Main Menu

مصطفى محمود كاتب متعدد المواهب

محمد ريحان

الباحث في قسم اللغة العربية وآدابها،

جامعة علي كره الإسلامية، علي كره

raihansiwan@gmail.com

Abstract: Mustafa Mahmoud was a great thinker, philosopher, author and scholar of 21st century. He enriched the library with his books, novels and articles etc. Mostly he worked in the area of Quranic science, literature, philosophy, and politics. Researcher used the analytical method to collect relevant data and surveyed his work with the help of books, articles, short notes and video clips and analyze that he was one of the greatest personality who was born in Egypt. Researcher review the several research articles, papers and books and find out that Islam and science & technology go through side by side, Islam encourages and promote it.

This research paper also deals with the social, political and Islamic points of view of 20th and 21st century. In this paper researcher conclude that his work has been divided into two parts, first part was basically deals with literature and some articles and second part was focused on Islamic studies, science, technology, some parts of sociology and political conflict between Egypt and Israel.

Keywords: Philosopher, Personality, Literature, Conflict, Science and Technology

ملخص: كان مصطفى محمود مفكرا، فيلسوفا، أديبا،صحفيا وباحثا عظيما في القرن الحادي والعشرين، أثرى المكتبات العربية بمؤلفاته الغزيرة وإنجازاته القيمة، كتب في مختلف المجال نحو الآداب، والفلسفة والتصوف والسياسة والدين وغيرها. لقد استخدم الباحث المنهج التحليلي لجمع البيانات ذات الصلة بالموضوع، وقام بمسح أعمال الدكتور بمساعدة الكتب والمقالات ومقاطع الفيديو وحلّل أنه كان من أعظم الشخصيات التي أنجبت مصر. راجع الباحث العديد من مقالات الدكتور البحثية والأوراق والكتب ليكتشف أن الإسلام والعلم والتكنولوجيا يسيران جنبا إلى جنب، بل الإسلام يشجعهما ويعززهما، وفي جانب جعلهما سلاحا للدعوة إلى الإسلام.

تناولت هذه الورقة البحثية أيضا وجهات نظره الاجتماعية والسياسية والإسلامية في القرنين العشرين والحادي والعشرين، لقد استنتج الباحث في هذه الورقة أن أعماله يقسم إلى قسمين كبيرين، القسم الأول يتناول بالأساس الأدب وإن يتخللها بعض المقالات الفكرية، والثاني ركّز فيه على الدراسات الإسلامية والعلوم والتكنولوجيا وبعض أجزاء علم الاجتماع والصراع السياسي بين المسلمين العرب وخاصة مصر وإسرائيل.

الكلمات الرئيسية: فيلسوف، شخصية، أدب، صراع ، علوم، وتكنولوجيا.

المدخل: مصر لا زالت ولاتزال تساهم مساهمة فعالة في إثراء اللغة العربية وتطويرها منذ زمن بعيد. إلا أنها سبقت على الدول العربية الأخرى بحيث لعبت دورا مهما في النهضة العربية الحديثة بعد أن طرأ عليها الجمود والركاكة والضعف الشديد والابتذال والانحطاط مدة أربعة قرون تقريبا. أنجبت مصر عباقرة وفطاحل ورجال أفذاذا الذين أدوا دورا حيويا في سبيل إثراء اللغة العربية وآدابها، وساهموا في تطويرها وارتقوا بها من قعر الانحطاط إلى أوج عظمتها من أمثال رفاعة رافع الطهطاوي، محمود سامي البارودي، مصطفى المنفلوطي، ومصطفى صادق الرافعي، وإبراهيم عبد القادر المازني، محمد حسين هيكل، طه حسين، توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، ومحمد حسين هيكل. فنشأت عدة فنون أدبية في الأدب العربي الحديث نحو الرواية والمسرحية والمسرحية الشعرية وغيرها.  وكذلك ظهرت فيها مدارس أدبية شاركت في ازدهار اللغة العربية وإثراءها نحو مدرسة البعث والإحياء، ومدرسة أبولو الشعرية، ومدرسة الديوان. وتحتل شخصية شخصية الدكتور مصطفى محمود مكانا مهما بين هؤلاء الأدباء.

الدكتور مصطفى محمود: ولد مصطفى محمود آل حسين توأما في قرية ميت خاقان القديمة، بمدينة شبين الكوم، بمحافظة المنوفية، مصر، يوم 20 ديسمبر عام 1921م. ينتهي نسبه إلى زين العابدين، إلى علي بن أبي طالب، ومن هنا تعد أسرته من الأشراف[1]. مصطفى محمود هو الاسم الذي عرف به وطبع على جميع أعماله الأدبية والفكرية، واشتهر به في الأوساط العلمية.

لقد توفي الدكتور صباح السبت 2009م بعد رحلة علاج استمرت عدة شهور عن عمر ناهز 88عاما، وقد تم تشييع الجنازة من مسجده بالمهندسين رحمه الله الدكتور رحمة واسعة أغدق عيه نعمه ظاهرة وباطنة.

مصطفى محمود كان مولعا بمطالعة الكتب منذ صباه، ومن هنا لقد نهل من مناهل عديدة وشرب من مشارب مختلفة ظهرت آثارها في مؤلفاته، وعمل في مجالات مختلفة. ها نذكر  بعض جوانب الدكتور العلمية والأدبية وهي كما يلي:

مصطفى محمود والصحافة: إن له جوانب عديدة في حياته، فهو كاتب متعدد المواهب، عمل في الصحافة ونشر قصصه ومقالاته في عدة مجلات، التي أثارت ضجة بين الأوساط العلمية والسياسية والدينية، كان لمقالاته دوي في مصر عامة والعالم العربي خاصة،[2] لأجل ذلك أصدرت الحكومة قرار منعه من كتابة المقالات، لأنه انتقد جمال عبد الناصر وأسلوب سياسته انتقادا حارا، وكتب بأنه دراكولة العصر، وفي جانب أثارت مقالاته ضجة في الأوساط الدينية والسياسية، وكذا كتب ضد الماركسية والشعوعية والاشتراكية[3] وبيّن بطلانها وزيفها.

هنا نذكر بعض المجلات والصحف[4] التي نشرت مقالاته، وما كتب فيها الدكتور، وعمل فيها:

  • نشر قصصه ومقالاته عندما كان طالبا في مجلة “روز اليوسف”.
  • ثم عمل في البداية محررا في جريدة “النداء” لصاحبها النائب ياسين سراج الدين.
  • ثم ساعده كامل الشناوي على نشر أعماله في مجلة “آخر ساعة” منذ عام 1948م.
  • انضم إلى مجلة “التحرير” منذ صدورها 1952م، واعتبرها البداية الفعلية لعمله في الصحافة.
  • عندما استقال من مهنة الطب عام 1960م انضم لهيئة تحرير “روز اليوسف” واشتهر فيها بعموده (اعترافات عشاق).
  • عمل في مجلة “صباح الخير” التي اشتهر فيها بعموده (اعترفوا لي).
  • وكتب في مجلة: أكتوبر، الشباب، وجريدة: النداء، الزمن، أخبار اليوم، الأهرام، المساء، وغيرها.[5]

خدماته الخيرية: إن مصطفى محمود لم يستخدم قلمه فقط في خدمة الدين والعقيدة، بل إنه كرس حياته لخدمة المسلمين، عندما بنى مسجده ليكون مسجدا للعبادة، ومستشفى لعلاج المرضى من مختلف التخصصات بأجور رمزية، وكان ذلك هو التطبيق العقلي لما جاء بها الإسلام من قيم المودة والرحمة والتعاطف والتكافل الاجتماعي.[6]

لقد أسس مؤسسة محمود الخيرية من تأييد أخيه مختار عام 1982م التي تتكون من مجموعة من أكبر المستشفيات والعيادات التخصصية في مصر، والتي تستقبل الآن يوميا (4500) مريضا في شتى التخصصات وإجراء (60) عملية جراحية يوميا، كل ذلك مجانا، وقد بلغت فيما بعد عدد هذه المراكز التخصصية ستة مراكز.

أسس (مسجد مصطفى محمود) 1979م وأنشأ بجواره متحفا جيولوجيا وقاعة تضم أربعة مراصد فلكية. و كوّن مشروع بنك الطعام ساعد أسر الفقراء والمحتاجين حتى إنه وصل إلى المعتقلين داخل السجون والمعتقلات وسام الشرطة.[7]

مجاله الدعوي وبرنامجه التلفزيوني (العلم والإيمان): الدكتور مصطفى محمود في كتاباته ودراساته هو في الواقع داعية بأسلوب جديد، وفكر جديد، ووعي جديد، إنه يدعو إلى الله على بينة وعلى علم، متسلحا بسلاح العلم، فقد درس التاريخ الإسلامي والفكر الإسلامي بشتى مدارسه.

لقد علم معرفة جيدة أن العلم لا يزال يتطور، وهذا عصر العلم، لذا أنه اتخذ العلم سلاحا للدعوة إلى الإسلام وإلى الله، من ثم ربط بين العلم والإيمان، كما أن دراسته للطب هيأت له معرفة كثيرة من أسرار الجسم الإنساني، وكيف يعمل، وما الذي اكتشفه العلم في هذه القارة المطمورة في أعماق كل منا، وما الذي أمامها العلم قاصرا حتى الآن وما هو المستحيل أن يجد له العلاج في يوم من الأيام وهو لغز الموت. بكل هذه الأسلحة دخل مصطفى محمود ميدان الدعوة إلى الله بعقل متفتح وفكر مستنير.[8]

وكان محور دعوته هو الدعوة إلى المواءمة بين الدين والإيمان، أو بمعنى أدق أن الإيمان والعلم ليس بينهما أي تناقض، بل الإسلام في جوهره ولبه يدعو إلى العلم والتفكر والابتكار، وكذلك الرد على اتهام أعداء الإسلام بأن الإسلام والعلم بينهما تعارض وتصادم، بل أظهر أن الإسلام لا يحتاج إلى العلم ولكن بالعكس العلم يحتاج للإسلام، وإن تعاليم الإسلام لا يناقض والطبيعة، وكذا كشف الحجاب عن أن العلم عاجز بتوضيح المعقدات المختلفة نحو لغز الموت والحياة، والجنة والنار.

واستخدم لهذه الهدف النبيل برنامجه التلفزيوني “العلم والإيمان” الذي من خلاله يربط بين العلم الحديث، ويربطه بالإيمان، مما جعل له ملايين العشاق الذين يستمعون بما يقدمه من مكتشفات العلم وإنجازاته في مختلف المجالات، ويجعل الإنسان يفكر في نفس الوقت فيما وراء هذا الإعجاز العلمي من الله. وقدم لهذا البرنامج (400 حلقة) تقريبا. وكذا ألف مؤلفات عديدة لخدمة الإسلام والدعوة إلى الله.[9]

أعماله في الأدب العربي: من تتبع مذكرات الدكتورفيجد أنه بدأ كتابة القصة وهو لا يزال طالبا، ونشر قصته الأولى في مجلة “الرسالة” بعنوان “القطة الصغيرة”عام 1947م، ثم التقى بالشاعر كامل الشناوي عام 1948م الذي شجعه على نشر قصصه في مجلة آخر ساعة. وتوالت بعدها كتاباته الإبداعية  التي كان يثري بها الصحف خاصة مجلتي “روز اليوسف” و”التحرير”.[10]

لم يستطع الدكتور أن يتخلص من نزعته الفلسفية التأملية، ووميولاته الفكرية العلمية التي انعكست على مؤلفاته، وصبغها بصبغة خاصة. ونحن نستطيع بعد الإمعان في مؤلفاته أن نقسم إبداعه في قسمين، قسم قبل 1970م حينما كان يتخبط في الشك محاولا الوصول إلى الحقيقة والإيمان، حتى وضح الأمر عليه تماما في سنة 1970م، فنجد في أول مرحلة إبداعاته بأنه كتب في كل الفنون الأدبية، نحو الرواية والمسرحية والقصص القصيرة وأدب الرحلات، -وإن كان يتخللها بعض المقالات الفكرية والفلسفية- مصبوغة بصبغ فكره الفلسفية التأملية، ومن بعض مؤلفات هذه المرحلة “رجل تحت الصفر” و “المستحيل” و”أكل عيش” و” الإسكندر الأكبر” و”الغابة” و”مغامرة في الصحراء”.[11]

وأما المرحلة الثانية فتبدأ من 1970م إلى ما بعد، وهذه المرحلة من حياته يسمى بمرحلة اليقين، فنجد في هذه المرحلة أنه ألف كثيرا من المقالات والمؤلفات التي تشتمل على المواد الفكرية والفلسفية والدينية، إنه في مؤلفات هذه المرحلة دعا إلى أن الدين والعلم ليس بمضادين، بل العلم له حد ينتهي به، وهو عاجز عن كشف بعض الحقائق. ولكن الدين لا حد له، وكذا أظهر فيها دسائس الغرب والصهيونية على الإسلام والمسلين ودافع عنه، وأبطل دعاوى الغرب بأن الإسلام والعلم والتكنالوجيا والمخترعات الجديدة مضادان، وقدم مؤلفات حارة ضد الماركسية والشيوعية. ومن بعض مؤلفاته في هذه المرحلة “سقوط اليسار” و”القرآن كائن حي” و”نقطة الغليان” و”عصر القرود” وسقوط اليسار”الماركسية والإسلام” وغيرها من المؤلفات التي تشير إلى أن مصطفى محمود كان متعدد المواهب. فهو أديب ومفكر وفنان، وفلسفي ومتصوف في جانب.[12]

مقالاته: لقد كان الدكتور مصطفى محمود كاتب متعدد الجوانب، أثرى المكتبات العربية بمؤلفاته القيمة والمقالات الجريئة في مختلف المجالات، الاجتماعية والدينية والسياسية والفكرية والفلسفية وغيرها. أما إذا تكلمنا عن حجم المقالات فإنها تشتمل على أكثر من ثلاث مأة، التي نشرت في المجلات والصحف العديدة، ومن هذه “مجلة الرسالة”، والتي لم تكن تفتح يومئذ إلا للكبار الذين رسخت أقدامهم في حلبة البلاغة.”[13] وكذا كتب في العديد من الصحف الكبرى كالمصري وأخبار اليوم وآخرساعة ومجلة روز اليوسف وغيرها.[14]

لقد بدأ الدكتور يكتب المقالات وهو يدرس في كلية الطب بالجامعة القاهرة. وكان كامل الشناوي صاحب فضل كبير على الدكتور، حيث إنه أول من نشر كتاباته ومقالاته في “آخر ساعة”، وكان الدكتور في أوائل أيام الكتابة يقوم بالإمضاء على مقالاته بالحروف الأولى من اسمه “م، م”.[15] وكان صديقه العزيز أنيس منصور يغير هذا الإمضاء ب” م، ع”. وكان الدكتور بعد النشر يجد إمضاءه قد تغير.[16]وكانت هذه المقالات تظهر مليئة بأفكاره الفكرية والفلسفية، ينشرها مسلسلة في مجلة روز اليوسف، التي كانت منبرا صحفيا كبيرا وقتها.[17]

لقد مر الدكتور بأزمات بسبب كتابة المقالات، لأنه كان يكتب منتقدا على الحكومة وأسلوب حكمها تارة، وأخرى على الأفكار السياسية  والدينية المسيطرة في البلاد في ذلك العصر، ولا يخاف فيه حكومة أو حركة. ومن هنا قد عانى هو وبعض المجلة والصحف الضعط الشديد من الحكومة حينا، ومن قبل الحركات السياسية والدينية حينا آخر. كما حدث مع إحسان عبد القدوس صاحب مجلة روز اليوسف، حينما كتب الدكتور سلسلة من المقالات في مجلة روز اليوسف أيام حركة الضباط الأحرار حوالي سنة 1952-1953م، فضاقوا بها ذرعا وخاصة جمال عبد الناصر، وطلبوا من إحسان عبد القدوس منع الدكتور من الكتابة، فدافع عن الدكتور وعن آرائه الجريئة. يقول مصطفى محمود من أجل دفاعي سجن إحسان عبد القدوس وعذب من بعد.[18]

لكن الدكتور استمر في الكتابة على أسلوبه الجذاب رغم الضغط من ضباط الأحرار وخاصة من قبل جمال عبد الناصر، حتى كتب في مجلة صباح الخير مقالته الشهيرة “هتلر والنازية”، فمنع من الكتابة طوال عام كاملا بضغط جمال عبد الناصر في الستينات.[19]

وأما عدد مقالات محمود فإنها تجاوزت حد المأة، يصعب حصرها، لكثرة مقالات الدكتور، وبعدها الزمني، ونشرها من خلال صحف ومجلات مصرية وعربية كثيرة، إذا تعمقنا في الكتب التي ألفت حول حياة الدكتور فنجد أن بعض المقالات طبعت في صورة كتاب أو مجموعة.

نذكر في السطور الآتية بعض المقالات وبعض مجموعة من المقالات التي نشرت في صورة كتاب، للدكتور مصطفى محمود:

“الله والإنسان” نشرت في (1956م)، “إبليس” نشرت في سنة (1958م)،[20] “في الحب والحياة” نشرت في سنة (1966م)، “الروح والجسد” نشرت في سنة (1973م)، “حوار مع صديقي الملحد” نشرت في عام (1974م)، “نار تحت الرماد” نشر في سنة (1979م)، “هل هو عصر الجنون” نشر سنة (1982م)، “الشيطان يحكم” نشر عام (1986م)، “سقوط اليسار” عام (1987م)،[21] “الخروج من مستنقع الاشتراكية” (1990م)،[22] و”قراءة في التوراة”، المقال الأول نشر في (1997م)، والثاني في (1997م).[23]

مؤلفاته العلمية والأدبية: لقد كان الدكتور مصطفى محمود كاتبا متعدد المواهب، درس الطب وعشق الأدب، وأحب الفلسفة، وتعمق في التصوف، وهام حبا بالعلم. وجاءت مؤلفاته في مختلف فروعها تمس كل هذه الجوانب. لقد أثرت في الدكتور وفكره عوامل متعددة. وفي جانب حينما شب كان تيار المادية هو السائد، وكان المثقفون يرفضون الغيبات. وفي جانب قراءته كتب شبلي شميل وسلامة موسى وإسمعيل مظهر. فكان من الطبيعي أن يتأثر الدكتور بما حوله. وكذلك سفره من الشك إلى اليقين مدة ربع قرن تقريبا. فجاءت مؤلفاته مصطبغة بصبغة هذه المؤثرات، فألف كتبا أيدها البعض وأنكرها البعض الآخر.

لقد ألف الدكتور كتابه الأول “آكل عيش” عام 1954م، ثم تلاه كتابه الثاني “الله والإنسان” عام 1956م،[24] الذي أثار ضجة كبيرة في الأوساط العلمية، ومن ثم صودرت الكتاب. ولم يزل الدكتور يقطع عرقلة إلا جاءت أخرى، ومنها كتاب “القرآن محاولة لفهم عصري”، و”الشفاعة” التي أثارت ضجة، اتهم بها بالكفر والإلحاد، حتى ألفت كتبا كثيرة في الرد عليه ومن الشخصيات البارزة الذين ردوا عليه د، يوسف القرضاي.

لقد ألف الدكتور في مختلف المجالات، العلمية والفلسفية والاجتماعية والسياسية والدينية وغيرها. بجانب هذا ترك آثارا في الرواية والقصة القصيرة والمسرحية وأدب الرحلات. ولبيان مكانته العلمية والأدبية يكفي بأنه حاز على جوائز عدة، منها جائزة الدولة التشجيعية عام 1970م. وكذلك طبعت مؤلفاته من دار المعارف مرات عديدة في زمن قليل. وكذلك اختير كأعظم العقول في القرن الحادي والعشرين من قبل مؤسسة السيرة الذاتية الأميريكية، 2003م.

وإذا تصفحنا مؤلفاته صفحة صفحة يتضح لنا بأن الدكتور وكتاباته مرت بمرحلتين، مرحلة الشك وهي تبتدأ من 1950م إلى 1970م. فكتاباته في هذه المرحلة تتمثل في أدب الرواية والمسرحية والقصة القصيرة وأدب الرحلات والخواطر، ونجد في جانبها بعض المؤلفات التي غلبت عليها روح الفلسفة والعلم.

نذكر مؤلفاته العلمية والأدبية[25] التي كتبها في المرحلة الأولى من إبداعاته:

القصص القصيرة[26]: أكل عيش (1953-1954م). عنبر 7 (1955-1957م)، شلة الأنس (1962-1964م)، رائحة الدم (1965-1966م)، الطوفان (1976م)، نقطة الغليان (1977م)، المسيخ الدجال (1979م)، والذين ضحكوا حتى البكاء (1997م).

الروايات: المستحيل (1964م)، الأفيون (1964م)، العنكبوت (1965م)، الخروج من التابوت (1965م)، ورجل تحت الصفر (1966م).

المسرحيات:الإسكندر الأكبر (1963م)، الزلزال (1963م)، الإنسان والظل (1964م)، غوما أو مسرحية الزعيم (1968م)، الشيطان يسكن بيتنا (1973م)، جهنم الصغرى (1982م)، وزيارة للجنة والنار (1996م).

أدب الرحلات: الغابة (1963م)، مغامرات في الصحراء (1969م)، المدينة أو حكايات مسافر (1956-1968م)، والطريق إلى الكعبة (1971م)[27].

المقالات الأدبية والوجدانية: وهي خواطره الأدبية وتأملاته الوجدانية والفكرية وتحليلاته وردوده على رسئل القراء العاطفية التي كان ينشرها في مجلة صباح الخير، وتتمثل في الكتب التالية:

في الحب والحياة (1961-1966م)، يوميات نص الليل (1961-1966م)، اعترفوا لي (1956-1959م)، مشكلة حب (1960-1966م)، اعترافات عشاق (1956-1969م)، الله والإنسان (مجموعة مقالات كتبت عام 1955م)، إبليس (دراسة كتبت عام 1957-1958م)، لغر الموت (دراسة كتبت عام 1958-1959م)، لغز الحياة (دراسة كتبت عام 1967م)، أينشتاين والنسبية (دراسة كتبت عام 1961م) وغيرها.

وأما المرحلة الثانية حينما تبين أمامه الأمر. ألف كتبا كثيرة حول الدين والعلم، وبين فيه أن الدين ليس معارضا للعلم، بل العلم يكون حائرا في مواقف كثيرة من الحياة والكون، ولا يستطيع أن يوضح كثيرا من الحقائق، وهذه الحقائق يوضحها الدين. وكتب في السياسة ورد على بعض المدارس السياسية آنذاك نحوالماركسية والشيوعية واليسار الإسلامي. وكذلك هدم فلسفة الدراويتية وأصحابها.

أما المؤلفات التي كتبه في هذه المرحلة فهي كما تلي : رحلتي من الشك إلى الإيمان (1970م)، الله (1972م)، التوراة (1970م)، الشيطان يحكم (1965-1970م)، رأيت الله (1973م)، حوار مع صديقي الملحد (1974م)، الماركسية والإسلام (1975م)، محمد صلى الله عليه وسلم (1975م)، الوجود والعدم (1977م)، من أسرار القرآن (1977م)، لماذا رفضت الماركسية (الثانية 1976م)، عصر القرود (1977م)، القرآن كائن حي (1978م) وغيرها.

ثم انهمرت مؤلفاته بعد ذلك، فكانت كالنهر الجاري المليئ باللآلي والكنوز، وهي كما يلي:  الإسلام في خندق (1994م)، زيارة للجنة والنار (1996م)، عظماء الدنيا وعظماء الآخرة (ط6، 1996م)، علم نفس قرآني جديد (1998م)، الإسلام السياسي والمعركة القادمة (1997م)، المؤامرة الكبرى (1993م)، عالم الأسرار (199م)، أكذوبة اليسار الإسلامي (1978م)، نار تحت الرماد (2008م)، من أمريكا إلى الشاطئ الآخر (2008م)، أيها السادة اخلعوا الأقنعة (1984م)، الإسلام، ما هو (2008م)، حقيقة البهائية (1984م)، السؤال الحائر (1989م)، سقوط اليسار (ط3، 1998م)، قراءة المستقبل (1990م)، ألعاب السيرك السياسي (1991م)، الشفاعة (1999م)، الطريق إلى جهنم (1994م)، الذين ضحكوا حتى البكاء (1997م)، المسيخ الدجال (2004م)، إسرائيل البداية والنهاية (1997م)، ماذا وراء بوابة الموت (1999م)، الغد المشتعل (ط3، 1995م)، تأملات في دنيا الله (2002م)، المؤامرة الكبرى (1993م)، إسرائيل النازية ولغة المحرقة (2001م)، على حافة الزلزال (2002م)[28]وغيرها.

جوائزه: إن الدكتور مصطفى محمود شخصية متعدد المواهب، فهو أديب ومفكر وفنان، وإعلامي وصحفي وصوفي، فإنه أثرى بإبداعاته المكاتب العربية، وكسب من طلاقة قلمه قلوب الملايين من القراء فيما بين العالم، وترجم أعماله إلى عدة لغات. ومن ثم فإنه حصل على جوائز كبيرة، ومن هذه الجوائز:

الهوامش

  1. الجائزة الأولى في مدرسة الطنطا الثانوية عن مسابقة في مادة اللغة العربية، وكانت عبارة عن “خمسين قرشا وشنطة مدرسية” وهي أول جائزة حصل عليها الدكتور في حياته.[29]
  2. جائزة الدولة التشجيعية في الأدب، 1970م، عن روايته “رجل تحت الصفر”.
  3. جائزة الدولة التشجيعية في أدب الرحلات، 1975م، عن كتابه “مغامرة في الصحراء”.
  4. جائزة الدولة التقديرية في الأدب، 1995م.
  5. وسام العلوم والفنون من اللرئيس جمال عبد الناصر.
  6. اختير كأعظم العقول في القرن الحادي والعشرين من قبل مؤسسة السيرة الذاتية الأميريكية، 2003م.[30]

عصارة الكلام: الدكتور مصطفى محمود كاتب ومفكر وطبيب وفيلسوف مصري، نشأ نشأة عجيبة وغريبة، وتأثر بأفكار عديدة، وتعرض للآراء الدينة والفكرية والسياسية، وشك في الدين أولا ثم استقر إسلامه ودينه. وجاءت مؤلفاته وكل هذه منعكسة فيها من بين الكتب الدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية إضافة الحكايات والمسرحيات وقصص الرحلات. وجاءت إنتاجاته مزدخرة في مختلف العلوم والفنون في أسلوب مميز بالبساطة والعمق والسهولة والسلاسة التي تشد القاري إليها، ويجعله منجذبا لموضوعه الذي يقرؤه، هذا بالإضافة إلى قدرته الخارقة على تطويع اللغة تطويعا عجيبا بحيث تكون في النهاية سلسلة لينة سهلة يشكلها، ويعبرعما أراد وما يريد.

لقد يستطيع الباحث  أن  يقسم جميع أعماله إلى قسمين كبيرين، القسم الأول يتناول بالأساس الأدب وإن يتخللها بعض المقالات الفكرية، والثاني ركّز فيه على الدراسات الإسلامية والعلوم والتكنولوجيا وبعض أجزاء علم الاجتماع والصراع السياسي بين المسلمين العرب وخاصة مصر وإسرائيل.

 

 

[1] السيد الحراني، مذكرات د، مصطفى محمود، ط7، دار الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة، 2014م، ص: 18.

[2]  يذكر مشيرا إلى مدى صيت كتاباته ومقالاته حين قام برحلاته إلى السودان. “ذهبت إلى جنوب السودان. وأتذكر أني قوبلت بحفاوة وتقدير، ولقد فوجئت بعدد كبير جدا يقولون إنهم من قرائي والمعجبين بكتاباتي، واتضح لي أن مجلة صباح الخير تصل إليهم وتلقي رواجا كبيرا بينهم. ولهذا، فقد ظلت الجنيهات التي خرجت بها من مصر كما هي لم تنقص مليم، وهذا لكرم القراء في السودان، الذين أقاموا لي الولائم الكبيرة، ونحروا الذبائح احتفالا بوصولي.” مذكرات مصطفى محمود، ص: 129.

[3]  ومن مقالاته “الخروج من مستنقع الاشتراكية” و” هتلر والنازية” التي أصدرهما في مجلة ” روز اليوسف” ومن ذلك منع من الكتابة عاما كاملا، وسمى هذا العام بأيام النفي والعزلة، وكان من أصعب الأيام في حياته، من شاء قراءة المقالتين فليراجع.. مذكرات د. مصطفى محمود، ط7، دار الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة، 2014م، ص: 77-87.

[4] مأمون غريب، مصطفى محمود مفكرا إسلاميا، دار الفيصل للتأليف والترجمة والنشر، 1988م، ص: 60-62.

[5]  محمد الهواري، أعلام الأدب العربي المعاصر، دار الكتب العلمية، لبنان، 2017م، ص: 327-328.

[6]  مأمون غريب، مصطفى محمود مفكرا إسلاميا، دار الفيصل للتأليف والترجمة والنشر، 1988م، ص: 60.

[7]  يراجع للتفصيل السيد الحراني، مذكرات د. مصطفى محمود، ط7، دار الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة، 2014م، ص: 177-187.

[8]  مأمون غريب، مصطفى محمود مفكرا إسلاميا، دار الفيصل للتأليف والترجمة والنشر، 1988م، ص: 43-56.

[9]  المصدر السابق، ص: 48.

[10]  السيد الحراني، مذكرات د. مصطفى محمود، ط7، دار الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة، 2014م، ص: 44-46./ محمود فوزى، اعترافات مصطفى محمود، ط4، دار النشر هاتييه، 1994، ص: 60-61.

[11]  يراجع للتفصيل: محمد الهواري، أعلام الأدب العربي المعاصر، دار الكتب العلمية، لبنان، 2017م، ص: 331-335.

[12]  للتفصيل ينظر: محمود فوزى، اعترافات مصطفى محمود، ط4، دار النشر هاتييه، 1994، ص: 56-67.

[13]  محمد المجذوب، علماء ومفكرون عرفتهم، ج1، ط4، دارالشواف للنشر والتوزيع، القاهرة، 1992م،  ص: 420.

[14]  مأمون غريب، مصطفى محمود مفكرا إسلاميا، دار الفيصل للتأليف والترجمة والنشر، 1988م، ص: 61-62.

[15]  السيد الحراني، مذكرات د. مصطفى محمود، ط7، دار الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة، 2014م، ص: 46.

[16]  نفس المصدر، ص: 47.

[17]  نفس المصدر، ص: 55.

[18]  السيد الحراني، مذكرات د. مصطفى محمود، ط7، دار الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة، 2014م، ص: 56.

[19]  محمود فوزى، اعترافات مصطفى محمود، ط4، دار النشر هاتييه، 1994م، ص: 10.

[20]  السيد الحراني، مذكرات د. مصطفى محمود، ط7، دار الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة، 2014م، ص: 56.

[21]  محمود فوزى، اعترافات مصطفى محمود، ط4، دار النشر هاتييه، 1994م، ص: 112.

[22]  محمود فوزى، اعترافات مصطفى محمود، ط4، دار النشر هاتييه، 1994م، ص: 40.

[23]  د، القس لبيب ميخائيل، قراءة في التوراة، ط1، دار النور، أميريكا، 1997م، ص: 3-5.

[24]  محمد المجذوب، علماء ومفكرون عرفتهم، ج1، ط4، دارالشواف للنشر والتوزيع، القاهرة، 1992م،  ص: 422.

[25]  نذكر قائمة مؤلفات الدكتور وعام الكتابة الأول فالأول مستدلين بكتاب المسيخ الدجال، مصطفى محمود، المطبعة العربية الحديثة، ص: 136-142. ذكر في آخر هذا الكتاب بعنوان “صدر للمؤلف” أكثر من خمسين كتابا. وكذا كتاب / محمد الهواري، أعلام الأدب العربي المعاصر، دار الكتب العلمية، لبنان، 2017م، ص: 331-335.

[26] يراجع للتفصيل: محمد الهواري، أعلام الأدب العربي المعاصر، دار الكتب العلمية، لبنان، 2017م، ص: 331-332.

[27]  مصطفى محمود، الطريق إلى المدينة، دار العودة، بيروت، ط1، 1971م، ص: 88.

[28]https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%85%D8%A9_%D9%85%D8%A4%D9%84%D9%88% A7%D8%AA_%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89_%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF. زرت هذا الرابط يوم الاثنين 5 مساءا بتاريخ 28/06/2021م.

[29]  السيد الحراني، مذكرات د. مصطفى محمود، ط7، دار الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة، 2014م، ص: 44.

[30]  محمد الهواري، أعلام الأدب العربي المعاصر، دار الكتب العلمية، لبنان، 2017م، ص: 327-328.

قائمة المصادر والمراجع:

  • محمد فوزي، اعترافات مصطفى محمود، دار النشر هاتييه.
  • محمد الهواري، أعلام الأدب العربي المعاصر، دار الكتب العلمية، لبنان، 2017م.
  • مصطفى محمود، الله والإنسان، دار الجمهورية، مصر.
  • مصطفى محمود، رحلتي من الشك إلى الإيمان، ط9، دار الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة.
  • مصطفى محمود، الطريق إلى المدينة، ط1، دار العودة، بيروت.
  • محمد المجذوب، علماء ومفكرون عرفتهم، ج1، ط4، دار الشواف للنشر والتوزيع، القاهرة، 1992م.
  • د، القس لبيب ميخائيل، قراءة في التوراة، ط1، دار النور، أميريكا، 1997م.
  • السيد الحراني، مذكرات د، مصطفى محمود، ط7، دار الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة، 2014م.
  • مأمون غريب، مصطفى محمود مفكرا إسلاميا، دار الفيصل للتأليف والترجمة والنشر، 1988م.