريم وجمله وكلماته.  ولكن رسائل النور هي تفسير معنوي للقرأن الكريم.

مولده ونشأته:

 ولد بديع الزمان سعيد بن ميرزا من أبوين كرديين صالحين يضرب بهما المثل في الورع والتقوى في قرية ” نورس”  في عام 1876م وهي إحدى قرى قضاء “خيزان” التابعة لوباية طبتلس” شرقي الأناضول. كانت أمه “نورية” عفيفة  زاهدة، طاهرة الفلب، صافية النفس، وكانت من عاداتها أن لا ترضع أولادها إلا وهي متوضأة.[1] وكان أبوه” ميرزا” فلاحا صالحا، يعمل في المزرع طول النهار ويتهجد في آخر الليل. لم يذق  في حياته حراما ولم يطعم أولاده من غير الحلال. وكان له الأثر الكبير في تكوين شخصتية الدينية. نشأ وترعرع  هذا العبقري بديع الزمان سعيد النورسي في اسرة متدينة على مبادئ الدين وتعاليمه،  وهو يقول عن نفسه: ” أقسم بالله، إن أرسخ درس أخذته، وكأنه يتجدد على، إنما هو تلقينات والدتي- رحمها الله– ودروسها المعنوية حتى استقرت في أعماق فطرتي وأصبحت كالبذور في جسدي في غضون عمري الذي يناهز الثمانين. [2]  

                بدأ دراسته الإبتدائية على كتاب القرية كما كانت العادة، فتعلم مبادئ القراءة وحفظ القرآن الكريم وأ جاد في قرائته وجودته. وقد شغف بطلب العلم منذ صغره فقصد من مكان إلى مكان لطلب العلم. وفي عام 1882م غادر إلى مدينة  “ماردين”  ولكن لم يطب له الجو فيها  فقصد إلى مدينة ” بتليس”  حيث وجد الفرصة لدراسة  الكتب الناجرة، ثن انتقل إل مدينة ” وان”  فتعلم هناك ما تعلم من العلوم المختلفة . وهذا ما جعله يحيط نفسه بنسق كامل من العلوم ومنها القرآن الكريم المؤثر  الأكبر في شخصيته وتكوين الفكري والنفسي والعلوم الإسلامي من حديث  وفقه  وتفسير وسيرة وأخلاق بالإضافة إلى العلوم اللغة العربية ،من نحو وصرف وبلاغة وفلسفة وما إلى ذلك.[3]

                لم يمكث النورسي مع أي شيخ من شيوخه مدة زمنية طويلة، فكانت السمة الغالبة ملامزمة شيوخه مع قصر المدوة الزمنية. وكذلك كان ينتقل بين  الشيخ ووأهر حتى يجد ما يصبو إليه.[4]

لقد مر الأستاذ انورسي في حياته بمراحل مختلفة. وبكمنلنا أن نقسم حياته إل ثلاثة مراحل:

  • المرحلة الأولى: “سعيد القديم”: هي المرحلة التي يطلق عليها سعيد النورسي على نفسه اسم “سعيد القديم”. وفي هذه المرحلة كان الأستاذ النورسي يتأمل بإصلاح المسلمين من خلال ممارسة السياسة، يخوض غمار السايسة ويحاول صد التايار المعادي للإسلام. لأنه يرى أن السياسة لها  أثر كبير في تغيير أذهان الناس .
  • المرحلةالثانية: “سعيد الجديد”: وفي هذه المرحلة التي يطلق فيها على نفسه “سعيد الجديد”. تبدأ هذه المرحلة من بداية حياته في منفاه في ” بارلا” سنة 1926م إلى سنة 1949م. لقد غير الاستاذ النورسي وجهة فكره وأسلوب عمله وانعزل عن السايسة عندما أدرك أن أحوال الساسية والاجتماعية في تركيا لسيت ملائمة لعمله وفكره.  وبعد ما ألغى مصطفى كمال باشا الخلافة التركية الإسلامية ومنع الآذان في المساجد ولبس الحجاب والعمائم.  وفي هذه الفترة أخذ الأستاذ انورسي شعاره الجديد وهو ” أعوذ بالله من الشيطان والسياسة.  وبدأ يصرف اهتمامه إلى النواحي الإيمانية واقضايا الإعتقادية.[5] فقام الأستاذ النورسي في هذه الأوضاع الحالكة بالجهاد المعنوي ضد الإلحاد والكفر الذي كاد أن ينتشر في كل ناحية من أنواحي تركيا.  فساق جده في نشر “رسائل النور” التي تحمل براهين ساطعة على حقائق الإسلام وبذرة في ترسيخ الإيمان في نفوس المسلمين. [6]
  •  المرحلة الثاثلة: “سعيد الثالث” :   تبدأ هذه المرحلة من من خروجه من السجن وتستمر حتى وفاته عام1960م. وفي هذه المرحلة صرف جل اهتمامه بقيام بالتدريس الجماعي، وفي نشر رسائل النور وكرس حياته في إنشاء جيل جديد ورباهم تربية إسلامية.[7] والجدير بالذكر أن للأستاذ النورسي تلاميذ أحبوه الكثير واستفادوا من علمه وتأثروا بأفكاره الإسلامية. قضى الأستاذ النورسي السنوات الأخيرة من حياته في مدينة ” أسبارطة”.  توفي الأستاذ النورسي في 23 مارس عام1960. وقد خلف وراءخ الكثير من الطلاب الذين يحملون أفكاره في صدورهم تدعمهم رسائل النور وتنير عقولهم  وترشدهم في دروب الحياة.

أخلاقه وصفاته:

جمع الأستاذ النورسي العديد من السمات النفسية والفكرية والخلقية الحسنة ومن أبرزها: المثابرة والاجتهاد، والنشاط الدؤب، تمتعه بذاكرة قوية متقدة، غيرته الشديدة على دينه، الإيثار والتضحية، الجرأة في قول الحق وعدم المهادنة فيه،  الثبات على المبدأ والاصرار على الحق، الصبر على المحن والرضاء بقضاء الله. ومن الملامح البارزة لشخصية الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي – رحمه الله- فكره العميق المتزن، وجمعه بين الأصالة والمعاصرة، ومنهجه في الفكر والدعوة، منهج الاعتدال والوسطية ، وخدماته العظيمة المتنوعة ، ومواقفه الحازمة الحاسمة تجاه القضايا والمشاكل. ومن أهم ميزاته أنه كان يحمل قلبا واعيا، وبصيرة نيرة نافذة، وفراسة إيمانية ، وفكرة وقادة. كان له الحظ الأوفر من المعرفة، والإحسان والسلوك وصدق العزيمة وإخلاص العمل، والخلق الحسن. وهي الميزة الممتازة التي جعلته مقبولا لدى سائر الناس. كان الأستاذ النورسي دائم التفكير في وسائل الاحتفاظ بعقيدة الجيل الجديد وإيمانه وترسيخ أهيمته وضرورته في الأذهان والنفوس. كان القرآن الكريم هو شغله الشاغل طوال حياته. فلم يعيش إلا في ظل القرآن ولم  يتنفس إلا في أجواءه ولم يفكر إلا في أضواءه.

تعريف بكليات “رسائل النور”    

ترك الأستاذ النورسي موسوعة إيمانية “رسائل النور”  وهي كما يقول الأستاذ احسان قاسم الصالحي: “تفسير شهود للقرآن الكريم ، يعتمد على حقائق الآيات القرآن الكريم وإثبات معانيها، بتوضحيها من خلاله استشهادات يتحاور فيها العقل والقلب. وتمتزج فيهاالروح واللطائف اأخرى، فهي تفسيرا لمعاني القرآن الكريم أكثر ما هو تفسيرا لألفاظ الآيات الكريمة وعباراتها. تعالج القضايا والمقاصد الإسلامية التي يدور عليها القرآن الكريم. وهي التوحيد، والنبوة، والآخرة، والعدالة. وتدحض في الوقت نفسه أباطيل الفلاسفة الأوربيين وشبهات أعداء الإيمان حول القرآن والإيمان من أساسها.  وتثبت حقائق القرآن والإيمان وأركانه بدلائل قاطعة وأدلة رصينة وأمثلة واقعية قريبة.[8]

 أما سبب تسمية فيقول النورسي: ” إن سبب إطلاق اسم “رسائل النور”  هي كلمة “نور” قد جابهتني في كل مكان طوال حياتي، ومنها قريتي اسماها “نورس” وأسم والجتي المرحومة” نورية” واستاذي في الطريقة النقشبندية “سيد نور محمد” وأستاذي في الطريقة القادرية ” نور الدين” وأستاذي في القرآن” نوري” وأكثر من يلازمني من طلابي من يسمون باسم “نور” وأكثر ما يوضح كتبي زينورها هو التمثيلات انورية، وأول آية كريمة التمعت لعقلي وقلبي وشغلت فكري هي” الله نور السموات والأرض”.[9]

                أما محتوي رسائل النور هي كما أشار الأستاذ احسان قاسم صالحي تفسير لمعاني القرآن الكريم أكثر ما تفسير لألفاظه. وهي في تسعة أجزاء.

                الجزء الأول: الكلمات:  يتضمن هذا الجزء ثلاثا وثلاثين رسالة كتبها الأستاذ النورسي وبين فيها معاني العبادة وأهمية العقيدة في حياة الإنسان. تحدث في هذه الرسائل عن الإسراء والمعراج والتوحيد والحشر ومسئولية الإنسان في الحياة، بالإضافة إلى الموازنة بين حكمة القرآن والفسلفة. وكل ذلك بأسلوب قصصي هادف مع أدلة عقلية مقتنعة.[10]

الجزء الثاني: المكتوبات: يحتوي هذا الجزء أيضا ثلاثا وثلاثين رسالة، أوضح فيها الأستاذ النورسي حياة الخضر عليه السلام وبين فيها حكمة الموت، واكتشف الفرق بين الإيمان والإسلام، كذلك أظهر فيها حكمة إخراج آدم عليه السلام من الجنة، وحكمة إلهيىة في خلق الشياطين وتنبه حملة القرآن إلى دساش الشيطان والرد على من يحاولون تغيير الشعائر الإسلامية.[11]

الجزء الثالث: اللمعات: يتضمن هذا الجزء ثلاثين رسالة بين فيها اأستاذ النورسي أهمية الصبر عند المصائب. إنه رأى أن المصيبة الحقيقية هي التي تصيب الدين. أوضح فيها أسباب وعومل الخلاف بين أهل السنة والشيعة ، بالإضافة إلى رسالة في الإخلاص أو رسالة في الاقتصاد ورسالة المرضى ورسالة الشيوخ ورسالة التفكر الإيماني.[12]

الجزء الرابع: الشعاعات: يتضمن في هذا الجزء خمس عشرة رسالة، أوضح فيها اسرار الإيمان، وثمرات التوحيد في حيان الإنسان، إنه رأى أن عقيدة االآخرة أساس لحياة الإنسان الاجتماعية. اختتم هذا الجزء برسالة الحجج الإيمانية في ” لا إله إلا الله وحده”.[13]

الجزء الخامس: إشارات الإعجاز في مظان القرآن: هذا الجزء في الواقع هو تفسير قيم لسورة الفاتحة وثلاثين آية نت سورة البقرة. بين فيها الأستاذ النورسي أدق قواعد علمالبلاغة، وقوانين المنطق وأصول الدين.[14]

 الجزء السادس: المثنوي العربي النوري: يتضمن هذا الجزء اثنتى عشرة رسالة باللغة العربية ، وسماه هذاالجزء “بالمثنوي”. عالج فيها الأستاذ النورسي العواطف الداخلية للإنسان وخاطب الوجدان أساسا، استمد فيها من أفكار جلال الدين الرومي. وهو كان أستاذ معنوي للأستاذ النورسي، وأطلق عليه لفظ عربي، لأنه ألف أولا باللغة العربية. رأى الأستاذ النورسي أن هذا الجزء في الواقع هو أساس رسائل النور. وضع فيها علاجا لأمراض النفس وأوضح فيها حقائق التوحيد بدلائل قاطعة ، وبين معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم  ومنابع الإيمان وأنوار القرآن، وذلك كله في أساليب التزكية والتربية.[15]

 الجزء السابع: الملاحق فقه دعوة النور:  يتضمن هذا الجزء مكتوبات نادرة ودية تبادلها الأستاذ النورسي مع تلاميذه البارين، بين فيها منهج الدعوة الى الله تعالى. وفي هذا الجزء هناك البعض من التوجيهات والإرشادات بتقويم السلوك وكيفية التعامل مع الآخرين.[16]

 الجزء الثامن: صيقل الإسلام: قام الأستاذ النورسي في هذا الجزء ببيان أوضاع السايسية والاجتماعية السائدة في تركيا خلال الفترة ما قبل الحرب العالمية الأولى. ثم يتضمن هذا الجزء الخطبة الشامية التي ألقاها الأستاذ النورسي في المسجد الأموي في دمشق، والتي بين فيها أمراض الأمة الإسلامية وقدم وسائل علاجها. يحتوي هذا الجزء أيضا على رسالة الخطوات الست التي تشير من عزائم المسلمين ضد الأحتلال الإنجليزي لأستانبول.[17]

الجزء التاسع: سيرة ذاتية: يحتوي هذا الجزء الأخير على ترجمة حياة لأستاذ النورسي، ومجريات الأحداث والوقائع  التي شهدها في حياته من مراحل مختلفة.

عندما بدأ الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي كتابة رسائل النور فما كان عنده أي مصدر سوى القرآن الكريم. فكان يستلهم من الآية الكريمة معانيها. ويعيش حالات قلبية وروحية خالصة في أجوائها حيث يقول ” فالقرآن هو أسمى مرشد، وأقدس أستاذ على الإطلاق. ومنذ ذلك اليوم أقبلت على القرآن الكريم واعتصمت به واستمددت منه. فاستعدادي الناقص قاصر من أن يرتشف حق الارتشاف فيض ذلك المرشد الحقيقي الذي هو كالنبع السلسبيل الباعث على الحياة، ولكن بفضل ذلك الفيض نفسه يمكننا أن نبين ذلك الفيض. وذلك السلسبيل لأهل القلوب وأصحاب الأحوال. فالكمات والأنوار المستمدة من القرآن الكريم في رسائل النور إذن ليست مسائل علمية عقلية وحدها بل أيضا مسائل قلبية وروحية وأحوال إيمانية. فهي بمثابة علوم إلهية نفسية ومعارف ربانية سامية.”[18] فكان الأستاذ النورسي يعتبر الرسالة هبة ربانية وإنعاما إلهيا وإحسانا وفضلا منه.

يركز بديع الزمان حديثه عن جدّة القرآن، رغم تقادم ذلك العصر الذي نزل فيه، على ما يحمله القرآن للناس من مبادئ ودساتير وقيم حضارية وسلوكية، ويبين لنا مدى جدّتها ومدى احتياج الناس في كل عصر إليها، في مقابل تهافت الجديد الذي يخالفه والذي تبتدعه اجتهادات الناس مع تقلبات الأزمنة والعصور، ويضرب لذلك أمثلة كثيرة.

أستاذية القرآن الكريم:

 إن القرآن الكريم كان هو وحده الأستاذ والمرشد للشيخ بديع الزمان سعيد النورسي. فلم يراجع إلى أي كتاب آخر، ولم يتخذ غيره مصدرا ولم يسترشد دونه مرشدا. عكف الأستاذ طوال حياته في تدبره وتفكره. ولم يعتمد علي أي كتاب سوى القرآن الكريم. فالقرأن هو المصدر الأول  لأفكاره. فلقد أخذ الأستاذ بديع الزمان عن جدارة فائقة بناصية العلوم كافة في زمانه حتى لقب بـ “بديع الزمان”. وهب الله سبحانه وتعالى ذكائا خارقا وعقلا نيرا وعناية ربانية. فحرص الأستاذ في رسائل النور على إبراز الحقائق القرآنية فلم تختلط فيها الأهواء والرغبات لما رزقه من الإخلاص التام وشغفه الشديد. فلا  توجد في رسائل النور صبغة شخصية وإنما صبغتها القرآن والقرآن وحده.

من خصائص “رسائل النور”:

التفسير هو إيضاح وبيان وإثبات الحقائق الإيمانية للقرآن الكريم إثباتا مدعما بالحجج الرصينة والبراهين القاطعة. فقصد الأستاذ بديع الزمان النورسي أن تكون “رسائل النور” تفسيرا توضح وتبين معاني القرآن الكريم مباشرة على أساس الدلائل والبراهين. فهي تفسير معنوي للقرآن الكريم بحيث ابهرت الفلاسفة وأعجزتهم.[19] ويعيد المؤلف هذا المعنى إلى الأذهان أن رسائل النور تفسير للمعاني المعجزة التي أتى بها القرآن الكريم. وهي نور مستفاض من الآيات القرآنية ولم تستق من علوم الشرق والغرب بل هي معجزة معنوية للقرآن الكريم. فلكونها معجزة معنوية للقرآن الكريم فهي تنقذ أسس الإيمان وأركانه بإثبات الإيمان وتحقيقه وحفظه في القلوب وإنقاذه من الشبهات والشكوك حيث توضح الحقائق الإيمانية بالحجج الرصينة والبراهين الواضحة. إذ أصبحت رسائل النور ضرورة كضرورة الخبز والدواء.[20] فكل من يقرأ رسائل النور يشعر بالمعاني الدقيقة في القرآن الكريم ويعيش في أجوائه المباركة المتمخضة من القرآن الكريم بعد أن تهدم الخرافات و الأفكار الباطلة والتصورات الخاطئة في المجتمع. كل هذا مع إشباع بروح وشفافية في اختيار الكلمات والعبارات ، وإطلاق للخيال في مجالاته وإشراق لروح الأمل وإثارة لكوامن التأمل والتفكير. عرض المؤلف الموضوع بشكل سؤال وجواب لإثارة الانتباه وتحفيز التفكير. استلهم موضوع كل رسالة من آية أو عدة آيات تتصدر الرسالة ثم استهل بمقدمة مركزة تلخص الموضوع ثم تتدرج في الموضوع توضيحا وتبسيطا مع ضرب الأمثال لعرض الفكرة. ولا يخفى ما لضرب الأمثال من أهيمة في تقريب المفاهيم وتبسيطها وغرسها في الذاكرة بحيث إن الموضوع يمكن  أن يستحضر في أذهان الناس. فالقرآن الكريم والحديث النبوي قد ضربا أمثلة كثيرة لتقريب الحقائق العظيمة لإفهام الإنسان. وحيث أن رسائل النور تفسير للقرآن الكريم، فإنها كذلك أوردت كثيرا من الأمثال حتى أصبحت الأمثال طابعها المميز.[21]

إن الرسائل تعالج قضايا العقيدة والشريعة والأخلاق والتاريخ وتفاصيل النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتربوي وغيرها، في ظل مقدار التمثل لتجليات تلك الأسماء الحسنى، لأن الكون في فطرته، ومن خلال كل جزء من أجزائه، يسير في ضوء تلك التجليات. فالموجودات كلها إنما هي مظاهر لتلك التجليات.[22]

رسائل النور كتفسير لمعانى القران الكريم:

إن رسائل النور هي تفسير للقرآن الكريم يختلف تماما عن التفاسير الأخرى من حيث الأشكال والمضامين. وقد وصف الأستاذ النورسي  بقوله: ” إن رسائل النور برهان للقرآن الكريم  وتفسير قيم له، وهي لمعة براقة من لمعات أعجازه المعنوي ، ورشحة من رشحات ذلك البحر، وشعاع من تلك االشمس ، وحقيقة مهمة من كنز العلم ،وترجمة معنوية نابعة من فيوضاته.[23] إن رسائل النور منهج مبتكر لتجديد علم الكلام الإسلامي المعاصر وهو يستوحى اسلوبه  وعرضه من منهج القرآن الكريم بالدرجة الأولى الذي يخاطب العقل والقلب والوجدان كله.  لقد استلهم الأستاذ النورسي موضوع كل رسالة منأو عدة آيات تتصدر الرسالة، ثم تتدرج في الموضوع توضيحا وتبسيطا مع ضرب الأمثال لعرض الفكرة وتجليتها.[24]

مقاصد القران الكريم في “رسائل النور”:

 لقد بين الأستاذ النورسي أن المقاصد الأساسية من القرآن الكريم وعناصره الأصلية أربعة: التوحيد، والرسالة، والحشر، والعدالة. وسبب حصرها في هذه الأربعة هي ما يشغل هذا الإنسان من أسئلة معروفة: من أين؟ إلى أين؟ ما تصنعون؟ من سلطانكم؟ ثم يقول: والمجيب على هذه الأسئلة الجواب الصحيح ليس إلا القرآن ذلك الكتاب، وأن هذه المقاصد الأربعة تتجلى في القرآن الكريم كله سورة سورة، وفي كل كلام بل قد يرمز إليها كلمة كلمة.[25]

  1. التوحيد: إن القرآن الكريم بمجموعه قوة للقلوب بمعنى أن حياة القلوب لا تكون إلا بمعرفة الله تعالى وشؤون ربوبته. هكذا يذهب الأستاذ النورسي إلى أن المقصود الأعظم من تنويل القرآن الكريم هو تحقيق الهداية للناس، وذلك ليتعرفهم بالله سبحانه تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله وسنته في الخلق. يرى الأستاذ النورسي أن كل ذرة في هذا الوجود تشهد بوجود الله سبحانه وتعالى. وهذه دعوة إلى التـأمل في صفحات هذا الكون. إن مقاصد القرآن عند الأستاذ النورسي كما يراها أن القرآن هوكتاب شريعة وحكمة ودعاء وعبودية، وهو كتاب أمر ودعوة، وكتاب ذكر وفكر للإنسان والإنسانية. وإن هذه المقاصد القرآنية  لا يقتصر ظهور على مجمل ما في القرآن الكريم، بل قد تجلى المقصد في آية واحدة من آياته.
  2. الرسالة:  يتحدث الأستاذ النورسي عن الرسالة وعن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم بوصفه اصدق شاهد أفصح برهان، وأقطع حجة على الصانع الجليل. ثم يستمر الأستاذ النورسي في عرض براهين نبوة محمد صلى الله عليه وسلم العقلية في رسالته” محاكمات عقلية” ويتخلص الأستاذ النورسي في النهاية إلى القول لإجابة على سؤال ياباني ،وهو ما الدليل الواضح على الوجود الإله الذي تجعون إليه؟ والجواب : أنه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم- الذي هو أقوى دليل وأعظم حجة على وجد الله تعالى، إذ هو الذي عرف به تعريفا واضحا وضوح الشمس.
  3. الحشر: والحشر الذي يقصد به الأستاذ النورسي هوالحشر الجسماني الذي يهدف من إبرازه وتأكيده إلى الرد على الفلاسفة، رأى الأستاذ النورسي إذا كان الاهتمام على الجسد إلى هذاالحد ، فكيف لا تكون العناية بجوهر الروح نفسه. فهذا الجسد سيعود عبر الحشر إلى الحياةالثانية، كذلك هذا النظام المتقن يدل على السعادة الأبدية. يستشهد الأستاذ النورسي بكل مظاهر هذا الكون وتقلباته للدلالة على الحشر كفصل ربيع.[26]
  4. العدالة: لقد أثبتت رسائل النور أنه قد تنبثق عدالة من بين طيات الظلم، أي قد يتعرض أحدهم إلى الظلم وإلى الحيف فتصيبه نكبة، وقد يحكم عليه بالحبس، ويرمى به في غياهب السجون، لا شك أن مثل هذا الحكم ظلم واضح، ولكنه قد يكزن سببا لتجلي العدالة زهورها، ذلك لأن القدر الإلهي قد يستخدم الزالم لتوجيه العقوبة إلى شخص استحقها بسبب آخر، وهذا نوع من أنواع تجلى العدالة الإلهية.[27] يركز الأستاذ النورسي عل همية العدالة  من حيث كون القرآن ممثلا ومحققا للحكمة الحقيقية لنوع الجنس البشري.  أن الأستاذ النوري ينظر إلى العدالة على أساس أنها حقيقة من حقائق القرآن ، ودساتير الإسلام. وهي موغلة في النفس الإنسانية والحياة الاجتماعية، ومرتبطة بأحكام الكون وقوانينه، وهي سنة إلهية جارية في الكون تدور رحى الموجودات عليها.[28]

إن القرآن  قد جاء لمقاصد كثيرة، منها إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بأكمل معجزاته وأن دلائل نبوية كثيرة في القرآن. ومن أهمها إعجاز القرآن. جاء الأستاذ النورسي بدلائل كثيرة حول هذا الموضوع. ومن إيحاءات الخطابات والقصص ومن واقع النبي صلى الله عليه وسلم وتأثيره في أمة أمية فحولها إلى أمة حضارة وعلم وفكر.[29] كذلك بين الأستاذ النورسي أن الشريعة الإسلامية مبنية ومؤسسة على البرهان العقلي. ملخصه من علوم وفنون تضمنت جميع أنواع العلوم الأساسية التي تحتاجها البشرية من فن تهذيب الروح ، وعلم رياضة القلب، وعلم تربية الوجدان ، وفن تدبير الجسد ، وفن سياسة المدنية ، والحقوق وعلم المعاملات والآداب. إن العرب كان ديوانهم الشعر وعلمهم البلاغة ومفاخرتهم بالفصاحة. فلما طلع عليهم القرآن ببلاغة بهرتهم. فلولا أنهم أرادوا ودربوا أنفسهم فأحسوا بالعجز فسكتوا عن المعارضة. فعجزهم دليل إعجاز القرآن.

أسلوب بديع الزمان النورسي  في “رسائل النور”:

كان الأستاذ النورسي المربي الفاضل الذي عرف طريق الدعوة الإسلامية الصادقة والتربية الإيمانية العالية. وقد كان له رحمه الله منهج واضح في العلم والعمل. استخلصه من خبرته في الحياة وتقبله بين الأفكار المتداولة في عصره، ومن مجاهداته في مواجهة قضايا الحياة وخطوب الزمان ، ومن إدمانه على تدبر القرآن الكريم. وهذا المنهج واضح من خلال “رسائل النور” التي أودعها  خلاصة تجربته في تدبر القرآن الكريم وتنزيل هدية على أحوال الحياة المتجددة. رغم أن رسائل النور تبحث موضوعا أساسيا واحدا وهو الإيمان فإنها لا تبحث عن هذه المسألة العزيمة بأسلوب تقليدي على وتيرة واحدة ، بل إن الأسلوب يتغير حسب المواقف والموضوعات. فنجد فيها الأسلوب اللين الرقيق جدا حتى نشعر أنه همسات قلب أو أنفاس رقيقة حية. ثم نجد الأسلوب العلمي الدقيق والعبارات المنطقية الفطرية مما يدعو إلى الفكر والدعوة. يتغير الأسلوب من موضوع إلى آخر حسب المخاطب. فترى رسالة “النوافذ” مثلا تخاطب الملحدين والمؤمنين معا بينما رسالة “المعراج” تخاطب المؤمنين. فلنستمع إلى ما كتبه الأستاذ النورسي في مقدمة رسالة المعراج لهذا النمط من الأسلوب “أن مسألة المعراج نتيجة تترتب على أصول الإيمان وأركانه ، فهي نور يستمد ضوءه من أنوار الأركان الإيمانية. فلا تقام الحجج لإثبات المعراج بالذات للملحدين المنكرين لأركان الإيمان، بل لا يذكر أصلا لمن لا يؤمن بالله جل وعلا ولا يصدق بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أو ينكر الملائكة والسموات، إلا بعد إثبات تلك الأركان لهم مقدما ، لذا سنجعل المؤمن الذي ساورته الشكوك والأوهام فاستبعد المعراج، موضع خطابنا، فنبين له ما يفيده ويشفيه بإذن الله. وكي نلحظ بين آونة وأخرى ذلك الملحد الذي يترقب في موضوع الاستماع ونسرد له من الكلام أيضا ما يفيده. ولقد ذكرت لمعات من حقيقة المعراج في رسائل أخرى، فاستمددنا العناية من الله سبحانه وتعالى– مع إصرار أخوتي الأحبة- على جمع تلك اللمعات المتفردة وربطها مع أصل الحقيقة نفسها لجعل مرآة تعكس دفعة واحدة كمالات جمال الرسول صلى الله عليه وسلم”.[30]

ومن الحقيقة أنه رغم الترابط الوثيق بين فقرات البحث في كل الرسائل، فإن كل فقرة منها تعطينا معنى كاملا بحيث نستطيع أن نفهم ونستفيد منها بدون الرجوع إلى أصل الموضوع. إن القرآن الكريم له أسلوب خاص في سرد الحوادث. فإن الأستاذ بديع الزمان النورسي لا يتقيد بالتسلسل الزمني وإنما يذكر جزء من الحادثة أو القصة في سورة والجزء الآخر في سورة أخرى حسب سياق السورة وموضوعاتها. فيشعر كل من يقرأ الرسائل كأنه يقرأ السيرة والتاريخ الإسلامي وفق المنهج القرآني. ولا شك أن هذا هو المطلوب من دراسة التاريخ.

        إن رسائل النور قامت بحل مشاكل والقضايا والعاصرة التي تواجهها الأمة الإسلامية في كل مع تنوع الأجواء والأوضاع الساسية والاجتماعية. وقال إن الحل الوحيد هو التمسك بالقرآن الكريم واتباع الشريعة الإسلامية. فيقول الأستاذ النورسي: “إن رسائل النور قد حلت أكثر من مائة من أسرار الدين والشريعة والقران الكريم ووضحتها وكشفتها والجمت أعتى المعاندين الملحدين وأفحمتهم. وأثبتت كالشمس ما كان يظن بعيدا عن العقل كحقائق المعراج النبوي والحشر الجسماني للمعاندين والمتمردين من الفلاسفة والزنادقة حتى ادخلت بعضهم إلى حظيرة الإيمان……..ولا بد أنها حقيقة قرآنية تشغل هذا العصر والمستقبل”.[31] تدعو رسائل النور إلى نصيب ميزان العدالة الإلهية الذي يزن به الله سبحانه و تعالى أعمال المكلفين يوم الحشر وإلى إقامته في الدنيا. واالذي يواظب على دراسة رسائل النور فهو يجد في نفسه كلا من غذاء روحية وعقلي وسعة في الخيال و روحانية قرآنية. نقدم الاقتباس: “إن رسائل النور تحاول أولا إقناع نفس مؤلفها ثم تخاطب الآخرين. فلذلك الدرس الذي أقنع نفس المؤلف الأمارة بالسوء إقناعا كافيا وتمكن من إزالة وساوسها وشبهاتها إزالة تامة لهو درس قوي بلا شك، وخالص أيضا بحيث يتمكن وحده من أي يصد تيار الضلالة الحاضرة التي اتخذت شخصية معنوية رهيبة – بتشكلاتها الجماعية المنظمة- بل أن يجابهما ويتغلب عليها.”[32] و في هذا الصدد يقول الأستاذ مشعان سعود عبد: “أكد الأستاذ سعيد النورسي في غير موضع من رسائل النور أن في القرآن الكريم كل ما يطلب، والإقبال عليه بإخلاص يكشف الأسرار  والكنوز بطريق لا تتصور وبغزارة لا حد لها، ويطلب ببركته قضاء حاجاته كلها حتى الدنيوية منها ويحصل له مطلوبه”. [33]

معالم الدعوة الفكرية عند بديع الزمان النورسي:

                لقد حاول الأستاذ النورسي من خلال رسائل النور لبناء المجتمع الإيماني السليم الذي ينطلق أفراده من قاعدة الإيمان العظيمة فيما يمارسونه من شؤون حياتهم الاجتماعية والسياسية، لذا فقد أصبح هدف تخطيطه الفكري  والسايسي الجديد هو الإنسان نفسه قبل السلطة، لأن الأستاذ النورسي رأى أن هذا الإنسان هو الذي يبدأ به منه عملية التغيير الكبرى بنى المجتمع السياسية والفكرية، فالمسألة الأخلاقية والإيمانية محور ومحرك التغيير في كل مجلات الحياة. وهي أساس الفعالة الإيمانية في مجال من مجالات الحياة.  انطلقت رؤية الأستاذ النورسي القائمة على الحكمة القرآنية الكونية التي تنطلق من التأكيد على كرامة الإنسان ومن أحترام  كوكب الأرض والحياة فيه. إنه  كان واعيا بكل الحق بأن أي بناء المستقبل أفضل الإنسانية يتطلب نهوضا روحيا وأخلاقيا ونظاما عالميا عادلا يحتل فيه العلم دورا أساسيا وفاعلا إذا اقترن بأخلاقيات القرآن الكريم.

                لقد دعا الأستاذ النورسي  إلى إعادة إحياء النظرة القرآنية تجاه العلوم  والاستفادة من تجارب البشرية ، لأن ذلك يتماشى تماما مع ما يريده الإسلام الحركة في الحياة في بناء الحضارة وتحقيق الخلافة. رأى الأستاذ النورسي أن القرآن الكريم يدعو الإنسان إلى التحرك لاكتشاف قوانين الحياة والاستفادة منها لإقامة الحضارة وبناء التقدم. يقول الأستاذ النورسي في هذا الصدد: “إن من أوائل الآيات القرآنية وخواتمها تحيل الإنسان إلى العقل وتحث إلى التدبر قائلة: راجع عقلك وفكرك أيها الإنسان وشاورهما حتى يتبين لك صدق هذه الحقيقة. فانظروا مثلا في قوله تعالى في القرآن الكريم: “فاعلم… فاعلموا…. أفلا تعقلون… أفلا ينظرون… أفلا يتذكرون.. أفلا يتدبرون… فاعتبروا يا أولي الأبصار…  وأمثالها  من الآيات التي تخاطب العقل البشري، فأي شيئ منعكم من التفكر والتدبر في أحداث الحياة. فلا تعتبرون ولا تهتدون إلى الطريق المستقيم؟ فلماذا لا تتأملون؟ ولاتحكمون عقولكم لئلا تضل؟… وعلى هذا ، فإن مستقبل الذي لا حكم فيه إلا للعقل والعلم سوف يسوده حكم القرآن الكريم تستند أحكامه إلى العقل والمنطق والبرهان.[34]

 لقد اتجه الأستاذ النورسي دعوته إلى تعميق جذور كليات القيم واحياء النظرة الإنسانية العالمية الشاملة  للأخلاق. لقد كان سبب دعوته إلى ضرورة العودة إلى الإسلام هو إدراكه أن الإسلام ليس دينا تقليديا ولكنه يملك مقومات العالمية ، وبما أن الإسلام هو دين الفطرة. فقد دعا الأستاذ النورسي إلى محاربة التقليد وإلى الاجتهاد الذي يؤدي إلى فهم الدين وفقا لمستجدات العصر. لقد كان همه الأكبر خلال مسيرته الطويلة الشاقة في الدعوة والإصلاح. وهذا النهج الفكري الذي سلكه الأستاذ النورسي لم يكن بمنائ عن فكرية دعوية، كان لها اللاأثر الكبير في كتاباته وفي منهجه الإصلاحي.[35] ولكن ما يميز المنهج الفكري الدعوي عند النورسي هو توسطه بين منهج التغيير القديم ومنهج الجديد.

 مدارج الدعوة الفكرية عند الاستاذ النورسي:  

لقد وضع الأستاذ النورسي ثلاث مجلات رأها موطن العمل الدعوي الاصلاحي,  وهي الحياة والشريعة والإيمان.

  1. الحياة: إن سبحانه وتعالى خلق الإنسان وكرّمه عن سائر المخلوقات بأن خلقه في أحسن تقويم، وأعطاه العقل الذي هو بمثابة القوّة التي تحرّكه، فالعقل هو تلك الأداة التي يفكّر ويتفكّر بها الإنسان ليحقّق الغاية التي خُلق من أجلها ألا وهي عمارة الأرض، فالإنسان هو المخلوق الوحيد الذي كلّفه جل وعلا بعمارة الأرض، إلا أنّه سبحانه وتعالى لم يترك الإنسان هائماً على وجهه في هذا العالم بل جعل له منظومة من العقائد، والمفاهيم، والأحكام، والأخلاق والتي تندرج جميعها تحت الدين، فالدين هو الذي ينظّم حياة الإنسان ويجعله يحقّق الغاية من خلقه، فأيّ إنسان على وجه الأرض لا يستطيع أن يعيش دون وجود الدين، فحاجة البشريّة إلى الدين كحاجة الأرض إلى الماء، فهو بالنسبة لهم أهمّ من أيّ شيء في هذه الحياة. يقول الأستاذ النورسي: “الحياة هي نتيجة الكائنات مثلما أن نتيجة الحياة هي الشكر والعبادة فهما سبب خلق الكائنات وعلة غايتها، ونتيجتها المقصودة، نعم إن الخالق الكون سبحانه الحي القيوم، إذ يعرف نفسه لذوى الحياة ويحببها إليهم بنعمة التي لا تعد ولا تحصى، يطلب منهم شكرهم تجاه تلك النعم ومحبتهم إزاء تلك المحبة وثنائهم واستحصانهم، مقابل بدائع صنعه وطاعتهم وعبوديتهم تجاه أوامره الربانية. فيكون الشكر والعبادة حسب سر الربوبية. هذا أعظم غاية لجميع أنواع الحياة وبدورها يكون غاية الكون أسره, من هنا نرى أن القرآن الكريم يحث بحرارة ويسوق إلى الشكر ، فيكرر كثيرا ويوضح أن العبادة خاصة لله سبحانه وتعالى.[36]
  2. الشريعة: الشريعة هي الدين كله الذي اصطفاه الله لعباده ليخرجهم به من الظلمات إلى النور، وهو ما شرعه لهم وبينه لهم من الأوامر والنواهي والحلال والحرام ، فمن اتبع شريعة الله فأحل حلاله وحرم حرامه فقد فاز ، ومن خالف شريعة الله فقد تعرض لمقته وغضبه وعقابه. الشريعة هي ما أنزل الله به كتبه، وأرسل به رسله إلى الناس ، ليقوموا به على وجه التعبد به لله. يقول الأستاذ النورسي : أما “رسائل النور” فلكونها معجزة معنوية للقرآن الكريم فهي تؤسس أسس الإيمان وأركانه لا بالاستفادة من الإيمان الراسخ الموجود، وإنما بإثبات الإيمان وتحقيق وحفظه في القلوب وإنقاذه من الشبهات والأوهام بدلائل كثيرة وبراهين ساطعة حتى حكم كل من يمعن النظر فيها بأنها أصبحت ضروية في هذا العصر كضرورة الخبز والدواء.[37]
  3. الإيمان: الإيمان بالكتب أصل من أصول العقيدة، وركن من أركان الإيمان، ولا يصح إيمان أحد إلا إذا آمن بالكتب التي أنزلها الله على رسله عليهم السلام إن الإيمان يحدد للمؤمن خطواته وهو يسير على درب الحياة ويرسم له منهاجاً ويضع له برنامجاً يعيش عليه ويحذره من الوقوع في الأمور المحرمة التي تؤدي إلى الهلاك فتنحصر حركة المؤمن في مصالحه الدينية والدنيوية من بيته ومسجده وعمله ومنافعه وإذا دعي إلى شيء محرم فإنه يعرض عنه ويرفض الاستجابة له. وإن الإيمان أعظم واجب كلف به الإنسان في هذه الحياة، فهو حق الله عز وجل على عباده، من حققه كان له الفوز والفلاح والنجاح وكان له التمكين في الأرض. تحتل قضية عقيدة الإيمان بالله تعالى وبرسله مكانة سامقة وأهمية بالغة في رسائل النور. وقد أدرك الأستاذ النورسي بإيمانه العميق أن النفوس لا يعالج ما فيها من أمراض إلا بالأصول إلى الله تعالى، ولا يزيح عن هذه النفس من ظلمات إلا عقيدة التوحيد الخالصة، لأن داعي الفطرة وهو الإيمان مهما بلغ الهوي والزيف والمعاصي. فلن يغلب هذه الفطرة الصادقة التي فطر الله الناس عليها. وفي هذا المفهوم يمثل النورسي هذا الأمر فقال: “إذ المرأ حينما يكون سادرا في جهالته منهمكا في آثامه مقيما على فساده وإفساده ، فإنما هو شاذ في الكون. ليس معه في انحرافه وظلمه أحد ممن هو أكبر وأقوى منه فالسموات والأرضون والأشجار والأحجار وعامة الخلق من العقلاء خاضعون لله عز وجل معترفون بربويته  متألهمون بألوهيته.[38] وقد كانت رسائل النور مفعمة بدلائل التوحيد وتربية النفوس، وملء مكامن الأرواح محبة لهذا التوحيد، وبفضل الثقافة الواسعة والعقل المدبر والهمة العالية استطاع الأستاذ النورسي أن يسلك مسالك عديدة لإثبات هذه الحقائق.

إن الأستاذ النورسي قد حدد غاية الإنسان في هذه البسيطة ووظيفته تجاه خالقه الذي أسبغ عليه من نواله، وبين للإنسان أن النفوس بحاجة إلى ربط الصلة المتجددة ببارئ النسيم وخالق الإنسان. وهذا المسلك يربي في الإنسان ويشير الطريق إلى الإصلاح والتغيير.

استنتاج البحث:

ومن خلال دراسة “رسائل النور” توصلنا أن الأستاذ النورسي انطلق وهو يكتب تفسيره “رسائل النور” من ثقافة موسوعية شاملة متعددة الجوانب، وفي شتى نواحي المعرفة الإنسانية من آداب وعلوم ومعارف عربية وأجنبية وثقافة دينية ، وأدجبية وتتارخية وسياسية واقتصادية ونفسية وعلمية. وقد استخدم هذه الجوانب في تفسيره “رسائل النور”. وقد انعكس ذلك على فكره التربوي الذي جاء بين سطوره معبرا عن روح الإسلام أصيلا غنيا بالمفاهيم والآراء والتصورات والمبادئ التربية المتنوعة.  قد عالج الأستاذ النورسي قضايا تربوية عديدة ، لعل من أبرزها: التصور الإسلامي من الإنسان والكون والحياة، خصائص المنهج الإسلامي في التربية، الطبيعة الإنسانية، القيم التغير الاجتماعي والثقافي والأسرة النمسلمة وتربية الجماعة المسلمة نظرة الإسلام إلى المعرفة والعلم جوانب أساسية في التربية الشخصية المسلمة- التربية العقائدية ، التربية الأخلاقية، التربية الاجتماعية. إن رسائل النور هي تفسير لمعاني القرآن الكريم وهي تعالج القضايا الأساسية في حياة الفرد والمجتمع. وهي تخلق تصورات إيمانية جديدة وتحث على التفكير والتدبير في الكون والحياة. تهدم رسائل النور التصورات الفاسدة والسلوك الضعيف وتتحدى على الأفكار الباطلة. تدور رسائل النور حول معاني التوحيد وصدق النبوة وعدالة الشريعة بدلائل متنوعة. إن رسائل النور ليست رسائل اعتيادية لشرح مفاهيم الإسلام فحسب، وإنما هي تفسير قيم للقرآن الكريم بل هي تفسير يتصف بعدة خصائص مهمة جدا. لا نجد مثل هذا في غيرها من التفاسير وبالأخص في عصرنا هذا. فهذه الخصائص البارزة التي تتصف بها رسائل النور وجعلتها بحق تفسيرغا للقرآن الكريم وهذه هي الصفات التي تحلى بها مؤلف هذه الرسائل الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي. قد أوضح الأستاذ بديع الزمان النورسي أن ضياء القلب هو العلوم الدينية ونور العقل هو العلوم الحديثة وبامتزاجهما تتجلي الحقيقة وتزداد الهمة، مؤكداً أن القرآن اسمي مرشد وأن المستقبل سيكون للإسلام وحده وان الحكم لن يكون الا لحقائق القرآن والإيمان. ولقد اتخذ الأستاذ النورسي أسسا معينة ومقايس ثابتة. اختار في كتابته المنهج الذي سلكه وهو ينهض في الأمة كمريبا ومرشدا.

 الهوامش:

[1]    احسان قاسم الصالحي: بديع الزمان سعيد النورسي، كليات رسائل النور، سيرة ذاتية، دار النيل، مصر ط-1، عام 2008م ص، 51

[2]    المصدر السابق: ص 43

[3]     محسن عبد الحميد: النورسيّ الرائد الإسلامي الكبير، مطبعة الزهراء الحديثة، بغداد، عام 1987م، ص 13

[4]    رائد بن عبد الرحمن، الفكر العقدي عند الإمام النورسيّ، مرجع سابق، ص 42 – 43

[5]     عبد الله عزت:  سعيد النورسي: تراثه وفكره، ص 42

[6]   بديع الزمان سهيد النورسي،  كليات رسائل النور ، اللمعات،  ترجمة  أحسان قاسم الصالحين  دار النيل، مصر 2008م ص، 402

[7]   بديع الزمان سهيد النورسي،  كليات رسائل النور ، اللمعات،  ترجمة  أحسان قاسم الصالحين  دار النيل، مصر  2008م ص، 51

[8]      بديع الزمان سعيد النورسي، كليات رسائل النور، سيرة ذاتية، دار النيل، مصر ، ط-1 عام 2008م ص، 18

[9]         المصدر السابق ،ص، 18

[10]   بديع الزمان سهيد النورسي،  كليات رسائل النور ، اللمعات،  ترجمة  أحسان قاسم الصالحين  دار النيل، مصر 2008م ص، 17

[11]   المصدر السابق ،ص، 18

[12]   المصدر السابق ،ص، 18

[13]   المصدر السابق ،ص، 23

[14]   المصدر السابق ،ص، 23

[15]   المصدر السابق ،ص، 24

[16]   المصدر السابق ،ص، 24

[17]   المصدر السابق ،ص، 25 

[18]   بديع الزمان سعيد النورسي: المكتوبات ، ص 457-459  

[19]   المصدر السابق ،ص، 105

[20]   المصدر السابق ،ص، 130

[21]  المصدر السابق ،ص، 127

[22]    بديع الزمان سعيد النورسي: الكلمات ص 290، ص 749

[23]    سلوي المرتضى: بديع الزمان سعيد النورسي، 742

[24]    احسان قاسم الصالحي: أضواء على رسائل النور، دراسة تحليلة موجزة، ص، 12

[25]   بديع الزمان سعيد النورسي: المكتوبات ص137

[26]   بديع الزمان سعيد النورسي: الشعاعات: ص، 231

[27]   النورسي، بديع الزمان سعيد، الماحق ص، 368، ترجمة احسان قاسم الصالحي، سوزلر، استنلول عام 1993م، نقلا عن مجلة النور، العدد 8، يوليو عام 2013 ، ص، 49

[28]   بديع الزمان سعيد النورسي:  اللمعات: ص 525

[29]   بديع الزمان سعيد النورسي،  إشارات ص214

[30]    نظرة عامة عن حياة بديع الزمان سعيد النورسي: احسان قاسم الصالحي ،ص 112

[31]   الملاحق- قسطموني ، نقلا عن نظرة عامةحياة بديع الزمان سعيد النورسي: احسان قاسم الصالحي ،ص 121

[32]   نظرة عامة عن حياة بديع الزمان سعيد النورسي : احسان قاسم الصالحي، 129

[33]   الملاحق –أمير داغ/248 نقلا عن نظرة عامةحياة بديع الزمان سعيد النورسي: احسان قاسم الصالحي ،ص 110

[34]    سعيد النورسي، صيقل الإسلام، الخطبة الشامية، 490

[35]    إحسان قاسم الصالحي: سعيد النورسي ، ص 149

[36]   سعيد النورسي،  اللمعات، تحقيق، احسان قاسم الصالحي، ص، 562

[37]   إحسان قاسم الصالحي: ملحق، النورسي، ص، 105

[38]   المصدر السابق ،ص، 105

 

 

 

 

المراجع والمصادر:

  1. إبراهيم أبو محمد: من قضايا التحديات في القرن الواحد والعشرين ( التعليم في ضوء فكر النورسي، شركة شوزلر، القاهرة ، مصر، 2000م
  2. إبراهيم جانان: القضايا الأساسية للعالم الإسلامي وطرق حلها في نظر بديع الزمان ، مجلة النور للدراسات الحضارية والفكرية، يوليو العدد-2، مؤسسة استنابول للثقافة والعلوم ، استنابول، 2010م
  3. إحسان قاسم الصالحي: بديع الزمان سعيد النورسي، كليات رسائل النور، سيرة ذاتية ، ط-2 شركة شوزلر للنشر، القاهرة ، مصر، 1998م
  4. أحمد بهجت: سعيد النورسي: الرجل والدور، بحث منشور ضمن كتاب ( بديع الزمان سعيد النورسي في مؤتمر عالمي حول تجديد الفكر الإسلامي ، شركة شوزلر للنشر القاهرة ، مصر 1991م
  5. أحمد سليمان: التعليم للحياة في الفكر التربوي، المجموعة العربية للتدريب والنشر، القاهرة، مصر، 2016م
  6. أديب إبراهيم الدباغ: هوامش على فكر بديع الزمان سعيد النورسي وسيرته الذاتية،  بحث منشور ضمن كتاب ( بديع الزمان سعيد انورسي في مؤتمرعالمي حول تجديد الفكر الإسلامي ، شركة شوزلر للنشر القاهرة ، مصر 1991م
  7. د. ازداد سعيد سمو: سعيد النورسي حركته ومشروعه الإصلاحي في تركيا، دار الزمان، دمشق 2002م
  8. بكير حسين: بديع الزمان سعيد النورسي وأثره في الفكر والدعوة، رسالة ماجستير، غير منشورة، طرابلس، 1997م
  9. شاهين نجم الدين: ذكريات عن سعيد النورسي، مركز الكتاب للنشر ، مصر 1977م
  10. عبد الحميد محسن: النورسي متكلم العصر، شركة شوزلر للنشر القاهرة ، مصر 1984م
  11. عبد الحميد محسن: النورسي الرائد الإسلامي الكبير، مكتبة الزهراء، بغداد، 1987م
  12. عبد الله الطنطاوي: منهج الإصلاح والتغيير عند بديع الزمان النورسي، دار العلم، دمشق، 1997م
  13. عبد الرزاق عبد الرحمن السعدي: اعجاز القرآن اللغوي في فكر النورسي، المؤتمر الثالث حول فكر بديع الزمان النورسي، استانبول، تركيا، 1995م
  14. علي أور خان محمد: سعيد النورسي رجل القدر، شركة شوزلر للنشر القاهرة ، مصر 1995م
  15. قنديل محمد: أثر بديع الزمان سعيد النورسي في إحياء الاتجاه الإسلامي النعاصر في تركيا، رسالة الدكتوراه ، منشورة، شركة شوزلر للنشر القاهرة ، مصر 1995م
  16. قاسم  احسان الصالحي:  ذكريات عن سعيد النورسي، مركز الكتاب للنشر ، مصر 1990م

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *